|
ماذا تعلم ساركوزي من الرئيس اليمني !
بكر أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 3149 - 2010 / 10 / 9 - 16:50
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
أثارت قضية تعيين الرئيس الفرنسي لأبنه نيكولا ساركوزي رئيسا ( لوكالة التنمـية العمرانية ) حالة من التذمر والرفض الواسع بين النخب السياسية والفكرية وبين الشعب الفرنسي الذي خرج بمظاهرات رافضة لمثل هذا النوع من التعيينات ورفع بعض المتظاهرين لافتات كتب عليها ( جمهورية فرنسا العربية ) ورسمت الصحف رسومات ساخرة تُشٌبه ساركوزي بالحكام العرب الذين يوزعون المناصب على أولادهم وأقربائهم دون حسيب أو رقيب، حتى اضطر بعدها لخروج نجل الرئيس الفرنسي يعرب عن رفضه قبول هذا المنصب.
كان من الطبيعي أن ينتفض الشعب الفرنسي لمثل هذه الأعمال ويرفضها ويسخر منها لأنها غير سوية ولا متناسبة مع النزاهة والأمانة التي منحت للرئيس حين تم انتخابه، وأن القانون لديهم صريح وينص بعدم إستخدام النفوذ في أمور مخالفة للأنظمة كتعيين ابن الرئيس البالغ من العمر الخامسة والعشرين لمنصب قد يضع تحت يديه مبالغ تصل الي 1.94 مليار دولار في وقت ترتفع فيه نسبة البطالة بين الشباب الفرنسي .
يا ترى ما هي الجينات التي تغذي شعب و تجعله ينتفض لكرامته عن شعب آخر استلذ وقبِل بالإهانات والتفريط بحقوقه ، وأنا إذ اطرح مثل هذا السؤال استبعد نهائيا كون فرنسا دولة صناعية ضخمة، لأن الصناعة والتقدم العلمي لا علاقة لها بضمير الشعوب، وإلا كان الشعب الصيني أول المنتفضين على الاستبداد الواقع عليهم، لكن هنالك ثقافة فردية هي من تجعل من العقل الجمعي لأي شعب من شعوب العالم يمتلك دينامكية وحساسية كبيرة ضد أية محاولة لانتهاك حقوقه أو السخرية منه، وشعب فرنسا الذي أعطى العالم أروع ثورة ضد الاستبداد ليس من السهل أن يأتي أي رئيس ليفكر بالعبث معه .
بالنسبة لنا الوضع مختلف جدا، ومغاير لكل الأعراف الطبيعية، نحن شعب يحتاج إلى شعب جديد لم يألف كل هذا التلوث الثقافي والفكري والسياسي حتى يثور على جلاديه، أما هذا الشعب الذي يشاهد كل ما يحدث له دون أن يحرك ساكن هو حتما شعب ميت لا وجود له على خارطة التاريخ أو على الضمير العالمي، لأنه لا يوجد شعب يستحق الذكر عندما يصفه رئيسه بأنه مجموعة ثعابين وأن يصرح علانية بأن تعيين أبنائه وأقربائه ضرورة لحمايته وحماية كرسيه دون أن يتململ غضبا .
طبعا لا يخفى على أحد كم هم أبناء الرئيس وأقربائه وأنسبائه الممسكين في مفاصل الدولة الأمنية والاقتصادية الهامة، ونعرف أيضا أنهم يجبرون الشركات الأجنبية على التعامل معها وعلى الإدعاء بحمايتها وإلا فهي غير مسئولة عما يحدث لها وتأخذ مقابل ذلك مبالغ مالية ضخمة على رغم أن أمر الحماية هي شيء مناط بالدولة، إلا أن هذا الأمر وأن صار غاية في الاعتيادية في نظرنا ظهرت وكنتيجة طبيعية لهذه الخروقات القانونية فضائح فساد تزكم الأنوف، وكلنا يتذكر فضيحة تقديم شركة أمريكية رشاوى مالية إلى يمنيين في شركة اتصالات هاتفية ومن ضمنهم نجل الرئيس علي عبدالله صالح والتي نشرت بالوثائق في تلك اللحظة، وطبعا لم يحدث شيء ومر الأمر مرور الكرام وتناسى الجميع هذه الفضيحة التي أن وقعت في أي مكان آخر لسقطت الدولة وتعرض المتهمين للمحاكمة الفورية مباشرة، لكن هذا النجل هو الحاكم القادم على ما تبقى من خراب في هذا الوطن ، والجميع مسته خيفة من التعرض المباشر له ، فوطن يحكمه العسكر والاستبداد والاختطاف من المنازل ومن على الطرقات يجب أن يحذر الإنسان قبل النطق أو الحديث عن أي شيء يمسهم !
ولأن النظام الحالي يمتاز بطبيعة فاسدة وغير قابلة للإصلاح فمن الطبيعي أن تستمر الفضائح والاستنزاف الدائم للمال العام ، فها نحن الآن نسمع عن قيام شركة أمريكية أخرى بتقديم رشاوى لأبن شقيق الرئيس وذلك حسب صحيفة وول ستريت جورنال بأن وزارة العدل الأمريكية فتحت تحقيقا للتأكد من ما إذا قامت شركة أمريكية تعمل في مجال النفط في تقديم رشاوى منذ عام 2002م لصاحب شركة يمنية اسمها " زنك انفست ليمتد" ويدعى توفيق صالح عبدالله صالح وهو ابن أخ الرئيس اليمني من أجل تمرير عقود لها مع الحكومة، كما وحسب الصحيفة تم ابتزاز الشركة الأمريكية طوال فترة عملها حتى أنها وحين امتنعت عن الدفع وصلتهم رسائل تهديد عبر الهاتف للضغط عليها . هذه الأخبار ليست شائعات مغرضة ولا تصدر عن إنفصالين أو حوثيين، إنه الإعلام الأمريكي هنالك هو من يتحدث، وهذا الحديث ليس للتشهير بالأسرة المالكة لدينا،ولكنهم من أجل أنفسهم واحترامهم للقانون ورفضهم أن يستخدموا الرشاوى في تمرير أعمالهم التجارية وأن الجميع يقف تحت القانون ولا أحد فوقه مهما بلغت مرتبته السياسية أو العائلية.
فساد أعلى هرم في السلطة شيء مخجل جدا، كما أنه يفقد الأمل في محاربته أو التقليل منه، ومادام الحكم قائم بواسطة الجيش والحروب والأزمات ، فعلى ما يبدوا أن هذا الأمر سيطول أكثر مما نتوقع، فهنالك حاليا جيل جديد في السلطة يريد أن يبرز وأن يأخذ نصيبه من الكعكة وهم أكثر عددا وصلفا وعنجهية من سابقيهم .
ولا عزاء لنا مادمنا ارتضينا بقائهم .
#بكر_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عمر البشير والرئيس اليمني ....قواسم شتى .
-
ماذا تفعل القاعدة في مدن جنوب اليمن .
-
مسلسل همي همك ، لماذا أغضب السلطة ؟
-
إرهاب دولة .
-
فهل نكن بشرا ..لمرة واحدة فقط .
-
ماذا تبقى من الحزب الحزب الإشتراكي اليمني
-
العرب ما بين الساسان وآل عثمان
-
وتمزقت اعضائها التناسلية
-
المانحون لا يثقون بالحكومة اليمنية
-
يمن ما بعد الحوثية
-
العالم يكتشف اليمن في اسوء صوره
-
أسلمة الجدار الفولاذي مع غزة
-
لماذا اعلنت الحرب على القاعدة في اليمن ؟
-
شيء فيك يشبهني
-
سحب ورقة التوت السعودية عن نظام صنعاء
-
في اليمن : إذ لا شيء بعد خط النهاية
-
اليد الفارسية في اليمن ...أقطعوها .
-
خيانة الرئيس اليمني من منظور بيت الأحمر
-
سياد بري وسوهارتو ...والرئيس اليمني .
-
يمن ما بعد الرئيس
المزيد.....
-
Xiaomi تروّج لساعتها الجديدة
-
خبير مصري يفجر مفاجأة عن حصة مصر المحجوزة في سد النهضة بعد ت
...
-
رئيس مجلس النواب الليبي يرحب بتجديد مهمة البعثة الأممية ويشد
...
-
مصر.. حقيقة إلغاء شرط الحج لمن سبق له أداء الفريضة
-
عبد الملك الحوثي يعلق على -خطة الجنرالات- الإسرائيلية في غزة
...
-
وزير الخارجية الأوكراني يكشف ما طلبه الغرب من زيلينسكي قبل ب
...
-
مخاطر تقلبات الضغط الجوي
-
-حزب الله- اللبناني ينشر ملخصا ميدانيا وتفصيلا دقيقا للوضع ف
...
-
محكمة تونسية تقضي بالسجن أربع سنوات ونصف على صانعة محتوى بته
...
-
-شبهات فساد وتهرب ضريبي وعسكرة-.. النفط العراقي تحت هيمنة ا
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|