أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - قصة:المعاق وصلوات شلومو















المزيد.....

قصة:المعاق وصلوات شلومو


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 3209 - 2010 / 12 / 8 - 01:30
المحور: الادب والفن
    


المخيم وكأن زلزالا قد هرسه فلم يبق منه الا الركام
احصائية تقول ان خمسة وثلاثين الفا من جنود وضباط جيش الاحتلال قد حاصروه.. وجربوا ضده كل انواع الاسلحة ولأنهم تعرضوا الى كمائن محكمة بين أزقته أودت بالعشرات من فرق المحتل الخاصة قرروا احضار الجرافات الامريكية العملاقة ليهرسوا المخيم على سكانه
بدأوا من المنطقة الغربية ولم يكرروا مرورهم بأزقته حيث كان اولاد المخيم يرمونه بأسلحة مصنوعة بشكل بدائي لانعدام السلاح بين ايديهم ولمحاصرة العرب لهم مما جعلهم يبتكرون اسلحتهم الخاصة ..
استدرجوا مجموعة من جنود الاحتلال الى احد البيوت الملغمة وما ان دخلت المجموعة حتى طمرها الردم الذي تطاير على أجسادهم..
لااحد يعلم ما يجري في هذا المخيم الذي اغلب سكانه من مدينة حيفا وقراها الطيرة وبلد الشيخ.. كان اهله يرسلون الاستشهاديين لقلب مجمعات العدو ويوقعون اصابات قاتلة بين صفوفه ..
كان لايفصل مخيمهم عن بلداتهم الاصلية التي تم طردهم منها الا سهل ممتد على مدى البصر تقطعه بأقل من ساعة على القدمين لتصل الى بلداتهم..مايقارب من خمسة وخمسين عاما امضوها في اوضاع مزرية في المخيمات بعيدا عن جنات يتحدثون عنها لبلداتهم في حيفا وبلداتها فهل يفسر هذا الامر هذا النشيد الاستشهادي للانتقام من المحرقة التي حشروا فيها بينما يتنعم الغزاة من عتاة الارهابيين الامريكان القادمين من بروكلين وفرنسا والمانيا وبولونيا والمغرب وغيرها ببيوتهم حيث يمنعون من ذلك بقوانين لم تعرفها البشرية عبر تاريخها الممتد من الانسان النندرتال الى العصر الحجري الى يومنا
موفق كان من اصحاب الاعاقات الذهنية ومن ذوي الاحتياجات الخاصة غادر غفلة عن اهله البيت لامر ما وهام على وجهه.. لم يكن مسموحا لأحد ان يخرج من البيت فحظر التجول عام وشامل ..فمن عشرة ايام لايحق لأحد ان يخرج و الا سيتعرض للقنص على يد جنود الاحتلال الذين يخافون من كل شيء بعد ان كبدهم المخيم وما تبقى منه من ركام عشرات القتلى.. لقد صمد اهل المخيم في وجه هذا العدو المحتل أكثر مما صمدت الجيوش العربية مجتمعة رغم انها تشفط اغلب موارد الدولة وتنفقها على التسليح والفساد وبناء الفلل لقادتها ولأجهزتها الاستخباراتية التابعة للانظمة ولم يعد لها دور سوى حماية استبداد النظام العائلي المتوارث
موفق قطع بادركاته الخاصة الزقاق الذي يسكن به.. وخرج سالما بأعجوبة وعند الحوافي الزراعية ذهب باتجاه المقبرة التي تبعد عن المخيم قليلا رآه جنود الاحتلال كانت اعاقته واضحه وحركاته تدل على مستوى ادراكه فهي واثقة وغير حذرة وتخطو مع كامل الجسد في اتجاه غير معين حتى وكأنه يمشي وهو لايعرف الى اين تسيربه قدماه صوب شلومو بسلاحه الام 16 الامريكي كانت قد تصالبت نقطة التعيين مع رأس موفق عرف شلومو انه معاق ولكنه لن يترك لامعاق ولا طفل ولا عجوز الجميع كما قال رئيس اركانهم موفاز مستهدف.. المهم العدد ان يتم قتل ستين شخصا لا على التعيين يوميا وتصعيد هذا الرقم حسب مجريات الحرب على المدنيين في مخيمات الضفة المحتلة
شلومو وهو من جيل الصابرا الذي تربى في مغتصبات فلسطين دون ان يعرف ابا او اما وحقن بكل التنميطات التي تصور له الشعب الاصلي لفلسطين كحشرات وافاعي ينبغي سحقها ..وان لافرق بين طفل ورجل اعزل ومسلح و عجوز وفدائي فجميهم كائنات لاتستحق العيش وان الرصاصة التي يصوبها الان الى جبهة موفق، فهو يتجه صوبه، انما هي رصاصة الرحمة ليخلص البشرية من حشرة ضارة لا فائدة منها معاق او طفل ليس مهما فهذا لاشيء ..دوار لا حدود له يحوم في دماغ شلومو لقد رأى بام عينيه انهم ليسوا وسخين عندما اقتحم بيوتهم للبحث عن مطلوب ولطالما تسائل على سر هذه النظافة في بيوت بين الازقة ورغم شح الامكانيات كما يبدو الا ان بيوتهم اقرب الى الوطن الدافئ منها الى الاسطبل تذكر بنيامين ونتانته وشارون وشمعون وفؤاد وايهود كانوا يسكرون ويحششون ويتعاطون ابر الكوكا بين كراكيب اغراضهم رغم انها بسعر ليس قليلا ولكن التنميط كان اقوى ان عليه ان يقتلهم والواقع هو ما تلقنه وليس ما تراه عينيه
شلومو محتار هل يصوب على القلب ام العنق ام الرأس.. الاوامر كانت على الرأس فهل هواستعجال للقتل ام رحمة للضحية.. فالرصاصة في العنق ربما تجعل الضحية تنزف والافضل في الرجلين فهو سيستغرق وقتا اطول في النزف وسيستمتع الى حين يراه قد مات ويتلبط في دمه كان هذا الاحتمال افضل له ،واراحه، فهو بعد هذا الذعر والفزع الذي يرتسم على وجهه وعلى وجه الجنود من المواجهات على اطراف المخيم وبعض ازقته الجانبية يفضل الاستمتاع باطالة مدى القتل واليوم لم يقتلوا كفاية فمن تحت الردم غير محسوبين الا حين يكشف عن جثثهم بعد مرور اسابيع من المعارك والحصار..
موفق لايدري ما يجري حوله بوعيه الطفولي لايتخيل ان احدا يستهدفه وان الناس جميعهم اخوة وطيبين لا يعرف ما يعنيه الموت بالضبط وبامكانه ان يتجول بين ازقة لمخيم غير الموجودة الان وان يغادر هذا الردم الى المزارع الفسيحة فهناك عالم يملأه بالحب والسعادة .. احس موفق بطعم الحياة ومتعتها وبدت علامات الفرح واضحة على محياه فها هو قد انطلق بعيدا عن مراقبة الاهل بعد ان مل الاصوات الهائلة التي ترميها الاسلحة الامريكية والصهيونية عليهم ..انه يتوجه الى الطرف الغربي من المخيم
شلومو حسم الامر سيوجه رصاصته الى ساقي موفق على بعد مئة متر لانه سيبول على نفسه اذا اقترب اكثر وحدث طارئ منعه من ذلك او كان مسلحا فمن يعلم فربما هؤلاء الملاعين الفلسطينية يكونوا دربوا ذوي الاحتياجات الخاصة لتنفذ بعض المهمات
اطلق رصاصته الاولى اصابت ساقه اليسرى ثم الثانية على الساق نفسها موفق مشى للحظات كما بدى لشلومو لهذا وجه رصاصته الثانية والثالثة على ساقة وقع موفق على الارض.. صرخات يائسة وحائرة وحركات بطيئة لاتدل على ان موفق فهم ما يجري له.. كانت مؤلمة على اشباه البشر الا شلومو كانت يستمتع احلام سعيدة كانت تتدفق على نهاياته العصبية قهقه وصرخ على زميله ايهود ليخبره لقد قتل حشرة وطلب منه ان يتأمل كيف تموت ببطء مضت اكثر من ربع ساعة وشلومو يتمزمز على استشهاد المعاق بلع ريقه وشكر الهه على هذا الصيد الثمين وهذا الاحساس اللذيذ الذي يصيبه بالقشعريرة
.......................
لييج - بلجيكا
كانون الاول - 2010



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصيرة:المعاق وصلوات شلومو
- قصة قصيرة:الزاحف
- قصيدة: متفرقات متبخرة
- الاصولية -العلمانية والمسيحانية والاسلامية في خرج الاستقطاب ...
- العرض المسرحي لكونسرفتوار بروكسل لأنيت برود كوم:نثر واشعار م ...
- قصيدة:تشكيل الدلالة
- قصيدة:الضحايا واستدراج المكان
- قصيدة: امة مستعبدة مضجرة
- قصيدة:انوثة استثنائية
- مقطع من رواية:الشبح الشيوعي..الجزء الأول
- قصة :القناصة
- ندوة الاعلام الاوروبي والصراع العربي – الصهيوني:فضائح عناوين ...
- قصيدة: مضاجعتكِ المزهرة على لوحاتي التشكيلية
- قصة :الجثمان الحي
- قصة غير واقعية:الخطيبة
- قصة غير واقعية:الصورة
- محاضرة جريئة قدمها الصحافي ابو بكر الجامعي في جامعة لييج الب ...
- قصة غير اقعية: الكلب الجديد
- قصيدة :صبية مطلية بالابداع
- قصيدة: مقامات عناقكِ العسلي


المزيد.....




- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟
- بوتين: من يتحدث عن إلغاء الثقافة الروسية هم فقط عديمو الذكاء ...
- -كنوز هوليوود-.. بيع باب فيلم -تايتانيك- المثير للجدل بمبلغ ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد صالح سلوم - قصة:المعاق وصلوات شلومو