|
العام الهجري الجديد
راغب الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 3208 - 2010 / 12 / 7 - 18:30
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في البداية لا بد من التهنئة لكل أبناء الأمة الإسلامية ، وهي تهنئة موصولة وخاصة لأبناء شعبنا العراقي ، وأقول : إننا نستقبل العام الهجري في العادة بالبكاء والنحيب ونزيد ، وحجتنا دائماً في ذلك الجو الجنائزي هو إستشهاد الإمام الحسين – ع - . والحق أقول إن الحزن على الحسين واجب بإعتباره قيمة إنسانية ، وما كان يمثله هذا الثائر العظيم في نهضته وفي تصديه لقوى الظلم والفساد في زمانه ، أقول : إن الحزن على الحسين شيء وهذه المظاهر الكذابة الجديدة شيء أخر ، والتفريق بين ذلك إنما هو تفريق بين ما يطلبه الحسين وما قام هو من أجله ، وبين ما نقوم به نحن من ضرب السلاسل والسكاكين و القامات وشق الجيوب ولطم الخدود . الحسين عليه السلام لم يكن يريد منا ذلك ولم تكن ثورته كذلك ، ولو كان ذلك كذلك لفقد الحسين قيمته وبريقه ، بل كان يريد منا التأسي بالمنهج الصحيح الذي أختطه ، من خلال الدعوة لكي نعيش القيم من غير شعارات ، ونعيش الحياة من غير خداع وتضليل ، الحسين كان يطلب وهو كذلك ان تكون القيم والمثل والأخلاق هي الهدف ، وكان يريد للعدالة ان تعيش في الواقع ، وكان يريد للإصلاح ان يتحرك في ساحة العمل . إذن فهو كان حرباً على الفساد ، وعلى الكذب ، وعلى الرشوة ، وعلى تعمد إفقار الناس ، وعلى التنعم بالخيرات من غير وجه حق ، وترك عباد الله يعيشون الضيم والفقر والفاقة ، كما إن الحزن على الحسين في صورته التي يمارسها الناس في العراق اليوم هو خلاف للشريعة وللدين ، ذلك لأن الحسين في ثورته وفي شهادته مع الخالدين في جنة النعيم ، ولكي نستذكر الحسين علينا ان نستذكر تلك القيم وتلك المبادئ التي عاش من أجلها وضحى من أجلها ، والحزن الحقيقي منا يجب ان يكون على حياتنا التي يتلاعب بها الصبيان من فئة ساسي هذا الزمان ، والحزن الحقيقي على العراق الذي فقد هويته وفقد كرامته وليس فيه من أحد يمكن ان نقول إنه يعيش بكرامة ، ناهيك عن تبدد كل الآمال وضياع ذلك الحلم الذي كان يمثل قيم الناس في العدل والحرية والسلام ، والحزن الحقيقي يجب ان يكون على المواطن العراقي الذي لم يتغير شيء في حياته وفي معاشه بل زاد الظلم وكثُر القتل وكثُر التهجير وفُقد الأمل بالعيش الكريم ، نحزن لهذا ونحزن للتسويف الذي يمارسه سياسيو العراق في النهب والسلب وتضييع الفرص والوقت . العام الهجري وكل عاماً يأتي لا نحتفل به ولا فيه ، لأن ليس هناك ما يحتفل به بالفعل ، فالظلم هو الظلم لم يتغير ، والمحسوبيات هي نفسها ، والطمع والجشع هو هو من عهد معاوية ويزيد وإلى يومنا ، وقتلة الحسين هم قتلته اليوم ، فحرمان الشعب من أسباب الحياة هو قتل للحسين ، ومنع الناس من الحرية ومن السلام ومما هو ضروري ولازم هو قتل للحسين . وفي هذه الأيام يتبارى المرآؤون فيكثر التبذير والإسراف ، ويتنافح أهل المنابر أيهم يُبكي الناس أكثر فضاع الحسين وضاعت أهدافه ، وكلنا يعلم إن ذلك ليس من أجل مرضاة الله ، بل هو طاعة للهوى والشيطان هو للتباهي والتفاخر الجاهلي المنبوذ والمكروه ، وحبذا لوكان السخاء والجود في كل أيام السنة ، وحبذا لو كانت المرجعية ترى وتشاهد ، كيف يعيش سكان ماحول كربلاء والنجف ولانقول البصرة والناصرية ؟؟ ، نساء في أكوام القمامة يبحثن عما يعيلهن ويعيل عيالهن ، هذا ليس كلاماً في الهواء ولا هو كلام عاطفي بل هي مشاهد تعرضها شاشات التلفزيون العراقية . أقول : إن رعاية هؤلاء المعوزين خير من كل هذه البهرجة والأعمال الكذابة ، وسد رمقهم وحفظ كرامتهم خير لمن يريد الخير بالفعل ، وخير لمن يريد مرضاة الله أو إنتهاج نهج الحسين حقاً ، كل ماهو مطلوب وكل ماهو واجب في هذا الشأن رفع الحيف والمعانات عن هؤلاء التعساء . أقول : إن من يريد ان يحزن على الحسين فليحزن على هؤلاء الذين أتعبهم الضيم والضنك والضيق ، على هؤلاء الذين لا يجدون قوت يومهم ، ويكفي خداع الناس وتضليلهم فالحسين ليس شعاراً سياسياً يتعيش به المنافقون والدجالون ، ولتنته جوقة المطبلين والمزيفين المترفين الذين يبذرون في غير وجه حق ، و بئس العمل ذاك الذي لا يصون العرض ولا يحمي الكرامة ولا يسد أفواه الفقراء من الطلب والسؤال .. وكل عام وأنتم بخير
#راغب_الركابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الليبرالية الديمقراطية في مواجهة الطائفية والعنصرية
-
القرآن والمرأة
-
الليبرالية طريقنا للنجاة
-
حاجتنا لتشكيل نظام الأقاليم العراقية الثلاث
-
ماذا بعد تقرير ويلتكس
-
العراق بين خيارين
-
الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة
-
الإسراء والمعراج بين الوهم والحقيقة
-
مأزق الديمقراطية في العراق 2
-
معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية
-
ماذا تريد تركيا ؟
-
مابين الليبرالية والرأسمالية من تفاوت
-
الليبرالية في الفكر النبوي
-
شركاء يتقاسمون الخراب
-
كيف نفهم الليبرالية ؟
-
قول على قول
-
الليبرالية والحكومة القوية
-
واحد آيار عيد العمال العالمي
-
الحل في طهران لا في بغداد
-
إنتخابات الخارج ومشكل الوطنية
المزيد.....
-
هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
-
اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة
...
-
خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض
...
-
تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل
...
-
“toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة
...
-
فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات
...
-
“العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج
...
-
الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق
...
-
أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم
...
المزيد.....
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
-
سورة الكهف كلب أم ملاك
/ جدو دبريل
-
تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل
...
/ عبد المجيد حمدان
-
جيوسياسة الانقسامات الدينية
/ مرزوق الحلالي
-
خطة الله
/ ضو ابو السعود
المزيد.....
|