|
الخيارات الستَّة البديلة!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3206 - 2010 / 12 / 5 - 13:43
المحور:
القضية الفلسطينية
منح الفلسطينيون والعرب (عبر لجنة مبادرة السلام العربية) إدارة الرئيس أوباما مزيداً من الوقت لعلَّ جهودها ومساعيها تنجح في حَمْل حكومة نتنياهو على تغيير مواقفها الاستيطانية بما يسمح للفلسطينيين بالعودة إلى المفاوضات المباشرة، التي، وعلى ما أوضح وأكَّد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، غير مرَّة، لن يعودوا إليها إذا لم تُوْقِف إسرائيل نشاطها الاستيطاني في الضفة الغربية، وفي القدس الشرقية على وجه الخصوص.
ولقد حدَّدت السلطة الفلسطينية ستَّة خيارات ستأخذ بها تباعاً إذا ما تأكَّد لديها (ولدى لجنة مبادرة السلام العربية) أنَّ إدارة الرئيس أوباما أخذت من الوقت ما يفيض عن الحاجة من غير أنْ تتمكن من حَمْل حكومة نتنياهو على وقف الاستيطان.
والأخذ بهذه الخيارات الستَّة، إذا ما سمحت الولايات المتحدة بهذا الفشل (المحفوف بالمخاطر) لخيار المفاوضات، إنَّما يعني أنَّ الفلسطينيين يمكن أن يحصلوا من طريقها على ما عجزوا عن الحصول عليه من طريق المفاوضات، وإنْ توقَّع بعضهم أنْ يؤدِّي التلويح بها فحسب إلى إنجاح الجهود والمساعي المبذولة لاستئناف المفاوضات المباشرة.
الخيار الأوَّل من الخيارات الستَّة، والتي ليس من بينها خيار المقاومة بالسلاح، هو دعوة الولايات المتحدة التي فشلت في حَمْل حكومة نتنياهو على وقف الاستيطان إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية في حدود الرابع من حزيران 1967.
وهذا الاعتراف إنَّما يعني إذا ما تحقَّق أنَّ الولايات المتحدة تعترف بأنَّ للفلسطينيين حقَّاً في أن يشمل إقليم دولتهم كل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران 1967، وفي أن تصبح هذه الأراضي خالية تماماً من المستوطنات والمستوطنين، وفي أن يتَّخذوا القدس الشرقية عاصمة لدولتهم.
وأحسب أنَّ دعاة هذا الخيار (من الفلسطينيين) يعلمون علم اليقين أنَّ المعجزة بعينها هي أن يلبِّي هذا الذي فشل حتى في حَمْل إسرائيل على وقف نشاطها الاستيطاني لهم هذا المطلب.
وفي الخيار الثاني الذي سيؤخذ به بعد، وبسبب، فشل الخيار الأوَّل، سيدعو الفلسطينيون (ومعهم العرب) مجلس الأمن الدولي إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية (المستقلة) في حدود الرابع من حزيران 1967، مناشدين الولايات المتحدة، في الوقت نفسه، أنْ تمتنع عن استخدام حق النقض (الفيتو).
وإنَّه لشبه معجزة أنْ تسمح الولايات المتحدة، عبر امتناعها عن استخدام الفيتو، لمجلس الأمن بأن يتَّخذ قراراً كهذا.
ولو افترضنا أنَّها سمحت، فهل من الواقعية السياسية في شيء أنْ نتوقَّع أنْ يُتَرْجَم هذا القرار بما يؤدِّي إلى إقامة هذه الدولة في زمن يقاس بالساعة السياسية؟!
الخيار الثالث هو الخيار الأكثر واقعية؛ وفيه يدعو الفلسطينيون الجمعية العمومية للأمم المتحدة إلى الاجتماع بموجب بند "التحالف من أجل السلام"، فيكتسب كل قرار يصدر عن هذا الاجتماع الصفة الإلزامية نفسها التي تتمتع بها قرارات مجلس الأمن الدولي، الذي منعته الولايات المتحدة (باستخدامها الفيتو) من الاعتراف بالدولة الفلسطينية (المستقلة) في حدود 1967.
الخيار الرابع يمكن أن يتفرَّع من الخيار الثالث، فتقرِّر الأمم المتحدة (ضمن ما تقرِّره) وضع "فلسطين"، أي كل الأراضي الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل في حرب حزيران 1967، تحت الوصاية الدولية.
إنَّ اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بموجب هذا البند، واتِّخاذها، من ثمَّ، قرارات مؤيِّدة للفلسطينيين وحقوقهم القومية (التي تتمتع بالشرعية الدولية) قد يكون أحدها وضع "فلسطين" تحت الوصاية الدولة، هو أخطر وأعظم تَحَدٍّ يمكن أن تواجهه إسرائيل والولايات المتحدة معاً.
وعلى أهمية وضرورة هذه المحاولة ينبغي للفلسطينيين إلاَّ يعلَّلوا أنفسهم بوهم أنَّ الولايات المتحدة يمكن أنْ تسمح للجهود والمساعي الفلسطينية (والعربية) المبذولة في هذا الاتِّجاه بالنجاح، فهذه المعركة الدبلوماسية والسياسية هي بميزان المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة (وإسرائيل) أُمُّ المعارك.
لقد وصفنا الخيار الثالث (ومعه الخيار الرابع الذي يمكن أن يتفرَّع منه) بأنَّه الخيار الأكثر واقعية، متوقِّعين له، في الوقت نفسه، الفشل؛ أمَّا النتيجة العملية والواقعية والنهائية لفشل الخيارات الأربعة فهي الأخذ بالخيارين الخامس والسادس، ألا وهي توقُّف الفلسطينيين عن تنفيذ الاتفاقيات الموقَّعة مع إسرائيل، وحل السلطة الفلسطينية، توصُّلاً إلى وضع إسرائيل أمام مسؤولياتها (القانونية الدولية) بصفة كونها "سلطة احتلال" في "الأراضي الفلسطينية".
السلطة الفلسطينية، وعن عمد، لم تُدْرِج خيار المقاومة على وجه العموم، والمقاومة بالسلاح على وجه الخصوص، في عداد خياراتها البديلة من خيار المفاوضات؛ لأنَّ هذا الخيار (أي خيار المقاومة) لن يكون خياراً لسلطة اتَّخَذت من حلِّ نفسها خياراً سادساً وأخيراً.
"الخيار السابع"، أي خيار المقاومة بأشكالها وصورها كافة، إنَّما هو خيار الشعب بعد حلِّ السلطة الفلسطينية لنفسها.
لقد لوَّح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بخيار حلِّ هذه السلطة، مؤكِّداً ضمناً أنَّ لإسرائيل مصلحة في عدم حلِّها، وفي بقائها، من ثمَّ، على ما هي عليه من ضعف.
وأحسب أنَّ الرئيس عباس الذي يستصعب العودة إلى المفاوضات المباشرة مع إسرائيل قبل وقفها النشاط الاستيطاني سيستصعب أكثر حل السلطة الفلسطينية؛ فإنَّ ذووي المصالح في بقائها قد يضطَّرون إلى أن يثبتوا له أنَّه أضعف من أن يَقْدِم على أمرٍ كهذا.
أمَّا إذا فشلوا في ذلك، ونجحت السلطة، من ثمَّ، في حلِّ نفسها، فإنَّ إسرائيل قد تُنفِّذ، عندئذٍ، وربَّما قبل حلِّ السلطة، "انسحاباً" أحادي الجانب من أراضٍ في الضفة الغربية، يشبه "انسحابها" من قطاع غزة، تاركةً للفلسطينيين أمر تدبير أمورهم بأنفسهم.
وهذا إنَّما يعني عملياً أنْ تُخْرِج إسرائيل جنودها ومستوطنيها من كل جزء من أراضي الضفة الغربية ليس لها مصلحة في الاحتفاظ بسيطرتها الدائمة عليه، مغلقةً كل المعابر بينها وبين تلك الأراضي، وكأنَّ ما حدث في قطاع غزة يمكن ويجب أن يكون مستقبل الضفة الغربية!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حلٌّ من طريق -تجميد- خيار المفاوضات!
-
العالم على شفير -حرب عملات-!
-
مصر تضيف -العلمانية- إلى -الديمقراطية- في انتخاباتها البرلما
...
-
أُمَّة تَنْتَحِر بسلاح التعصُّب!
-
شرط نتنياهو ولا -صفقة أوباما-!
-
مجلس نيابي يمثِّل 470 ألف مواطن!
-
كيف نفهم -سرعة الضوء-؟
-
لم أرَ انتخابات تشبه التعيين أكثر منها!
-
ما بين وزير الداخلية الأردني والفيلسوف هيجل!
-
بلفور إذ تعدَّد!
-
أخلاق انتخابية وانتخابات أخلاقية!
-
كيف تُشْرِك الشعب في الانتخابات وتقصيه عن -البرلمان-؟!
-
الانتخابات الأردنية..التحريض على المقاطعة!
-
بلفور الفلسطيني!
-
صراع رُبْع الساعة الأخير.. إسرائيلياً وفلسطينياً!
-
-القرار الفلسطيني-.. معنىً ومبْنىً!
-
فتوى جيِّدة لزمن رديء!
-
26 أيلول.. ما قبله وما بعده!
-
هل تتلاشى فلسطينية -القضية الفلسطينية- بعد تلاشي قوميتها؟!
-
-شقَّة- ليبرمان و-حَماة- عباس!
المزيد.....
-
مهرجان الصورة عمّان..حكايا عن اللجوء والحروب والبحث عن الذكر
...
-
المجلس الرئاسي الليبي يتسلم دعوة رسمية لحضور القمة العربية ف
...
-
الخارجية الروسية تحذر من شبح النازية وتقدم تقييما لوضع العال
...
-
إصابة 29 شخصا بزلزال شمال شرقي إيران
-
وزير الداخلية الإسرائيلي: المشاهد القادمة من سوريا تشير إلى
...
-
والتز يؤكد استمرار المباحثات بين موسكو وواشنطن
-
-حماس- تعلق على قرار سويسرا حظر الحركة
-
مادورو: رفع -راية النصر- على مبنى الرايخستاغ عام 1945 تحول إ
...
-
بريطانيا تبحث استخدام أموال ليبيا المجمدة لتعويض ضحايا -إرها
...
-
بريطانيا ترحب بتوقيع اتفاقية المعادن بين واشنطن وكييف
المزيد.....
-
سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية
...
/ سمير أبو مدللة
-
تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل
/ غازي الصوراني
-
حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية
/ فتحي كليب و محمود خلف
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
المزيد.....
|