أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - في نقد استراتيجية التهييج















المزيد.....

في نقد استراتيجية التهييج


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 3205 - 2010 / 12 / 4 - 02:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"في نقد استراتيجة التهييج"
(خروف
دخل البرلمان
قال:
"ماع"
فجاء الصدى:
"إج...ماع" ) . )منصف المزغني: حبات ومحبات(

أحيانا يشعر المرء في هذا البلد العميق أن القيم تتراجع بشكل مذهل، وأننا نتقدم للوراء بدل أن تتجه أقدام ثقتنا نحو الأمام، فكل ما يحيط بنا من ظروف وشروط وممارسات وأفعال وعادات ترهن وجودنا بسياقات مضادة لوجودنا وواقعنا، بل إن كثيرا منها يقود نحو قاعدة تفنيد أسباب الوجود. ومن اليسير أن نعاين مظاهر هذا التراجع على جميع المستويات الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية والثقافية، فعلى مدى عقود لم نشهد غير الانعطافات السلبية في هذه المجالات، وكل المشروعات السياسية التي داهمتنا وفرضت علينا التعامل معها على أنها وحدها القادرة على أن تنير أمامنا السبيل وترينا طريق السعادة، خابت وتهاوت إشعاعاتها لتغدو وجها لسراب لا ينتهي.إن الحقائق المزعومة التي كان يروج لها أنبياء التناوب الزائف، وشعراؤه الجوالون البراحون،فسدت تماما وبدت حقائق ميتة يستعصي إيقاظها أو بعث الروح والحياة فيها، هذا لا يعني دعم منطق الثقافة السوداء التي لا تبقي ولا تذر، وتعتزل الواقع لتلوذ بأقرب نقطة لقصفه أو زعزعة يقينياته، وإنما مجرد التفات إلى ضرورة اعتماد وإرساء معالم ثقافة نقدية تتصدى لكثير من الحقائق والوقائع لمواجهة مضاعفاتها المحتملة، بدل السقوط في مجرات ثقافة القطيع التي تضع نفسها في مهب الريح تميل حيث تميل، وتجري بما تشتهيه، وتسبح بحمد الوقت والرجال العابرين والويلات والبطولات القاتمة والمواقف المستعادة التي لا طعم لها ولا لون.
لقد وقعنا ضحية التعلق السخيف بالقشور الديموقراطية الفانية، وتعاملنا معها بمعزل عن حقيقتها وشروطها، حيث استحالت إلى محطات متقطعة من طقوس تبادل الأدوار، أسهمت الذات السياسية الجماعية الوطنية، وغير الوطنية إذا اقتضى الحال، في تشويه الممارسة الديموقراطية ولعبة التمثيليات وبالغت في إخضاعها لمنطق الوصول ومعايير الانتهازية وإشاعة الاعتقاد بأنها الطريق إلى تحقيق الوجود السياسي القائم على الامتيازات ورغبة الرسو على المواقع والبروز الاجتماعي، خاصة إذا ما انفتحت أبواب الغرفتين أمام شهواتها وأبواب المجالس المستباحة الغزيرة. وبسبب من ذلك غدت العمليات الانتخابية في تقاليدنا ممارسة ذات طبيعة استثنائية تحصل بشكل قسري وكأنها عادة سيئة مكتسبة تخلو من أية قيمة مضافة أو خبرات جديدة غير خبرات المال والجاه وفضاء التسلق المريب الذي يعزز الانسجام مع الاختيارات السياسية المفلسة التي تتداولنا، وتتحرك في أوضاع لا تدرك معالمها ولا تمتلك مفاتيح التعامل أو الإصغاء لضجيجها، وبذلك حققت الممارسة السياسية قطيعتها النهائية مع شروط وجودها أو على الأقل ساهمت في بسط هيمنة وعي زائف بحقيقة الأوضاع وانعكاساتها العاجلة أو الآجلة.
وبفعل هذا وسواه من العوامل الأخرى المختلفة، تولد لدى المواطن وعي مضاد يقوم على مبدأ فقدان الثقة في السياسة، والسياسيين والناس أجمعين، وكل ما يأتي من أحابيلها وأساطيرها التي ترسم تضاريس الأحلام البعيدة، وهذا ربما هو ما خلق الاضطراب الذي سجلته تجربة سنة 2002 الانتخابية وبعدها تجربة سنة 2007 التي كانت تعبيرا ملموسا لمجموع المواقف والانطباعات المتشابهة التي تكونت لدى شرائح عريضة من المجتمع المغربي، تأكد لديها أن اللعبة السياسية تتأسس على افتراضات خاطئة وأن رحلاتها لا تقود إلا إلى فعل إنكار جدواها وسحب البساط من تحت أقدام كل فرسانها الذين ذاعت شؤونهم وتنعدم لديهم أية طاقة على الخلق وإنجاز البطولات المحتملة.
ونتيجة لهذا فإن الإحساس المتبادل بين الجماعات السياسية هو الخوف من كساد الشعارات وانهيار أسباب وجودها، وعوامل التئامها على موائد هذا البلد العميق والاستمتاع بخيراته والاستواء على مناصبه الصغيرة والكبيرة، وهذا القاسم المشترك بينها وبين الدولة، لأن المعنى الذي جنته بدورها من التجارب المشار إليها هو أن العملية بحاجة إلى إعادة توجيه، وأن الشعب بحاجة إلى إعادة إدماج، ما دام فقدان الثقة في رموزها ورموز الجماعات السياسية التي تحضنها، بدأ يخترق حياتنا اليومية وتفاصيلها الدقيقة، وقد يبلغ مستوى السيطرة عليها وإظهارها عارية كما هي عليه حقائقها ومكائدها وشبهاتها وأشراكها وعلباتها السوداء.
ونفترض أن هذه المعطيات قادت إلى التفكير الجاد في خلق ظروف ومناخات تهييج جديدة من أجل أن يخرج المواطن من مناطق العتمة إلى مضارب الشمس، و من خط الحياد إلى خطوط التماس والانحياز، ليسهم في تأجيج الحروب والمناورات السياسية ويمنحها ألقها الشرعي، ويبدو أن الدولة وجدت معالم هذا التهييج جاهزة وفي متناول اليد، من خلال إحياء عاطفة،كي لا نقول عاصفة، الروح الوطنية التي يتم استثمارها اليوم بشكل هادر، ومن هنا يمكن أن ندرك بعمق مغزى بعض المبادرات التي طفت على السطح في كثير من المجالات، ومنها العودة إلى طرح قضية الصحراء المغربية وكأنها وليدة اللحظة الراهنة وتوزعت الأدوار لاستغلال القضية والإعداد لحالات استغراق جديدة تعود بنا لأجواء منتصف السبعينيات من القرن الماضي، حيث تتم العودة بعد خمس وثلاثين عاما وكأننا في نقطة الصفر، نبحث عن أنصار بغية اكتساب القضية وتكون الطريق سالكة مرة أخرى لترويج ثقافة الإجماع وكبح أية معالم للتمرد على المجموع أو التفكير خارجه.
إن منطقة الضوء في هذا السياق غير واضحة فالشعب المغربي على مدى خمس وثلاثين عاما ضحى بالغالي والنفيس من أجل الوحدة الترابية، وقدم كل ما بوسعه من أجل حمايتها وصونها وجعلها واقعا ملموسا لا يرتفع، لكن السياسات المنهكة التي انتهجت لم تستطع لحد الآن أن تؤثر بالحدة والفعالية المطلوبة في اتجاه إقناع الرأي العام الدولي بعدالة القضية ونهايتها، وبقوة الأمر الواقع الذي يبسط فيه المغرب سيادته على أراضيه. وأمام العجز المتراكم لهذه السياسات الذي تخفيه أضواء الإجماع غير الكاشفة، تبرز حقائق أخرى معقدة، يظهر من تجلياتها وكأن الشعب هو المسؤول عن الإخفاقات التي رعتها الدولة وسياساتها في مجال التعامل مع الوحدة الترابية وأعدائها القريبين والبعيدين، القائمين والمحتملين، ولذلك يتم الضغط في اتجاه النفخ في رماد حب الأوطان وتأجيج العصبيات الجاهلية كقوة إغراء لحفز الهمم واستنفار المواطن للانخراط الشعائري في دوامة الطواحين السياسية التي تريد أن تبني مجدها على وثنية الانتخابات. وهذا هو أحد أهداف إستراتيجية عمليات التهييج البدائية التي تمارس من أجل سوق المواطن إلى استعادة الثقة العمياء في اللعبة السياسية والدخول الأعمى في معتركها أو على الأقل تزكية ما هو سائد وترسيخه كبعد أسمى، وهي من هنا سلوك يتعمد اصطياد المواطن ليكون واحدا من الجميع شبيها للجميع، ويعمل على تعزيز وتعضيد قيم الولاءات الهجينة في مواقفه، وشحنه بحمولاتها السلبية وفورانها العجيب، وإعادة تأصيل وتثبيت عادات الخوف من السلطة في لا وعيه الفردي والجمعي.
مختصر القول إن التهييج المحاط بهالات من الأنوار وآليات التحريض الأشد اجتراحا، إنما يكشف عن نقط ضعف صادمة، وعن روح انهزامية مدمرة، وعن زيف الأفق السياسي الذي يفرض علينا في كل مرة أن ننطلق مجددا من البداية، ومهما قدم الشعب في ظله قرابينه وفداءاته، فإن أية حكومة ترعاه لن تقول أبدا: إن هذا الشعب جميل وطيب حقا.



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزارة التعليم العالي: كفايات تصنيع الامتيازات
- تعازيم الدخول السياسي
- مدونة السيف على الطرقات
- - أهل الكتاب-
- - غابة عبد الناصر-
- -أولاد عبد الواحد-
- خشب الدرويش
- هل للجمعيات حق الدعوة للإضراب؟
- وزارة التعليم العالي والتحريض على التمييز
- ترقية الأساتذة الباحثين ومأزق اللجان العلمية
- الإصلاح الجامعي الجديد ووضع العصا في العجلة
- الإصلاح الجامعي الجديد:مقاربات تقوية شهوة الإجازة
- - إكراميات- الحكومة المغربية والتصنيف الجديد للأساتذة الباحث ...
- جامعة مولاي إسماعيل .مكناس: انقلاب صغير في رأس الهرم
- وزارة التعليم العالي ولعبة التماهي
- الإصلاح الجامعي الجديد والمجازفة بمستقبل الجامعة المغربية
- مرثيات -فلاديمير- العشر
- اشتعال المرارة
- ترقية الأساتذة الباحثين وإرادة التقويض
- كلية الآداب،مكناس استقالة جماعية من مجلس المؤسسة


المزيد.....




- هل كان بحوزة الرجل الذي دخل إلى قنصلية إيران في فرنسا متفجرا ...
- إسرائيل تعلن دخول 276 شاحنة مساعدات إلى غزة الجمعة
- شاهد اللحظات الأولى بعد دخول رجل يحمل قنبلة الى قنصلية إيران ...
- قراصنة -أنونيموس- يعلنون اختراقهم قاعدة بيانات للجيش الإسرائ ...
- كيف أدّت حادثة طعن أسقف في كنيسة أشورية في سيدني إلى تصاعد ا ...
- هل يزعم الغرب أن الصين تنتج فائضا عن حاجتها بينما يشكو عماله ...
- الأزمة الإيرانية لا يجب أن تنسينا كارثة غزة – الغارديان
- مقتل 8 أشخاص وإصابة آخرين إثر هجوم صاروخي على منطقة دنيبرو ب ...
- مشاهد رائعة لثوران بركان في إيسلندا على خلفية ظاهرة الشفق ال ...
- روسيا تتوعد بالرد في حال مصادرة الغرب لأصولها المجمدة


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيدي المولودي - في نقد استراتيجية التهييج