أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ماجد الشيخ - أسياد اقتصاد المضاربة ومطلقاتهم -الإيمانية المقدسة-!















المزيد.....

أسياد اقتصاد المضاربة ومطلقاتهم -الإيمانية المقدسة-!


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3221 - 2010 / 12 / 20 - 16:46
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


وسط تمنّع وتردّد دول العالم الرأسمالي، من أن تكون التدخلات السياسية هي الحاسمة، في منع تدهور الاقتصاد العالمي، والحد من الأزمة المالية التي تهيمن بظلالها المرّة على معظم دول العالم، على قاعدة "النظرية الإيمانية" القائلة بضرورة أن يوازن الاقتصاد العالمي نفسه بنفسه؛ وسط هذا التمنّع والتردد، تواصل الأزمة اشتغالها واختراقها سيادات الدول واقتصاداتها الواقعية، بعد ان انحازت شرائح النخب الحاكمة إلى نهج في المحاولات الإنقاذية للاقتصادات الافتراضية بسماتها المضاربة، واستفحال نمط من أنماط المقامرة بأموال المدّخرين، ودافعي الضرائب لصالح المتهرّبين من دفع ما يستحق وما يتوجب عليهم دفعه من ضرائب لمصلحة شعوبهم، ولو مؤقتا بخسارة جزء من مدّخراتهم، بدلا من هذه السياسات التدخلية لمصلحتهم فقط، وعلى حساب شعوب وأمم بأكملها، أضحت في ظل العولمة الحالية، تعيش على وقع استفحال الأزمة المالية والاقتصادية، وما يترافق معها من سياسات تقشفية، وإجراءات تحاول الحد من تسارع خطوات الإفقار الإجتماعي، كما في بعض دول الأزمة على جانبي الأطلسي.

لقد أظهرت قمة العشرين في سيؤول مؤخرا، ما كانت أخفته قمتي واشنطن ولندن من قبل، على صعيد وحدة قوى النظام الرأسمالي، لتظهر الفردية على حقيقتها، في اتجاه كل دولة التفاتا نحو مصالحها القومية، في معزل عما كانت دعت إليه قمم "الثمانية الكبار" وقمم "مجموعة العشرين" في بدايات الأزمة، حيث باتت دول الفوائض كالصين وألمانيا، تطالب بشئ من التدخّل، تدخّل الدولة في الحد من دهورة الأزمة للاقتصادات المحلية، بدلا من الاعتماد والطلب من الخارج أن يعمل على ذلك، عبر القروض وضخ مياه جديدة في شرايين اقتصاد المضاربة، وتمويل ديون دول عاجزة عن النهوض بأعباء اقتصاداتها الواقعية. وفي تقرير اقتصادي دولي صدر حديثا تحذير من أن عجوزات اقتصادات الدول المتقدمة، قد تتضاعف من الآن وحتى العام 2014، في ظل قناعات تتزايد يوما بعد يوم بضرورة التدخل والترشيد من قبل الدولة. فيما الولايات المتحدة وحدها ما برحت تصرّ على سياسات تعرف قبل غيرها، انها لا يمكن للاقتصادات العالمية وللأسواق في ظلها موازنة نفسها بنفسها، دون تدخلات سياسية.

ولهذا لم تنته فقاعات الأزمة المالية العالمية، فما فتئت تنفجر هنا وهناك، مخلفة وراءها أزمات اقتصادية حادة في عدد من بلدان القارة الأوروبية، وهي في مبتداها وانطلاقها من محطتها الأميركية ذات أواخر صيف العام 2008، وانتشارها الواسع عبر البوابة الأوروبية، إنما دمغت وتدمغ النظام الرأسمالي بالوحشية، وبعدم إلزام نفسه الالتفات إلى مراعاة شؤون الناس ورعايتها، وإلاّ ما معنى أن تتخلى الدولة وفق أنماط النظام السائدة، عن مجموع الناس، ولتهتم بمعالجة شؤون النخب المالية والمصرفية التي غامرت، بل قامرت بأموالها وأموال الناس في اقتصاد رقمي إفتراضي، معمّمة خسائرها على كامل قطاعات المجتمع، بعد أن كانت في السابق تحصد أرباحها الخاصة، دون مساءلة ودون إشراك أي أحد معها، وها هي في أتون الأزمة أصبحت هي الشغل الشاغل للدولة، وما فوق الدولة وما تحتها، وذلك في محاولة لإنقاذها وإنقاذ مصالحها دون مصالح الناس كافة، ودون مراعاة حتى لمصالح الدولة. فأي اقتصاد يراد إنقاذه؟ سوى أن يكون اقتصاد المضاربات، لا الاقتصاد الحقيقي. ولماذا تُجبر الدولة دائما على تلك الملاءات المالية التي تغطي محطات هامة من حياة اقتصاد افتراضي، لا دخل للناس من دافعي الضرائب به سوى في الملمات والمغارم، بينما تقتصر مغانمه لصالح فئات ونخب السلطة المستفيدة والمتنفذة والمسيطرة. ألم تدفع الدولة الأميركية للمصارف المتعسرة منذ بداية الأزمة، ثم ها هي الأزمة تواصل استفحالها، أقلها في هذا القطاع المصرفي الذي بلغت إفلاساته 149 مصرفا حتى الآن. فأين هي الحلول التي وُعد الناس بها، بينما لم تستطع الأسواق أن توازن نفسها بنفسها، وتدخلات الدولة لم تكن لصالح تلك الحلول الشاملة، وإنما دافعها الرئيس، كان ويكون إنقاذ بعض المضاربين عبر السياسة الخاطئة أو "لا سياسة تعميم الخسائر وتخصيص الأرباح".

وعلى خطى اليونان وإسبانيا وفرنسا، تشهد إيرلندا والبرتغال بدورهما، انعكاسات الأزمة داخل بلديهما، وذلك عبر اتجاههما الاضطراري لتبني خطط وسياسات تقشفية، انعكست إضرابات واسعة واضطرابات اجتماعية تهدد الاستقرار الاجتماعي، وربما السياسي كذلك، على ما هو الحال في ايرلندا. في حين تواجه البرتغال عودة التوتر إلى الأسواق المالية، لا سيما وهي تعزز قناعتها بأن هذا البلد، سيكون الدولة المقبلة في منطقة اليورو التي ستلجأ إلى طلب المساعدة الخارجية، بعد اليونان وإيرلندا.

وفي هذا الاتجاه، أعلن يوم (24 نوفمبر) الماضي أن الحكومة الإيرلندية كشفت تفاصيل خطتها التقشفية الرامية إلى توفير 15 مليار يورو حتى نهاية العام 2014، وذلك تمهيدا لمنحها مساعدة من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي تبلغ قيمتها 85 مليار يورو، هي بمثابة "افتتاح خط اقتراض" على حد تعبير رئيس الوزراء الإيرلندي براين كوين. وهذا المبلغ لا يشكل كل المبلغ المطلوب، في حين أن نصف هذا المبلغ سيكون مخصصا لتغطية العجز الإيرلندي المتوقع حتى العام 2013، والنصف الآخر لدعم رأسمال المصارف الإيرلندية، التي تعاني من أزمة سيولة مع عجزها عن الاقتراض من الأسواق، نتيجة نسبة الفائدة المرتفعة التي يطلبها الدائنون. ولهذا تأخذ الخطة في الاعتبار القروض الأوروبية التي ستوفرها "الآلية الأوروبية للاستقرار المالي" التي أنشئت في الربيع الماضي لمساعدة اليونان والدول الأعضاء، ممن يواجهون صعوبات في الحصول على القروض من أسواق المال.

وعلى رغم وجود المساعدات الخارجية لإيرلندا، فإن دعوات محلية إلى إجراء انتخابات عامة مبكرة، قد يعيق خطة الانقاذ الحكومية المدعومة أوروبيا، ما وضع الحكومة الإيرلندية في موقف حرج، استدعت من رئيس الوزراء براين كوين، توجيه نداء للمعارضة من أجل المساعدة في إقرار موازنة عام 2011، قبل أن يدعو إلى انتخابات مبكرة، ويواجه كوين إضافة إلى الاستياء الشعبي من تعامله مع مسألة الإنقاذ؛ ضغطا سياسيا شديدا، إذ تطالبه المعارضة بالتنحّي. لكنها كذلك تعهدت إعادة صياغة الخطة بعد إطاحة الحكومة الحالية، في انتخابات مبكرة من المتوقع إجراؤها في آذار (مارس) المقبل.

أما بالنسبة للبرتغال، فقد أظهر استطلاع للرأي، أجرته وكالة رويترز على 50 محللا اقتصاديا، أن 43 من هؤلاء أكدوا أن البرتغال ستضطر إلى طلب دعم مالي خارجي، في وقت وصلت قيمة المضاربة الإضافية على سندات البرتغال السيادية مقارنة بالسندات الألمانية، وهو قياس لمدى الضغوط التي تمارسها الأسواق على الدول، إلى مستوى قياسي عند 481 نقطة، مقارنة بـ 645 لإيرلندا و260 لإسبانيا.

وبذا فإن إجراءات التقشف البرتغالية التي أقرها البرلمان صيف هذا العام، وإقرار موازنة متقشفة للعام القادم في البرلمان مؤخرا، لم تضمن بصورة كافية الابتعاد عن صدق تكهنات تتوقع أن تكون البرتغال، الدولة الأوروبية الثالثة التي تطلب مساعدات إنقاذية بعد اليونان وإيرلندا، فبعد مضي حوالي نصف العام على إقرار إجراءاتها التقشفية، لا تزال الخشية قائمة من أن تتعثر البرتغال لتجد نفسها مكبلة بديونها، خاصة بعد أن انخفض معدل النمو خلال العام الماضي إلى 2،6 بالمئة، في ظل انعكاس تداعيات الأزمة الاقتصادية على الحياة الإجتماعية، بعد تفاقم البطالة وزيادة مديونيات العائلات، الأمر الذي ضاعف من عدد الفقراء في البلاد خلال السنوات الثلاث الماضية، وبحسب ما أعلنته بعض المؤسسات الاجتماعية، فإن كل رابع شخص يطلب المساعدات الاجتماعية في البرتغال يقضي يوما كاملا على الأقل بدون طعام.

مرة أخرى، وفي ضوء النتائج الكارثية التي تنذر بها الأزمة المالية العالمية من عواقب وخيمة على الأداء الاقتصادي العالمي، وما يستتبع ذلك من أزمات إقتصادية أعم وأشمل، لا يبدو أن الأسطوانة المشروخة القائلة بموازنة الاقتصاد العالمي لنفسه، وتحكم الأسواق حتى بمسلكيات الدول، دون الاستناد إلى تدخل الدولة السياسي والسيادي في الاقتصاد، وتأثيراتها على الأسواق، هذه الاسطوانة ليست كفيلة بمعالجات التعافي الاقتصادي أو المالي، دون تدخل "السياسة السيادية"، بمعنى تدخل الدولة في كامل المعالجات التي تصب في مصلحة الأغلبية من الناس، الذين تسوقهم المعالجات الرأسمالية العمياء بمطلقاتها "الإيمانية المقدسة" نحو خدمة الصفوة، أو النخبة من أسياد الاقتصاد المضارب، اقتصاد الفقاعات القابلة للانفجار، كل ما آل الرأسمال المتوحش لفرض نزقه في فرض سياسات "تعميم الخسائر وتخصيص الأرباح" القابلة للاختفاء من الأسواق، لا للتدوير، أو دخولها دورة الحياة الاقتصادية للبلد أو البلدان التي تتلقى فوائض التدفقات المالية، في معزل عن إدخالها نسيج الدورة الإنتاجية، التي باتت مرذولة في عالم الاقتصاد والأسواق الافتراضية، وهنا مكمن الداء، لا الدواء الذي بات يقدم كسم زعاف، لن يقوى على إيجاد الحلول والمعالجات، مهما بلغت وتبلغ عملية طباعة العملة الورقية الأميركية من ضخامة بين الحين والآخر.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات في حداثة -الما قبل- وديمقراطية -الما بعد-!
- في أدلوجات العودة إلى تقديس الطواطم
- الخطوة التالية: القدس عاصمة للشعب اليهودي!
- جنة -السلطة الأبدية-.. جنونها!
- سيف الوقت ومواعيد -المصالحة- المُرجأة!
- الدولة الفاشلة وتحديات التفتيت والوحدة
- دفاعا عن أوطان بهويات متعددة
- في أولويات التضاد بين التهويد والمفاوضات
- من نصّب هؤلاء -وكلاء- على دمنا وحياتنا؟
- قانون الولاء و-أسرلة- الأرض.. من تطبيقات -يهودية الدولة-
- خطايا تبني سرديات الرواية التوراتية
- الأصوليات.. وفتن التآويل الأخيرة!
- يهودية الدولة.. ومهمة طرد -الغزاة الفلسطينيين-!
- الاستيطان.. عقدة مزمنة لاتفاق مستحيل
- في التوازن الحضاري ورهان المستقبل التنويري
- العلمانية.. والخيارات المُرّة
- بين دلالات الاستفتاء التركي وتقديس الاستبداد
- الراعي الأميركي وغلبة -الإجماع الصهيوني-!
- الحزب الشيوعي اللبناني
- مفاوضات مباشرة مستعجلة لتسوية مؤجلة


المزيد.....




- بايدن يعلن إنتاج الولايات المتحدة أول 90 كغم من اليورانيوم ا ...
- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ماجد الشيخ - أسياد اقتصاد المضاربة ومطلقاتهم -الإيمانية المقدسة-!