نص حوار الشاعر العراقى سعدى يوسف مع جريدة - الاهالى - فى مصر

عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 951 - 2004 / 9 / 9 - 09:34
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    

الشاعر العراقي سعدي يوسف لـ «الأهالي» من لندن :

البعثيون قمعوا المثقفين .. والاحتلال قتلهم

العلاقة بين الشعر ومقاومة العدو وثيقة ، تمارس خلالها جميع أشكال النضال، فوراء كل رصاصة في قلب الاحتلال قصيدة عظيمة0

فما بالنا لو كان الشاعر في المنفي يعيش مرارة الغربة، يرسل صواريخه الشعرية عبر سطور نفاذة لأرض النضال والمقاومة0

من لندن «في بلد المنفي» تحدث معنا الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف - الذي تحتفل الحياة الشعرية هذه الأيام ببلوغه السبعين0

> الشاعر العراقي سعدي يوسف أنت الذي قلت:

من بلدٍ ستدور إلي آخر

ومن امرأةٍ ستفرّ إلي امرأةٍ

من صحراء إلي أخري

لكنّ الخيط الممدود مع الطائرة الورقية

سيظلّ الخيط المشدود

الي النخلة

حيث ارتفعت طيارتك الأولي . . .

> هل ستعود إلي بلد النخلة " العراق ".. ومتي يا سعدي؟

>> لن أعود إلي العراق في الوقت المنظور . أنا لم أترك العراق مستعبَداً لأعودَ إليه مستعمَــراً .

> وأنا امرؤٌ تزيدني الذكري رهَــقاً

>> اذن الحديث عن واقع الشعراء العراقيين في المنفي هو حديث عن جوهر المعاناة ووجوه المعاناة التي عاشها العراق وما زال منذ سنوات طويلة ومنذ فترة ليست بالعقود بل ربما أكثر من ذلك فقد ارتبطت المعاناة بالعراق والنفي أحد وجوه هذه المعاناة... ما تعليقك؟

> لم تكن المعاناة اختياراً . لا أحد يريد أن يعاني الأمَــرَّينِ ، كما يقال ، لكن الحكّام السفلة والمستعمِــرين أرادوا لنا ذلك .

> قلت أيضا ربّـما ساءلتُ نفسي الآنَ ، عمّـا أكتبُ الآنَ ...

لماذا أكتبُ الآنَ ؟

وفي أيّ مكانٍ أكتبُ الآنَ ؟

ألـمْ يُتعبْـكَ نصفُ القرنِ من ألعابِـكَ :

الصخرةُ والنبعُ

وهذي اللغةُ ... الألوانُ والغيمُ ...إلخ ؟

إنك لا تبدو دؤوباً مثلَ نجّــارٍ

ولا منتبهَ الـمَـلْـمسِ كالخزّافِ ؛

أنت الغافلُ..

> ألم تجد الاجابة علي هذه التساؤلات حتي الآن ؟؟

>> كانت أسئلتي هذه متّصلةً بمعضلة الفن عموماً . ليس من حلٍّ مطْــلقاً . ستظل الأسئلة قائمةً ما دام الفنانُ فناناً .

> ما هي طبيعة الخلاف الذي بدأته صحيفة (الخبر الاسبوعي) الجزائرية ومعك ولماذا تم تصعيده في كل أجهزة الاعلام ؟...

>> واقعُ الأمر ، لا أدري ما مقصدُكَ . أنا لم أسمع أساساٍ بصحيفةٍ اسمُها " الخبر " ، أعني لم يأتِــني عنها خبرٌ . أنت تعرف أن الزوابع تكاد تحدث في فناجين في أكثر الأحوال .

أديبنا الغائر في أعماقنا :

> كيف حال المسرح العراقي والعربي ... ؟ من ناحيتكم؟؟؟

>> المشهد؟ لا أطيقُ أن أتابعه .

> إلي أين تري سيفضي المشهد الثقافي العراقي الملئ بالأقلام والأدباء ؟

>> ليس من مشهدٍ ثقافيّ عراقيّ الآن . البعثيون والأمريكيون دمّروا المشهد.

> هل تعتقد أن الأقلام العراقية استطاعت أن تصور الواقع العراقي والأزمة العراقية بأكمل وجه ؟

>> قلتُ لكَ إن الدمار شاملٌ . لا أحد يكتب في العراق منذ الإحتلال . كلّهم ينتظر.

> تدور الآن قراءات جديدة للتاريخ العراقي الحديث كيف

>> واكب الأدب العراقي تلك المراحل؟

>>ليس من أدبٍ عراقيّ في الوقت الحاضر.

نحن في صدر الإستعمار ( أعني في مرحلة الإستعمار الأولي ) ، ، ولا شيء يتبدّي الآن .

> صدر بيان المثقفين الشهير بلندن لماذا توقف العمل بفكرة البيان، هل تعتقد ان الاستقطاب السياسي ادي لعدم تكون خطوط عريضة للمشهد الثقافي العرافي وللفكر السياسي العراقي؟

>> لم أكن أعرف أن المثقفين العراقيين كان تَـمَّ تأطيرُهم بتلك الصورة المقْـرِفة استعداداً لاحتلال العراق .

> لجأت إلي أسلوب جديد ومنذ مجيئك إلي لندن وهو قصر نسبي للقصائد مع زيادة الشحنة الانفعالية والمعني ما الذي أدي إلي ذلك .؟

>> ربما كان لحالتي النفسية دخلٌ في الأمر . لكني أُرجِعُ الأمر إلي استعمالي الكومبيوتر مباشرةً في كتابة النصّ الشعري .

> ما هو تصوركم لمستقبل الثقافة العراقية بعد دحر صدام ومامدي تاثير العودة المتوقعة علي تكوين ثقافة عراقية؟

>> علينا أن ننتظر طويلاً . الخراب الذي ألحقه صدّام وحزبه بالثقافة الوطنية لم يكن بسيطاً . لقد دمّرَ الوعيَ . والآن جاء الإستعمار ليكمل ما بدأه صدّام .

> أنت دائما تواكب الحدث وتسهم في إنشاء الدولة الديمقراطية...من خلال كتاباتك ولكن اليسار العراقي هو غزارة في الإنتاج الفكري والأدبي وقلة في المؤيدين لماذا واعني مثلا الحزب الشيوعي العراقي ؟

>> والآن ... اليسار العراقيّ قلةٌ أيضاً في الإنتاج الفكري والأدبي . كثيرٌ ممّن تعرف التحقوا بموكب المستعمِــرين ، وصاروا يشتغلون بمرتّباتٍ لدي الإدارة الإستعمارية . أمرٌ مؤسفٌ .

> وإذ نلتقي ، يتبادر لي أن أسألك ابتداءً : كيف ينظر الشاعر سعدي يوسف - وهو الذي قال إنه لا يستطيع أن يكتب دون احترام للمكان - إلي هذه الفضاءات الجديدة ؟ هل تجدها جديرة بعناية الشاعر وبالاكتشاف ؟

>> الشعب البريطاني ، مثل كل شعوب الأرض جديرٌ بالاحترام . أنا أعيشُ حياتي متوازناً . علائقي مع الناس حولي ممتازة . الطبيعة مختلفة لهذا تظل مفاجِـئةً بالنسبة لي . أنا محظوظٌ هنا في الأقل 0

> أنت أنجزت أشكالا متعددة من انواع الكتابة اعني الشعر الرواية والبعض الاخر يضيف القصة والمسرح إلي حركة انتاجه الابداعي .. ، لكنك ظللت مطروحا كشاعرٍ فذٍ .. الذي أود ان أسأله إلي أي درجة تري صحة ان المبدع يظل ينتمي للجنس الإبداعي الذي يجد نفسه فيه لأول وهلة ويظل يحقق اضافات فيه وحده، بينما يبقي متعديا أو بحدة أقل يظل ضيفا علي الأجناس الابداعية الأخري دون ان يؤسس لاضافات فيها.

>> من خلال هذا السؤال أسعي لتقييم الظاهرة ككل وليس انت كحالة فردية .؟

> أنا لا أدّعي إضافةً ، حتي في النصّ الشِعري ذاته . أنا ماضٍ في الدرب الطويل الذي سار عليه أسلافي ورفاقي ...

>> بلغت السبعين. كل عام وانت بخير وصحة.

ربع قرن أنت في المنفي. هل أنت نادم علي شيء؟

>> أنا سعيدٌ . المنفي منحني هذه الفسحة الـمَــزيدةَ من العمر . لو كنتُ في العراق ِ لكنتُ تحت التراب منذ زمنٍ طويلٍ .

> ولو تسنّي لك ان تغيّر شيئا مما حدث. ما هو؟

>>أن أنقل العراقَ من قارة إلي قارة ... أن أضعه في شمال العالَــم _.

> انت طالع من ظلامِ الحديد إلي عمر ِهذا الخرابِ المديدِ فقلت :

اكتفيتُ بقنبلتين رشقتُهما فوق كُمَّيْ ..قميصي

أباهي بأني مقاتلُ ثم أخاتلُ كي التقي بالفتاة التي ضيعتني وضاعت قصيدتنا في النشيج الذي

شيد الأصدقاء له هرماً هدهَّ الشعر .. اذن ماذا عن الحب والمرأة والحرب في حياة سعدي يوسف .. وانت الذي قلت ايضا :

ولو ننحني

ثم ندخل في العشق

لا صحراء الحروب

ولا غابةً من حطامٍ

تهدد أمن العلاقة؟

>> المرأة رفيقة رحلتي وصديقتي وضجيعتي . لا أتصوّر العالم يستقيم لحظةً بدون امرأةٍ .

> ما هو تقييمك للجيل الجديد من الادباء والشعراء العرب وما هو المطلوب منهم الآن ؟

>> لا يحقّ لي أن أقدِّم نصائح . أنا امرؤٌ أحمقُ بصورةٍ ما .

> ماذا تقول للمقاومة في العراق وما توقعاتك لمستقبل العراق الشقيق .. واين انت من الاحداث هناك .. وكيف تصف المشهد هناك الان ؟

> > سيظل الإستعمارُ في العراق طويلاً ، بأشكال قد تكون غير مباشرة ، لكن المحتلين لم يدخلوا ليخرجوا. أنا أضع فترة نصف قرنٍ من الإستعمار . لكن الشعب سيظل يقاوِم كي لا يمتدّ الإستعمار قرناً كاملاً.

> وماذا تقول للحكام العرب في هذا التوقيت بالذات .. وماذا تقول ايضا للشعوب العربية .. وماذا تقول لصدام حسين ومجلس الحكم الانتقالي للعراق ؟

>> نحن جميعاً في الجحيم ذاته .

http://www.al-ahaly.com/Archive/8-9-2004/Art2.htm

#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل