|
متى يصار إلى النطق بالحقائق ؟
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 3130 - 2010 / 9 / 20 - 15:04
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليست هناك من مثلبة يضيق بها حيز النفاق ، اكثر من ان يصار الى تزييف التاريخ ، وليس هناك من خزي يمكن ان تصطبغ به هيئة مدع بالثقافة وحمل صفة البحث الفكري ، أكثر من أن يسلك ذلك المدعي سبل إكساب ردح من الزمن ، يمتد الى ان يكون عهدا من العهود ، صفات هي ليست فيه ، والغاية دائما هي كيل المديح ، أو كيل الاتهام دون وجه حق . لقد ابتلي تاريخنا ، وعلى مر العصور ، بمن أسخى عليه بما ليس فيه من حقائق .. وغابت عن صفحاته او غيبت الالاف من الاحداث ، لتحل محلها غيرها مما يعتبر زيفا بامتياز ، والهدف في جميع الحالات ، هو قتل الحقيقة والانتصار الى الضد منها مع سبق الاصرار والترصد . ومن أوضح ملامح التزييف ، هي تلك التي تأتي من شواخص لا زالت مصرة على ارتياد مواقع متقدمة في مجمل الحركة الفكرية المعاصرة في بلداننا ، متناسية او متعمدة النسيان ، بأن مجريات الاحداث ، قد قلبت الطاولة تماما من امامهم ، وكان عليهم الامتثال للحقائق التي ولدتها مكامن الحياة كما هي ، دون الابقاء على مراسيم الخضوع المشينه ، والتي كان يمتاز بها الالاف من الشباب ، لافكار قتلها التحزب ، والجمود العقائدي ، والامتثال الاعمى لمن هم في قيادة حركات كانت تدعي بانها تحتل مكانة مرموقة في نسيج النضال اليومي للجماهير . ومن المؤسف حقا ، هو أن تلكم الرموز، لا تريد لنفسها ان ترتاح ، وأن تطفيء رغباتها الجامحه في الظهور ، واحتلال ما اعتادت عليه من مراكز كانت لها في السابق ، لكي تمنح الفكر المتجدد فرصة ان يبرز ، معتمدا على أسس جديدة لا يغطيها غبار الماضي التليد ، ولا يعرقل مسيرتها نظام داخلي ومؤتمرات استثنائيه ، ولا يقهر من خلالها اصحاب الاسماء الكبيرة من يسمونهم بالقاعده ، حين يفرضون على تلك القاعدة المستضعفه ، تحليلات مبتسرة ، لواقع يؤمنون به من طرف واحد ، ويخربونه هم انفسهم من خلال سطوة تنظيمية لا ترحم ، لتكون النتائج فيما بعد كارثية التأثير ، ولكن في حياة القواعد وليس في حياتهم هم . لا زالت تلكم الرموز التي لا تريد لفكرها ان يتجدد ، تلوك ذات المفاهيم القديمة ، وكأنها واقعة في اسر ترنيمات مقدسة لا يجوز الخروج عن نصوصها ، فراحت تردد وبصوت نشاز ، ذات الرؤى الميته ، رغم ان تلك الرؤى ، مسحتها تطورات الحياة ، واغنتها سبل الواقع المولود على أبواب التاريخ الحديث لبلداننا دون استثناء .. فلا قيم الاستعمار بقيت كما هي ، ولا معاني الكفاح اليومي للشعوب ضلت كما كان يصورها الفكر الثوري أيام زمان .. في حين افرزت تجارب الحراك السياسي في المنطقة ، حقائق دامغة ، تشير الى أن البقاء ضمن الهيكلة الحزبية الضيقة ، والتي وصلت الى اخطر واسوء معانيها في شعار ( نفذ ثم ناقش ) حين تبنته واجهة الفكر القومي المتردي ، وناغمته الاحزاب اليسارية في اتباعها سبل السيطرة الفضة على حقوق البشر في حرية التفكير بحجة المركزية الديمقراطيه ، قد افضى الى اسوء مراحل التسلط الفكري المؤدي الى الاستخفاف بعقول الشباب ، ووضعهم مشاعل نار ، احرقت الالاف منهم دون طائل جراء السياسات الفارغة ، دون ابداء الاحترام حتى للفكر المتبنى من قبل قادة ذلك الفكر . ومن المشين حقا ، ان نرى ذات الرموز القديمه ، او من تبقى منهم ، لا زالوا يرددون نفس النغمة الميتة .. فالمرأة في بلادنا ضحية الصراع الطبقي وحسب ، ولا شأن للدين في محاربة سبل عيشها والتربص بها ، ورميها لقمة سائغة للذئاب من سدنة الفكر المتخلف ، الظاهر لنا من وراء كثبان الماضي ، حاملا اسم الاسلام السياسي سيء الصيت .. والبطالة في صفوف الشباب جاءت ايضا وفقا لصراع طبقي متخفي ، بعيدا عن سموم راحت تغزو عقول الناس ، من خلال عشرات القنوات الفضائية وهي تبث عناصر الضياع ، وتفشي سبل الخضوع الى رقية لا شرعية ، تؤدي بالمؤمنين بها الى معاقل الجنون والخدر التام . الجماهير التي راحت تموت وهي تتدافع على الجسور في العراق ، لتنجد مرجعية دينية على حساب مرجعية اخرى ، وهي تهب بالملايين ، لتلبي نداءات توجه لها ليل نهار كي تمارس طقوس عافها حتى الهندوس ، ايضا وفق تلك التنظيرات البائسه ، لا زال صراع الطبقات ، يفرض نفسه على مجرياتها ، ليكون سببا وحيدا لحدوثها .. ولا زالت برجوازيتنا تخضع للتقسيم ذاته ، فهي صغيرة ومتوسطة وكبيره ، في حين لم يتبقى في بلداننا الا من هم عتاة البرجوازيين ، يقابلهم صعاليك البشر ، وليس هناك من وسيط بين الاثنين ، الا اولئك المتنعمين بمراكز الريادة في التحاليل الفكرية الميته . هي واحدة تلك الحقيقة المنبثقة من وراء الحركة اليومية لشعوبنا ، تلك التي تقول ، ان الاسلام السياسي ، هو صاحب الشأن في تغيير مسار إتجاه التاريخ في بلداننا ليرتد الى الوراء ، محدثا صدعا كبيرا في النسيج الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي في هذه المنطقة الموبوءة بترهات قادتها الى التأخر .. إنه ، الاسلام السياسي ، هو المسؤول الاول ، عن ظهور تداعيات أفرزت شتى حالات الفشل في عبور موانع ميادين السباق الانساني ، وجعلت من شعوبنا هياكل لتفريخ الاجيال العاطلة .. لقد ارتدت الحياة بعنف في الجزائر وكادت تنهار قيم المجتمع تماما ، عندما هبت فصائل العنف متسببة في إحداث الفزع في نفوس الناس ، والى الحد الذي جعل البسطاء يعمدون الى حماية شبابيك بيوتهم باسلاك الحديد ، خشية من مداهمة زوار الليل ، ممن امتهنوا القتل الشنيع بحجة ارساء دعائم الدين الحنيف ، ولا زال العراق رهينة لذات القوى ، وهو يسير باتجاهات ستأخذه الى متاهات الضياع وعلى كافة الصعد ، في حين بدأ الصومال يحتضر الان تحت مرمى نيران الوافدين من جبهة ما يسمى بالشباب المسلم . كل هذا يحدث ، والبعض من كبارنا ، لا زال يغني على ليلاه القديمه ، ليفسر لنا في نهاية المطاف ، بأن المرأة العراقية المستباحة اليوم ، بفعل سيطرة من يؤمنون بضرورة استشارة المرأة بغية مخالفة رأيها لمعرفة الصحيح في السلوك ، هي ضحية الصراع الطبقي لوحده ، او ان ذلك حدث بفعل الاحتلال لوحده ، وكأن ولاة امورنا الحاليين قد اجهدوا انفسهم في ايجاد مخارج لضحايا اسوء ظروف مرت بالبلاد ، وما يمنعهم من العثور على حلول هو المحتل ، وما يقف حائلا بينهم وبين انصاف ملايين الارامل ، والاف الشابات المصلوبات على ارصفة الشوارع بحثا عن عمل لتوفير القوت لعيالهن ، هو الجيش الامريكي الغازي . ترى .. متى ترعوي افكارنا ، لكي نصيب بها كبد ما نحن فيه من حال ؟ .. هذا ما ننتظره .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألشيطان رجل .. ( قصة قصيره )
-
رافقوني إلى القاع .. فذلك أجدى لمعايشة الحقيقه .
-
اليسار في بلادنا ، وتخلفه عن ريادة الحركة الشعبيه .
-
رمضان .. شهر الفقراء
-
حينما تؤمن أمة ، بأن سكينا تنطق !! .
-
مصير كادت أن تقرره حبة تمر
-
إحكام العقل ، وما ينتظرنا في رمضان .
-
للرجل ذكرى ، مازالت موقدة في ذاكرة العراق .
-
لماذا نحن ( خارج منظومة العصر ) ؟؟
-
تحريف المناهج التربوية في العراق ، لمصلحة من ؟ ..
-
يوم في دار العداله
-
أللهم لا شماته ....
-
رغم ما يقال .. سيبقى النظام الاشتراكي هو الافضل .
-
وجهة نظر من واقع الحال
-
من قاع الحياة
-
خطاب مفتوح لمؤسسة الحوار المتمدن
-
لماذا يلاحقنا إخواننا في الكويت ، بديونهم في هذا الزمن الصعب
...
-
ألقطة سيسيليا ...
-
المرأة في بلادنا .. بين التمييز والتميز .
-
من هو المسؤول عن مأساة ( منتهى ) ؟؟ .
المزيد.....
-
“ماما جابت بيبي”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على القمر الصنا
...
-
الإعلام الحربي للمقاومة الإسلامية في لبنان يعلن تنفيذ 25 عمل
...
-
“طلع البدر علينا” استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة الجديد 20
...
-
إعلام: المرشد الأعلى الإيراني يصدر التعليمات بالاستعداد لمها
...
-
غارة إسرائيلية على مقر جمعية كشافة الرسالة الإسلامية في خربة
...
-
مصر.. رد رسمي على التهديد بإخلاء دير سانت كاترين التاريخي في
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لقوات الاحتلال الاس
...
-
القائد العام لحرس الثورة الاسلامية اللواء حسين سلامي: الكيان
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان: مجاهدونا استهدفوا تجمعا لقوات ا
...
-
قائد حرس الثورة الإسلامية اللواء سلامي مخاطبا الصهاينة: أنتم
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|