أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - كريم - القرية 58 – 68















المزيد.....

كريم - القرية 58 – 68


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 3143 - 2010 / 10 / 3 - 22:18
المحور: الادب والفن
    


58


كلمّا وصلـْنا حدودَ جنـّتِنا

أطلقوا على سيقاننا

عدوى الطـِّراد

من الجوع الحقيقي في جوف أيِّ كلبٍ وأنيابهِ،

فـَعَدَوْنا ولم نهرب.

إلهُ الجوع (رمزُ الخوف في الفكين)

قرّبَ الأنفَ من العينين

لاختبار ما تقوله الأذن القديمة،

لأن الفمَ الذي يستجيبُ لهذا الخوف

يُعيدُ من الماضي كثيراً ،

فيكون الرأسُ، بدءا ً من الأسنان، هو الماضي،

لذا صار اللسانُ تأريخاً فريداً،

ففي كل يوم ٍ صادق ٍ كان يمرّ ُعلينا

ترتدي أكاذيبُ الأغنياء

لوناً جديداً من جرأةٍ رعناءْ

كان منبعُها الوحيدُ في السالف الأمعاءْ،

حيثُ منبَثـَقُ النزفِ أيضاً في جرأةِ الخوف!

لذا فإن كثيراً من ضحايا الفخاخ

تموتُ، وهي طليقة ٌبعد الفرار،

من نزفٍ بأمعائها؛

وثبَتْ عواءاتٌ علينا ألفَ مرة

(كذلكَ تبقى)

لتنهشَنا

كلّ ٌبألفـَيْ لسان ٍطويل ٍكاللجام

عريض ٍكالحزام!

قالوا لنا أن الهُـنا عالمٌ للأغنياءْ!

لذا فالهـُناكَ تكون لهم أيضاً!

لأنّهم يرثون الجنـّتـَيْن في كلّ عصر ٍبائس ٍ،

وعلى التوالي!

في أوّلها بعد إجتياز المسافة الملغاة

بدءاً بأعمارِنا؛

جَرَيْـنا وسالتْ دمانا من حسرةٍ إلى حسرة

لأنـّا فقراءَ كـُنـّا، فإنـّا

وُلِدْنا في اكتفاء القرى بحفـْنات الشعير الهزيل

على خِرَق ٍ في عمق أسواقها

بالحَشَفات ِالحامِزات ِفي أطباقها

وريح ِدبس ٍقليل ٍ كان له لونُ الشمس والكهربْ

وتمْر ٍفي الخِصافِ والقـُففِ الحانيات على خوص ٍ ملوَّن ٍ وغبارْ؛

فالجنة َ التي منحونا

وكان اللهُ صانعَها

لم تكن جنتـَنا،

وكانت تثير فينا غباراً

رقعة ُ زيتٍ كظلّ ٍ ثابتٍ،

في الشارع المفضي لشمال قريتنا:

كان من قطةٍ دُهِسَتْ

وما زالَ بعض شُقرتِها وغبارها

يعلق بالأسفلتْ، كما بالشمس، قرب الرصيف!

ففي مدن الرذيلة المضحكة

كل شيءٍ كاذبٌ، شرسٌ، مغرور،

غريبٌ عن وَقار النخيل الذي في قريتي

وترابِ أسرارها

وعن وداعة الساقيةِ البيضاء

تمرّ مسرعة ً، خجلانة ، ًبسودِ الجذور.


59

سُقينا من حليبٍ تـُدَوِّمُ الفقاعاتُ فيه قذىً

حط َّ من مخالبِ المذراة الكبيرة

(أصابع ِاللـه)

من سُبوس ٍمُنـَسّفٍ

تـَطايَرَََ حُرّا ً

متواثبا ً، متسابقاً، متقلـّبا ً، هادئاً، خفيفا ً،

كحُبّ الريح للسَّعَفِ،

أديمُهُ الطينيّ ُشرقيّ ٌ

يحمي حدودَ المسافاتِ بين الحبوب

حاضناً أجنـّتـَها،

محتكـّاً بها، متلوّياً معها

صاخباً على طريقتهِ في الهسيس

والتدافـُع الهامس،

مُذ َرّىً سوى من الشكْ،

أو غضبِ المعنى؛

وكان قذى السبوس سارقاً من الألوان ماءَ الفيضان

كما يَغرقُ الفراغ ُ من صفو المياه،

لذا كنتُ من أيامنا تلك مولـَعاً

ببخار الرز

مُذ ْ تأكـّدْتُ أن الناسَ جميعاً يلتقون

في الحُب وانحناء الظهر في ضحل المياه

مسمِّرين سيقاناً تخوّضُ في المرايا بلا أقدامْ

فيلتقي الحُبّ ُ في العالم كلهِ عند اهتزاز الماء

موَيْجاتٍ مدوّرة ً،

لكن لا يلتقي الأنبياء!

فالوهمُ فرَّقـَنا في الرأس ِ والجِلـْدِ

كما في الرز والخبز

كما بحبِّ بعضنا أو كـُرهِنا

أو موتِـنا في الحروب!

60

زحَفـْنا تحت سقفٍ مُسلـَّح ٍ بالتبن ِالقصير

وشظايا من شُقرةِ القصب:

كلّ ُ ليطةٍ لها وجهٌ من عيار ٍ واطئ ٍ،

وحدودٌ

من شفة السكـّين،

وبطنٌ مخمليّة ٌ، وردية ٌ، بيضاء

قبلة ٌمسروقة ٌمن فم اليقطين

يُعيِّرُهُ القصبُ الممشوق

بخنـّةِ تشبه المزمار: يا لـَلبطينْ!

عُجِنـَتْ بأقدام الجنون

وسيقان الظنون

في خـُمرةٍ من السكون، عالية،

يومَ كان للركوع ما يؤلمُهُ

من ورَمَيْن في ركبتيه

يُعِينُ السجودَ الذي يشق دربَه

مسرعاً في السقوط،

يكبر كالهاوية!

فقد سافتْ كلّ ُ سبعةٍ تمسّ الأرض!

وكان اللهُ خزّافا ًيقابلُ المرآة

صانعاً وجهاً بلا سُمْكٍ،

لكنّ له عمقاً بعيداً

من الذلِّ ،

نافخاً نفـَساً في العبيد

متفحّصاً وجوهَهم، يقلّدُها،

ناحتاً قلبَ الغنيِّ من حجر ٍ

ورأسَ الفقير من فلـّين!


61

نشأنا بين جدران ٍ وَلـَدَتْ ألفَ إطلالةٍ

من عناد الشوك

تـحدّتْ من يمرّ ُ

من صَعَر الخدود،

تقولُ لها: نحن هنا،

وتخشى الشزْرَ من بعض العيون؛

بين أسوار ٍتراجعتْ

مهزومة ً كالصمود،

ثـُلـَماً أحاطت بالبساتين:

تلوحُ في البُعدِ حجارة ً منمّقة ً

كأربُع ِالأطفال،

فالرعودُ تعذبها مطارقاً،

لكنّ الأمطارَ ألحانٌ تحفرُ في التراب

بـِرَكاً صغارا

أو بُحيراتٍ في الزقاق، مكفكفة ً

دمعَ الميازيب،

طوالاً وقِصارا، تهبّ ُله ذرعانـُها

فتلتقي في الوثوب

ناشرة ً فساتينـَها الشفافة َالمغبرّة

تحضـُنه، وثـّابة َالترحيب،

ثم تعودُ مسرعةً ً

للوطن الطينيّ الحميم!

عازفة ًهدوءاً كصمت هذا العصر:

ظلاماً صادقاً

في ليل ٍ أمين!

أمطارُ قريتنا جاءتْني هنا

من ريح ملابسي المبتلـّة

بجرأة ٍكالسيول،

تستكشف المائلاتِ من الأراضي

ترودُ وديانـَها الضيقة

فتنهارُ أركانـُها عشقاً بها

كانهدام ِ ضفتـَيْن تـُسَلـّمان أمرَهما،

فينغمرُ!

لذا أكونُ هناكَ في كلِّ هديرِ رَعْدٍ هنا،

وحينَ الغيثُ ينهمرُ،

(كان، كما الآنَ، عصرَ حزن ٍ للفقراء،
ويأس ٍ للفنون
وعصرَ ليل ٍ، وحربٍ ودينْ،
وإلهٍ أخرساً كان،
ولم يزلْ ،
وأكاذيبْ.)

فكلّ ُسور ٍكان من الأرض التي يحرسُها

يُطوّقـُها برفق ٍ بلونه الأملس،

(كذلك طوّقتـْنا أحياءٌ بأرواح ٍتموتُ يومياً،
لها دُكنة ُالسماء بليل ٍغائم ٍ)

لون ٍ كان يصقلهُ بعضٌ من عنادِ الغيث في الليل ِمن أيّارَ،

يَلـُمّـُهُ على نفسه وجـِلاً

كثيرٌ من وقاحة البرد في كانون؛

تشرّبَ من خجل الشحوب

وهزيمةِ الأقدام،

"خاشعا ًمتصدّعاً

من خشيةِ" الرصاص في الكـَرَبِ

وقاماتِ النخيل الكبار

(تدَرّجَتْ، شائخة ً، بالرماد
بعضُ القدود،
وقد أشابَها المطرُ)

فتمايلتْ بصرير ٍ خافتٍ، وأنينْ

تكبّرتْ هاماتـُها الخضر محتجّة ً

عمالقة ً في صراع الريح؛

بهذا السور ِ يُقالُ هذي الحدودُ

حدودُنا،

فاللصوصُ هنا يتوقفون،

ويفكـّرُ المستطرقون،

فإنْ لم تخشَ النباحَ أقدامُهم

بانت الأهدافُ واضحة ً في الأفـْق ِ خلفَ النخيل،

قبيل إلهٍ عاقر ٍ(إله الموت تقتلـُه الغيرة)،

لأنّ كل عملاقةٍ، فيهنّ، دليلٌ لا يَتـِيه

فالجوزيّ ُ

وبعضٌ من الخستاويِّ

وأمهات الرضى والخمور

قد تموتُ وهي صغيرة ٌ (قبلَ تلقيحِها)

دون يد الإنسان تنشّ اللهَ عن الطلع

فلا يُسْكِرُهُ جوعٌ

قبلَ تـَمْرةٍ ناضجةٍ بلون الشمس

تمرّدتْ بين ثلاث أصابع ٍ

تفلتُ من جلدِها الشفاف،

دونَ خبرةِ أنفهِ قبلَ الرضاع

ليعرفَ أمَّهُ

باحثا ً، متنقلاً، متثاقلا ً بين سكـّر ٍ وعطورْ؛

لكنّ كلَّ عملاقةٍ

من العيطاتِ في أراض ٍ من تواضع التين

وجرأةِ السواقي

تواصل التحليقَ إلى السماء

تـُشيّصُها المسافة ُ الفارعة،

تلوذ ُ بتلقيح الإله، تستولي عليه، يستولي عليها،

فلا يعثر اللصوصُ على تـُمورْ!


62

كبُرْنا في الصبر بلا سفر ٍ

واشتهاءٍ للحنين.

شَبَبْنا عند دورات الرُحى

وحبّاتِ قمح ٍ حاشفٍ

تذوب بين الحَصى الناعمات النائمات الناتئات في القرص الكبير

قبضة ً يُسرى بعد قبضةٍ يسرى

تموعُ في عين الحديد

بوسْطِ اسطوانةٍ

فغرغرَتْ وتحشرجَتْ،

وخشرمَتْ مكتومة ً

موسيقى الحجر،

ثم تأتي التواءاتُ الطحين:

هطولـُهُ مَساقِطاً،

(كما لم يَصْفُ الحليب)

على سُمرةِ أجسادٍ أدمنـَتـْها

مفارشُ الرّحى من قديد،

أيامَ تلوّتْ مراراتٌ به

من بذور التـمْر

وخبث الجيوش الغريبة والمدينة

(في العصر الحديث قد خلطوا
بـِرادة ً من عصرهم في الطحين)

تليها مرارة ٌ أخرى من حرقة التنور،

فلا يخدعُنا رغيفٌ؛

غيرَ أنـّا لم نكن نستطيعُ ازدرادَ الطعام ِ، كما الآنَ، وقتلانا

هناكَ ينتظرون.

كيف نمضُغـُه وهم فينا ينظرون؟

(ورَثـْنا من النهرين عدلاً وأمانة)

ألا نخونـُهم عندَ أيِّ نسيان ٍ،

أو حينَ نبتسمُ؟

تساءلـْنا بلا لسان ٍ :

ألا نـَخـُونـُنا،

دون ما يكفي من زرقةِ الكروم ِالشائخاتِ من حَزَن ٍ،

حين نرتوي نبيذاً كالشبابْ؟

فكيف نـُرْضيها ونـَرويها؟

أليس للنسيان وشمٌ غريبٌ على ظهرهِ

يروِّعُنا كالخيانة؟

ألا يخدعنا، كعادتنا، لدفن الحزنْ،

ككذ ّابٍ يناولني

رغيفاً زائفاً، كالثواب؟

لذا كثيراً ما غادروني لحُزني

كي يرتديني ثياباً خفافاَ

وكان بي مسّ ٌ من رصاص

وشيءٌ من مَسْحَة الموسيقى، تكفكفني،

واختناق اللونْ.


63


لذا كان ألفٌ من "البشاتق" في جوفي!

تمشِّط أمعائي،

تنسج منها ألفَ نشيدٍ

قصائداً كالجوع

كان سَداها رأسيَ المخدوع

ولـُحمتـُها

أقاصيصَ الأنبياء!

لكنَّ الفكرَ خامُ اللسان

ينسُجُه العقلُ

يفصِّلـُهُ الحديث

يَخِـيطهُ البقاءْ.

فأمْتدّ ُبكل صوفةٍ شفـّفـَتْ لونـَها أوردتي

وتجرّ ُأمشاط ُ الحديد ما تبقـّى من شعور ٍسود

تتعالى

تـَشـْقـُرُ في شمس الغروب،

تطوي سحائباً، كُراتٍ، وتِلالاً حرائقـُها

في انطفاء؛

بقلبي تـَلـَوّى

بما يُبْرَم في رأسي

من مغزل الأيامْ

تليها رياحٌ رصاصية ٌ كراياتٍ

تمتص الشمسُ ألوانـَها

فتهرّأتْ خيوطاً في الريح ِوالمطر

تذكـّرُني بثوبِ فلاح ٍ

وهدوم الفقراءِ في قريتي؛

لأنّ ما لا يخفتُ من أنين ٍ صامتٍ

كالذي يُدارُ ويُلوى

سحيلا ً بين وسطىً وإبهام

بأنمُل ٍسافتْ بسفّ السِّلال

وفي دمي

سيجعل اللـّهَ لا يرفض الموتَ الرزين

في قلوبِ الفقراء والعظماء

الموتَ النهائيَّ السعيد،

أكثرَ الموتِ عدلا ً،

يزيّنُ خامَ الكلام ِالحزين

بـِذلة ً لمستقبل العيد

فلا تليه أشياءٌ صغارٌ كثارٌ، كما نرى

تزاحمتْ كانهيارات الجنون،

بمَن خانَ أقدامَهُ،

زَرَداً،

كما في سلاسل الليل العراقيّ الذي أدْمَننا

تكاثرتْ في شباطاتٍ من بَرْدِ إلهٍ مخيفٍ غابر ٍ، وجريمة

كانت ستأتي في حزيرانَ أيضاً

تتوالى

بدائلا ً ليلية ً

لكل أشكال الهلال الرشيق ِ، في وجهتـَيْهِ،

شفتـَيْهِ الدقيقتـَيْن ِ

وفكـَّيْهِ النحيلـَيْن ِ، وأطوار القمر،

داكنة ً كالقواربِ والقوالبِ والقلوب

فنموّ رغيفِ النور الكبير في كبد السما،

ثم تضاؤلـُهُ كعادتهِ،

في انحسارَ الحُبِّ والأمل ِ -

زَرَدا ً في بقايا من درع هذا الليل؛

فـَلـْيَــل ِ ما يليني إذن بعد أن فاتَ الأوان

من شرور الكواسج ِوالبحور

وشِباكِ أوهام ٍ تلدُ الكلامْ

ولـْيَطـْو ِ ما يطويني من ملح أمواجها

فلستُ بعابئ ٍ بالتلال الزُرق تناوبتْ في الصعود

أنفاساً ستخبو بصدر الأرض

وقلبها المكدود.

64

بديلُ اللهِ ليسَ طعامَ الفقراء

أو كلامَهُمُ

البديلُ لبُكـْم الجائعينَ فمُ؛

(ليس العدلَ لهمْ،
بل حُكـْمُهُمُ.)


65

عيناكَ هنا، ما زالتا، عالـَماً

فريداً، بصيراً، مستقلا ّ ً، رحيبْ

ما زالتا في كلِّ سقفٍ

تساهرُني وتسقيني،

والذكرياتُ شكّ ٌ وقلبُ

معرفة ٌ وحبّ ُ،

وللنجْم ِتـَهديني،

تقولُ ما زالتِ الآفاقُ صادقة ً في غشّها:

أرضاً تـُضِلّ ُوقعَ القدمين

وسماءاً تحتالُ على العين،

(كلّ ُ ما لاحَ بينهما صحيحاً إنما
خطأ ٌوعَيْبُ!)

فكيف منها سيَروي ظمأي

سرابُ السؤال عن السراب

بأن-أكونَ، أو أن-لا-أكون؟

لأنّ ألوانَ المسائل ِكلـَّها فضية ٌ في مرايانا

ونوعُ السؤال ِ كنبع ِالسراب يُسيلُ العيونَ بقلبي

فتغمضُ كلّ عين ٍ عن شمسها ومياهها

فكيفَ أكون إذن كما همُُ ُالآنَ موتى العيون،

غيرَ بصير ٍفي مرايا الآخرين؟


66

كما أنتَ قتيلٌ بأرض ٍ أحببتـَها

قتيلٌ أنا الآنَ بكلّ مكان

لكنَّ جيشَ الخصم ِ موتىً

فكيف نهابُ موتىً لم يُقتـَلوا

لأنـّا كسبْنا الرهانَ على نوع هذا الموتِ،

ووجهتهِ.

قتيلٌ، بين موتىً،

أحياءٍ تموت يومياً

ولا تـُولـَدْ.


67

من أجل أن أرضيكِ، قريتي، كي تميلي لي

أ ُكثِرُ من قليلي

مبالغاً بالحَياء، كعادة الأرياف

عائداً إليك بهِ، ثقيلا ً، ضئيلا ً،

كالفضيلةِ في مُدُن الجريمة

حينَ مبكـّراً يموتُ رفيقٌ صادقٌ

فيذهب هذا الزمانُ اللئيمُ بصاحبي وخليلي؛

جئتُ هذا الزقاقَ ثانية ً لا حُبّاً لنفسي

ولا لمن يُقلـّدُ خوفي على عينيَّ من الأشواك

ولا لأ َمْسي؛

لأنّ الحنينَ هذا اليومَ له عادة ُالأمواج ِ وإصرارُها،

والأزقة ُالطينية ُفي قرى الشرق

تظل تحب الطينَ واللهَ، تـُرشِدُنا في عمانا

بعصا الجوع

لتـُلـَيْلاتٍ بحجم الكفْ

من الشعير النحيل ِوالحَشَفِ

في عمق أسواقها المظلمة.

وتبقى كثيرٌ من القرى بجنونها

فحين يموتُ فقيرٌ بقريتي

يعودُ حزنُ الفقراءِ، نشيطاً

لصدق الخسارة الزائفة

وإن مات غنيّ ٌ يفرحُ أهلـُهُ

بقادم ِالكسل ِ،

فمن يَضْحى عدوّاً لحُب الجميع وحكمتهم؟

فإنْ لم يكن في الشقاءِ ثباتٌ كالبقاءْ،

كيف يتم هذا الزوالُ المتواصلُ الأبدي؟

وإلى أين وجهة ُالمُزدَحَم؟


68

ما زال الأفضلون، كما أمس ِ، أوّلَ القتلى

(وأقدسَ الموتى، إنْ كان من معنىٍ للبقاء هنا،
وللقتال وللثباتْ)

وما زلتَ من الأفضلين القادمين غدا ًوأوّلِهِم

وأقدسِهم

وما زلنا بعار الحياة.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأشجار الأخيرة 3
- القرية - 57
- مداعبات مهموم الدهري – 5 – عن الياخة (الياقة)
- في الحرية - مسألتان
- أ ُريد حسابي هنا الآن
- عندما يتغلب الدين كلياً في النفس فإنه يتغلب على حب الوطن وعل ...
- عبد الرزاق عبد الواحد 1 طبقية المديح - الشاعر العربي وذهنية ...
- جرعة من التيار - 1
- يحيى والوصية الثانية
- الرمز في الوهم
- كم من ضَحَاكٍ بكى بنوروز - 1
- جرعة ٌ من الوعي المُرّ ْ
- القرية - 56
- الجِعْلان – ب -
- أحاديثُ القرية (2)
- حساء دجاج للعقل
- ملاحظات في الكتابة في الدين (7) في الفلسفة – ب – في التغيير، ...
- مختارات قصيرة
- صوغ العبارات السياسية الخادعة
- الخطى -6-


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - كريم - القرية 58 – 68