أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - راغب الركابي - مأزق الديمقراطية في العراق 2















المزيد.....

مأزق الديمقراطية في العراق 2


راغب الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 3051 - 2010 / 7 / 2 - 19:28
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ثمة حقيقة لا يمكن نكرانها أو القفز عليها دون التأكيد عليها ، ألاّ وهي : إن العراق بفضل الديمقراطية غدى مختلفاً !! فهذا العراق المختلف لم يذق طعم وحلاوة الديمقراطية ولم يشعر بقيمتها واهميتها ، لأنه مع الأسف ضاعت هويته وأنسلخ عن عالمه من خلالها ، ولم يبق منه غير مجموعة حجر وتراب وذكريات ، نعم كان يمكن للعراق ان يكون متقدماً بها ، وكان يمكن للإنتخابات ان تكون المظهر الذي يعبر عن حقيقتها وجوهرها ، وكان يمكن معها تبيان وإظهار هوية العراق الجديد من غير تشويه ، وكان يمكن لها ان تعبر عن نهاية الماضي بكل مايعنيه من أستبداد وظلم ، كان يمكن لها أن تكون البداية الموعودة لعصر النهضة والبناء ، كان يمكن ان تكون كذلك!!

لولا إن الجميع قد مارسها من غير قيم ومن غير وعي ومن غير ثقافة ، فصارت طريقاً للمناصب وللمقامات وللمظاهر الكذابه ، وانساق البعض بعيداً معها وراء أوهامه وأحلامه وطموحاته ، ناسياً مايعانيه العراق من طول التجارب وقسوة المعانات وسلسلة الهزايم والإنكسارات والوجع والألم ، هذا العراق كان يحلم نعم يحلم بمن يوفر له الحياة من غير كدورة ، حياة يشعر فيها إنه لازال حياً كائناً موجوداً يمارس طقوسه وعمله من غير ملاله .

الديمقراطية كما هي في الوعي الجماهيري ثقافة وسلوك إجتماعي حضاري وتربية أخلاقية وشعور ومسؤولية وطنية ، إنها قيم في الحياة الحرة التي ترفع من مستوى الوعي السياسي والإجتماعي لدى الجميع ، وتنمي لديهم قوة الشعور بالواجب الوطني والمسؤولية الوطنية ، فالديمقراطية لاتكون كذلك إذا أقتصر دورها في الحياة على التضليل والوهم والخديعة والكلام الذي لا يحمل في جوهره معنى نبيل وإيجابي ، والديمقراطية لا تكون كذلك إن لم تعبر عن الضمير بصدق ، وهي لاتكون كذلك إن لم تكن الضامن لحماية الناس من التعدي والخوف والجهل ، ولم تطلق فيهم روح المبادرة والخلاقية ، ولم تنطلق معهم لخلق أسس سليمة للحياة السياسية والإجتماعية ، فالديمقراطية ليست سلعة أو تجارة ينتفع بها نفر من الناس دون سواهم ، فالديمقراطية مهمتها القضاء على أسلوب العمل السياسي والإجتماعي البالي القديم ، و تحرير الذهن من عقلية الماضي وطريقة الإستحواذ على السلطة ، فهي نظام حياة طبيعي مغاير ومناقض للدكتاتورية والإستبداد والتفرد ، وهي روح كل الجماهير الممتلئة حب وتضحية ، وهي لذلك تتميز عن غيرها من النظم السياسية والإجتماعية .


ولكن رُب قائل يقول : ان الديمقراطية بالنسبة للكثير من أبناء الشعب العراقي قد فقدت معناها وقيمها ، وصارت عبارة عن مجرد شعارات وتزييف وتضييع للجهد والوقت ،

وأقول : نعم هذا صحيح بلحاظ الواقع الأليم والقاسي الذي يمر به الشعب العراقي والإستخدام السيء للديمقراطية من البعض ، لكن الديمقراطية في حقيقتها وجوهرها قيمة عظيمة تتجلى حين يعيشها ويمارسها الشعب بكيانه ووجدانه بصدق وصفاء ، وحين يتعرف على ثقافتها وآلياتها ووسائل إنتاجها وحركيتها وأنساقها في الحياة يشعر بأنها الضامن له ولمستقبله في ظل التدافع والفوضى واللانظام ، وحين يتسلل هذا الفهم لدى العامة وتُساوى بالدكتاتورية فالشعور هذا لدى المواطن مرتبط بالأفعال السيئة للحكام الجدد الذين ربطوا معناها في السلوك و الممارسة بنفس الطريقة التي كانت سائدة أيام النظام الدكتاتوري البائد .

فالديمقراطية كما نفهمها هي الضمان للتقدم وللحرية وللحياة الكريمة ، لأنها تعني عندنا حكم الشعب لنفسه عبر الإنتخابات الحرة ، كما لا يجب ان يكون الحكم على الديمقراطية من خلال سلوك سياسي العهد الجديد الغير متعلمين والغير مثقفين والمشبعين سلوكياً بالمذهب العتيق لمفهوم السلطة والحكم ، نعم لم نكن نحلم بديمقراطية متسعة كما هي في الغرب لكننا كنا نطمح ليكون إنساننا يشعر بمعنى الحرية وبمن يكون مؤهلاً لإدارة السلطة ، ولذلك وقفنا موقفاً إيجابياً منها منذ البداية ظانين إنها البداية الحسنة حين تمظهرت في الإنتخابات ، لكن هذا الظن وهذا الفعل لم يكن كافياً طالما إن الفاعل فيها لا يحترم رأي الشعب وحكم الإنتخابات وماتؤدي إليه ، ونحن نعتقد إن النكسة والمأزق الذي واجه الديمقراطية هو ذلك العقل السياسي العراقي الغير مُحرر من ذهنية الماضي وإسقاطاتها ، ولكي يتم ذلك لابد من خلق ثقافة ديمقراطية عالية ووعي إجتماعي يؤهل للدخول الفعلي بحركة الديمقراطية وقيمها ، كما يجب التذكير بهذه الحقيقة إن الديمقراطية التي نشأت في العراق إنما جاءت مصادفة ولم تأتي عن طريق التحرر والفعل الشعبي ، ولكنها مع ذلك جاءت مستجيبة وملبية لرغبة الشعب وما كان ينتظره من إنعتاق وتحرر من سلطة الحزب الواحد والرجل الواحد ، فكانت هي بمثابة الشرط الضروري لتقدم وتطور الشعب كما كانت هي الشرط اللازم لحيويته وفعله الموجب في الحياة .


ويجب ان لا يغرب عن البال إن مايتعرض له العراق اليوم من كارثة إنما كانت وتكون بفعل الكلام والشعارات التي يتغنى بها السياسيون الجدد وأعوانهم المنتفعون ، الذين تنكروا لمعانيها الإيجابية الرفيعة مما سهل الوقوع في الكارثة التي مهدت للإخفاق الشعبي هذا والذي يمثل الخطر الحقيقي على العراق وعلى شعبه ، أكثر بكثير من خطر الأرهابيين والقاعدة والفرق السائبة التي تقتل من غير رحمة ، كما يجب التذكير بهذه الحقيقة إن الكثير من أبناء الشعب اليوم يقفوا موقفاً سلبياً من هذه الخروقات والتجاوزات التي تحصل ضد الديمقراطية ومشروعها ، وهو موقف يعبر تارة عن حجج يروجها المنتفعون كالخوف من العودة إلى أحضان النظام السابق ، وتارة يكون من خلال التطبيل للخطر القادم من وراء الحدود ، وتارة بتخويف الناس من خطر الوقوع في الحرب الأهلية الدينية وهكذا ، والحق ان اللوم في تآكل ونهاية عصر الديمقراطية في العراق يقع على أولئك الذين شوهو معنى الديمقراطية ومسخوها طوال السنوات السبع الأخيرة ، وإذا تعرضت الديمقراطية للخطر اليوم فالمسؤولية تقع على أبطالها الجدد الزائفين الذين حولوها عن مسارها الصحيح ، وقرنوها بالدكتاتورية والأستبداد والظلم والخيانة والإرتماء بأحضان دول الجوار الفاسدة ، ونسوا إنهم لم يكن ليصلوا إلى ما وصلوا إليه لولا الديمقراطية ومنهجها في الحكم ، إن الديمقراطية جاءت ووفدت لتحرير الإنسان العراقي من هيمنة الأستبداد وتحريره من الظلم جاءت لتكون له الضمان لمستقبله ومستقبل أجياله ، ولم تأتي لتكون سيفاً جديداً يجرد الشعب من كرامته وحريته وإنسانيته ...



#راغب_الركابي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية
- ماذا تريد تركيا ؟
- مابين الليبرالية والرأسمالية من تفاوت
- الليبرالية في الفكر النبوي
- شركاء يتقاسمون الخراب
- كيف نفهم الليبرالية ؟
- قول على قول
- الليبرالية والحكومة القوية
- واحد آيار عيد العمال العالمي
- الحل في طهران لا في بغداد
- إنتخابات الخارج ومشكل الوطنية
- المثيولوجيا والدين 2
- قول في الإجتثاث
- قراءة في كتاب نقد العقل الإسلامي
- بعض من الأخبار المزيفة في قضايا وقعة كربلاء
- الوحدة الإسلامية كما يرآها الشيخ المنتظري
- دراسة موجزة في الفكر السياسي للآستاذ المعظم آية الله الشيخ ا ...
- العراق بين إحتلالين
- الشخصية الليبرالية ج1
- عيسى المسيح وأمه مريم


المزيد.....




- شاهد لحظة إضرام رجل النار داخل مقصورة مترو أنفاق مزدحمة بالر ...
- مقتل سيدة وإصابة 11 في قصف اسرائيلي على جنوب لبنان
- مشاهير العالم يحضرون زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز في البندقي ...
- تقرير أمني.. عمليات القرصنة السيبرانية الإيرانية بقيت محدودة ...
- بوندستاغ يقر تعليق لم شمل أسر الحاصلين على -الحماية الثانوية ...
- القضاء الإسرائيلي يرفض طلب نتنياهو إرجاء محاكمته بتهم فساد
- هل خدع الذكاء الاصطناعي الإعلام بفيديو سجن إيفين؟
- محكمة إسرائيلية ترفض طلب نتانياهو تأجيل محاكمته في قضايا فسا ...
- قمة الاتحاد الأوروبي: نواصل الضغط على روسيا بفرض عقوبات جديد ...
- حريق متعمد في مترو سول.. والسلطات الكورية توجه 160 تهمة لسبع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - راغب الركابي - مأزق الديمقراطية في العراق 2