أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بابكر عباس الأمين - النِفاق الأمريكي بشأن الديمقراطية في هندوراس وجمهوريات الموز















المزيد.....

النِفاق الأمريكي بشأن الديمقراطية في هندوراس وجمهوريات الموز


بابكر عباس الأمين

الحوار المتمدن-العدد: 2746 - 2009 / 8 / 22 - 09:14
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


وصفت هيلاري كلنتون , وزيرة الخارجية الأمريكية تصريح رئيس هندوراس - الذي أطاح بحكمه إنقلاب عسكري مؤخراً - بالعودة إلي بلاده بأنه "تهور". ولم تفعل الإدارة الأمريكية شيئاً في هذا الشأن سوي الإدانة وبعض الوعظ للنظام العسكري الجديد , في حين قامت هي وحلفاؤها الأوربيون بحملة إعلامية ودبلوماسية مكثفة ضد نظام إيران حول الأزمة التي حدثت بعد الإنتخابات الرئاسية الأخيرة. ومقارنةً مع أحداث إيران , فإن المئات من مؤيدي رئيس هندوراس المخلوع يعانون من مواجهة دموية مع النظام العسكري الجديد أثناء تجمعهم وإحتجاجاتهم لا تجد نفس الزخم الإعلامي الغربي كما في الحالة الإيرانية.

السياسية الخارجية الأمريكية غير مؤسسة علي دعم الأنظمة الديمقراطية والدفاع عنها , إنما تقوم علي هدفين فقط هما المصالح الإقتصادية وإنشاء القواعد العسكرية. فلم تكتف الإدرات الأمريكية المتعاقبة بالتعاون مع , ودعم أنظمة شمولية لها سجل أسود في حقوق الإنسان كالصين وباكستان (مشرف) ودول عربية , بل عملت أيضاً علي إزالة أنظمة ديمقراطية كحكومة مصدق في إيران عام 1953 , عندما عارضت
مصالحها بتأميم النفط.

بيد أنّ المصالح الإقتصادية للولايات المتحدة لها طابع إستغلالي بشع في منطقة أمريكا الوسطي (جمهوريات الموز) , بإعتبارها حديقة خلفية لها تتوفر فيها موارد طبيعية عديدة يحتاجها الإقتصاد الأمريكي وتمتاز بالقرب الجغرافي مما يقلل تكلفة الترحيل. وظلّت الولايات المتحدة تتدخل في دول هذه المنطقة منذ بداية القرن العشرين, بحيث كانت فيها في بعض الأحيان شركات أمريكية تمتك أراضي زراعية أكثر مما تملك الدولة مما قلّص من سيادتها.

ففي هندوراس مثلاً , كان هناك نظاماً ديمقراطياً منذ الخمسينيات بقيادة الحزب اللبرالي الذي سعي في عام 1958 للإصلاح الزراعي بإعادة توزيع الأراضي الإقطاعية. فقامت شركة الفواكه المتحدة الأمريكية بالضغط عليه والتهديد مما إضطر إلي إلغائه. ولما حاول الرئيس المنتخب في 1963 تنفيذ الإصلاح الزراعي تمت الإطاحة به بإنقلاب عسكري بقيادة الجنرال أورلانو الذي مُنح مبلغ 1.25 دولار من تلك الشركة الأمريكية. وكان هذا النظام العسكري المدعوم أمريكياً قد قام بقمع الحريات وسمح بتواجد عسكري أمريكي لتدريب وتسليح متمردي الكونترا والإنطلاق لتنفيذ عمليات ضد الساندتستا في نيكاراقوا.

وفي نيكاراقوا, رغم أن نظام الساندستا كان قد جاء بثورة مسلحة عام 1979, إلا أنه شارك وفاز في إنتخابات نزيهة عام 1984 , شارك فيها مراقبون دوليون. فقامت إدارة رونالد ريقان بحرب شرسة علي هذا النظام رغم أنه وجد شعبية كبيرة لأنه حقق إنجازات هامة في محو الأمية والإصلاح الزراعي والتعليم والصحة. وكان نظام الساندستا أفضل من سلفه برئاسة ساموزا - حليف الأمريكان - الذي جاء عن طريق إنقلاب دموي وكان له سجلاً سيئاً في حقوق الإنسان. وكان سبب حرب أمريكا علي الساندستا هو تأميمهم للشركات والبنوك والممتلكات الأمريكية في نيكاراقوا. لذا قام جهاز السي اّي ايه بدعم وتسليح الكونترا - رغم ضلوعهم في تجارة المخدرات - لزعزعة , ومن ثمّ إزاحة الساندستا عن الحكم.

وكانت محكمة العدل الدولية في لاهاي قد أدانت الولايات المتحدة عام 1996 لتعديها علي سيادة نيكاراقوا بزرع الألغام في موانئها والتصفيات الجسدية لكوادر الساندستا ودعم الكونترا. ورغم التوجه اليساري للساندستا إلا أن السياسة الأمريكية لم يكن همها الحرية وحقوق الإنسان لأن ريقان - عندما أرسل مبعوثه للسناندستا - لم يطالبهم بذلك بل طالبهم "بحماية المصالح الإقتصادية الأمريكية هناك وإلا واجهوا متاعب". وقد خسر الساندستا إنتخابات عام 1990 للمرشح المدعوم أمريكيا بخمسة وأربعين مليون دولار في حملته الإنتخابية.

وفي قواتيمالا كان هناك نظاماً ديمقراطياً منذ بداية الأربعينيات مع هيمنة للشركات الأمريكية علي الإقتصاد. وكانت شركة الفواكه المتحدة الأمريكية تمتلك خُمس الأراضي الصالحة للزراعة فيها و45 في المائة من شركة الخطوط الحديدية. وكانت تلك الشركات الأمريكية علي علاقة بإدارة ايزانهاور. إنزعجت تلك الشركات من الإصلاحات الزراعية التي جاء بها جاكوب أربنز المنتخب ديمقراطياً. ولما قام بمصادرة نصف أراضي شركة الفواكه وتعويضها بمبلغ اثنين مليون دولار , أدارت تلك الشركة حملة إعلامية ضخمة تصوّر النظام علي أنه شيوعي , رغم أن عدد الشيوعيين في البرلمان كان أربعة ولم يكن لديهم وزيرا في الحكومة. كما لم يكن لقواتيملا علاقات دبلوماسية أو إقتصادية أو عسكرية مع الإتحاد السوفيتي في ذلك الوقت.

وفي عام 1953 رصدت السي اّي ايه مبلغ 4.5 مليون دولار لتغيير نظام أربنز. وتمّ إقناع كنيسة الروم الكاثوليك لمعارضة النظام بدعوي أنه يدعو إلي الإلحاد. وفي النهاية تمت إزاحته , ونجح الرئيس هاري ترومان في إقامة نظام دكتاتوي يميني بقيادة إفرينت مونت. ومن أسوأ إنتهاكات حقوق الإنسان التي قام بها نظام مونت هي التصفية العِرقية لقبائل الميان في الريف لأنها اّوت المتمردين الذين حاربوا ذلك النظام. وكان بيل كلنتون قد زار هذه المنطقة وقدم لهم إعتذاراً عام 1999.

أما قرينادا فقد كان غزوًا عسكرياً بعد حدوث إنقلاب عسكري ذو توجه ماركسي - لينيني عام 1983. وقد كان تبريرالغزو هو إجلاء الطلاب الأمريكيين الدارسين هناك رغم أنه لم تكن هناك خطورة علي حياتهم. وقد مُنع الصحفيين من تغطية عملية الغزوللقوة غير المتكافئة التي إستخدمها الجيش الأمريكي والتي كان قوامها ستة ألف جندي لجزيرة لا يتعد عدد سكانها المائة ألف. وكان لغزو قرينادا دافع سياسي هو أن ريقان سعي لفرصة نصر في الحرب الباردة , وتخطي عُقدة فيتنام وعُقدة الرهائن الأمريكيين في طهران. وقد أدانت أدانت الجمعية العامة للأمم المتحدة الغزو بأكثر من مائة صوت ووصفته بأنه إنتهاك للقانون الدولي. وقد أشاد ديك شيني - مهندس غزو العراق فيما بعد - كعضو كونقرس بالغزو وقال: "إن العديد من دول العالم تعتقد بعد الغزو بأنه يمكن الاعتماد علينا."

أما بنما فقد كانت إحدي محافظات كولمبيا, ولما قررّت الولايات المتحدة شق القناة , قامت إدراة روزفلت بخلق حركة تمرد ودعمها مادياً وعسكرياً للإنفصال عن كولمبيا. وتم إرسال سفن عسكرية إلي الإقليم وهبط المارينز فيه لدحر جيش كولمبيا , وفي اليوم التالي إعترفت الولايات المتحدة ببنما كدولة في نوفمبر 1903. وفرضت أمريكا سيادتها علي القناة التي أُفتتحت للملاحة عام 1914 بوجود عسكري مكثف. ونشأت فيما بعد حركة وطنية تنادي بسيادة البنميين علي القناة. ولما قادت تلك الحركة مظاهرات إحتجاج علي الهيمنة الأمريكية إلي الميناء عام 1964 , قام المارينز بقمعها ومات فيها ثلاثين من المتظاهرين. وتوصلت إدراة جيمي كارتر في 1977 إلي تسوية تتمثل في إتفاقية تنهي الوجود الأمريكي بعام 2000.

وفي شيلي قام الرأسماليون الأمريكيون العاملون هناك بتمويل عملية السي اّي ايه لكي تعمل علي عدم فوز سلفادور اللندي في إنتخابات 1964 , لتوجهه المعادي للهيمنة الإمريكية علي إقتصاد شيلي ونجحت في تلك العملية. إلا أنه تمّ إنتخابه في 1970 في تحالف يساري رغم سعي السي اّي ايه لإسقاطه بتمويل منافسيه. وسعي لسن قانون إصلاح زراعي وتأميم الشركات والبنوك الأمريكية. فقام رجال الأعمال الأمريكيون العاملون هناك بالضغط علي نيكسون لتغييره. فقام مستشاره لشؤون الأمن القومي , هنري كيسنجر بدفع عشرة مليون دولار لتمويل عملية إزاحته عن الحكم. وتمّ حصاره إقتصاديا وإلغاء قرض كان البنك الدولي قد وافق عليه. وإتصل عملاء السي اي ايه بعسكريين في الجيش نفذوا إنقلاب عام 1973 , وأُغتيل اللندي بقصف طائرته. وكان ذلك أول إنقلاب عسكري في شيلي خلال أكثر من أربعين عاما.

ورغم أن التدخل الأمريكي المباشر في شؤون تلك الدول كانت يتم تحت ذريعة محاربة الشيوعية , إلا أنّ الحقيقة إنما هي المصالح الإقتصادية لإنه سبق الثورة البلشفية وقيام الإتحاد السوفيتي في 1917 , كما في بنما وهندوراس. كما أنه إستمر - كما في نيكاراقوا وقرينادا - بعد ضمور الإتحاد السوفيتي وتخليه عن سياسة التوسع وطرح القلاسنوست أو الإنفتاح والإشتراكية الديمقراطية. لذا فإن الإدارة الحالية - وبهذا الإرث من الهيمنة والإستنزاف الإقتصادي لجمهوريات الموز - ستستمر في التعاون مع النظام العسكري الجديد في هندوراس لدواع إقتصادية , إذ تتوفر فيها معادن الذهب والحديد والنحاس والإثمِد بالإضافة إلي الأسماك والأخشاب.





#بابكر_عباس_الأمين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النزعة العلمانية للحركة الإسلامية السودانية


المزيد.....




- جبريل في بلا قيود:الغرب تجاهل السودان بسبب تسيسه للوضع الإنس ...
- العلاقات بين إيران وإسرائيل: من -السر المعلن- في زمن الشاه إ ...
- إيرانيون يملأون شوارع طهران ويرددون -الموت لإسرائيل- بعد ساع ...
- شاهد: الإسرائيليون خائفون من نشوب حرب كبرى في المنطقة
- هل تلقيح السحب هو سبب فيضانات دبي؟ DW تتحقق
- الخارجية الروسية: انهيار الولايات المتحدة لم يعد أمرا مستحيل ...
- لأول مرة .. يريفان وباكو تتفقان على ترسيم الحدود في شمال شرق ...
- ستولتنبرغ: أوكرانيا تمتلك الحق بضرب أهداف خارج أراضيها
- فضائح متتالية في البرلمان البريطاني تهز ثقة الناخبين في المم ...
- قتيلان في اقتحام القوات الإسرائيلية مخيم نور شمس في طولكرم ش ...


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - بابكر عباس الأمين - النِفاق الأمريكي بشأن الديمقراطية في هندوراس وجمهوريات الموز