أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير زعبيه - بيت كان باردا (قصة قصيرة )














المزيد.....

بيت كان باردا (قصة قصيرة )


بشير زعبيه

الحوار المتمدن-العدد: 3141 - 2010 / 10 / 1 - 13:19
المحور: الادب والفن
    


مرة واحدة قلت لها متظاهرا وكأني أحدث نفسي :
- بيتك بارد ..
لم أسمع منها اجابة وددت أن تكون محددة ، لكنها ردت بجمل عديدة كأنها تشرح درسا فهمت من محصلته أنها لا تشاطرني هذا الاحساس ، وبدت حين تحدثت أنها كانت تبذل جهدا واضحا ليس لاقناعي فقط با ربما لاقناع نفسها أيضا ، اذ أنني لم أفلح في التقاط بعض المفردات التي نطقت بها بشكل أقرب الى الغمغمة رغم قرب المسافة بيننا وانتباهي المركّز لاجابتها ، لذلك لم أستقبل هذه الاجابة بحياد .. ثم لماذا اذن :" أعددت وجبة غداء لشخصين .. لك مسافة الطريق " وقبلها ذلك الابتهاج الذي ظهر في نبرتها حين جاءها صوتي :" آلو " ولم أنطق بعدها لأنها أقفلت السماعة فور تأكدها أن الذي رد على الهاتف هو أنا .. غير أن صوتها الآن يصدر بنبرة مخالفة تماما حتى لكأن احساسك يقترب من الشك في أن هذا الصوت هو نفسه الذي كان يهاتفك قبل قليل وأن الدعوة التي حملها لك كانت قاطعة فعلا ، أم هي مزحة لولا هذه المائدة المهيأة التي تنهمك في ترتيبها في الوقت الذي تحادثك فيه بما أفهمه اضافة أخرى للاجابة .. حتى عندما جلست قبالتي تفصلنا المائدة كانت تواصل اضافتها ، واذ قاطعت نفسها لتعلن أن المائدة صارت جاهزة انتهزت الفرصة لاتساءل بغير حياد أيضا :
- لماذا نجلس هكذا كمتفاوضين ؟!
وخلال المسافة التي استغرقها تنقلها من مجلسها لتصير بجانبي كانت قد عادت الى الحديث..
أشياء عديدة ازدحمت على المائدة وكأسان فقط وفي المكان رائحة جوع ..
حجرة حيدة ليست ضيقة تماما هي المكان كله ، كتب تناثرت في زوايا الحجرة الثلث أما الركن الرابع فقد حجب بساتر خشبي ليشكل ما يشبه المطبخ الصغير ، وليس ببعيد عن مجلسها وضعت بعض الكتب وجرائد غير رسمية في شكل عشوائي بدا أنه مفتعلا وها رحاب تمد احدى يديها نحو تلك الجرائد وتسألني ان كنت قد قرأتها أو سمعت عنها ثم تلاحظ أنها سيئة الطباعة وتنتقد موضوعا محددا فيها وتصف ما جاء فيه بالمغالطة الكبرى ، وتدلل على ذلك بكتاب قرأته مؤخرا فيما طافت بعينيها أرجاء الحجرة كأنها تحاول الاشارة الى ذلك الكتاب قبل أن تكتشف بما يشبه الافتعال أيضا أن الكتاب بحاذاتها فتتناوله على الفور ، لكنني أسارع القطع محاولت وشيكة منها لتلاوة فقرة أو صفحت ما مفصحا بلهجة المكتشف عن اعجابي بطريقتها في اعداد الأكل .. ورغم تراجعها عن محاولتها واعادتها للكتاب جانبا الا أنها بدأت تسرد تفاصيل ملآخذها عن الموضوع دون أن تنسى كعادتها اقتناص أو صنع فرص لاعلان موقفها المترفع عن النظرة النسائية في التحليل والرافض لمثل هذا التصنيف أساسا ..
هكذا هي رحاب منذ أن عرفتها قبل ثلاث سنوات حين بدأت اقامتي في هذا البلد المشرقي الشقيق ، لاوقت لديها لما تسميه بالثانوي ولا شيء لا يتحول عندها الى مشروع حوار أو نقاش حتى عندما يتعمد أحد مغازلتها مازحا أو قاصدا فان ذلك قد يصبح بقدرتها رأس خيط لقضية جوهرية أو عنصرا جديدا تلتقطه لتعزز به برهانا قاطعا لنظرية ما تتبناها .
لعلني الوحيد أو هكذا تهيأ لي طوال معرفتي بها من كان يثير فيه سلوكها احساسا أقرب الى الاشفاق لسبب لا أستطيع تحديده .. من جاءت ملاحظتي :
- بيتك بارد ..
ثم لم أعلق على سيل الحديث الذي ردت به رحاب على هيئة اجابة ، بل ملت باتجاهها حتى اختنقت المسافة بيننا وكانت حبة حمص قد سقطت حينها قبل أن تصل شفتيها ورأت أنني قررت أن أخوض محاولة خاصة لاعادتها الى فمها الصغير الذي صنع مع عينيها التين اشتقتا لونهما من دخان حالة بين الترقب والاستغراب ، اذ بقيت الشفتان متباعدتين في هيئة انتظار بينما ظلت العينان تتناوبان النظر مرة الى وجهي وأخرى الى يدي التي تخوض المحاولة وحتى أتمكن من الوصول الى الحبة والتقاطها كان لا بدّ أن أصنع وضعا مريحا أسند فيه مرفقي الأيسر الى رحاب وتحديدا عند منطقة الجانب الأيمن من الخصر وأمد يدي اليمنى الباحثة ، وحين صارت في متناولي أحسست بمحيطها الصغير المستدير وبأنها تصلبت بسرعة بين أصبعيّ ، لكن اعتدال رحاب المفاجيء الى الخلف أحبط شعوري بالظفر وجعلت حركتها المفاجئة حبة الحمص تفلت مرة أخرى وتبتعد ثم تختفي ..
منذ تلك الجلسة لم اعد ألفت انتباه رحاب الى برودة البيت بل كنت أستجيب لحواراتها وأبادر باختراع الفرص التي تتيح لها استعراض واستخلاص استنتاجاتها النظرية وأوافقها .. ولا بد أنني لم ألحظ خلال الوقت الذي مضى بعد ذلك تغيرا ما في مسلكها الا ذلك الايقاع البطيء الموحي الذي نطقت به مرة :
كأنما الصوت وكأن تلك الكلمة كانت جملة مفيدة تغني عن استطراد رحاب :
- أعددت ...
قاطعتها لأتساءل ان كان الصوت فعلا صوتها فقاطعتني بدورها خشية أن أمهد لاستحضار عذر : سيكون الحمص على المائدة ..



#بشير_زعبيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخفّاش (قصة قصيرة)
- مثقفون.. ومثقفون !
- الطابور ( قصة قصيرة)
- قريبا من البحر ( قصص قصيرة )
- ابتسامة أعرض (قصة قصيرة)
- درس كاليغولا
- هل لنا أن نحلم بغير هذا ؟!
- لبنان المختصر في (لعبة) أو (ورقة) !
- ماالذي ينتظر في الأفق هناك ?!
- اختطاف مشاهد !!
- اعلام يخاطب نفسه وآخر يسمع نفسه !
- سيرة ذاتية للمفاوضات العربية الاسرائيلية !!
- قصة قصيرة : الهاتف
- السّلام الأخير
- اللهمّ أرزق الصومال بنفط من عندك !!
- -القتل رميا بالشائعات-
- سؤال الصحفى ورد الرئيس
- قصة قصيرة : اش ..
- سباق مغاربي مقلق: التسلح يتقدم والتنمية الى الخلف
- ايران الثورة .. كنت هناك : ( 2 ) ذلك الثوري صاحب قاموس الممك ...


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بشير زعبيه - بيت كان باردا (قصة قصيرة )