أمل فؤاد عبيد
الحوار المتمدن-العدد: 3163 - 2010 / 10 / 23 - 23:36
المحور:
الادب والفن
في لبنان.. للصباح مذاق مختلف .. حيث تبدا أولى ساعات النهار بتصبيحات مميزة بمراسها .. فيروز وفنجان القهوة وسيجارة وحالة من الانسجام بين أهالي الجيرة قبل ذهابهم إلى أعمالهم .. يتناوبون الضيافة على مر أسبوعهم كافتتاح لبهرجة يومهم بتسابيح غير عادية .. ثم يهرعون إلى أعمالهم يحملون من التوقعات بأكثر من يومهم .. حال الحياة هنا .. رهن الشعور بتفاريح قد ينتابها غارة جوية لا يتبدد معها اليوم بقدر ما قد يصبح عنوانا لرحلة استجمام بقية النهار .. رغم سواد التوقع يكون هناك الكثير هنا ما يستحق الحياة .. في المدرسة يكون للغارات شكل مختلف .. وإحساسك بالصفير قد يخلق لديك توترا شيطاني لذيذ .. يتبدد معه نهار الدراسة .. لتحمل الحقائب وتصبح أدوات قرع كما الطبول والإنشاد في الطرقات .. هي رحلة تنسجم والشعور بها كلما كانت الصبينة علامة تعالي على حالة الخوف .. أما في حالة الكبار يكون ارتحال الشهقات والتخوفات سريعة قبل الخطى .. حالة يتبدد معها انسجام الصباح بالندى الحميمي .. يأتي آخر النهار .. غافيا على شوق الغد .. تعاودنا حالة الرغبة في بدء نهار مشتعل بالطاقة والحركة وتفاريح بأغاني تشعل حماسة نهارنا .. جميعنا لا يفارقه شعلة تأبى الانطفاء .. في أمسيات الجيرة لا يختلف الشعور عنها في الصباح .. فهي تكون وكأنها حالة عسكرة رجال ونساء .. وضيافة لها مذاق الخصوصية .. يتناسون ما مر بهم وإن تشاركوا نصف يومهم بهموم عمل مشترك .. يبقى لإجازات العمل .. سر خاص .. يتفاعلون إحساسهم برقي مميز .. وإن تخالط ليلهم شيئا من القلق .. هناك يتفاوت حضور الأشياء بين خمر واختمار .. وخلطة الأرواح .. تتمايز الحنين بين موت وحياة .. تسرُّ شهيتها لبهجة لاحقة .. صباح بيروت ومساءه مثل نهر يتجدد جريانه حال الشعور به .. يتخللك ألف بريق وبريق .. وتغتالك في آن بغتة الحنين .. قاب قوسين أو أدنى من الشوق لشعور بالأمن والأمان .. فتلك البوابات المفتوحة على نزق الطامعين .. تسردك فيها آية تحتارك الكلمات والوصف لتشهرهك في وجهها .. ألف قنبلة .. وتستقي من جريان دماءك .. فتحا لألف خندق .. جديد ..
#أمل_فؤاد_عبيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟