أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - إزالة المسيحية الشرقية: هدف اكبر للامبريالية الغربية















المزيد.....

إزالة المسيحية الشرقية: هدف اكبر للامبريالية الغربية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 13:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في كل الاحداث التي شهدها العالم العربي ومحيطه في القرن العشرين، والتي لا زال يشهدها الى اليوم، كان موضوع وجود المسيحية الشرقية، او ما يسمى احيانا المسيحيون العرب، من اهم المواضيع المطروحة على جدول الاعمال؛ وان كان في الغالب يجري طمس هذا الموضوع وعدم الخوض فيه، حتى من قبل المعنيين المباشرين به.
وفي القرن الماضي دخل موضوع وجود المسيحية الشرقية والمسيحيين العرب في تلافيف ما يسمى "المسألة الشرقية"، وهي تسمية ظهرت في القرن التاسع عشر في اوروبا، وكان يقصد بها حينذاك مصير الامبراطورية العثمانية (الرجل المريض) واحتمالات تقسيمها ووراثة تركتها من قبل الدول الاستعمارية الغربية، بالارتباط مع مصير المسيحيين الشرقيين، العرب وغير العرب.
وتعود بداية طرح المسألة الشرقية الى انطلاقة الثورة اليونانية سنة 1822، وكان يعاد طرحها بشدة مع كل حدث على ارتباط بمصير الامبراطورية العثمانية، كحركة محمد علي باشا لتأسيس دولة عربية جديدة على انقاض الامبراطورية العثمانية، وثورات الشعوب المسيحية في الامبراطورية والمذابح التي تعرضت لها تلك الشعوب، والحروب التركية ـ الروسية.
وهنا يمكن ملاحظة ما يلي:
ـ1ـ ان الدول الاستعمارية الغربية لم يكن يهمها اي شيء (كتطوير او تحديث الامبراطورية العثمانية، او مصير الشعوب المسيحية الشرقية، او دعم روسيا المسيحية) سوى مصالحها الاستعمارية.
ـ2ـ انها (اي الدول الاستعمارية الغربية) كانت تتاجر بالمسألة المسيحية، للاستهلاك الاعلامي المحلي، ولتبرير التدخل في "الشؤون الشرقية"، ولكنها على العموم لم تكن تبالي بذوبان المسيحيين الشرقيين، نتيجة للمذابح والمجاعات والاضطهاد والمظالم.
ـ3ـ كانت تخشى انبعاث الدولة البيزنطية، واشتداد ساعد روسيا، وظهور اي دولة شرقية قوية، خصوصا عربية ومسيحية، على انقاض الامبراطورية العثمانية.
ـ4ـ حرصت اشد الحرص على احتفاظ تركيا بالقسطنطينية الاغريقية العريقة وتطهيرها مجددا من اصحابها الاصليين: اليونانيين والبلغار القدماء وغيرهم من المسيحيين الشرقيين. كما حرصت على منع وصول روسيا الى مضائق الدردنيل، وعلى اضعاف المواقع البحرية العربية في شرق البحر الابيض المتوسط، بانتزاع لواء الاسكندرون من سوريا وتسليمه الى تركيا.
ـ5ـ وحرصت اشد الحرص على اضعاف الشخصية التاريخية والدولية للمسيحية الشرقية بإبقاء مقر البطريركية المسكونية الارثوذكسية وغيره من عيون المسيحية في المشهد الحضاري العالمي (ككنيسة آيا صوفيا) ومدينة انطاكية (احد اهم مهود المسيحية طرا) تحت سيطرة الدولة التركية المأفونة.
ـ6ـ بدون اي تقليل من الاهمية الاسلامية للقدس الشريف والاراضي المقدسة، فإن الهدف "الديني" الاكبر لوعد بلفور والقرار الامبريالي الغربي بانشاء دولة اسرائيل اليهودية المارقة هو النزع التام للطابع المسيحي الشرقي عن فلسطين، والتخلص التام من المسيحيين الشرقيين في فلسطين خاصة وفي البلاد العربية عامة (ونعني بالمسيحيين الشرقيين كل المسيحيين من سكان البلاد الاصليين، ايا كانت مذاهبهم وطوائفهم).
XXX
بعد هذه الملاحظات، نشير الى بعض تمظهرات ومضاعفات "المسألة الشرقية" في الحقبة التاريخية الاخيرة، وهو ما ينبغي ان يعطى حقه من قبل المؤرخين الحقيقيين، الذين يدركون اهمية النضال ضد الامبريالية والصهيونية لاجل تحرير الامة العربية وشعوب العالم قاطبة من الظلم والاستعمار والاستغلال والاستعباد:
ـ1ـ في القرن 19 بدأ العمل بشكل حثيث لتمزيق الاقليات الدينية والقومية في الامبراطورية العثمانة ولضربها بعضها ببعض ولاضعافها جميعا. وكانت تلك عملية مركبة ومعقدة، تم فيها توزيع الادوار بين مختلف الدول الاستعمارية والامبراطورية العثمانية. وفي هذا السياق جرى ابتداع نظام حماية مختلف الدول الاجنبية لمختلف الطوائف.
ـ2ـ في 1860، وبالتزامن مع مذابح 1860 ضد المسيحيين في جبل لبنان ودمشق، ونزول الفرنسيين الى الشواطئ اللبنانية، عرض المستعمرون الفرنسيون على المسيحين اللبنانيين والسوريين نقلهم الى الجزائر للاستيطان فيها. ولكن المسيحيين اللبنانيين والسوريين رفضوا هذا "الكرم اخلاق" الاستعماري.
ـ3ـ في منتصف القرن 19 بدأت المذابح المتتالية ضد الاشوريين والارمن والبلغار.
ـ4ـ في 1915 ـ 1920 تمت المذابح الكبرى ضد الارمن والاشوريين والمجاعة ضد اللبنانيين؛ وفي 1922 تمت المذابح الاتاتوركية ضد اليونانيين والبلغار القدماء الذين ظلوا يعيشون في اسطمبول ومحيطها. وفي وقت تم فيه تحويل الهولوكوست ضد اليهود الى طقس مقدس في العالم، فإن المذابح ضد الارمن والاشوريين واليونان والبلغار لا تعترف بها تركيا الى الان، والدول الكبرى والامم المتحدة ومجلس الامن والمحكمة الدولية لا تكلف نفسها حتى الان اتخاذ قرار بتشكيل لجنة تحقيق دولية في تلك المذابح والمجاعات، خوفا من انفضاح دور الدول الاستعمارية الغربية (المسيحية!) في تنظيم تلك المذابح والمجاعات وتشجيع ودعم الجزارين الاتراك في ارتكابها، للتخلص من المسيحيين الشرقيين.
ـ5ـ تقول مختلف الاحصاءات الفلسطينية والدولية "المحايدة" انه قبل 1948 فان نسبة المسيحيين (من السكان الاصليين) في فلسطين التاريخية (اي "اسرائيل" والاراضي الفلسطينية المحتلة) لم تكن تقل عن 20% من السكان. ولكن بعد نشوء اسرائيل فإن هذه النسبة انخفضت الى 1.7% حسب بعض الاحصاءات، والى 1.4% حسب احصاءات اخرى. وهذا يعني ببساطة وجود مجزرة بيضاء حقيقية لالغاء الوجود المسيحي الشرقي في فلسطين، على طريق الغاء طابعها الاصلي: المسيحي الشرقي. فماذا تكون فلسطين، اذا لم تكن ـ في الاصل والاساس ـ مسيحية شرقية؟!
ـ6ـ في 1974 ذهب رئيس الجمهورية اللبنانية حينذاك سليمان فرنجية الى الامم المتحدة، ودافع عن القضية الفلسطينية. وكما تقول مصادر تنظيم "المردة" وغيرها من المصادر، انه عومل معاملة سيئة على الاراضي الاميركية. وعلى اثر ذلك جاءه المندوب الاميركي الخاص دين براون وعرض عليه ترحيل المسيحيين اللبنانيين بالبواخر الاميركية الى الولايات المتحدة وكندا وغيرهما. وفيما بعد قتل ابنه الوزير المرحوم طوني سليمان فرنجية وزوجته وابنته وعشرات من افراد عائلته وانصاره، في ما يعرف بمجزرة اهدن، على ايدي عملاء اسرائيل في "القوات اللبنانية" و"الكتائب اللبنانية".
ـ7ـ في 1976 دخلت "قوات الردع العربية" الى لبنان، بموافقة اميركية، وبحجة كاذبة هي حماية الوجود المسيحي في لبنان من خطر الحركة الوطنية اللبنانية والمقاومة الفلسطينية (!!!). وفي 1978 احتلت اسرائيل "الشريط الحدودي" في جنوب لبنان، ولمسافة 22 كلم في بعض المناطق، وأسست هناك جيش العملاء المسمى "جيش لبنان الجنوبي". وفي 1982 اقتحمت اسرائيل باقي الاراضي اللبنانية واحتلت بيروت ذاتها، بالحجة الكاذبة نفسها: حجة حماية الوجود المسيحي في لبنان.
فماذا كانت نتيجة هذه "الغيرة" الاميركية ـ الاسرائيلية ـ "العربية" (السايكس ـ بيكوية) على الوضع اللبناني عموما والوجود المسيحي خصوصا؟ ـ لقد اصبح الكيان اللبناني كله، وخصوصا الوجود المسيحي العريق فيه، في مهب الريح؛ ولولا ظهور المقاومة الوطنية والاسلامية، بقيادة حزب الله، التي هزمت اسرائيل لاول مرة في تاريخها العدواني، والتي شكلت اكبر ضمانة لاستقلال لبنان والوحدة الوطنية لشعبه واكبر درع حماية للوجود المسيحي الوطني، لما بقي مسيحي واحد في لبنان.
ـ8ـ بعد احداث 11 ايلول 2001 في اميركا، رفع السيد جورج بوش وجوقته المسعورة عقائرهم بالشعارات الدينية ـ العنصرية "الصليبية" والمعادية للعرب وللاسلام والمسلمين، وأرسلوا الجيوش الجرارة المجهزة بكل انواع الاسلحة، لاحتلال افغانستان والعراق. وبعد ان تم لهم ما ارادوا، ربما اعتقد بعض السذج من انصار "الصليبية" الاميركية انه قد أزفت ساعة "العصر الذهبي" للمسيحية في الشرق. ولكن ما الذي حدث فعلا على ارض الواقع؟ ـ لقد حول الاميركان افغانستان المظلومة الى مزرعة افيون ومصنع هيرويين، وحولوا العراق المظلوم الى مسلخ بشري ومقبرة جماعية. وبوجود الاميركان وبتخطيطهم وتحت اشرافهم بدأت حملة واسعة النطاق لترهيب المسيحيين، واجبارهم على مغادرة البلاد، مما لم يسبق مثله حتى في احلك ايام الامبراطورية العثمانية. واذا استمر الحال على هذا المنوال، فليس بعيدا اليوم الذي يعلن فيه الاميركان انتصارهم الاكبر بقتل او فرار آخر مسيحي من العراق.
XXX
من الخطأ الجسيم ان يعتقد البعض ان خطة اقتلاع المسيحية الشرقية، وخصوصا العربية، من الشرق، هي خطة جديدة، او مرتبطة بوضع راهن (Conjuncture) سياسي. فتعدد وتنوع الزمان والمكان لمسرح الجريمة ينفي تماما هذا الاحتمال، ويدل على شمولية وعمق المواجهة بين الغرب الامبريالي والمسيحية الشرقية.
وفي تقديرنا المتواضع ان تاريخ هذه المواجهة يعود الى ما قبل ظهور الاسلام والمسيحية، وانها تعود الى طبيعة النزعة الامبريالية الغربية والنزعة التحررية الاجتماعية ـ الانسانية للمسيحية الشرقية.
وهو ما يحدونا الى دعوة جميع المثقفين والباحثين الجادين الى اعادة قراءة التاريخ العربي والعالمي ليس على ضوء النظرة الدينية الآحادية، او النظرة "العلمانية" المجردة، بل على ضوء النظرة الاجتماعية ـ الانسانية التحررية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* كاتب لبناني مستقل



#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الحلقة الاضعف-
- قبل استخراج النفط والغاز: ضرورة تحرير المياه الاقليمية اللبن ...
- قرار مجلس الامن -الاميركي- ضد الشعب الايراني
- -الحرب السرية- القادمة لاميركا واسرائيل
- عشية الموجة الثانية من تسونامي الازمة: اوروبا لا تدار بالدول ...
- محام اصغر للشيطان الاكبر!!
- قيرغيزستان: -ثورة الزنبق- الموالية لاميركا تسقط ايضا
- -حرب الافيون- الاميركية ضد روسيا
- الجيش الاميركي -حرس وطني- خاص لمزارع الخشخاش ومستودعات الافي ...
- اميركا تكشف تماما عن وجهها كدولة مافيا وتضاعف انتاج الخشخاش ...
- عشية الانهيار التام للنظام الاقتصادي العالمي
- الامبريالية الاميركية تخطئ الحساب!
- الصعود الى الهاوية: أميركا... دولة مافيا!
- التحول الدمقراطي: حملة صليبية غربية جديدة لاجل عثمنة البلقان
- بلغاريا قبل وبعد -الانقلاب الدمقراطي- في 10 تشرين الثاني 198 ...
- شعب الله المختار والتحول المافياوي لتركيبة الدولة الاميركية
- الدولار وشعب الله المختار:التغطية التوراتية للدولار
- كابوس الدولار
- العنف الامبريالي الصهيوني أعلى مراتب الحيوانية
- حزب الله... والأزمة الوجودية للكيان الطائفي اللبناني!


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جورج حداد - إزالة المسيحية الشرقية: هدف اكبر للامبريالية الغربية