أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة ياسين عكظ - قصة قصيرة الدمية














المزيد.....

قصة قصيرة الدمية


نعمة ياسين عكظ

الحوار المتمدن-العدد: 3165 - 2010 / 10 / 25 - 10:11
المحور: الادب والفن
    


الدمـــــــية

قبلتها قبلة ساخنة على وجنتيها وأجلستها في حجري وأخذت أمسد شعرها الكستنائي براحة يدي وبصوت متهدج أوعدتها إن غدا سأعود ومعي تلك الدمية التي أعجبتها قبل أيام عندما كانت مع جدتها لمراجعة الطبيب حيث أصيبت بحمى شديدة ...أسبلت جفونها لتستلم للنوم وابتسامة على شفتيها عرفت منها بأنها تحلم بالدمية ... في الصباح الباكر هدوء يغلف كل الأمكنة وضياء خفيف بدا يتسلل لداخل البيت , سحبت نفسي من الفراش متثاقلا ولفحة من الهواء البارد تخترق عظامي , أعدلت ملابسي وغسلت وجهي حتى اطرد بقايا النوم التي ما زالت ملتصقة بجفوني توجهت إلى المطبخ لأجد أم علي قد أحضرت الفطور وهي تعمل بصمت , التهمت البيضة المسلوقة ملفوفة بقطعة من الخبز وتناولت قدح الشاي بسرعة ... ودعتها وأنا أشعل سيكارة لكن كلماتي تقطعت بموجة من السعال على اثر ابتلاعي كمية من دخان السيكارة حفزتها لتعيد علي نفس الجملة التي قيلت مئات المرات ...
(اتركها شلك بيها؟)...
لم اجبها وخرجت من الباب وكان صوتها يتبعني ..
(الدنيا باردة لف نفسك زين !!!)
كان الجو باردا فعلا وقرص الشمس ما زال تحت الأفق الذي اصطبغ باللون البرتقالي والأحمر مؤذنا بولادة يوم جديد ... ركبت الطريق الموصل إلى المسطر احمل جسدي المثقل بالهموم والهواجس وأملي الوحيد أن اشتري تلك الدمية , الطريق يتوسط المقبرة وليس بعيدا يقع قبر علي الذي استشهد في حرب مجنونة لم يردها ولم يعرف بواعثها وأسبابها لكن أرادها القائد . سالت دمعة حارة أحرقت جفوني فهو ابني الوحيد لكن عزائي هو بشراء هذه الدمية لابنته أمل ...
عند وصولي إلى المسطر كان قرص الشمس قد بدا واضحا خلف البنايات وصار اصغر مما كان عليه في أول ولادته ,جمع كبير من العمال يتزاحمون عند كل مركبة تقف أو شخص يريد مجموعة من العمال ... بعد أن فرغت من شرب قدح الشاي ,أشعلت سيكارة وسحبت منها نفسا عميقا ثم تبعته بأخر سعلت مرتين وبصقت البلغم إمامي ... خمسة أيام مرت وفي كل يوم أرجع مخذولا الى بيتي وكل خوفي اليوم ان يكون مثل سابقاته , فأنى لي شراء الدمية وما هو العذر الذي أقدمه لها فها هم (الأسطوات) يختارون الشباب من بين الواقفين , ولا أمل غير ا ن ياتي شخصا يعرفني ويعرف جديتي وإخلاصي والتزامي في العمل الذي أكلف به إضافة إلى مقدرتي الجسدية في المطاولة والقوة وحمل الاثقال وكل هذا لايتناسب مع عمري الذي اشرف على الخمسين عاما ومع هذه الحيرة والقلق سمعت صوتا :
أبو علي .... ابو علي...
ادرت وجهي نحو الصوت لم أتبينه اول مرة حيث أحيطت السيارة بالعمال من كل جانب عندما اقتربت عرفته انه الاسطا كاظم الذي عملت معه في الماضي لعدة مرات .... فرحة غامرة المت بي وكان شخصا ما انقذني من الغرق فتحت باب السيارة واخذت مقعدي فيها جنب ثلاثة من العمال الاخرين بعد ان القيت عليهم السلام وانطلقت السيارة دون ان أعرف ولا يهمني ان أعرف الى أي اتجاه وفي أي مكان يقع العمل.....
بناء ضخم غرف كثيرة نقوش وزخارف حديقة كبيرة حوض للسباحة .... الخ في احدى المناطق الراقية في المدينة .... الح سؤال داخلي لمن يعود هذا البناء ؟ ليس اسم الشخص بل عمله ماذا يعمل؟ حاولت طرده اكثر من مرة لان ما يهمني هو الحصول على الاجرة والوفاء بعهدي الى حفيدتي امل .. وان هذا العهد دافعا لي للعمل بكل جهد واخلاص منتصبا امام عيني امل وهي تلعب بدميتها والفرحة التي تغمرها واحساسي بعلي بل اني اراه الان مبتسما يلاعب ابنته في دميتها هذه الاحاسيس والدفئ الذي لف جسدي من جراء العمل والتحرك لمجابهة برد الشتاء القارص افاض علي براحة نفسية وبرضى وكأنني ملكت العالم .
شارف العمل على الانتهاء وها هو يوم العمل بساعته الاخيرة عندها استلم اجرتي وليكن بعد ذلك ما يكون رفعت كمية من الطابوق واضعا اياه على صدري في الوقت الذي وقفت فيه سيارة امام البناية نزل منها شخص ما , لم احاول التعرف عليه فهو لا يعنيني ابدا لكن من خلال هيئته اثار في نفسي ذكرى متابعتي لمعاملة في احدى الدوائر الحكومية والطريقة التي تم بها انجاز المعاملة ... وكان لتجوال هذا الشخص مع الاسطا في ارجاء البناية وهو يؤشر بيديه على مواضع معينة يبدو عدم رضاه عنها , كانت فرصة للجلوس واشعال سيكارة حرصت طول النهار ان لا اشعلها الا في اوقات الراحة او الغداء وخلال هذا الجلوس سيطر علي ذكرى المعاملة تلك وانا استعيد هيئة ذلك الموظف الذي رفض المعاملة بحجة الحاجة الى ورقة معينة وفي اليوم التالي اعلمني بحاجتها الى ورقة اخرى ... ثم الى توقيع احد الموظفين لعدم وضوحه وهكذا الى ان ابلغني احد المراجعين بان الورقة المطلوبة التي تنجز المعاملة هي ورقة نقدية ترفق مع المعاملة ... وفعلا اجبرت على استدانة مبلغ معين وضعته في اليوم التالي مع اوراق المعاملة عندها وضع هذا الموظف توقيعه في المكان المخصص خرجت من الدائرة وانا بين فرحة انجاز المعاملة وحيرتي في كيفية ارجاع المبلغ الذي استقرضته... وحقدا لا يوصف على هذا الشخص والدوائر عموما .... رفعت راسي عندما اصبحوا اكثر قربا حيث وقع نظري على هذا الشخص واستطعت ان اتبينه جيدا اصابتني نوبة من الهلع وكان افعى لدغتني صحت في داخلي ... انه هو ... انه هو... لكن حلمي بشراء الدمية منعني من البوح ومن سؤاله... من اين لك هذا ؟



نعمة ياسين عكظ
النجف – تموز 2009



#نعمة_ياسين_عكظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة قصية
- قطع الطرق العامة من قبل المسؤولين
- حيرة قصة قصيرة
- قسما اني لا ازور اقليم كردستان مرة ثانية !!
- الدفاع عن السارق
- ايها الفلاحون اسمعوا وعوا
- مذكرات ميت..........قصة قصيرة
- صدور قانون الانتخابات.... السلبيات والايجابيات
- حلم ........ قصة قصيرة
- الانقلاب ........... قصة قصيرة
- ازمة الثقافة والمثقف
- قصة قصيرة ..الصمت


المزيد.....




- شموع وصلوات وموسيقى في إسرائيل لإحياء ذكرى هجوم 7 أكتوبر
- -‏يلا غزة-.. فيلم يروي صمود وأحلام الفلسطينيين رغم الحصار وا ...
- القاص سعيد عبد الموجود فى رحاب نادى أدب قصر ثقافة كفر الزيات ...
- مهاتير: طوفان الأقصى نسف الرواية الإسرائيلية وجدد وعي الأمة ...
- باللغة العربية.. تعليق -هزلي- من جيرونا على تصدي حارسه لثلاث ...
- ميكروفون في وجه مأساة.. فيلم يوثق التحول الصوتي في غزة
- عبد اللطيف الواصل: تجربة الزائر أساس نجاح معرض الرياض للكتاب ...
- أرقام قياسية في أول معرض دولي للكتاب في الموصل
- ” أفلام كارتون لا مثيل لها” استقبل تردد قناة MBC 3 على الناي ...
- جواهر بنت عبدالله القاسمي: -الشارقة السينمائي- مساحة تعليمية ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة ياسين عكظ - قصة قصيرة الدمية