الجنرال بشير يعلن الانفصال المسبق لشمال السودان عن جنوبه!!

محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 3221 - 2010 / 12 / 20 - 18:31
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

لم يترك رئيس دولة السودان (السابقة)* الجنرال عمر البشير اي فرصة لمنافسيه على تقسيم البلاد في الجنوب لتحقيق السبق في رالي التقسيم البغيض، بل أنه وكما يبدو قد استكثر على هذه الفئة الضالة من قادة الجنوب المغرر بهم حتى فرصة الانفراد باعلان التقسيم من قبلهم وتحمل إدانة التاريخ لوحدهم..

الجنرال بشير الذي يحرص على ان يكون في المقدمة دائما وحتى في اتخاذ القرارات السيئة، حرم منافسيه في الجنوب من أن يكونوا أول من يعلن انفصال الجنوب عن الشمال، فأعلن أمس في مهرجان من مهرجاناته المعهودة انفصال الشمال عن الجنوب وذلك ضمنيا عندما قال "إنه اذا اختار الجنوب الانفصال سيعدل دستور السودان وعندها لن يكون هناك مجال للحديث عن تنوع عرقي وثقافي، وسيكون الاسلام هو المصدر الرئيسي للتشريع، وأن اللغة العربية ستكون اللغة الرسمية للدولة" .

ماذا يمكن أن يعني مثل هذا الكلام ، اذا لم يكن يعني إعلان تقسيم مسبق للبلاد حتى قبل ان يعلن الجنوبيون عن هذه الكارثة؟؟ الم يكن خليقا برئيس يضع مصالح شعبه المسكين المبتلى بحروب يشعلها آخرون، أن يضعها فوق كل اعتبار وألا يلغي الهوية الوحدوية للسودان التي تعترف بكل الوان الطيف الجميل لهذا البلد الذي كان حتى الامس القريب يقدم للعالم أفضل صورة فريدة للتعايش العرقي والثقافي والديني بين سكانه.

السيد الرئيس..
- اين موقع بقية اصحاب العرقيات والثقافات والاديان الأخرى من السودانيين من غير أهل الجنوب، في سودان لا يعترف بغير العربية والاسلام هوية له؟؟
- هل هي دعوة لأهل دارفور وغيرها من مقاطعات السودان التي تضم ثقافات واتباع ديانات وعرقيات أخرى، بالبدء في في إجراءات الانفصال البغيضة لتبقى جمهوريتك حبيسة الخرطوم؟!! أم إنها دعوة للتطهير العرقي والديني والثقافي فيما تبقى من السودان تحت حكمك؟؟
- اذا ما تغيرت الاحوال بعد الانفصال وقرر الجنوبيون العودة للسودان الكبير، واذا اعطاك الله عمرا طويلا وانت على راس عرش السودان لتحضر هذا الحلم؛ هل ستعدل دستور البلاد مرة أخرى وتعترف بوجود ثقافات ولغات وأديان أخرى ؟؟

إن ما جاء في خطاب البشير؛ ينبئ بأن نية التقسيم لم تكن غائبة عن تفكيره وأنه يستعجل الامر ويعمل لسد الطريق أمام اي عودة للوحدة قد يغامر بها زعيم جنوبي وعى مخاطر التقسيم.. خاصة اذا قرأنا خطابه على ضوء ما تسربه الدوائر الامريكية والغربية عن سباق محموم يقطع الانفاس بين هذه القيادات الضالة سواء في الجنوب او في الشمال لانجاز التقسيم وتكريسه ، بل خلق بؤر للصراع والاقتتال وإعداد البلاد لحروب تبدأ ولا تنتهي حول سيادة وهمية على اراضي او ثروات هي في الواقع تحت الهيمنة الاجنبية غير المباشرة..

وتؤكد تصريحات جنرال من الجنوب روجت لها وسائل اعلام غربية وعربية تدور في فلك الغرب يهدد فيها بغزو الشمال واحتلال الخرطوم اذا هاجمت قوات الشمال اراضي الجنوب بعد اعلان استقلاله ، تؤكد أن الأشقياء الذين يحكمون قدر السودان قد سحبوا تأمينة قنبلة حرب جنوب / شمال العبثية، وأن العد التنازلي للانفجار قد بدأ، والمسالة لا تتعدى ايام او تصريحات يطلقها هذا الطرف ضد الطرف الآخر لتشتعل البلاد .. والطريف في تصريحات هذا الجنرال الذي يبدو انه يفكر بحذائه فقط؛ أنه يعتمد في تحقيق الانتصار في هذه المعركة على طريق معبد يربط الخرطوم بالجنوب!!

والخطير في هذه الحرب المقبلة أنها لن تكون حربا داخلية كما كانت من قبل على الأقل ظاهريا، بل ستكون حربا إقليمية تحول السودان الى ميدان للصراع بين قوى خارجية لها مصالح واستراتيجيات يذهب الشعب السوداني ومصالحه ضحية لها، وسيكون التدخل الاجنبي فيها علنيا وبطلب من السودانيين انفسهم!!!! وعندها سيعرف من يعملون بشكل مباشر او غير مباشر لتحقيق التقسيم مدى فداحة الخسائر والكارثة التي جروا اليها السودان وشعبه تحت شعارات متحجرة ومن أجل مصالح ضيقة وتافهة لا تقارن مطلقا بما يمكن ان يحققه السودان الموحد لشعبه اذا ما قررت قياداته نبذ الشعارات الجوفاء والتخلي عن الاطماع الضيقة والرخيصة وتفويت الفرصة على المتآمرين على السودان من الخارج..

* "السابق" اي قبل أن يعلن البشير امس عن الهوية الاسلامية والعربية لسودان بدون الجنوب.

#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل