أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الامبريالية والشعب الاميركيان















المزيد.....



الامبريالية والشعب الاميركيان


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 3197 - 2010 / 11 / 26 - 12:09
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك ان الحلقة المركزية في سلسلة التناقضات التي تواجهها حركة التحرر الوطني العربي، بكل فصائلها، هي التناقض بين جماهير الامة العربية وبين الامبريالية، وعلى رأسها الامبريالية الاميركية المتحالفة عضويا مع الصهيونية العالمية. ولكن الفصائل والمنظمات والتيارات التحررية المناضلة، سواء منها اليسارية الثورية او القومية او الدينية، ينبغي ان تطمح الى بناء مجتمع انساني ارقى وأفضل. ولذلك فإن على قوى التاحرير، في مواجهتها للامبريالية عموما، ينبغي ان تنطلق من منطلقات تحررية ـ انسانية، تدفع المجتمع الى الامام، والشعوب الى التآخي ونبذ الظلم، وليس من منطلقات عنصرية وشوفينية، دينية او اتنية او قومية او عرقية. وفي مواجهة الامبريالية الاميركية، العدو المركزي للامة العربية قاطبة، فإن من اهم المسائل التي ينبغي مواجهتها وحلها، هي مسألة التمييز بين الدولة الامبريالية، والنظام الامبريالي، من جهة، وبين الشعب الاميركي، من جهة ثانية. فحينما، مثلا، ترفع الجماهير الشعبية المتظاهرة، في اي بلد عربي او اسلامي، شعار "الموت لاميركا"، فهذا يعني بشكل ملموس "الموت للامبريالية الاميركية" وليس "الموت للشعب الاميركي". وفيما يلي نحاول مقاربة البحث في مسألة التمييز بين الامبريالية والشعب الاميركيين:

للرد على احداث 11 ايلول 2001، رفعت الادارة الاميركية شعار "الحرب على الارهاب"، ودعت الى تكوين "حلف دولي" يقف الى جانبها، على قاعدة "من ليس معنا فهو مع الارهاب". وهو نسخة طبق الأصل عن الشعار الاميركي السابق للحرب الباردة "من ليس معنا فهو ضدنا". واستصدرت من مجلس الامن الدولي قرارا غير محدد المعالم، تعمل لاستخدامه حسب مصالحها، كسيف مسلط فوق رؤوس جميع الدول والاطراف "غير المرضي عنها". وقد باشرت بترجمته على الارض، من جانب واحد، في الحرب الظالمة على الشعب الافغاني الفقير، بحجة الحرب على منظمة "القاعدة" وحركة "طالبان"، وبإصدار "لوائح الاتهام والتجريم" ضد ما تسميه "دولا شريرة" و"قوى ارهابية"، بما فيها المقاومة الوطنية والاسلامية المشروعة ضد الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية واللبنانية. ثم بدأت الحملة الشعواء على العراق، التي وضعت العالم فيها امام خطر حرب اقليمية جديدة، لا يمكن التنبؤ بنتائجها المدمرة على شعوب المنطقة والعالم بأسره. وهذا يعني، في الظاهر على الاقل، أن هذه الادارة لم "تعلم" ولم "تتعلم" شيئا من "اليوم الرهيب"، الا ما تريد هي أن "تعلمه" وأن "تتعلمه"، وفقط في سياق ما تريد ان تعمله. وهذا ما يفسر جزئيا عدم الكشف عن التحقيقات في ما جرى في 11 ايلول، واستخدامها انتقائيا، كذريعة لتغطية وتبرير خطوات الادارة الاميركية.
ويتضح اكثر فأكثر أن "الحلف الدولي" الذي دعت اليه الادارة الاميركية، انما هو "حلف اميركي"، مفروض حتى على أقرب حلفائها، وأن "الحرب" التي تشنها، انما هي ايضا "حرب اميركية"، مفروضة على الآخرين جميعا.
فمكافحة الارهاب ليست شأنا اميركيا وحسب، بل هي مسألة عالمية تفترض قبل كل شيء التوافق على تعريف الارهاب قانونيا وسياسيا وعسكريا، كشرط مسبق لمواجهته الشرعية المشتركة. ولكن الادارة الاميركية تعمدت التفرد في رفع شعار مكافحة الارهاب، بمفهومها الخاص، وعلى طريقتها الخاصة. وهذا يدل ان هدفها ليس مكافحة الارهاب بحد ذاته، بشكل عام، أينما كان، ومن اي طرف كان. بل انها، بتصنيف الارهاب بشكل استنسابي، واستغلال هذا الشعار لمواجهة اطراف معينة، التي تريد، وحيثما وكيفما تريد، انما تهدف الى فرض "الزعامة" الاميركية الكاملة والمطلقة على النطاق العالمي بأسره.
بمثل هذا النهج، وضعت الادارة الاميركية نفسها في جانب، و"بقية" العالم كله، "الصديق" كما "العدو"، في جانب آخر.

المسـألة المركزية!
ان هذه العنجهية تطرح للتساؤل، بحدة لم يسبق لها مثيل، مصداقية "التحالفات"، وطبيعة "الندية" و"الاستقلالية" و"الاحترام المتبادل" وما أشبه، في العلاقات بين اميركا وبين غيرها من القوى "العظمى" ودول العالمين الاول والثاني القوية والغنية. وهذه مسألة في منتهى الاهمية.
أما المسألة الاكبر، فهي التي تتعلق بالبلدان الفقيرة والضعيفة والنامية، المستعمـَرة وشبه المستعمـَرة السابقة، وفي مقدمتها البلدان العربية والاسلامية، التي لا تزال تواجه الاحتلال الاسرائيلي الغاشم، و"الانتشار!" العسكري الاميركي على اراضيها، خلف المحيطات، بعيدا آلاف الكيلومترات عن اميركا، مما يذكـّـر بقوة بـ"سياسة الاساطيل!" الاستعمارية الكلاسيكية.
فهذه البلدان هي التي تمثل الهدف الاول لهذه الهجمة الامبريالية الجديدة، لفرض استمرار ومضاعفة النهب المريع لخيراتها، وإذلال شعوبها، في ظل الجزمة العسكرية الاجنبية. والنفط والغاز الطبيعي، والخشخاش والمخدرات هي"مكافأة كبرى"، الا انها تبقى "مكافأة جزئية" وحسب، نظرا للاطماع غير المحدودة للتركيبة الامبريالية ـ الصهيونية. وقد سعت الادارة الاميركية لتأليب "الحلفاء!" معها في هذه الهجمة، مقابل بعض "الحصص" الموعودة، على ان تحتفظ هي طبعا بحصة الاسد.
ولا يكاد يحتاج الى برهان ان هذه الهجمة قد بدأت قبل 11 ايلول 2001 بسنوات. ولكن احداث ايلول 2001 الاميركية اعطت تلك الهجمة ذريعة وزخما جديدين، ورفعت من وتيرتها الى أقصى حد. وهي تتم تحت شعارات عنصرية مثل "صراع الحضارات" و"الحملة الصليبية"، جنبا الى جنب القوانين وعمليات القمع الاستثنائية ضد "أبناء الجارية"(1) في اميركا خاصة.
.......................................................
(1) "أبناء الست وأبناء الجارية"، مثل شعبي عربي يعبـّر عن استنكار التمييز بين الناس الذين، حسب التعبير القرآني، خلقهم الله سواسية كأسنان المشط. ونشير بهذا التعبير الى التدابير التمييزية ضد العرب والمسلمين وأبناء العالم الثالث المقيمين في اميركا، بمن في ذلك ضد الاميركيين من اصول عربية واسلامية.
.............................................
وفي الوضع المأساوي الذي نتج عن احداث 11 ايلول، فإن جهابذة الإعلام والستراتيجية الاميركيين وجدوا من المناسب، بالمنطق الاميركي البراغماتي المعهود، التلطي خلف جثث الضحايا البريئة، والتساؤل: لماذا يوجد مثل هذا الكره لأميركا؟
وهم يحاولون قلب الحقائق التاريخية، واتهام "الآخرين" بالتعصب، والعنصرية، والرغبة في تدمير اميركا خاصة، بدون سبب آخر، بل فقط لأنها "الأغنى" و"الافضل" و"الاكثر دمقراطية"!
وبصرف النظر عن التحدي والاستفزاز والنية العدوانية في هذا التساؤل، لا بد ان نلاحظ هنا أنه بعد انهيار المنظومة السوفياتية، وانقضاء مرحلة "الحرب الباردة" السابقة بين المعسكرين "الغربي" و"الشرقي"، حاول الستراتيجيون الاميركيون انفسهم تسويق فكرة الأحادية القطبية الاميركية "ما بعد السوفيات". ولكن هذه الهجمة الاميركية الجديدة بحد ذاتها تبين بما لا يقبل الشك ان هذه "الأحادية القطبية" ليست سوى خرافة. وإلا، لو كانت هذه الأحادية موجودة وثابتة فعلا، فلماذا هي ضرورية هذه الهجمة الاميركية!؟
واذا تجردنا جدلا عن المعايير الستراتيجية "الكلاسيكية" لتعريف "القطبية"، نجد ان شكلا جديدا من الصراع الدولي يذر قرنه. وهو يتمحور حول العلاقة المتناقضة بين "القطب" الاميركي، و"الحلفاء!" المتجرجرين وراءه، من جهة، وبين العالم العربي والاسلامي ومعه غالبية بلدان العالم الثالث، من جهة ثانية. ويتضح يوما بعد يوم ان هذه العلاقة على وجه التحديد تصبح اكثر فأكثر المسألة المركزية الاولى في العلاقات الدولية، التي يتوقف عليها من الان فصاعدا مصير العالم.
وفي ظروف بلدان العالم الثالث المظلومة والمهانة، ولا سيما البلدان العربية والاسلامية، فإن المواجهة الدولية الجديدة تطرح أمام شعوبها، بشدة لا سابق لها، مسألة الموقف من الدول الامبريالية، في "ارتباطها" مع شعوبها. وتتخذ هذه المسألة اهمية استثنائية فيما يخص الامبريالية والشعب الاميركيين.
والحركات التحررية في هذه البلدان، أيا كانت الايديولوجية الفكرية والدينية لكل منها على حدة، تقف الآن موضوعيا، جميعها بدون استثناء، امام مسؤولية تاريخية، سياسية ومبدئية، قومية وانسانية شاملة، لطرح وممارسة الاجابة عن هذه المسألة.

النظرة الانعكاسية السلبية
وهنا لا بد من الوقوف امام حقيقة تاريخية لا يمكن تجاهلها: في مجرى النضال لأجل التحرر من التسلط الاجنبي، وبنتيجة المراحل الطويلة من مختلف اشكال الظلم والاستغلال والقمع والمجازر البشعة، نشأت لدى شعوب جميع البلدان الفقيرة والمظلومة نظرة انعكاسية سلبية واسعة الانتشار، تقوم على العداء المسبق لأي بلد امبريالي، ككل، اي دولة وشعبا معا. وساعد على تكوين هذه النظرة مزيج من عاملين سلبيين هما:
الاول ـ المستوى الثقافي والسياسي "الخام" لدى قطاعات واسعة من الجماهير الشعبية. وهذه الحالة هي نتيجة طبيعية ملازمة للفقر المدقع والبؤس الاسود والأمية الواسعة. وهي كلها من "المآثر التاريخية" التي يتحمل مسؤوليتها الرئيسية حرفيا، مباشرة وغير مباشرة، "العدو الاجنبي"، بشخص الظاهرة الاستعمارية والامبريالية، التي هي أسوأ "ممثل" لـ"وطنها!" ولـ"شعبها!".
والثاني ـ الانحراف الشوفيني في الوعي السياسي لدى قطاع واسع من المعارضين والمناضلين، المثقفين وأنصاف المثقفين، من مختلف الاتجاهات والانتماءات. وهذا الانحراف ليس قبـْـليا، ناشئا عن الثقافة "العدائية!" الخاصة لتلك الشعوب، كما يدعي منظـّرو الامبريالية حول "صراع الحضارات!"، بل هو انحراف بـَعـْـدي، ناشئ تماما وبالتحديد عن التماس "اللاحضاري" الخاص بالامبريالية. وبالتالي فهو ليس نتاجا لاي حضارة كانت، شرقية او غربية، اسلامية او مسيحية الخ، بل نتيجة منطقية مفهومة للممارسة الامبريالية، كرد فعل وتعبير سلبيين عن الحقد واليأس الناشئين عن الظلم التاريخي الفظيع الذي تقوم عليه هذه الممارسة.
ان الفقر المادي، الذي يسحق اوسع الجماهير الشعبية في هذه البلدان، يشكل المادة الملتهبة الاساسية فيها. ولكن بالنسبة للانتلجنتسيا، بمن فيها بالاخص حَـمَـلـَة الايديولوجيا الدينية ذات الجذور التاريخية والشعبية العريقة والواسعة، فإن أبشع أشكال الظلم، الذي "يتجسد" في هذا الفقر المادي، هو "الظلم المعنوي والروحي"، المتمثل في امتهان وتحقير الشخصية القومية والحضارية للشعوب والجماعات الدينية والاتنية المضطهدة. ويتبدى ذلك بشكل خاص في الحملة الظالمة على الاسلام عامة والعروبة خاصة، منذ ايام بطرس الناسك، "ملهم" الحروب الصليبية، حتى "الحملة الصلبية" الجديدة للامبريالية الاميركية ـ الصهيونية.
ويتخذ "الشعور بالظلم" طابعا انفجاريا لدى هذه الفئات، عند قيامها بالمقارنة بين الماضي الحضاري والمادي لبلدانها وبين حاضرها. ففي عهود استقلالها، كانت هذه البلدان تتمتع بازدهار نسبي، واحيانا ساطع. اما في العهد الراهن فهي تتميز بالتخلف والانحطاط والتبعية، الناتجة بشكل رئيسي عن آليات التعامل معها من قبل الغرب الامبريالي، وعلى رأسه اميركا. ذلك ان الاساس الذي قام عليه هذا التعامل لم يكن حضاريا ومتوازنا، كي لا نقول عادلا، بل أنانيا ضيقا، مرائيا، عدائيا، غدريا واغتصابيا، تبلور في نظرة حاقدة واستعلائية تقوم على "مبادئ" التمييز، الديني والقومي والعنصري.
والنظرة الانعكاسية السلبية، لدى الشعوب والجماعات المظلومة تاريخيا، نحو البلدان الامبريالية، كدول وشعوب معا، بكل ما يترتب عليها من مواقف وسلوكيات، ضد المواطنين المدنيين لـتلك الدول، انما هي بالضبط ردة فعل، وصورة معكوسة عن النظرة والتعامل الامبرياليين، وتدخل ضمن نطاق "التعصب الديني المضاد" و"الشوفينية المضادة" و"العنصرية المضادة".
وتكون هذه النظرة الانعكاسية أشمل وأعمق وأبرز، بمقدار ما يبدو المجتمع المدني "المعادي!" "غير مبال"، و"لا يهتم" بشكل فعـّال لما يقع من قبل "دولته"، وباسم "قوميته" او "دينه"، ضد الشعوب والجماعات المظلومة. وتصبح هذه النظرة اكثر عدوانية، بمقدار ما يبدو هذا المجتمع، وإن في الظاهر، "مؤيدا" " و"مجندا" في السياسة العدوانية لـ"دولته".
انه لمن الضروري، لصالح الانسانية جمعاء، البحث الحقيقي عن الدوافع والقوى الفعلية الاساسية التي تقف خلف احداث 11 ايلول، التي ذهب ضحيتها ألوف المدنيين الاميركيين الابرياء. وهو ما لا يزال محاطا بسرية عميقة، وشكوك أعمق حول "تواطؤ ضمني" و"مشاركة" من قبل اجهزة ومراجع اميركية وصهيونية. حيث يرى محللون كثيرون ان الدور الفعلي لتنظيم "القاعدة" في هذه الاحداث لا يزيد عن دور "غطاء" و"ذريعة"، مما يذكر بمسرحية حريق الرايخستاغ من قبل النازيين الالمان في 1933. وقد ازدادت هذه الشكوك مع تعيين "لجنة عليا خاصة" لـ"كشف(!) غوامض" احداث 11 ايلول، برئاسة هنري كيسنجر بالذات، احد اكبر عتاة الامبرياليين الاميركيين الصهاينة.
لكن، وأيا كانت الايادي الخلفية المحركة لتلك الاحداث، والدور العربي ـ الاسلامي الفعال او "الديكوري" فيها، اذا صدق ان بعض الشبان العرب المسلمين قد اشتركوا في هذه العملية كاستشهاديين، حسب قناعاتهم، فلا يكاد يحتاج الى برهان أن الحوافز الايديولوجية، الدينية ـ السياسية، لهؤلاء الشبان، تدخل بشكل واضح في اطار مثل هذه النظرة الانعكاسية السلبية الى اميركا.
وتتبين هذه النظرة بوضوح ايضا في المظاهر العدائية التي جرت، فور وقوع المجزرة في اميركا، في بعض البلدان العربية والاسلامية، التي تقع يوميا ضحية العدوان الصهيوني ـ الاميركي. حيث قامت بعض الاوساط الشعبية ذات الوعي "الخام" ايضا، بالتعبير عفويا عن "فرحتها" و"شماتتها" بما جرى، بدون تمييز بين اميركا كشعب، واميركا كسياسة امبريالية.
وقد قام الشيخ بن لادن بـ"أدلجة" هذه النظرة الانعكاسية السلبية، بكل "ممارساتها" و"تعبيراتها"، الى حد أنه برر قتل "كل رجل اميركي"، لمجرد أنه "دافع ضرائب" لدولته، علما ان هذا "الاميركي" يمكن ان يكون "معارضا" او مسلما او من اصل عربي او افريقي او آسيوي الخ.
"الشيطان الاكبر!"
وتجد هذه النظرة السلبية انعكاسها ايضا، في الفهم "الشعبوي" السطحي لشعار "اميركا الشيطان الاكبر". وهو الفهم الذي ينزلق ايضا الى اتخاذ موقف سلبي من الشعب الاميركي نفسه، مما يدخل موضوعيا تحت مفهوم "العنصرية المضادة"، حتى ولو كان ينطلق ذاتيا من ردود فعل ومواقف أولية، معادية للظلم والعدوان والاحتلال.
واذا أجرينا مقارنة بين الموقف من الدولة الاميركية، ومن غيرها من الدول الامبريالية الكلاسيكية، نجد ان الوعي التحرري اللاعنصري، في بلدان "العالم الثالث" ظل "قاصرا" نسبيا، و"أضعف"، و"اكثر عدائية"، في ما يخص النظرة الشعبية العامة الى هذه الدولة. والسبب في ذلك هو وجود انطباع عائم واسع الانتشار حول نشوء وتكوين الدولة الاميركية يمكن تلخيصه بما يلي:
1 ـ إن اميركا "الجديدة!" نشأت من الاساس كدولة استعمارية استيطانية ـ اغتصابية، عن طريق قتل السكان الاصليين، والاستيلاء على اراضيهم، وجلب الافارقة للعمل فيها كعبيد في خدمة "السيد الابيض".
2 ـ إن ظاهرة الاستعمار والامبريالية هي الأصل في وجود، واستمرار وجود، الدولة الاميركية المعاصرة.
واذا كانت كل دولة امبريالية واستعمارية اخرى لها تاريخ انساني عريق، تظهر فيه ظاهرة الاستعمار والامبريالية كمرحلة جزئية وعارضة، فإنه لا تاريخ انساني حقيقي للدولة الاميركية خارج تاريخ الظاهرة الاستعمارية والامبريالية.
3 ـ إن "الحضارية الاميركية" هي "حضارية" تقنية ـ براغماتية، تفتقد السبب الاساسي لوجود الحضارة، وهو جوهرها وغائيتها الانسانيين. وبالتالي فهي ظاهرة "حضارية" ادواتية، استعمالية، قد تخدم وقد لا تخدم الحضارة الانسانية الحقيقية العامة. وحتى هذا التاريخ، فإن "الحضارية الاميركية" لا تزال تخضع للجوهر "الاصلي" لوجود الدولة الاميركية، اي استعماريتها وامبرياليتها.
من زاوية النظر هذه، تبدو الدولة الاميركية وكأنها دولة فاقدة للشرعية الوطنية الخاصة التي تمتلكها الدول الامبريالية الاخرى، اي تبدو كـ"اسرائيل كبرى" نموذجية، محققة فعلا، فقط على قاعدة الاغتصاب والابادة والاستعباد والاستعمار. بحيث تبدو اسرائيل ذاتها بصورة تكرار قزمي تراجي ـ كوميدي، لاضخم "تراجيديا قومية" في تاريخ الانسانية، التي تمثلها التراجيديا الاميركية. ولـ"الأسف" أن السياسة الخارجية الاميركية، مأخوذة بمجملها، وكامتداد لـتاريخها الاستعماري ـ العنصري "الداخلي"، تعزز باستمرار هذا الانطباع.
وفي بعد نفسي ـ تاريخي، يقدم هذا تفسيرا إضافيا لتمسك الطغمة الاميركية العليا باسرائيل. فهناك دوما "حبل سُـرّي" بين المصالح المشتركة والمتبادلة، والادعاءات "الدينية" او "القومية" الغيبية، لدى مختلف القوى العنصرية، التوسعية والتسلطية.
واللون الابيض لا يبرئ العنصريين الانكلو ـ ساكسون "الاميركيين!" ولا يعطيهم اي امتياز فوق ـ انساني. بل على العكس. فهم ليس فقط لا يشذون عن "القاعدة" الاستعمارية ـ العنصرية المشتركة، بل اكتسبوا "عن جدارة" مكانة "المعادل العام" لهذه "القاعدة". وفي دفاعهم اللامنطقي عن الصهيونية واغتصاب فلسطين، فإن هؤلاء العنصريين "الاميركيين" انما يجسدون عقلهم الباطن، الذي يدفعهم غريزيا ومصلحيا لتبرير عنصريتهم الخاصة، واغتصاب اميركا ذاتها، عبر تبرير ودعم كل عنصرية ـ اغتصابية اخرى "صديقة" لهم.
الطريق الخطأ!
ولكن بالرغم مما في هذا كله من أساس واقعي لخطأ التقديرات، ومع الاعتراف بخصوصية نشأة أميركا ـ الدولة، من ضمن الفوارق الموضوعية بين مختلف الظاهرات الاستعمارية والامبريالية، فإن المفهوم السطحي، "العنصري المضاد"، حيال الشعب الاميركي، لا يستند الا الى بعد واحد من تكوين الدولة الاميركية، هو تحديدا البعد الاستعماري والامبريالي. وهو لذلك مفهوم مجتزأ وناقص. وبهذا العيب التأسيسي، فهو يفسح المجال واسعا للخطأ.
والتجربة التاريخية تثبت ان مواجهة العنصرية الاساسية والأصلية، أي الامبريالية، لا يمكن ان يكون عن طريق "العنصرية المضادة". ففي الحساب الاخير لن يقود هذا الطريق الا الى:
1ـ تشويه وجه الحركات المناضلة، وتسهيل وصف النضال الوطني والشعبي المشروع ضد المعتدي والعدو الغاصب، بغير حقيقته، وإظهاره بمظهر صراع "حضاري"، "ديني"، "قومي"، "عنصري" الخ، "متساو في العدوانية" من قبل الطرفين. والتفسير الاعتباطي وحيد الجانب لمفهوم "الارهاب"، هو دليل صارخ على ذلك.
2ـ توفير الذرائع للعنصرية الاصلية، الامبريالية، في حال قوتها، لتبرير نفسها ، وتشديد قبضتها وعملياتها "الانتقامية" و"التأديبية".
3ـ تحفيز هذه العنصرية الاصلية، في حال ضعفها، لـ"تطوير" نفسها، وتقديم "التنازلات"، وايجاد "الحلول الوسط"، تمهيدا لـ"التفاهم" مع العنصرية "الانعكاسية", أي "العنصرية المضادة"، من موقع استتباع الاخيرة للاستعمار الجديد والامبريالية المتجددة باستمرار.

التواعي المترابط
ولكن من خلال تراكم التجربة التاريخية، فإن عددا متزايدا من حركات التحرير المنظمة، وقطاعات متسعة من الجماهير الشعبية المناضلة، في البلدان المظلومة، أخذت منذ زمن طويل تميز بين سياسة الدولة، وبين الشعوب في البلدان الامبريالية. ويتم ذلك في مجرى العملية التاريخية، المترابطة والمتواصلة، لبلورة وعي الجماهير والمنظمات المناضلة، في البلدان الظالمة والمظلومة على السواء. حيث ان ارتفاع مستوى الوعي لدى كل فئة، ينعكس ويؤثر في وعي الفئة الاخرى، ويسهم في رفعه. ويمكن ان نسمي هذه العملية: التداعي المتبادل للوعي المترابط لشعوب تلك البلدان. او، بتعبير لغوي عربي بسيط: التواعي المترابط لهذه الشعوب.
وقد تجلى هذا النضج التاريخي، في وعي القوى والجماهير الشعبية المناضلة، في مختلف البلدان الظالمة والمظلومة، وإن بنسب متفاوتة، تبعا للظروف المحددة. وفي هذه العملية، فإن النضال التحرري للشعوب المظلومة يضطلع بدور رئيسي في إيقاظ شعوب البلدان الظالمة وتوعيتها على حقيقة الصراعات القائمة، وعلى دور السلبية في "السماح" بوجود واستمرار الظلم، الذي يبدأ بها هي ذاتها، قبل ان ينتقل الى الشعوب المظلومة. كما ان نضال المعارضة التقدمية والشعبية في البلدان الظالمة، وتضامنها مع الشعوب المظلومة، لهما دور مهم جدا في رفع مستوى الوعي الشمولي وأساليب نضال هذه الشعوب، مما يسهم في تأكيد عدالة وحضارية قضيتها، وفي تحريرها.
ونسوق على ذلك ثلاثة أمثلة تاريخية:
1 ـ معارضة الحركات الشعبية والمثقفين في اميركا، للحرب الظالمة على فيتنام. وكان لذلك دور هام في فضح وهزيمة الغزو الاميركي لتلك البلاد، ومن ثم نشوء ما يسمى "عقدة فيتنام". كما كان لـه دور لا يقل اهمية في التأسيس لنظرة فيتنامية انسانية الى المجتمع المدني الاميركي.
2ـ تلاقي الكفاح الوطني للجماهير الافريقية ، مع تطلعات القوى التقدمية والانسانية في "مجتمع البيض" في افريقيا الجنوبية ، لإسقاط نظام التمييز العنصري البشع، الذي كان يسمى "الابارتيد". وهذا ما اتاح الفرصة التاريخية لتحرير "مجتمع السود" من التمييز، وفي الوقت ذاته لم يؤد الى طرد "الجماعة البيضاء"، بل الى استمرار وجود غالبيتها في البلاد، على قاعدة الانتماء الوطني ـ الانساني. وعلى هذا الاساس قامت في هذه البلاد دولة وطنية موحدة، مستقلة ودمقراطية، على انقاض الدولة العنصرية السابقة.
3ـ المعارضة "الشعبية الاسرائيلية" الواسعة للاجتياح الصهيوني للبنان سنة 1982. وهذا ما أسهم موضوعيا في الارتفاع بمستوى فهم الطابع السياسي والستراتيجي للصراع، ومستوى الممارسة القتالية للمقاومة الوطنية والاسلامية للاحتلال. وقد تبدى ذلك بالاخص في ضبط النفس وتجنب، الى اقصى حد ممكن، تعريض المدنيين الاسرائيليين لردود الفعل، بالرغم من كل الارتكابات الوحشية التي قام بها المحتلون ضد البنية التحتية الحياتية وضد المدنيين اللبنانيين واللاجئين الفلسطينيين البائسين في لبنان. وهذا التباين في اساليب المواجهة، بين المقاومة اللبنانية وبين الفاشية الاسرائيلية، اسهم من جهته في "تعرية" أكبر للاحتلال الاسرائيلي، داخل اسرائيل بالذات، مما عجل في هزيمته التاريخية في لبنان.

"الشمشونية الفلسطينية"
ولا بد هنا من التوقف قليلا عند تجربة الكفاح ضد اسرائيل، وبعض "الادوات اللغوية" التي أفرزتها، أخذا بالاعتبار:
اولا، الاهمية الدولية المباشرة لهذه التجربة، نظرا للارتباط العضوي بين المواجهة الاقليمية الفلسطينية والعربية مع اسرائيل، والمواجهة العالمية عامة، والعربية والاسلامية خاصة، مع الامبريالية الاميركية والصهيونية.
ثانيا، تعرض المقاومة الوطنية الفلسطينية خاصة، وحركات التحرير العربية والاسلامية عامة، للافتراءات المتواصلة من قبل آلة الكذب الجهنمية، الاميركية ـ الصهيونية. وهو ما تفاقم بشكل خاص بعد احداث 11 ايلول 2001، ولا سيما باستغلال التشابه "الشكلي" بين العمليات الاستشهادية ضد اسرائيل، وما اشيع عن العمليات في اميركا، وهو تشابه ربما كان صُـدفويا، وربما كان مفتعلا ومقصودا بحد ذاته، لتسعير العداء ضد الشعوب العربية والاسلامية عموما، ولتشويه وضرب المقاومة الفلسطينية والعربية والاسلامية ضد اسرائيل، خصوصا.
فمنذ اكثر من ستين سنة وفلسطين ترزح تحت احتلال استعماري اجنبي غاصب، وشعب المسيح يصلب كل يوم على أيدي النازيين الجدد ـ الصهاينة، بدعم كلي من الامبريالية الاميركية. والمجتمع الدولي لا يزال عاجزا عن وقف هذه الجريمة المستمرة بحق الانسانية. وأصوات السلام في المجتمع الاسرائيلي لا تزال ضعيفة جدا نسبيا، امام الصوت العنصري البشع الطاغي حتى الآن على هذا المجتمع، في ما يشبه الوضع في المجتمع الالماني ايام النازية.
وهذا الوضع المأساوي المتفاقم يدفع قطاعات شعبية وسياسية واسعة، اسلامية وعلمانية، يمينية ويسارية، قطرية وقومية، تقدمية ومحافظة، الى اليأس من امكانية التوصل الى تحقيق ادنى متوجبات العدالة الانسانية، بالاعتماد فقط على طرق النضال الكلاسيكية، وعبر قنوات الشرعية الدولية. وكانت النتيجة المنطقية لذلك تبني خط العمليات الاستشهادية. ومنذ وقت طويل نسبيا، أقر الجزارون الاسرائيليون، "الانسانيون" جدا، بعجزهم عن مقاومة هذا الاسلوب النضالي، الذي سبق وولد في مقاومة الاحتلال في لبنان، والذي وصفوه بـ"الجنون"، لانه ـ حسب توصيفاتهم ـ لا شيء يمكن ان يوقف "مجنونا يطلب موته".
وتسمي الصحافة المغرضة والسطحية، في اسرائيل والغرب الامبريالي، العمليات الاستشهادية بأنها ارهابية و"انتحارية". وهذا "التفسير" المحرَّف، يقدم "خدمة سيئة" للجمهور الاسرائيلي والغربي المعني، لأنه يخفي عنه الحقيقة الموضوعية، ويعيقه في عملية اجراء تقييمه المستقل والعقلاني للاوضاع. ذلك انه يوجد تناقض تام بين مفهومي العملية الاستشهادية والانتحار، على غرار التناقض بين المفاهيم الخاصة بالعديد من "الادوات اللغوية المتجاورة" الاخرى، مثل الصراحة والوقاحة، البطولة والاجرام الخ.
فالعملية الاستشهادية ضد المستعمرين والمحتلين تشبه الانتحار شكليا وحسب، ولكنها ـ في الحافز وطريقة الممارسة والهدف ـ لا علاقة لها من قريب او بعيد بمفهوم الانتحار، بل هي تختلف عنه جذريا في كل الابعاد: نفسيا، اخلاقيا ودينيا، سياسيا واجتماعيا، طريقة العنف الممارس وعسكريا. وهذه العملية هي عملية نضالية وقتالية خاصة، بكل معنى الكلمة.
والقائمون بهذا "الانتحار" ليسوا مهووسين بلهاء مباعين، أو مصابين بالانحطاط او الانهيار النفسي، كما تصورهم الدعاية الامبريالية ـ الصهيونية الفارغة. بل هم أناس عاديون جدا، أصحاب قضية وطنيا وقوميا، ومؤمنون دينيا. وبهذه الصفات، فهم آخر من يمكن ان يفكر بالانتحار او يؤيده.
والجماهير الشعبية المناضلة والمؤمنة ذاتها، تعتبر الانتحار نوعا من الانهزامية وطنيا، وخطيئة كبرى وكفرا دينيا. ولكنها تنظر الى الاستشهاديين بأنهم ليسوا مقاتلين شجعانا وحسب، بل وشبه قديسين. وترى ان العملية الاستشهادية هي شكل اعلى من اشكال النضال القائم على التصميم الذي لا يقهر، ليس على "الانتحار"، بل على النصر، عبر صراع الارادات، الذي يجسده التهديد الرمزي والمباشر بالتدمير المتبادل.
وهذا الخط القتالي، في آفاقه ومفاعيله العسكرية والاقتصادية والسياسية والاخلاقية والنفسية، يمثل ميزة تفوق ستراتيجي، تبدو امامها كل القوة الامبريالية ـ الصهيونية فعلا كـ"نمر من كرتون". وهو يحمل ابعادا صدموية، تقلب المعادلات الستراتيجية رأسا على عقب.

الاتهام المقلوب!
ولكن لخداع الرأي العام العالمي، تحاول الاوساط الامبريالية والصهيونية ان تربط بين اسلوب العمليات الاستشهادية، التي تسميها "ارهابية"، وبين "احتمال!" استعمال اسلحة الدمار الشامل من قبل هؤلاء "الارهابيين المجانين!".
وقد عبّـر الداعية الاميركي الصهيوني توماس فريدمان عن هلع حقيقي من امكانية ان يقوم "مجنون" ما، بحمل وتفجير "قنبلة قذرة" ما، في "مكان" ما.
ولا شك ان الطغمة الاحتكارية العالمية، المعادية للجنس البشري بأسره، هي "المبادرة" الى امتلاك واستخدام الاسلحة "القذرة" والمحرمة، وارتكاب المجازر ضد المدنيين الخ. ويكفي ان نشير الى بعض ما تتعرض له حاليا ثلاثة شعوب عربية:
ـ استخدام الاسلحة المحرمة في العدوان المتواصل على العراق، بدءا من "عاصفة الصحراء"، مما اصاب عشرات الآلاف من الجنود الاميركيين والانكليز انفسهم، ناهيك عن مئات الالوف من الضحايا من الاطفال والمدنيين العراقيين، الذين يتزايد عددهم كل يوم.
ـ قيام اسرائيل بزرع حقول من الالغام ضد الافراد في الاراضي اللبنانية المحتلة سابقا، والامتناع حتى الان عن تسليم خرائط تلك الحقول. وهذا ما يؤدي لوقوع الضحايا المدنية باستمرار، ويحرم لبنان من استخدام تلك الاراضي.
ـ واخيرا لا آخر، الاستباحة الاسرائيلية اليومية شبه الكاملة لارض وحرمات وحياة ودماء الشعب الفلسطيني.
وفي محاولاتها المستميتة لقلب الحقائق، واتهام حركات التحرير بامكانية ارتكاب الجرائم التي ترتكبها هي نفسها فعلا كل يوم، فإن الطغمة الاحتكارية العالمية انما تدافع عن نفسها، وتسعى لتبرير جرائمها هي بالذات. وهي لن تكون منزعجة ابدا، بل على العكس سيخدمها ذلك تماما، اذا ما انزلق بعض خصومها لاستخدام احد الاسلحة "القذرة"، كما أخطأ وفعل النظام العراقي اثناء الحرب العراقية ـ الايرانية، وحظي بـ"الصمت" الاميركي ـ الصهيوني حينذاك.
والسبب "بسيط" جدا، وهو: بالرغم من كل الجعجعة الاعلامية ضد اسلحة الدمار الشامل، فإن الهدف الستراتيجي لهذه الطغمة، هو، من جهة، تكريس "شرعية" احتكارها لهذه الاسلحة، ومن جهة ثانية، ليس تحريم، بل التعميم الفعلي، ولكن الخاضع لسيطرتها، لانتشار واستعمال الاسلحة "القذرة"، التي تمتلك هي بالذات ترسانتها الاعظم، وتجد فيها فرصتها الفريدة وسلاحها الأمثل، للابادة والاخضاع، باقل ما يكون من "الكلفة" واكثر ما يكون من الفتك والارهاب الجماهيري.

الكانيبالية(1) العصرية
............................
(1) cannibalism : أكل الحيوان لمثله، ومنه أكل البشر للبشر.
....................................
وهذا ما يجعل من "الطبيعي" تماما ان تكتسب هذه الطغمة "بجدارة" صفة "زمرة كانيبالية" جديدة، تبعث الى الوجود الكانيبالية البدائية القديمة، بشكل عصري، "حضاري"، معولم.
لقد عاشت مختلف الاقوام، في مراحل مختلفة، هذا النوع من السلوك البدائي الهمجي. ولكن الكانيبالية البدائية وموروثاتها القديمة كانت لها "ضروراتها" و"اخلاقياتها" التي يمكن تلخيصها في بدائية وعي الذات، المتداخلة مع نوازع صراع البقاء لدى الانسان القديم: الجوع، الجهل، الخوف من الغريب، الانتقام من الغريم، من جهة، ومن جهة ثانية: التكاتف، وتقديس الجنس الجماعي والذات الاعلى، عن طريق "التضحية" بالأبناء والابكار والعذارى و"المشاركة" في "إكرام" الموتى الاقربين بأكلهم، الخ. ومن زاوية نظر معينة، فإن الكانيبالية البدائية كانت تمثل مسلكا مشتركا لكل "الجماعة" المعينة، الهدف منه المحافظة على نفسها بمواجهة "الاغيار".
لكن المجتمع البشري، على العموم، قد تجاوز الكانيبالية البدائية، كما حرمتها الاديان "السماوية"، بحيث تم استبدالها بـ"الاضاحي" و"القرابين"، تقديم "الهدايا" الخ، وصولا الى تبادل "القبل" التي ترمز الى الكانيبالية كتعبير عن "الحب".
اما الكانيبالية المعاصرة، فمن المهم التأكيد انها لا تمثل اي جماعة انسانية معينة بالذات: شعبا، او قومية، او مذهبا دينيا، وإن كانت تستند الى هذه او تلك من الآليات الامبريالية الشوفينية، "القومية" او "الدينية". بل هي ظاهرة "نخبوية"، لا تتجاوز من حيث العدد بضع مئات من الضواري الامبرياليين العالميين، المصابين بمرض "جنون العظمة"، الذين يتحكمون بمصائر المليارات من البشر، بما في ذلك أبناء "شعبهم" أو"دينهم" ذاته.
انطلاقا من ذلك يمكن الاستنتاج ببساطة ان هذه "النخبة الطفيلية الكانيبالية" لا تمتلك اي مبرر وجود "انساني"، حتى بمقاييس الكانيبالية البدائية ذاتها، التي هي "براء" كليا منها! اما "المبررات" الاقتصادية والسياسية والاخلاقية لوجود هذه الزمرة، فتكمن فقط في التزاوج السفاحي بين "الاخلاق" العنصرية المتسترة دينيا، والأسس التمييزية للنظام الرأسمالي المتوحش.
وقد اصبح وجود هذه "النخبة" او "الزمرة"، بحد ذاته، "جريمة واعية ضد الانسانية، في سبيل الجريمة ذاتها". وهو يمثل النقيض الذاتي الذي يهدد الوجود البشري بأسره، بأكبر خطر يمكن ان يتهدده، وهو خطر "الاختيار" بين: عمليات الابادة الجماعية، او العبودية الشاملة لهذه "النخبة"، تحت ستار ما يسمى "النظام العالمي الجديد".

الوسيلة والغاية
لكن كل هذا، على فداحته، لا يعني الدفع باتجاه الموافقة الميكانيكية على تقليد الامبريالية والصهيونية في "كسر جميع الحواجز" الاخلاقية والانسانية للصراع، والسير بخط العمليات الاستشهادية الى نهايته القصوى، أي الإفناء المتبادل العبثي، تبعا للقاعدة القتالية ـ الاخلاقية اليهودية الشمشونية القديمة "عليّ وعلى اعدائي، يا رب".
والمقاومة الوطنية والاسلامية، اللبنانية والفلسطينية خاصة، وحركات التحرير الوطني للشعوب العربية والاسلامية عامة، التي "امتلكت" دون منازع هذا "السلاح الستراتيجي الجماهيري"، تتحمل بشكل كامل المسؤولية التاريخية في استعماله بالطرائقية العقلانية، الخاضعة للاهداف الاساسية للتحرير، التي، بمقدار ما هي اهداف وطنية خاصة، فهي في الوقت نفسه وفي القدْر نفسه اهداف انسانية شاملة.
ان التاريخ البشري ينوء بالنتائج المفجعة للسياسة الديماغوجية القائمة على "مبدأ": الغاية تبرر الوسيلة(!). وهي السياسة التي انتهجتها ولا تزال تنتهجها كما الامبريالية والصهيونية والفاشية، كذلك الستالينية والاستبدادية "العربية" و"الاسلامية" الخ. وقد اثبتت تجربة جميع الشعوب، ولا سيما الشعوب المناضلة من اجل التحرر الوطني، انها هي الخاسر الاكبر من مثل هذه السياسة، التي تبرر شتى الانحرافات والجرائم، سواء منها التي ترتكب ضد "الشعب الخاص" أو"الشعب المعادي"، باسم الاهداف الوطنية والانسانية النبيلة. فالوسيلة هي جزء لا يتجزأ من الغاية. وفي الحساب الاخير فإن نبل الغاية لا يشترط وحسب، بل هو نفسه مشروط حتما بنبل الوسيلة.
وبالرغم من امتلاك واستعمال اسلحة الدمار الشامل والاسلحة "القذرة" والمحرمة، من قبل الدول الامبريالية بما فيها اسرائيل، لا بد من الاعتراف أنه يوجد، حتى الان، تحفظ اساسي عام، لدى الغالبية الساحقة من حركات التحرير، اذا لم يكن كلها، على "اغراءات" احتمال استعمال الاسلحة "القذرة".
كما يوجد حرج حقيقي، في غالبية الاوساط الوطنية والاسلامية المعادية للامبريالية والصهيونية، حول بعض اشكال الممارسات الكفاحية، ولا سيما عبر العمليات الاستشهادية، التي تطال احيانا المدنيين في ظروف غير مبررة.
ان المجرمين الارهابيين الكبار، الكانيباليين الامبرياليين والصهاينة، هم الذين يدفعون كرها قطاعات واسعة من الجماهير الفلسطينية والعربية والاسلامية المسحوقة والمهانة الى اليأس السياسي والانساني والى انتهاج هذا الخط الشمشوني.
وهذا هو بالتحديد ما يفسح المجال نسبيا، امام الابواق الامبريالية والصهيونية، لذر الرماد في العيون واتهام حركات التحرير الوطني، ولا سيما المقاومة الشعبية للاحتلال الاسرائيلي، بالارهاب.
ان الجماهير الشعبية المناضلة، وقواها المنظمة، لن تتخلى عن اسلوب الكفاح الستراتيجي، الذي تمخضت عنه الروح الكفاحية المتفانية والعبقرية القتالية الشعبية، والمتمثل في العمليات الاستشهادية. ولكنها ستهتم حتما بـ"تطويره" سياسيا، نفسيا وعسكريا. وبالرغم من كل فظاعة الممارسات الامبريالية، والاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية، وخصوصا في شكل "المستعمرات"، والمرارة الناجمة عن الدعم الاميركي المفتوح لاسرائيل، لا بد ان نلاحظ ان هناك مستوى ملحوظا من ضبط النفس لدى المقاومة الوطنية والاسلامية الفلسطينية، وان الاستفادة من "التجربة اللبنانية" في المقاومة هي على "جدول اعمال" ساحة النضال الفلسطيني خاصة، وغيرها من ساحات النضال ضد الامبريالية والصهيونية عامة.
وبمقدار ما تزداد وتتوضح معارضة الاحتلال والعدوان في صفوف المواطنين الاسرائيليين، واستطرادا الاميركيين، ستزداد باطراد عقلنة اساليب المقاومة المشروعة والعادلة للشعب الفلسطيني، ولجميع الشعوب العربية والاسلامية المناضلة، بما في ذلك اسلوب العمليات الاستشهادية، باتجاه التصدي للمؤسسات والآليات (الميكانيزمات) الاحتلالية والعدوانية للصهيونية والامبريالية، والاقتناع أكثر فأكثر بأصْـوبية "تحييد" المدنيين المسالمين في المجتمع "المعادي"، كشرط ضروري لإبراز وتأكيد عدالة القضايا الوطنية، وحتمية انتصارها.

الحرية لا تتجزأ!
ان العامل الذاتي، المتمثل في المنوِّرين والقادة والتنظيمات ذوي التفكير الانساني الشمولي، يضطلع بدور مقرِّر في عملية التواعي المترابط لشعوب البلدان الظالمة والمظلومة. ولكن هذا الدور ليس كشفا ذهنيا منفصلا وقبـْـليا، حيال الواقع، قد يكون وقد لا يكون، تبعا لتجليات "الذات" المفكـِّرة. بل هو جزء لا يتجزأ من الواقع، بوصفه اكتشافا فكريا انعكاسيا لـه. وهو حتمي تاريخيا، ولكنه يتقدم او يتأخر زمانيا، تبعا للظروف، كأي اكتشاف آخر. وبالتالي، فإن العامل الذاتي في هذه العملية هو في الوقت نفسه جزء لا يتجزأ من العامل الموضوعي، بوصفه أداة تعبير واعية له، اي للواقع التاريخي، الاجتماعي ـ الانساني، الذي تتم فيه هذه العملية. وهذا الواقع يشمل، فيما يشمل، الحقائق الاولية التالية:
آ ـ ان كل أمة، وشعب، وأتنية، في كل بلد، بما في ذلك جميع البلدان الامبريالية والاستعمارية، ومنها طبعا اميركا واسرائيل، هي في الاساس ظاهرة تاريخية حضارية، انسانية في الجوهر، اي في المحتوى الاساسي والطابع الشمولي لوجودها. فلا وجود لـظاهرة "شعب"، "أمة"، "اتنية" الخ، هو او هي، امبريالية او استعمارية الخ، قبـْـليا، جوهريا وكليا ً، بالمعنى "القومي ـ العنصري الخاص". مثل هذا التصنيف "العنصري المضاد" يتعارض مع حقيقة الوجود الانساني، ويدحضه تاريخ البشرية القديم والحديث.
ب ـ لا وجود ايضا للظاهرة الامبريالية او الاستعمارية الخ، "الاصلية"، "الخالصة"، بالمعنى "الوطني ـ الاقليمي الخاص". فليس هناك بريطانيا استعمارية بذاتها دائما، وولايات متحدة اميركية امبريالية بذاتها دائما، وهند أو اميركا جنوبية مستعمرة وتابعة بذاتها دائما. وليس هناك غرب ـ مركز بذاته دائما، وشرق ـ طرف بذاته دائما، الخ. فهذه الظاهرة تنبع من ظروف تطور المجتمع البشري، مأخوذا في كليته الجيو ـ ديموغرافية. وهي ظاهرة "وطنية خاصة نسبية"، ناشئة عن وخاضعة لاوضاع شرطية "انسانية شاملة مطلقة". وبالتالي فإن كل من ظاهرات الاستعمار والامبريالية والظلم القومي والديني الخ، هي مرحلة من مراحل التحقق الذاتي المتعرج، والتطور الذاتي المتناقض، للمجتمع البشري ككل، اي ليس فقط في النطاق الوطني الخاص لكل بلد على حدة، بما فيه المجتمع "الامبريالي!" الخ، بل اساسا في الارتباط العضوي الارتكازي لـ"المجتمع الوطني"، كل مجتمع وطني على الاطلاق، بالمدى الاجتماعي العالمي بأسره.
وبكلمات اخرى فإن ظاهرة الامبريالية هي نتاج تاريخي عام، لمسار عالمي شامل، غير مختص، "قوميا"، "دينيا" الخ، بأمم او شعوب او اتنيات بعينها. أما المسار "الوطني الخاص" لهذه الظاهرة، وإن كان جزءا محوريا، قطبيا، بالنسبة لهذا البلد او ذاك، في هذه المرحلة او تلك، فهو يبقى جزءا متفرعا، خاضعا للمسار العالمي العام. وهذا ما يفسر "تبادل ادوار" الغزو والظلم والاستعمار الخ، فيما بين مختلف الاتنيات والاقوام والبلدان الخ، في مختلف المراحل التاريخية.
نستخلص من ذلك أن هدف كل نضال تحرري حقيقي واع ليس استبدال ظلم بظلم، واستعمار باستعمار الخ، وليس القضاء على، او عزل، او الانعزال عن "شعب" او "قومية" او "اتنية" البلد المعتدي والظالم، بل هو التحرر الشامل من ظاهرة العدوان والظلم، ايا كان شكله ومحتواه الشوفيني والايديولوجي. ذلك ان التحرير الحقيقي هو الذي يرتبط ارتباطا عضويا متبادلا بتحرير كل اتنية وشعب وامة من الأنظمة الاستعبادية والامبريالية "الاجنبية" و"الخاصة". وتلك مهمة تاريخية شاملة تخص جميع الشعوب والاتنيات والاديان، ولا يمكن ان تستكمل الا بأن تشمل مجتمعات البلدان الظالمة ايضا.
ج ـ ان الامبريالية هي ظاهرة اقتصادية ـ "ثقافية" ـ سياسية ـ عسكرية، ثانوية وعرضية، في حياة الانسانية. وهي ظاهرة مشروطة، مرحلية ومحدودة تاريخيا، ولا تمثل، بل على العكس تتعارض مع المصلحة الاساسية، الوجودية، لشعوب وأمم واتنيات البلدان الامبريالية ذاتها.
وهذه الظاهرة كانت ولا تزال دائما ظاهرة ضيقة، فئوية، طبقية، تنحصر ليس فقط في "جزء" وحسب من ضمن الشعب المعني مثلا، بل ايضا وأساسا في جزء "مفروض" عليه. وإن آلية الهيمنة الامبريالية التي تتجه للسيطرة والسيادة على البلدان والشعوب الاخرى، ما هي سوى "امتداد خارجي" للهيمنة المحققة من قبل ذلك "الجزء" الضيق، اولا، على "شعبه" ذاته، الذي يعتبر ضحية له مرتين:
ـ مرة لكونه مستعبدا للطغمة الاحتكارية المسيطرة عليه، عن طريق الاكراه والتضليل، عنفيا واقتصاديا، ايديولوجيا ودينيا، سياسيا واعلاميا.
ـ ومرة لكونه، عن طريق عناصر الاكراه والتضليل ذاتها، التي تصل ذروتها في "اللوثة" العنصرية، القومية او الدينية، يجري تسخير وتجنيد أبنائه لتحقيق السياسة العدوانية، وتحويل بلده الى "ركيزة وقاعدة انطلاق" لاضطهاد وذبح ونهب وإذلال الشعوب الاخرى، التي لم يسبق لها ان تعرضت له بأي اذى.
وهذه الحالة السابقة، القبْـلية، المتمثلة في امكانية، ثم في واقع، تضحية الامبريالية بـ"الذات الوطنية الحرة" لـ"شعبها الخاص"، هي الشرط المسبق الذي امكن (ويمكن) به للامبريالية ان تخرج من حدودها "الداخلية"، اي "الوطنية"، وأن تتحول الى ظاهرة "خارجية"، اي "دولية". وبالتالي، فإن الامبريالية توجد "في الداخل"، "وطنيا"، قبل ان توجد "في الخارج"، "دوليا". وهي، كإمكانية اولا، وكواقع ثانيا، لا يمكن ان تكف عن الوجود نهائيا، "دوليا" فقط. حيث أنه لا يمكن التوصل الى هذا الهدف الحتمي التاريخي الا "دوليا" و"وطنيا" معا، في عملية جدلية مترابطة واحدة موحدة.
نخلص من ذلك الى الاستنتاج:
أن كل الشعوب، في البلدان "السيدة" كما وفي "المسودة" على السواء، هي "ضحايا"، بهذا الشكل او ذاك، لهذا المسار العالمي الشامل، الذي يطال الجميع بدون استثناء، والذي انتج ظاهرة الامبريالية. ولكن كل شعب له مواقعه ومواقفه وظروفه الخاصة، في مواجهة هذه الظاهرة. وهو ما يتحتم على جميع القوى السياسية ذات المصلحة، ولا سيما القوى الرئيسية المناضلة، أن تتفهمه، وأن تأخذه بالاعتبار، في ستراتيجيتها وتاكتيكاتها، سواء وعت ذلك في الوقت المناسب، أم تأخرت في هذا الوعي.
وأن شعوب البلدان الامبريالية هي، في المبدأ والاساس، ليست حليفا وحسب للشعوب المظلومة، بل ويتوقف عليها هي على وجه التحديد، في نهاية المطاف، تصحيح الانحراف الامبريالي في المسار التاريخي لبلدانها، وتخليص نفسها "وطنيا" من هذا الانحراف، كفعل أخير ضروري لتخليص الانسانية جمعاء، ونهائيا، من الويلات والصراعات، الناجمة مباشرة او غير مباشرة عن ممارسة الامبريالية، ومن التهديد، الكامن والواقعي، المتمثل بوجود هذه الظاهرة الطفيلية المرحلية، المعادية للمجتمع البشري بأسره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التبدلات الديموغرافية ومضاعفاتها المرتقبة في اميركا
- الامبريالية والعنف
- الهيمنة العالمية لاميركا: بداية النهاية..
- التقسيم الامبريالي الرأسمالي لاوروبا
- تقرير معهد SIPRI يؤشر الى مرحلة تفكك الامبريالية
- بداية انحسار موجة العداء للشيوعية في المانيا
- بعد 20 سنة: الشيوعيون القدامى يطالبون بتجديد الدعوى حول احرا ...
- لبنان الوطني المقاوم حجر الاساس لنهضة عربية حقيقية
- الثلاثة الاقمار اللبنانيون الكبار في سماء الشرق
- إزالة المسيحية الشرقية: هدف اكبر للامبريالية الغربية
- -الحلقة الاضعف-
- قبل استخراج النفط والغاز: ضرورة تحرير المياه الاقليمية اللبن ...
- قرار مجلس الامن -الاميركي- ضد الشعب الايراني
- -الحرب السرية- القادمة لاميركا واسرائيل
- عشية الموجة الثانية من تسونامي الازمة: اوروبا لا تدار بالدول ...
- محام اصغر للشيطان الاكبر!!
- قيرغيزستان: -ثورة الزنبق- الموالية لاميركا تسقط ايضا
- -حرب الافيون- الاميركية ضد روسيا
- الجيش الاميركي -حرس وطني- خاص لمزارع الخشخاش ومستودعات الافي ...
- اميركا تكشف تماما عن وجهها كدولة مافيا وتضاعف انتاج الخشخاش ...


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - الامبريالية والشعب الاميركيان