أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نقولا الزهر - كي لا تموت اللغة تحتاج دائماً إلى من يفتح نوافذها














المزيد.....

كي لا تموت اللغة تحتاج دائماً إلى من يفتح نوافذها


نقولا الزهر

الحوار المتمدن-العدد: 3194 - 2010 / 11 / 23 - 08:43
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


كان الكواكبي يزامن بين الفساد والاستبداد والجهل في مجتمع ما. وفي رأيي لا نستطيع أيضاً أن نفصل بين هذه الثلاثية والتطرف. فمع الانحطاط والتدهور الاجتماعي يتفاقم التطرف. التطرف لا يقتصر فقط على النظر إلى النص بأنه تام وكامل، لا يمكن تأويله والاجتهاد فيه، أو نسخه وإنهاء صلاحيته، إنما يمتد ليتناول الحياة الاجتماعية بميادينها وتفاصيلها كافة، في اللغة وفي المأكل والملبس والعمران والمسكن والزواج والأسرة، وهكذا تتقولب كل النشاطات الإنسانية اليومية في زيٍ واحد وطرازٍ واحد ولونٍ واحد (يونيفورمات/ uniformes).
-1-
وهنا يمكننا أن نتكلم على قولبة اللغة العربية و إغلاق نوافذها وسجنها في برجها العاجي، في فترة عصر الانحطاط بعد سيطرة السلاجقة على العالم العربي. فبعد الفراهيدي وسيبويه وأبو علي الفارسي وعبد القاهرالجرجاني وابن جني، لم نقرأ أن إزميلاً قد دُقَّ في نحوِ هذه اللغة وقواعدها.
بطبيعة الحال، فقد طرأ على لغتنا العربية تغير طبيعي،وهو افتقاد كتلة كبيرة من مخزونها القاموسي لاستعمالها اليومي سواءً في الدواوين الرسمية أوالصحافة أو الأدب، بنثره وشعره وقصصه ورواياته. وهذا التغير يطرأ تاريخياً على كل اللغات. ما أقصده هنا، هو نحو اللغة وصرفها ومنطقها. فبقيت متلفعة بقداستها، ولم تنزل من عليائها إلى المنازل والمشاغل والمعامل والشوارع والملاعب والمطاعم والمقاهى... وليس هذا فحسب، فقد حَجَر فقهاؤها عليها، فطمسوا صلاتها العميقة بشقيقاتها اللغات السامية أو بالأحرى بأصولها، وأغلقوا نوافذها كي لا تتسرب إليها (أدناس) اللغات الأجنبية ، بينما في فترة تألق وازدهار العلوم والترجمة في الدولة العربية الإسلامية، دخل إليها الكثير من الكلمات الأجنبية من الفارسية واليونانية والهندية وقد ذكر الكاتب الإسلامي المعتدل المرحوم محمد المبارك حول هذا التطعيم اللغوي الذي ابتدا قبل الإسلام أن هنالك كلمات غير عربية داخلة لغتنا منذ قبل الإسلام وقد وردت في النص القرآني. ومن الكلمات الدخيلة على اللغة العربية التي أوردها في كتابه الجامعي: السراط، القسطاس، الطقس، الفردوس، الناموس(Nomos) والقانون (Canon) والجغرافية، والموسيقا...وغيرها. إن اللغة المزدهرة تأخذ من اللغات كثيراً ويؤخذ منها للغات الأخرى ولم يعب اللغة الأنكليزية أن 55% من مفرداتها من أصول لاتينية تسربت إليها بعد الفتح النورماندي. وكذلك في الروسية عدد هائل من المفردات اللاتينية.وإذا عدنا للتطور التاريخي للغات مشهورة ومنتشرة كثيراً في عصرنا الراهن نرى أنها قد جرى عليها تغييرات كبرى في نحوها وصرفها. فعلى سبيل المثال، كانت الفرنسية والأنكليزية القديمتان في العصور الوسطى تظهر فيها حالات النصب والرفع والجر والإضافة والأداة بمؤشرات وحركات صريحة في نهاية الكلمات كما هو الحال في اللغة اللاتينية: فنهاية الإسم في الحالة الإسمية (nominatif)،تتغير في حالة الإضافة(genetif)، وحالة المفعول به(accusatif)، أوحالة الإعطاء أو المفعول به الثاني(datif)، و حالة الأداة أو المفعول معه(instrumental)،وحالة الجار والمجرور(prepositif).. لكن مع الزمن ومع تغير الحالة الاجتماعية ومع تقدم المعرفة حذفت هذه المؤشرات الشكلية للحالات، وبقيت مفهومة ضمنا عبر سياق النص. ولا تزال المؤشرات الشكلية لهذه الحالات موجودة في اللغة اللاتينية المستخدمة فقط في الطقوس الكنسية. وكذلك لاتزال هذه المؤشرات موجودة في الروسية وكل اللغات السلافية. وحتى لا يفهمني البعض فهماً خاطئاً؛ فإنني لا أطالب بإلغاء حركات الرفع والنصب والكسر والجزم من اللغة العربية . وإنما أوردت هذا المثال لكي أبين أن اللغات الحية والأكثر انتشاراً في العالم قد أجرى عليها علماؤها تغييرات كبرى وتاريخية. فهل يا ترى يمكننا الكلام على إصلاح لغوي في لغتنا العربية، أم أن النظر إليها سيبقى يحيل إلى تقديسها؟
دمشق في 23/11/2010



#نقولا_الزهر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المشرق لا نتمنى إلا الخير لأهل المغرب
- مداخلة حول اللغة العامية في بلاد الشام(3)
- الأكثر خلوداً علاقة الناس بأسماء أمكنتهم
- مجلة الهلال المصرية بين اليوم والأمس
- تغطية وجه المرأة في سورية... بين ماضٍ وحاضر
- نصر حامد أبوزيد وتراب الغرباء
- خنق إسرائيل للسلام واحتدام الصراع على تعبئة الفراغ العربي
- حجر الزاوية لدى نصر حامد أبوزيد الحرية وفتح الشبابيك
- كل تحديد نفي
- من حكايا الطب
- قُرَنٌ شهيدة
- عن السادس من أيار وخابية النبيذ واستطرادات من الذاكرة
- ثقافة الكم والحجوم
- التنوع الديموغرافي موضوعة اجتماعية والطائفية موضوعة سياسية؟. ...
- ايديولوجيا اليونيفورم تحيل إلى التفكك والتأخر
- الوضع في اليمن بين مسؤولية النظام والتدخل الإقليمي
- هل من فرق بين الأصولية والتمامية؟
- الحوار المتمدن إناء فسيح للثقافة والتقدم
- بقايا صور من الحياة اليومية 3/النول
- إلغاء الآخر... لا يقتصر على دين أو مذهب بعينه


المزيد.....




- احتمال الصراع الأهلي في سوريا يزداد
- الجالية الروسية بعمّان تحتفل بيوم العمال
- نائب وزير الخارجية التركي لبي بي سي: -حرب غير مسبوقة تُشنّ ض ...
- إقالة أم استقالة؟ مستشار الأمن القومي يغادر منصبه على وقع تس ...
- قاضٍ أمريكي يفرج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي ويؤكد حقه ا ...
- سوريا: أنباء عن اتفاق بتسليم السلاح الثقيل ودخول الأمن إلى ا ...
- مركبة فضاء سوفيتية ضلت طريقها وتعود إلى الأرض بعد نصف قرن
- السودان.. الدعم السريع تقصف العاصمة وسط تحذيرات أممية
- مفوض أممي: الرعب في السودان لا حدود له
- سلطات رومانيا ترحل مراسل RT إلى تركيا


المزيد.....

- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - نقولا الزهر - كي لا تموت اللغة تحتاج دائماً إلى من يفتح نوافذها