سمير طبلة
إداري وإعلامي
(Samir Tabla)
الحوار المتمدن-العدد: 3150 - 2010 / 10 / 10 - 08:40
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
(رد على مقال الأمس للرفيق لطيف حسن)
إن كان مهموم بـ"الابداع والثقاقة العراقية"، ومناضل معروف في سبيل قضية شعبه ووطنه العادلة يستعير مفردات مضطَهِده المقبور (كان سبّه يؤدي لاعدام قائله، او قطع لسانه، إن حالفه الحظ) يهدّد رفيق درب نضاله بالاعدام السياسي (ابعاده عن الحزب الشيوعي العراقي!)، فيهون ساعتها قبول تصريح خطيب الجمعة الصدري، قبل أسابيع، بقطع ألسن وأيادي من يتطاول على "جيش المهدي"!
وهل أصرخ من هذا مثالاً باعادة انتاج الدكتاتورية، وإن اختلفت تسميتها؟
وبمَنِْ يأمل، بعد اليوم، مفطور القلب على كارثة شعبه ووطنه الحالية، إن كان مثقفوه يخاطبون رفاقهم المختلفين معهم، سياسة او اجتهاداً، بمفردات "أصابهم الغبش والعمى" و"ترهات" و"ثرثرة" و"سفسطائية غير بناءة"؟
هي جزء قليل من مقال بعنوان استهجاني واضح (نماذج من أعضاء الحزب الشيوعي في هذا الزمن الأغبر) للرفيق لطيف حسن، نشر أمس في مواقع مختلفة، وأساء له، وللحزب، الذي نتشرف كلانا بعضويته، إن لم يصادرها مني الرفيق لطيف بعد؟!
وبعيداً عن أية شخصنة في حوار يمس أعرق وأخلص حزب سياسي عراقي، فمقاله لا يصب بأي شكل كان لهدف النهوض بالحزب الشيوعي العراقي، "قلب الحركة الوطنية والديمقراطية"، بعد النتائج المؤلمة للانتخابات البرلمانية الأخيرة. واستخدم مفردات حكمت عليها نتائج انتهاء الحرب الباردة قبل عشرين عاماً، رداً على كلمات نشرتها قبل أيام اجتهدت بها انتصاراً "لقضية الحزب العادلة، وهي قضية الوطن والشعب"، وللنهوض به لتحمل مسؤولياته التاريخية، بعد الفشل المريع لأغلب القوى السياسية العراقية الأخرى، خصوصاً المتنفذة منها، وبالملموس.
فإن كان "الحق الديمقراطي مقدس في توجيه النقد البناء"، حسب مقال الرفيق لطيف، فلم التهديد بسحب عضوية الحزب، وهي عند الشيوعي العراقي تعادل الاعدام السياسي؟
اما نعت المخالفين بالرأي بـ"الليبرالية"، ففشل تام، وبالمطلق، بمعرفة ما تعنيه هذه المفردة الجليلة. نهل فهمها، للأسف، من معين تعاريف تجربة انسانية، لم تزكها الحياة (الاشتراكية)، قدمت الكثير لشعوبها ولشعوب العالم، من دون اغفال نواقص بيروقراطيها، بل حكمهم المطلق، ليسلموا العالم أخيراً لأعتى قوة غاشمة، الولايات المتحدة وحلفائها. وغزو عراقنا، ونتائجه المرعبة اليوم، مثال صارخ.
فالليبرالية حسب رابط ويكيبيديا (الموسوعة الحرة)* "اشتقت من ليبر liber وهي كلمة لاتينية تعني الحر. والليبرالية حالياً مذهب أو حركة وعي اجتماعي سياسي داخل المجتمع، تهدف لتحرير الإنسان كفرد وكجماعة..."، وتعني الحرية، باختصار شديد. و"حرية الوطن" مقدمة هدف نبيل لحزب شيوعي قدم، ويقدم، تضحيات جسيمة لعراقه ولشعبه. وبالتالي فهي ليست سبّة، بل مفخرة. وأجزم ان مفكري الاشتراكية العلمية الأوائل كانوا من أعتى الليبراليين، لاستلهامهم مُثل الثورة الفرنسية (عام 1789) في "الحرية والأخاء والمساواة"، ووضعهم هدف سام في بناء مجتمع "حر" خال من كافة أشكال الاستغلال. وهو ما تهدف له الأحزاب الشيوعية قاطبة. فهل سنجرد أولئك المفكرين ومن سار على دربهم المشرف من عضوياتهم؟!
استغربَ الرفيق لطيف من وصفيّ "صقور" الحزب. وأعتبره "اثارة زوبعة من السباب وتلفيق الاتهامات الى قيادة الحزب". فقرّر اعدامي سياسياً. وعليه قبل هذا ان يأتي بحرف، وليس كلمة، "سب" في كل ما نشرته او قلته!
فالصقر طائر شجاع، و"حر"، ولكنه شرس ولا يرحم اعدائه، ومنها استخدمت مفردة "الصقور" سياسياً لوصف المتشدّدين ضد مخالفيهم. ولا سبّة فيها. دع عنك زعم "تلفيق اتهامات الى قيادة الحزب"، الذي نشرت مقالاً قبل أعوام عكسه تماماً منتصفاً لـ "قيادات الحزب"، من دون تأليهها، رغم الخلافات السياسية والفكرية والتنظيمية المعلن أغلبها. وثقت مشكورة مواقع إلكترونية هذا المقال.
فجميع الشيوعيين العراقيين، وكل من يضع مصالح شعبه ووطنه قبل مصالحه، عندي، مفخرة لعراقنا، ولي شخصياً. فلِمَ الضيق ذرعاً بالنقد، الذي يجتهد – ليس إلا – انتصاراً لقضيتهم العادلة؟ ولا يلغي هذا "من يتحمل المسؤولية الأولى عن نتائج الانتخابات الضعيفة للحزب".
اما عن طرحيّ "بشكل غير منضبط كما عودتنا تقاليدنا". فانقسام المجتمع العراقي أثنياً وطائفياً ومناطقياً وعشائرياً دليل مفزع، يوجب اعادة النظر بهذه "غير المنضبط" و"تقاليدنا" (كأنها مقدسات). فالزمن عفا عليها، ولم تزكها الحياة. والأخيرة معيار صحة الآراء والنظريات. فما قدّسته الشيوعية – حسب فهمي المتواضع – هو الانسان وحياته وحريته (ليبراليته!).
وإن أسلمنا لتقديس "تقاليدنا"، فكيف سنبني مجتمعاً جديداً؟
أما "منضبط"، فيجيب عليها واقع ان الغالبية المطلقة من أنصار ونصيرات الحزب الشيوعي العراقي الميامين، ممن وهبوا زهرة شبابهم، بعد ان وهبها أكثر من ألف من خيرتهم حياتهم الغالية، لقضية حزبهم العادلة. فلم تعد هذه الغالبية ترتبط بـ"تقاليدنا" ولا "منضبطة" إياها، و"لا تنتظم في هيئة من هيئات الحزب ممكن ان تمتص ملاحظاتها"، رغم عدم تخلي غالبيتهم المطلقة، أيضاً، عن شيوعيته. بل مجاهرتهم بها.
وعسى ان لا تسجل "ليبرالية!" زدّ عليها "تسيّب!" يستحق قائله "اعدام سياسي إضافي!"، حسب مقالة الرفيق لطيف، اعلان ان موضوعة ايجاد شكلين لعضوية الحزب الشيوعي (فاعلة وأخرى مشاركة او مؤازرة) نوقش عشية المؤتمر الثامن، وكاد ان يدرج في مسودة النظام الداخلي الجديد، إلا انه اجهض لاحقاً للأسف. وبالمناسبة فهذا النظام كرّر كثيراً مفردات الحر والحرية والتحرر، وكلها من مشتقات الليبرالية!
وعودة لتقديس "تقاليدنا" فينبغي تجريد انجلز من عضوية الحزب الشيوعي، لأنه تجرأ وكتب عام 1872 في مقدمة الطبعة الالمانية "للبيان الشيوعي" (صدر عام 1848) ان هذا البيان "شاخ في العديد من جوانبه"، وهو أحد كاتبيّه، اضافة لماركس، أعمق مفكري العصر. و بما تعنيه مفردة "شاخ" من خروج واضح على هذه "التقاليد"!
فهل هذه الأخيرة أكثر أهمية من "البيان الشيوعي" مثلاً، ايها الرفيق العزيز لطيف (ابو واثق)، كي لا تمس؟
وينسحب هذا على تقديس "العملية السياسية"، التي لم أطالب الحزب بالخروج منها اطلاقاً، وانما بعدم تقديسها. فهي ملتبسة التعريف، ونتائج تطبيقاتها مأساوية في عراقنا اليوم. وأتمنى هنا مخلصاً من يعرّفها لي علمياً او سياسياً او بأي شكل كان. ويمكن مراجعة حواري المنشور مع استاذي الرفيق كاظم حبيب في هذا الجانب.
ومن التاريخ: قدّس بعض الشيوعيين "الزعيم الأوحد" أواسط القرن الماضي، والويل لمن عارض هذا. واُدرج كل من تحفظ على "التحالف الجبهوي" أواسط السبعينات في خانة "آراء مخالفة"، لحقها ابعاد او ابتعاد عن الحزب. وها هي النتائج أمامنا تحكم على صحة أي من الآراء! فلِمَ تكرار الأخطاء؟ ومتى نتعلم منها؟
وإيجازاً، فالحزب الشيوعي العراقي اتحاد طوعي، حسب نظامه الداخلي، ولم يكن، ولن يكون، اتحاداً قمعياً. وهو ليس ملكاً لأحد، مهما كانت مسؤوليته او هيئته، وإنما لكل مناضليه ومؤازريه، بل لكل عراقيّيه، الذين وضع الحزب، ويضع مصالحهم فوق أية مصالح أخرى. والمطلوب اليوم البحث في سبل النهوض به، لتحمل مسؤولياته التاريخية. وما من سبيل لهذا إلا عبر دمقرطته وتجديده و... انفتاحه.
فهل من مجيب؟
وأخيراً، مزحة شيوعية أنصارية للرفيق "ابو واثق". عرّف النصير "ابو سطيف"، له الصحة والمعافاة، الليبرالي بالنص التالي "رفيق حبيّب وحنيّن، وما يضم شي على اخوته". والذكر الطيب أبداً للنصير الشهيد عادل "ليبرالي"!
10/10/2010
* رابط تعريف "الليبرالية" في ويكيبيديا (الموسوعة الحرة)
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D9%8A%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9
#سمير_طبلة (هاشتاغ)
Samir_Tabla#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟