أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - النظام السوداني: حكومة رزق اليوم باليوم














المزيد.....

النظام السوداني: حكومة رزق اليوم باليوم


بابكر عباس الأمين

الحوار المتمدن-العدد: 3211 - 2010 / 12 / 10 - 23:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


رزق اليوم باليوم هو مبدأ ومصطلح يستخدمه الشخص السفيه (بالمعني القرآني) الذي لم يتلقَ تعليماً وليس لديه مهنة أو صنعة. يذهب هذا الشخص ليحتطب أو يعمل حمَّالاً في السوق ليحصل علي بضعة جنيهات تسد رمقه أو رمق أطفاله ليوم واحد, ثم يعود لمنزله حامداً لله شاكراً إياه علي نعمه وآلائه. ثم يذهب اليوم التالي ليحصل علي قوت هذا اليوم فقط وهكذا دواليك حتي ينقضي أجله. ومشكلة صاحبنا هذا هو اضطراب حاله عندما يحدث له أمر طاريء كالمرض أو المصيبة أو الكبر. أما الذي حصل علي قدر من التعليم ولديه مهنة أو وظيفة, وله نصيب من الوعي فهو يحتسب للمستقبل, ويدخر للطواريء, ويخطط لوضعه كيف يكون بعد سنوات وبعد أن يتقاعد ويصيبه الهرم. المثال الأخير في سياقنا هذا هو الأنظمة التي تخطط لبلادها في المستقبل أين تكون بعد عقد أو عقود كما تحتسب لأي طاريء وكيفية لعلاجه.

والمثال الأول هو نظام المحافظين الجدد الذي يدير البلاد علي أساس يومي. وصاحبنا المقتنع برزق اليوم باليوم معذور لأنه سفيهاً لم ينل قصداً من التعليم. بيد أن حكام الخرطوم بينهم حملة دكتوراه أكثر من كل الأنظمة التي مرت علي هذه البلاد, مما يعني ضيق أفقهم وعجزهم الفكري. وقد بلغ قصر النظر بنظام الخرطوم درجة أنه لا يتحوط حتي للمسائل المتوقعة ناهيك عن الطواريء.هذه الحقيقة تتجلي بوضوح في تجاهل أهم بند في ترتيبات الانفصال الوشيك هو ترسيم الحدود, التي تُركت لآخر لحظة كأنها ترسيم ميدان كرة قدم. أو كأن اتفاقية نيفاشا قد تم توقيعها قبل أشهر معدودة. هذه حدود يقارب طولها الألفي كليومترا تمتد عبر مناطق خالية من البنية التحتية, مما يعني أنها أمر عسير. كما أن بها بؤر ملتهبة هي مناطق حولها خلاف, ك (قوق بار), مما يعني أنه أمر قد يتسبب في الحرب. ظهر مقترح مؤخراً يقول أن يُترك ترسيم الحدود إلي ما بعد الاستفتاء والانفصال. وهذا خطل الرأي بعينه, لأن نقاش الحدود بعد الانفصال أمر يستعصي أكثر من قبله. ذلك لأن الأمر سيكون حينئذ بين دولتين مستقلتين تسعي كل منهما لبسط سيادتها علي أكبر مساحة ممكنة.

لقد أدي اتباع نظام المشروع الحضاري لمبدأ رزق اليوم باليوم, وهو جزء من نظرية الرزق علي الله لصاحبها وزير الخارجية, إلي أن تصبح بلادنا جاذبة للنفوذ الخارجي والوساطات جذب مثلث برمودا للسفن والطائرات. الكل يريد أن يساهم في حل مشكلات السودان من الشرق والغرب ودول الجوار. ولا أعلم بلداً في هذا الكوكب به هذا العدد من الوسطاء والدول الساعية للنفوذ: لجنة الوساطة المشتركة للأمم المتحدة والإتحادي الأفريقي, لجنة الحكماء, مجموعة الايقاد, الشقيقة مصر, القيادة التاريخية الليبية, المبعوث الأمريكي غرايشن, رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس, جون كيري.

ينتهج نظام المحافظين الجدد مبدأ رزق اليوم باليوم أيضاً مع الاتفاقيات التي عقدها مع الأحزاب والحركات الإقليمية. يتخذ النظام من تلك الاتفاقيات مسكنات مؤقتة لتفريغ شحنة السخط الإقليمي علي غياب التنمية والخدمات, ثم إيداعها في مكان آمن في مكتبة القصر أو دار الوثائق دون تنفيذ. هذا ماحدث مع الاقليم الشرقي حيث لم يلق مثقال ذرة من التنمية المنصوص عليها في إتفاقية جبهة الشرق الموقعة عام 2006. وهذا ما حدث أيضاً مع حركة تحرير السودان فصيل أركو مناوي, حيث تنصلت الحكومة من بنود اتفاقية أبوجا الموقعة عام 2006. يستخدم التتار تلك الاتفاقيات أيضاً لشق صفوف الحركات والأحزاب بغرض إضعافها, باعتبار أن هذا نوع من الذكاء والدهاء.

لقد أدي ضيق أفق وقصر نظر التتار إلي الوضع الملتهب الحالي, من قصف طيران الشمال لمواقع جنوبية, وتبادل التصريحات العدائية مما قد يؤدي لاشتعال الحرب. نخشي من اندلاع الحرب لسبب واحد هو أن آثارها لن تقع علي النظام أو الطبقات المتحالفة معه, إنما ستقع علي المواطن الذي تفاني وأبدع حكام الخرطوم في إثقال كاهله بما ينوء بالعصبة أولي القوة. وإن كان التقرير الذي صدر مؤخراً قد أشار إلي أن تكلفة الحرب القادمة ستبلغ مئة مليار دولار, فإن الخسارة الإجتماعية ستبلغ أضعاف هذا الرقم. وإن كان شعب السودان قد فُرض عليه العودة للعواسة وأكل الدخن في حالة الانفصال بدون حرب, فلا أدري ماهي الوصفة الجديدة التي سيفرضها عليه التتار حين تشعل الحرب أوزارها.



#بابكر_عباس_الأمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسخ نظام الحكم المصري في السودان
- الاستهداف الصهيوغربي للعراق
- تناقض تصريحات نائب الرئيس السوداني في واشنطن
- نزع حكومة السودان لأراضي شرق النيل
- (جحود وتطاول) السودان علي ليبيا
- عن فتوي رضاعة الكبير
- الحل لمِحنة مسلمي أوربا
- شعب عِملاق يتقدَّمه أقزام
- النفوذ السياسي للشركات متعددة الجنسيات
- نقد ثورة يوليو المصرية
- الصادق المهدي يكرر آراءه العنصرية
- الصادق المهدي يؤجج النعرات العنصرية والدينية في السودان
- عن إنسحاب مرشح الحزب الإتحادي لصالح مرشح الحزب الحاكم في الس ...
- غطرسة إسرائيلية مع غطاء أمريكي
- الرئيس السوداني يحمِّل الأحزاب مسؤولية تعطيل الديمقراطية 20 ...
- هيروشيما ونجازاكي
- الآثار الصحية الضارة لختان الإناث
- إنحطاط القاموس السياسي لإسلاميي السودان
- التدخل الأمريكي في فيتنام 1954-1975
- تفادي القضية الفلسطينية في خطاب حالة الإتحاد لأُوباما


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - النظام السوداني: حكومة رزق اليوم باليوم