أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل حبه - محاولات يائسة لاعادة عجلة التاريخ الى الوراء















المزيد.....

محاولات يائسة لاعادة عجلة التاريخ الى الوراء


عادل حبه

الحوار المتمدن-العدد: 961 - 2004 / 9 / 19 - 11:31
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تصاعد موجة التخريب والعنف والقتل الذي طال المئات من العراقيين في الآونة الاخيرة لها اكثر من مدلول. فقد تزامنت هذه الموجة مع التوجه الجاد نحو اقامة المؤسسات الدستورية وبناء الدولة العراقية على اسس حديثة وديمقراطية وبعيداً عن قيود التخلف والتطرف والاستبداد الذي هيمن على العراق منذ تأسيس دولته الحديثة، وخاصة في عهد التطرف القومي في العقود الاخيرة. إن القوى البائدة، ومن يدعمها من عتاة الاجرام وعملاء مافيا التطرف الديني الاجنبي وبعض الدول المحيطة، تخشى ان يشق العراق طريقه نحو الديمقراطية ودولة القانون. إن هذه القوى التي اندحرت بعد التاسع من نيسان تشعر الآن اكثر من اي وقت مضى ان لا عودة لتسلطها وممارساتها وأن الابواب تغلق الواحدة تلو الاخرى بوجهها. والدليل على ذلك هو شكل عمليات التخريب التي تتسم بالعبثية والعدمية والساعية الى تدمير الحرث والنسل. إن هذه الممارسات العدمية لا تدل على توازن سياسي بل افلاس سياسي واخلاقي تام. ان هذه الزمر تعلن بصراحة انها تستهد العراق والعراقيين ولا يهمها تحرر العراق من الوجود العسكري الخارجي ولا تريد للعراق ان يقف على رجليه ليردم الهوة التي خلفها النظام السابق وحروبه ونهبه. إن هذه القوى تدرك الآن ان لا عودة للسطو على الموارد المالية بتلك السهولة التي كانت تحصل عليها عن طريق امتهان القتل والبطش بالشعب او نهب اموال الدولة والمواطنين. كما ان هذه الزمر الطائشة اخذت تشعر بأن معالم ما يجري في العراق اخذت تتضح لدى القاصي والداني، وانكشفت لعبتها وغدت تتعرى تدريجياً وتلقى الادانة سواء من الرأي العام العراقي او اوساط واسعة من الرأي العام العربي والعالمي بإعتبارها زمر تمتهن القتل والنهب والخاوات فحسب، وليس مهمتها اخراج البلاد من ورطة الاحتلال التى سببها اسلافهم من النظام المنهار. إن الامثلة الاخيرة في الخطف والذبح والتدمير والتفخيخ لهي خير دليل على المعدن الشيطاني لهذه الزمر وعلى الشر الذي تربوا عليه وعلى تخبط افرادها.
لقد غدت هذه الزمر تدرك ان العراقيين باغلبيهم الساحقة وحتى اؤلئك المرتهون في مدن مثل الفلوجة وتلعفر اخذوا يدركون ان من جاء الى العراق من المتطرفين المتوحشين الاجانب ما هم الا موجودات عبثية غريبة متعطشة للدم والدمار وتريد تدمير العراق والفتك بشعبه، كما دمرت افغانستان وشعبها، وفرض نوع من الحكم على العراقيين يتسم بالجهالة والبربرية والتوحش وهذا ما يتعارض مع طموح العراقيين بعد ان تخلصوا من اشباه هؤلاء من امثال صدام وازلام صدام. فالعراقيون يسعون الآن الى بناء دولة القانون العصرية التي يتمتع مواطنوها بالمساواة والحرية والديمقراطية والمشاركة في السلطة وتقرير مصيرهم. إن اشد ما يرعب هذه الزمر المندحرة هو شروع العراقيين بممارسة حقهم في ادارة شؤونهم بعيداً عن القهر والوصايا والفتاوى الكاذبة.
ان نشاط هذه الزمر التدميرية العدمية ما كان لها ان تستمر لولا تلك "الحاضنة" التي خلفها لنا النظام السابق والمتمثلة في الفساد الاداري وفساد النفس لدى بعض العراقيين. إن تقليعة كسب المال بيسر وحتى وإن كان المال الحرام قد نشرها النظام السابق سعياً منه لتدمير الاسس الاخلاقية للمجتمع العراقي ومقومات المواطنة لكي يتحكم بمصير العراق وشعبه وثروته دون رقيب. وهكذا نرى في ذلك العهد البغيض ان يعمد بعض الاباء او الامهات الى الوشاية بفلذات اكبادهم من اجل الحصول على سيارة او قطعة ارض، ويقوم اخرون بكل أيات الذل امام رأس النظام وبطانته من اجل الحصول على مكرمتهم ومباركتهم. وشاعت في البلاد تدني حتى بعض القضاة والمحامين الى حد اطلاق سراح القتلة لقاء مبالغ خيالية على هدى رأس النظام حيث اطلق سراح ابنه القاتل عندما طالب بعض المزمرين العفو عن "الاستاذ عدي". ولم ينج حتى بعض من حصل على اعلى الدرجات العلمية ليلهث وراء مكرمات "القائد" في الحصول على بعض الامتيازات بحجة الكفاءة. هذه النزعة انتشرت في عهد النظام مما اشاع معها الفساد الاداري والرشوة في كل زاوية من زوايا الاجهزة الادارية العراقية بما فيها الجيش والاجهزة الامنية التي راحت تحصل على الاموال عنوة من الجنود والمدنيين اما لدفع الشر او للحصول على بعض المكاسب. هذه هي الادارة الفاسدة التي ورثها العراقيون من النظام المنهار والتي يفترض ان تقع على عاتقها حراسة وحماية المواطن العراقي الآن والتي يقوم بعض افرادها الآن بالتستر على الارهابيين او فتح المعابر الحدودية وبعدد كبير كما حدث اخيراً في تلعفر لكي يحولوها الى قاعدة للتدمير. ان مبلغ 25 الف دينار عراقي، وهو ما يساوي 20 دولار، كافية الآن لان تدفع لحارس حدودي كي يتم عبور الحدود العراقية من قبل اي فرد دون اية تأشيرة سواء كان عراقياً ام اجنبياً ارهابياً ام صدامياً. ويكفي ان تدفع نفس المبلغ الى بعض الموظفين في ادارة اصدار الجوازات العراقية الجديدة دون ان تتوفر للشخص الاوراق الضرورية للاصدار!!! ولا ندري كم من الارهابيين قد حصلوا على هذه الجوازات لكي يدخلوا العراق ويسببوا المئات من الضحايا في صفوف العراقيين من مدنيين ومن اجهزة الامن والشرطة الفتية. ومن المعلوم ان رواتب جميع الموظفين قد تضاعفت الى حد كبير منذ انهيار النظام السابق، ويفترض ان تتقلص ظاهرة الفساد والرشوة التي تعاظمت وتم تشجيعها من قبل الحكام السابقين، ولكن يبدو ان هذا "البزنس" اصبح ثقافة راسخة لدى بعض العراقيين ونهم لا ينقطع للحصول على المال الحرام والذي يؤدي ليس الى تدمير روحي في المجتمع وحسب، بل والى الفتك بالانفس والتدمير للبلد. لقد اضحت الرشوة والفساد الاداري ظاهرة تطال العديد من المؤسسات المدنية وابتلى بها حتى بعض خصوم النظام ومعارضيه مما يتطلب من المسؤولين وقفة جدية ازائها، كما يتطلب مؤسسات المجتمع المدني القيام بحملة وطنية شاملة لإجتثاث هذا الفساد الذي يعد حاضنة للارهاب والعنف وتدمير الحياة السياسية في البلاد.
ومما يشجع الارهابيين بكل الوانهم هي السياسة الامنية المرتبكة للحكومة الانتقالية. ان استخدام العنف هو احد الادوات في الحد من ظاهرة العنف، ولكنها ليست الاداة الوحيدة. فالاعلام والتنوير والصلة الدائمة بالمواطن وهمومه والشفافية وتعريف المواطن بمجريات النشاط الارهابي وعدم تضارب تصريحات المسؤولين والقدوة الحسنة للمسؤول والترفع عن الفئوية والحزبية الضيقة هي امور تزيد من ثقة المواطن بالحكومة وتعزل الفئات المعادية للشعب. كما يترتب على الحكومة اتباع منهج شامل لجذب المواطنين الى المساهمة الواسعة في ردع قوى الظلام وعدم التردد في كشف زمر القتل والتخريب وعدم تهميش المواطنين وتحويلهم الى متفرجين على هذه المأساة وضحايا لها.
ان المنظمات الارهابية العراقية منها او الاجنبية تستخدم الاعلام والترويج للارهاب بشكل فاعل. وهذا ما تفتقده الحكومة المؤقتة. فالعراقيون يلاحظون ومن على شاشة التلفزيون وجود مراسلي التلفزة الارهابية في نفس وقت اندلاع اي اشتباك او حالة تفجير مما يدل على وجود تنسيق تام بين هذه الشبكات الارهابية وبين بعض المحطات المعروفة. وتقوم هذه المنظمات الارهابية بحملة تضليل عبر بعض المحطات التلفزيونية للتغطية على افعال الارهابيين وتبريرها دون ان تجد من يكذبها او يردعها. ان العديد من هذه المحطات قامت بالترويج، على سبيل المثال، لاخبار كاذبة حول التغلغل الاسرائيلي في العراق وهو ليس له وجود كما عبر احد الصحفيين الفرنسيين الذي زار العراق وقال لم اجد اي اسرائيلي في العراق، ولكنني وجدتهم معي في فنادق العديد من العواصم العربية. وتصر احدى المذيعات العربيات في برنامج خاص على دور حملات الموساد وعملائه في اغتيال العلماء العراقيين وأساتذة الجامعات ضمن مساعي بث التشويه والبلبلة السياسية ضد الوضع الراهن في البلاد. ولكن واقع الحال يشير الى ان من يقوم بهذه الافعال هم انصار النظام السابق وعتاة الاجرام والمتطرفون الاجانب اذ يمولون ويشجعون فلول المجرمين الذين اطلق سراحهم قبل الحرب اما لدوافع الابتزاز المالي او لشل المؤسسات الجامعية وتخريب التعليم عموماً في البلاد كجزء من خطة وضعها النظام السابق الذي كان يهدد بأنه سوف يدمر العراق ويحوله الى ركام في حالة سقوط الطاغية السابق.
وتطرح على الحكومة المؤقتة مهمة شاقة تتمثل في تجفيف المصادر المالية للارهابيين. ان ما تقوم به هذه القوى الارهابية ليدل على تمتعها بقدرات مالية ضخمة. ان اهم مصادر التمويل للارهاب تأتي من الاموال الهائلة التي نهبها النظام السابق من الشعب العراقي. وهذه الاموال موزعة على مراكز بنكية ومالية ليس من الصعب على اطراف دولية نافذة ان تتعرف على مواقعها. ولقد سرقت اموال تقدر بمليارات الدولارات بعيد الحرب ونقلت من قبل ازلام النظام الى بنوك مجاورة كالاردن وسوريا ولبنان وقطر والامارات وقبرص. ومازالت حجوم كبيرة من هذه الاموال مودعة في بنوك الدول المجاورة كما ان عائلة الديكتاتور المخلوع هي الاخرى استحوذت على مبالغ كبيرة منها على شكل اسهم في شركات كبرى عالمية كتلك التي تملكها زوجة الدكتاتور المخلوع والبعض الاخر تحت تصرف عملاء الامن والاستخبارات السابقين الذين استقروا في عدد من الدول المجاورة. ونفس الامر ينطبق على الارهابيين الاجانب الذين ينفقون بسخاء على تجارة الموت والتدمير من مبالغ ترد لهم من اثرياء الارهاب في دول الخليج، مما يتطلب تعقب مصادر هذه الاموال عبر نشاط دبلوماسي مع كل دول المنطقة.
ان امام الحكومة مهمات شائكة وبالغة التعقيد في مجال مواجهة سرطان الارهاب الذي يعصف بأرواح العراقيين مما يتطلب الحزم واستكمال بناء الاجهزة الامنية من ناحية، ومن ناحية اخرى النشاط السياسي الفعال داخلياً وخارجياً لفضح هذه الزمر وفضحها وعرض رموزها على الشعب. ولا ادري سر التلكؤ في عرض الارهابيين على شاشات التلفزة والتعلل في محاكمتهم علماً ان هناك الكثير من تصريحات المسؤولين الذين يؤكدون على اعتقال اجانب في عمليات المداهمات. ولا يمكن للوضع الامني ان يستقر الا عبر تعميق الثقة عند افراد الشعب والاتكال على المواطنين في كبح هذه الزمر الشريرة والبحث عنهم. وما امام العراقيين الا ان يقوموا بدور كامل لا يعرف التردد لتعبئة مؤسسات المجتمع المدني ضمن حملة وطنية لمواجهة الارهاب الذي يعرقل كل مسيرة البلاد ويعرض الاجيال القادمة من خطر الضياع.



#عادل_حبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في مأساة الأحد الدامي
- فعلاً إنه لأمر يثير الإستغراب والعجب
- هل يعتذر الجناة للشعب العراقي و عوا ئل الالاف المؤلفة من الض ...
- لقد أخطأت الحساب ايها - الجنرال -
- تباً ولعنة على أدعياء -المقاومة- الاشرار
- انقذوا بغداد الحبيبة
- هل هي عودة الى الصفحة الاولى من الجريمة؟
- خرافة ما يسمى بالمقاومة العراقية


المزيد.....




- أمريكا تزود أوكرانيا بسلاح قوي سرًا لمواجهة روسيا.. هل يغير ...
- مقتل أربعة عمال يمنيين في هجوم بطائرة مسيرة على حقل غاز في ك ...
- ما الأسلحة التي تُقدّم لأوكرانيا ولماذا هناك نقص بها؟
- شاهد: لحظة وقوع هجوم بطائرة مسيرة استهدف حقل خور مور للغاز ف ...
- ترامب يصف كينيدي جونيور بأنه -فخ- ديمقراطي
- عباس يصل الرياض.. الرئيس الفلسطيني وزعماء دوليون يعقدون محاد ...
- -حزب الله- يستهدف مقر قيادة تابعا للواء غولاني وموقعا عسكريا ...
- كييف والمساعدات.. آخر الحزم الأمريكية
- القاهرة.. تكثيف الجهود لوقف النار بغزة
- احتجاجات الطلاب ضد حرب غزة تتمدد لأوروبا


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - عادل حبه - محاولات يائسة لاعادة عجلة التاريخ الى الوراء