أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ماجد الشيخ - خطايا تبني سرديات الرواية التوراتية














المزيد.....

خطايا تبني سرديات الرواية التوراتية


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3169 - 2010 / 10 / 29 - 13:12
المحور: القضية الفلسطينية
    


يعيد مسار المفاوضات الممتنعة والمستعصية، وأهوال الزحف الاستيطاني، وفظاعة ما يجري طرحه في شأن "يهودية الدولة"، في ظل استضعاف الفلسطينيين واستفرادهم؛ قيادة وشعبا، سلطة ومعارضة، وعدم احتساب الظهير أو السند العربي المفترض لأشقائهم الفلسطينيين في معادلة موازين القوى، كل هذا ينبغي أن يعيدنا قسرا إلى منعطف استعادة زمام المبادرة، لفرض حقائق سردية الرواية الفلسطينية، في مواجهة خرافات وأساطير سردية الرواية التوراتية التي تحولت إلى واقع، هذا أولا، ومن ثم مواجهة وقائع ومعطيات اليهودية الاستشراقية ثانيا، بما هي "الصوت العالي" وسط ضجيج أصوات خافتة، لا تسعى إلى نقض الرواية الناقضة للتاريخ ولجوهر الوجود التاريخي الذي كانته السردية الفلسطينية، كنقيض مصيري ووجودي لمقولة "أرض لشعب [فلسطين] لأناس من كل الأرض"، وهذا ما لن يستقيم ومنطق التاريخ ومآلات إنطاقه واستنطاقه؛ إلاّ باستعادته كناطق باسم الحقيقة التاريخية التي تؤكد أن الوجود التاريخي العميق الجذور، لم يكن من نصيب شعب آخر غير الشعب الفلسطيني. أما مزاعم الوجود اليهودي فوق أرض فلسطين، فهي تماما كمثل سردية الوجود العربي أو الإسلامي في إسبانيا وفي غيرها من مناطق العالم، إنما هي من نوع السرديات العابرة لوجود عابر، لأشخاص ذوي هويات متعددة، صدف ووجدوا على أرض فلسطين في مرحلة تاريخية معينة، مثلما تواجد أشخاص من ذوي هويات وجنسيات أخرى، ومن أديان وثنية وغير وثنية.

لقد وجد يهود في فلسطين، ولكن ليس اليهودية، بما عنته وتعنيه وفق أصحابها من نشوء وارتقاء وجود تاريخي لأتباعها؛ استمر وتواصل وانقطع، إلى أن عادت إليه مسيرة تواصله، على يد الحركة الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر، بارتباط وثيق بوجود وإلهام الرأسماليات الغربية ومصالحها وصراعاتها، ومنافساتها على الأسواق وثروات البلدان المستعمرة، ومحاولاتها الهيمنة على طرق تصديرها واستيرادها المواد الخام ومنتجاتها وبضائعها؛ فاليهودية نشأت في مكان آخر، بعيد من فلسطين ومصر وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين عموما، وإن ترحّلت وارتحلت وجرى سبي أقسام منها إلى تلك البلاد من "بلاد المنشأ"، فلظروف وعوامل توافر الكلأ والماء، وتراثها الميثولوجي الذي حملته معها في ترحالها الدائم، بحثا عن موطئ أقدام لاستقرار قبائلها من جهة، ومحاولة مطابقة تصوراتها "الإيمانية" مع "التراث الإيماني" لشعوب العالم القديم، من جهة أخرى.

وحتى لا نقع اليوم في شراك خدع "التشارك الإيماني"، لجر شعوبنا إلى مستنقعات "يهودية الأرض والدولة"، ينبغي العودة إلى تلميع سردية الرواية الفلسطينية، كما هي، وكما كانت على الدوام: النقيض التاريخي لسردية الرواية التوراتية القديمة أولا، وتلك اليهودية – الإسرائيلية على ما صارته اليوم ثانيا، وهذا يتطلب جهدا، بل جهودا جبارة يتسع نطاقها بدءا من الفلسطينيين أنفسهم، لا سيما أولئك الذين لم تخدعهم سردية الرواية التوراتية، ولا صادقوا بعضها "إيمانيا"، وصولا إلى كل أولئك الذين يقفون مع الحق التاريخي لفلسطين كوطن، والحقوق التاريخية الثابتة لشعبها؛ كحق العودة وحق تقرير المصير، وحق البقاء في وطن الآباء والأجداد.

إن تصلّب اليمين المتطرف بائتلافه الحاكم، وممارسات وسلوك مستوطنيه على الأرض، وتشريعاته الفاشية في الكنيست، هو الانعكاس الأوضح والأفصح لمراوغات التشدد على طاولة المفاوضات، بل هو السلوك الانعكاسي الذي لا يمكن فهمه إلاّ في إطار الإجماع الصهيوني في الداخل، المؤيّد بإجماع أميركي – غربي متوافق عليه، فحواه أن لا تسوية في المنطقة إلاّ بالاستجابة للشروط الإسرائيلية – الغربية، وعلى حساب الشعب الفلسطيني وأرض وطنه التاريخي وحقوقه التاريخية الثابتة. من هنا ما نشهده اليوم من "صحوة يهودية الدولة"؛ ليس لدى أتباع اليمين الصهيوني، بل لدى بعض إدارات غربية، باتت في دعمها "دولة يهود العالم"؛ صهيونية أكثر من كثير من الإسرائيليين، وأكثر من كثير من اليهود الغربيين.

لهذا يخطئ، بل ويراكم خطايا بالجملة، كل من يعتقد أن مسألة "يهودية الدولة" لا تعنيه، ولا تعني الشعب الفلسطيني، بل إن من صميم ما تعنيه تلك المسألة، هو فرض استسلام غير مشروط، ليس على الفلسطينيين فحسب، بل على كل الأشقاء والأصدقاء، مقدمة للفوز فيما بعد بمفاوضات تسوية؛ يجري تصميمها على ألاّ تقر بأي شكل من الأشكال بالحق التاريخي للفلسطينيين في أرض وطنهم، حتى لو جرى الإقرار بدولة [فلسطينية] منزوعة السلاح، ومنزوعة منها كل الكتل الاستيطانية الكبرى، ومنزوعة منها أحقيتها في السيادة الأمنية والحدودية واستقلالها الاقتصادي؛ باختصار.. فإن ما يجري رسمه تسوويا للفلسطينيين؛ دولة بلا مقوّمات دولة؛ فلا هي تحقق استعادة القدس الشرقية أو قسما منها، ولا هي تعيد اللاجئين أو قسما منهم إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شردوا منها، ولا يمكنها إصدار عملتها الخاصة، فأي دولة هي هذه الدولة؛ ناهيك عن أن الاستيطان الزاحف ومخططاته الهيكلية، لا يبقي ولن يبقي للفلسطينيين سوى إدارة بلدية، لا تمتلك حتى صلاحياتها البلدية المتعارف عليها.

وهنا نحن في مواجهة محاولة فرض مخطط استسلام متكامل، يفعل أفاعيله في شطب وتصفية القضية الوطنية الفلسطينية، في شرق أوسط جديد، تهيمن فيه "دولة يهود العالم" بشكل كامل ومتواز مع هيمنة معولمة لرأسماليات لا وطن لها، كممثلة للاهوت الاستيطان – الإستعماري، ومفاهيمه "الإيمانية" الأسطورية الموروثة من سرديات الخرافة التوراتية القديمة، ولاهوت المسيحية – الصهيونية الحديثة.

وإذا كان الاستشراق، كما لاحظ إدوارد سعيد، هو مؤسسة عملية قام بواسطتها الباحثون والمهتمون بالشرق، بإيجاد تاريخ يتوافق مع مخططاتهم الاستعمارية، وأيضا مع تحيّزاتهم الثقافية والدينية، فهكذا فعل توراتيو الأزمنة الغابرة، ويفعل الآن توراتيو الأزمنة الحديثة في نظرتهم إلى الوطن الفلسطيني والشرق بعامة. فبأي أدوات نواجه ونقاوم، وبأيها ننقض هذا التراث الذي يحاول أن يكون إحلاليا بشكل متكامل في وجهنا؛ نحن أصحاب الأرض؟.



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأصوليات.. وفتن التآويل الأخيرة!
- يهودية الدولة.. ومهمة طرد -الغزاة الفلسطينيين-!
- الاستيطان.. عقدة مزمنة لاتفاق مستحيل
- في التوازن الحضاري ورهان المستقبل التنويري
- العلمانية.. والخيارات المُرّة
- بين دلالات الاستفتاء التركي وتقديس الاستبداد
- الراعي الأميركي وغلبة -الإجماع الصهيوني-!
- الحزب الشيوعي اللبناني
- مفاوضات مباشرة مستعجلة لتسوية مؤجلة
- مفاوضات الترتيبات الأمنية وآفاقها المغلقة
- الأبارتهايد الإسرائيلي والدسترة البنيوية لكيان التمييز العنص ...
- دولة السلطة الفلسطينية: عنزة ولو طارت!
- أيّ صورة لاحتلال العراق يُعاد تشكيلها؟
- إكراهات التفاوض: -رخصة وطنية- لاستمرار احتلال مقنّع
- رسالة المفاوضات وعنوانها المراوغ
- نور المعرفة وحجاب السلطة
- مازق المواطنة والهويات الانغلاقية
- دولة -الأرض الواحدة- وأرض -الدولة الواعدة-!
- حق الاختلاف ومحنة المعنى
- الفلسطيني إنسانا.. قضية القضايا


المزيد.....




- البرتغال تخطط لطرد نحو 18 ألف مهاجر غير شرعي من البلاد
- -التحالف الدولي- يجري تدريبات ومناورات في محيط أكبر قواعده ب ...
- استطلاع: ثلثا الألمان يعتبرون حزب -البديل من أجل ألمانيا- مت ...
- الاحتلال يعتدي على فلسطينيات بأريحا والمستوطنون يصعّدون عدوا ...
- قطر ترفض تصريحات -تحريضية- لمكتب نتنياهو حول دورها في الوساط ...
- موقع عبري يكذّب رواية مكتب نتنياهو بخصوص إلغاء الزيارة إلى أ ...
- فرقة -زيفربلات- الأوكرانية تغادر إلى سويسرا لتمثيل بلادها في ...
- -كيماوي وتشوه أجنة-.. اتهام فلسطيني لإسرائيل بتكرار ممارسات ...
- قطر ترد بقوة على نتنياهو بعد هجومه العنيف والمفاجىء على حكوم ...
- موسكو تؤكد.. زيلينسكي إرهابي دولي


المزيد.....

- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ماجد الشيخ - خطايا تبني سرديات الرواية التوراتية