أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد الشيخ - دفاعا عن أوطان بهويات متعددة














المزيد.....

دفاعا عن أوطان بهويات متعددة


ماجد الشيخ

الحوار المتمدن-العدد: 3189 - 2010 / 11 / 18 - 13:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ماذا يضيرهم؛ أضحويو "السلطة البطريركية" المُضاعة، في أن يكون الوطن واحدا بهويات متعددة؟ كي يحوّلوا أوطاننا إلى مقابر لكل الهويات، حتى هويتهم هم؛ ما سلمت ولن تسلم من إجرامهم، طالما أن انشقاقاتهم تتوالد من انشقاقات سابقة، بانتظار تلك اللاحقة، إلى أن يستقر "الجميع" عند فوهة بركان القتل والتفجير المتعمّد للروح؛ كونها ابنة الحياة. وأولئك العصاة على هوياتهم وعلى أوطانهم وعلى نسمة الحياة، ليسوا يتخلّقون أصلا بأخلاقيات الحياة، فهم في اختيارهم الموت "طريقة حياة"؛ إنما ينحرون الموت، ليجردوه من أي معنى، فلا تبقى المعاني إلاّ ملكا لمن مات غيلة وغدرا، وسُلبت منه قسرا وبالعنف والإكراه روح الحياة.

وكأنه لم يكفهم، ولم يكف أجيالهم ما تعرضوا ويتعرضون له من سياسات تهميش وإقصاء إستبعادية، عن حقهم، بل حقوقهم كمواطنين داخل أوطانهم، حتى يطالهم اليوم وبشكل متصاعد ظلم إقصائهم قسرا وبالعنف الإرهابي المتعمّد عن الحياة، حيواتهم كبشر ينتمون إلى النوع الإنساني المعذّب، الموصوم بالاختلاف، بعدم التماثل، بعدم التحوّل أو الاستجابة إلى ما تريده تلك "السلطة البطريركية" العمياء: فرارا من الوطن إلى بلاد غريبة، أو مواجهة الموت قسرا وبالإكراه، دونما حب للموت أو كرها للحياة، فهم على النقيض من قاتليهم أكثر إيمانا بالحياة.

لم يعد أشقاؤنا في الوطن والمواطنية من المسيحيين فقط، هم من تنطبق عليهم إحالات استلاب الهوية، كما سرقة حيواتهم، وهم يواجهون عمليات تفجير كنائسهم وقتل الناس بداخلها، بل صار كل مختلف مع "أضحويي" الفرقة، أو "الفرق الناجية" هدفا للقتل "الأضحوي" العشوائي، كما المخطط له؛ القائل اليوم وبالفم الملآن: "كل من يختلف معنا أو عنا فهو هالك لا محالة"، ليس هذا في البلاد المأزومة القابلة للتفتيت، بل صار العالم كله مسرحا لقوى "الأثر التفتيتي"، المعادية عداءا شديدا لكل آثار الحداثة والمعاصرة، تلك الآثار التي أمست ومنذ زمن أكثر نزوعا للتوحيد، من قوى تدّعي انتماءها زورا وبهتانا لـما يسمى "أمة توحيد" هلامية.

وبذا لا يميز مجرمو "التأصيل المتجدّد" بين ضحاياهم، لا سيما وهم يحوّلون ضحاياهم إلى موضوع شارط للقتل والإجرام، فتعدد الهويات هو الاستفزاز الأكبر لهم، و"جريمة" الضحايا دائما أنهم "أخطأوا" و"يخطئون" على الدوام، كونهم مختلفين؛ لا متماثلين، بل إنهم مختلفون "فرقيا" كذلك ، أي أنهم جميعا ودون تمييز بينهم، لا ينتمون إلى "هوية الفرقة" الموغلة في إجرامها الدموي، بالتأكيد على هويتها المتضادة وروح الهوية، أيا كانت، بما هي صفة لكينونة متحققة، بل هي نفي لهذه الكينونة، وانعكاس شرطي لممارساتها وهي تنحو نحو نفي الحياة، وإعدامها على مذبح إبراز تمايزها "الفرقي" عن ضحاياها، منظورا إلى كون هؤلاء الضحايا خارج الشرط الإنساني، بل خارج أي شرط يمكنهم من الاعتراف بهم، كبشر متساوين في شرط تحقق وجودهم الإنساني أولا، وكمختلفين بالضرورة عن هويات الآخرين من البشر.

عبر هكذا سلوكيات إجرامية مشينة، وأفعال لا إنسانية، يؤكد أتباع الأصوليات، وفق آخر طبعاتها "المتجددة" والمتناسلة من "جريمة أولى"، بأفعالهم الإجرامية، الأثر التفتيتي لمزاعم "العودة إلى الأصل"، في مواجهة الآثار التوحيدية للحداثة في عالمنا المعاصر، تلك الآثار التي تقاوم جاهدة للإبقاء على وحدة النوع الإنساني المتعدد الهويات والاتجاهات، وثقافة المغايرة والاختلاف، في مواجهة مجموعة من عمليات الانسحاق ومكابدة معايير "موت مقدس"، على أنه أو كونه الأثر الأثير لفرقة "الاصطفاء الجنّتي"، وهي تشهر انتماءها إلى "فرقة ناجية" واحدة ووحيدة، تبرّر لذاتها كل مفاعيل وآثار الانفجارات التفتيتية، داخل المجتمعات والدول والسلطات في عالمنا المعاصر.

لقد بات واضحا أي آثار مدمرة يتركها أتباع "العودة إلى الأصل"، وهم يواصلون ابتداع طرائق خاصة للقتل التفجيري، بما يتركه من آثر تفتيتي لفكرة "العودة إلى الأصول"، كونها فكرة تنافح عن القتل والإجرام والانتحار، كأداة لصراع داخلي/مجتمعي/ سلطوي، وعلى مستوى العالم، يهدف إلى إبراز اختلاف الهوية الدينية الواحدة من داخلها، حتى باتت ميكروسكوبية، وهي تنطوي أو تنضوي كذلك تحت مسمى "الفرقة الناجية"، وأن هويتها هي الهوية/ الأصل، وهي المصطفاة، وهي الناجية بعد حين!.

من هنا يمكننا تفسير وفهم التمركز حول الهويات الفرعية، فقط في سياق ما يستهدفه أصحابها من إبراز ذواتهم كذوات لا علاقة لها بأية أصالة أو أصولية مفترضة، بل إن تمركزهم الذاتوي، إنما يعود إلى الطبيعة البطريركية (الأبوية) لما أرادوا للهوية أن تكونه، ولأن يكون عليه نزوعهم السلطوي والتسلطي، حتى في إطارات ما يجمعهم فرعيا/فرقيا في تفرعات تنظيمهم الحلقي.

هكذا .. يُراد تحويل الوطن إلى مقبرة كبرى، وأهل الوطن بكل أطيافهم إلى أهداف سهلة للقتل التفجيري، عبر أجساد بشرية "أضحوية" يجري خداعها وتلقينها أضاليل عن الكفر والإيمان، عن الجنة والنار، حتى لم يتبق لدى "الضحايا الأضحويون" القتلة، ما يمكنه أن يشكل أدنى رادع لديهم يمنعهم من الإقدام على القتل بدم بارد، أو بجرعة زائدة من أفيون "التديّن الأضحوي".



#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في أولويات التضاد بين التهويد والمفاوضات
- من نصّب هؤلاء -وكلاء- على دمنا وحياتنا؟
- قانون الولاء و-أسرلة- الأرض.. من تطبيقات -يهودية الدولة-
- خطايا تبني سرديات الرواية التوراتية
- الأصوليات.. وفتن التآويل الأخيرة!
- يهودية الدولة.. ومهمة طرد -الغزاة الفلسطينيين-!
- الاستيطان.. عقدة مزمنة لاتفاق مستحيل
- في التوازن الحضاري ورهان المستقبل التنويري
- العلمانية.. والخيارات المُرّة
- بين دلالات الاستفتاء التركي وتقديس الاستبداد
- الراعي الأميركي وغلبة -الإجماع الصهيوني-!
- الحزب الشيوعي اللبناني
- مفاوضات مباشرة مستعجلة لتسوية مؤجلة
- مفاوضات الترتيبات الأمنية وآفاقها المغلقة
- الأبارتهايد الإسرائيلي والدسترة البنيوية لكيان التمييز العنص ...
- دولة السلطة الفلسطينية: عنزة ولو طارت!
- أيّ صورة لاحتلال العراق يُعاد تشكيلها؟
- إكراهات التفاوض: -رخصة وطنية- لاستمرار احتلال مقنّع
- رسالة المفاوضات وعنوانها المراوغ
- نور المعرفة وحجاب السلطة


المزيد.....




- العراق.. السوداني يدعو الدول العربية والإسلامية للتعاون في ...
- هل تعتقد أن اغتيال المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي فكرة جيدة ...
- 1400 عام من الصمود.. ما الذي يجعل أمة الإسلام خالدة؟
- وزراء خارجية 20 دولة عربية وإسلامية يدينون الهجمات الإسرائيل ...
- هكذا يتدرج الاحتلال في السيطرة على المسجد الإبراهيمي بالخليل ...
- خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة نايل سات وعرب سات 2025 .. ث ...
- نتنياهو: لا أستبعد اغتيال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي ...
- الخليل.. إسرائيل تخنق البلدة القديمة وتغلق المسجد الإبراهيمي ...
- الاحتلال يهدم غرفة زراعية ويواصل إغلاق مداخل سلفيت ومستعمروه ...
- المفتي قبلان: عدم التضامن مع إيران يعني خسارة العرب والدول ا ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماجد الشيخ - دفاعا عن أوطان بهويات متعددة