أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - إنحطاط القاموس السياسي لإسلاميي السودان















المزيد.....

إنحطاط القاموس السياسي لإسلاميي السودان


بابكر عباس الأمين

الحوار المتمدن-العدد: 2923 - 2010 / 2 / 20 - 06:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


تعكس اللغة التركيبة النفسية والأخلاقية والفكرية لمستخدمها. فكلما تهذبت لغة الفرد كلما عكست توازن نفسي وخُلق قويم ومنطق سليم ناتج عن فكر متماسك. التاريخ السياسي السوداني الحديث منذ الإستقلال لم يسجل إنحطاط لغوي للسياسيين حتي خلال الحكمين العسكريين: ابراهيم عبود وجعفر نميري. نظام المُحافظين الجُدد سيسجل له التاريخ, ضمن مخازي أخري, إنحطاط القاموس والخطاب السياسي بصورة لم يعرفها السودان. بالأمس أطل علينا نافع, نائب رئيس المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) للشؤون السياسية, من ولاية نهر النيل, بعبارات شوارعية واصفاً أحزاب المعارضة (بالميوعة والتحلل والتفسق والرقص والمجون). هذه المفردات والأسلوب ليست تعبير لطرح فكري أو خلاف سياسي إنما شتائم وإساءات أشبه بلغة صادرة عن شِجار في شارع من شوارع الأحياء الوضيعة.

إن الحاصل علي دكتوارة يكون قد تعايش مع باحثين ومفكرين وبروفسيرات لسنين, وبالتالي, يتأثر بالأسلوب المهذب ويكتسب دبلوماسية ويتخير الرفيع من اللغة. هذا بشرط إن كان الإنسان أساساً متوازناً وله قاعدة فكرية وخلفية خُلقية سليمة وإحترام للعلم وليس السعي له لمجرد الحصول علي لقب, ومن ثَمَ منصب سياسي. لذا وُجد المثل السوداني البليغ "القلم مابزيل بلم". قبل فترة أيضاً ذكر نافع أن أموال المعارضة تأتي من (الكبريهات والمريسة). هذا الأسلوب فيه إساءة لقبائل سودانية تعتبر المريسة وجبة غذائية وطقس إجتماعي من طقوسها أو وسيلة كسب عيش شريف. إضافة للإساءة فإن هذه الجملة فيها مغالطة لأن بائعات المريسة ليس لهن ذاك الدخل العالي بحيث يدعمن منه الحملة الإنتخابية. وحتي لو دعمت بائعات المريسة الحملة الإنتخابية فما الخطأ في ذلك؟ وهل دعم المؤتمر الوطني لحملته الإنتخابية من موارد الدولة حلال ودعم المعارضة من المريسة حرام؟ اللغة التي إستخدمها نافع تعكس إفلاس فكري وعجز مفاهيمي واضح, و"كل إناء بما فيه ينضح." ولا نود أن نذكر أنها بعيدة عن روح الدين والأخلاق لعلمنا ببعده عنهما. إن الذي أدار التعذيب في بيوت الأشباح وأدخل فيه أساليب مُخجلة لم يعهدها تاريخ السودان, وإشرافه الشخصي علي تعذيب أستاذه الجامعي د. فاروق أحمد, يُتوقع منه فعل أو قول كل شئ.

ثم ذهب نافع يفتري علي الله الكذب قائلاً إن برنامج حزبه, خلاف بقية الأحزاب, يقوم علي المرجعية الدينية! ظاهرة واحدة, ما ننفك نكررها, دون سأم أو ملل, لأنها تؤرقنا وتحز في أنفسنا وتهين كرامتنا وسمعتنا وتثبت أن هذا النظام أبعد ما يكون عن الدين. ألا وهي ظاهرة الأطفال مجهولي النسب حيث يستقبل دارالمايقوما متوسط ثلاثة أطفال يومياً حسب الإحصائيات الرسمية. بعكس نظام الخرطوم, يستطيع النظام الإيراني أن يُردِّد بأن مرجعيته إسلامية لأنه يقدِّم قروضاً ميسرة لكل من شاء الزواج صوناً للمجتمع. أما حُكام الخرطوم, الذين يمضغون كلمة الشريعة مضغ اللبان لدي شريحة إجتماعية معينة, فليس لديهم وجه للحديث عن الدين لأنهم يرددونه ويعملون عكسه تماماً.

المؤسف أن هذه الإساءات ليست لعدو خارجي إنما لشريحة هامة من شرائح الشعب السوداني, ومن ضمنها قوي سياسية لها وزنها قبل أن يكون هنالك وجود لحركة المُحافظين الجُدد. لا يعني ذلك بأي حال من الأحوال أنه من الأخلاق وتقاليدنا السودانية شتيمة العدو الخارجي ورميه بألفاظ فيها تجريح. وحتي غير المسلمين لا يلجأون لإساءة وتجريح إعدائهم السياسيين لأننا لم نسمع من الإسرائيليين مثلاً قذف الإيرانيين بألفاظ هابطة.

ولا يقتصر الإنحطاط اللغوي علي نافع فقط, إنما هو ظاهرة موجودة عند بقية المُحافظين الجُدد حتي علي مستوي الباحثين. فقبل أيام وصف صلاح قوش منتسبي كل من الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبي في مروي ب (العواليق). ويبدو أنه قد تأثر في إنحطاطه اللغوي بإنحطاط لغة وأسلوب أصدقاءه عملاء المخابرات الأمريكية سلالة رعاة البقر. وحتي محمد وقيع الله, باحث وحاصل علي دكتوارة أيضاً, كتب قبل أيام وصفاً بقية الأحزاب بأنها (أحزاب شقاق وأرباب النفاق وشذاذ الأفاق). كما أضاف مُهدداً (لكل شيوعي جبان أن الجيش والشعب في الميدان). هذه حملة إنتخابية وليست ساحة حرب حتي يتم إبراز العضلات والزج بالجيش فيها. المكان المناسب لإظهار العضلات وقوة الجيش كان أحراش الجنوب حيث تم تلقينهم درساً إضطرت بعده القيادة السياسية, رغم أنفها, للتوقيع علي إتفاقية الخزي والعار. بل إن الميدان الأنسب لإظهار قوة الجيش وجبروت الإنقاذ ومليشياتها وشجاعة رجالها هو حلايب المحتلة.

وفي إفلاس مُضحك آخر, في الشهر الماضي, ذكر عوض الجاز بأن السودان (محسود). نشكر له إضافة معلوماتنا العامة بأن الحسد أيضاً يُمارس في العلاقات الدولية. ونحمد الله أن نتيجة تشخيصه لم تكن أن السودان مصاب بالعين حتي يضطر للذهاب إلي فكي لحلها. لدينا أيضاً مثال الغطريس مصطفي إسماعيل الذي وصف في ندونته بضاحية أم درمان قادة المعارضة ب (الثعابين المندسين). وعلي قمة الجهاز التنفيذي فإن البشير هو أول رئيس سوداني له قاموسه الغني بالإفلاس اللغوي. فعلي سبيل المثال, سبق أن ردَّ علي المحكمة الجنائية حينما طُلب منه تسليم نفسه أو تسليم أحمد هارون قائلاً: (نحنا ما بنسلم حتي كديس لانو ممكن نصنع من جلدو مركوب.) ولا بد أن نشكر سيادة الرئيس الذي أضاف لحصيلتنا المعلوماتية, لأننا كنا نجهل قبل هذا التصريح أن جلد القط يُستعمل ويكفي لصنع حذاء, مما يؤهلنا لمنافسة إيطاليا في صناعة الأحذية لقلة ثمن جلد القط. وننأي عن النزول عن مستوانا بالخوض في أسلوب مصطفي الطيب, ليبرمان المؤتمر الوطني, الذي له طاقة هائلة من سموم الحقد والإفلاس لو وُزِع علي أهل الإرض لشملهم, وتكاد تلك الطاقة أن تؤذي البيئة العالمية كما الإحتباس الحراري.

إن هذه الفئة الباغية قد إستغلت تسامح الأنظمة السياسية التي لم تغتال أو تعدم قادتهم كما حدث في مصر. كما إستغلت طبيعة الشعب السوداني المتسامحة ثم أذاقته الهوان والويل بعد أن إستبدت بها شهوة السلطة والمال العام. ويجدر بالذكر أن البطش الذي تمارسه الأنظمة العربية ضد الحركات الإسلامية هو أنسب معاملة وأفضل سياسة تُتبع مع مثل هذه الفئة. ورغم إيماننا بالديمقراطية وحقوق الإنسان إلا أنه ليسرنا قمع النظام المصري لهم, لأننا نشفق علي الشعب المصري من أن يحيلوا نهاره إلي ليل كما فعل أخوانهم بالسودانيين. ونذكِّر أشقاءنا المصريين بأن الفرعون الذي تعرفه خير من الفراعنة الذين لا تعرفهم, كما قال المثل السوداني.



#بابكر_عباس_الأمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التدخل الأمريكي في فيتنام 1954-1975
- تفادي القضية الفلسطينية في خطاب حالة الإتحاد لأُوباما
- دور أمريكا في نشأة طالبان والقاعدة
- الإفلاس الأيدلوجي والفكري لإسلاميي السودان
- في ذكري ثورة اكتوبر السودانية
- عن سايكلوجيا المُحافظين الجُدد السودانيين
- اللوبي الصهيوني الأمريكي والحركة الإسلامية السودانية : مقارن ...
- النرجسية والتباهي لدي إسلاميي السودان : الأفندي نموذجاً
- موسم الهجرة إلي الجنوب: الصادق والترابي يكتشِفان الجنوب
- كيف قامت المخابرات الأمريكية بتغيير الحكومات؟ نظام مصدّق نمو ...
- دور الصادق المهدي في تقويض الديمقراطية في السودان
- المناطق التي إحتلتها الولايات المتحدة
- إراقة الدماء والتشفّي لدي إسلاميي السودان
- النِفاق الأمريكي بشأن الديمقراطية في هندوراس وجمهوريات الموز
- النزعة العلمانية للحركة الإسلامية السودانية


المزيد.....




- هارفارد تنضم للجامعات الأميركية وطلابها ينصبون مخيما احتجاجي ...
- خليل الحية: بحر غزة وبرها فلسطيني خالص ونتنياهو سيلاقي في رف ...
- خبراء: سوريا قد تصبح ساحة مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران
- الحرب في قطاع غزة عبأت الجهاديين في الغرب
- قصة انكسار -مخلب النسر- الأمريكي في إيران!
- بلينكن يخوض سباق حواجز في الصين
- خبيرة تغذية تحدد الطعام المثالي لإنقاص الوزن
- أكثر هروب منحوس على الإطلاق.. مفاجأة بانتظار سجناء فروا عبر ...
- وسائل إعلام: تركيا ستستخدم الذكاء الاصطناعي في مكافحة التجسس ...
- قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي على مناطق متفرقة في غزة (فيديو)


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - بابكر عباس الأمين - إنحطاط القاموس السياسي لإسلاميي السودان