|
تحريف المناهج التربوية في العراق ، لمصلحة من ؟ ..
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 3050 - 2010 / 7 / 1 - 18:26
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
أن يخرب بلد ما ، بفعل فاعل ، فهذا ممكن ، خاصة في عالم كعالمنا الموصوف دائما بحبه الى درجة العشق لملامح التخريب .. أن تندرس البنى التحتية لبلد ما ، بفعل فاعل ، وتموت احياؤه وتتهدم مبانيه ، وتتقطع أوصاله إربا إربا ، فهذا ممكن جدا ، بل وسهل في عالم كعالمنا التواق دائما لحرق جسده عند كل مرة يريد لذلك الجسد ان يكتوي بنار العدم . ولكن .. أن تصل الامور ببلد ما ، الى الحد الذي يجعله حائر في كيفية كتابة تاريخه ، فهذا ما لا يمكن تصوره . ترى .. من الذي سرق تاريخ العراق ، وجعل من قصة حياته ويوم مولده عرضة للخراب ، حتى بات اليوم حائر في اعلان انتسابه وتفاصيل نشأته الاولى ؟؟ .. ثم .. وهذا هو الاكثر مدعاة للحيره .. من الذي أوعز باعادة كتابة تاريخ العراق وتحت رعاية اليونسكو ، وكأنه بلد استطاعت احدى الحملات الاستكشافية المتمدنه ، العثور على حفرياته وبقايا شعبه ، في اعماق ادغال افريقيا المجهوله ؟ . هكذا يقولون .. فقد انتشرت مؤخرا ، انباء تحكي فصول مصيبة جديدة تضاف الى مصائب العراقيين ، مفادها بأن اللجان المكلفة باعادة صياغة كتب التاريخ ضمن المناهج التعليمية ، باتت تواجه صعوبات جمة ، تعرقل سيرها في اعداد تلك المناهج .. وتتضح تلك الصعوبات ، كما يقول اصحاب القرار بهذا الشأن ، في كيفية صياغة كتب التربية الاسلامية المقررة في المدارس والمعاهد والجامعات في العراق .. فعلى سبيل المثال ، الصلاة ، كما يقول نائب مدير المناهج بوزارة التعليم العراقيه ( الطائفة الشيعية يتركون ايديهم مستقيمه أثناء الصلاة ، بينما يعقدها أتباع الطائفة السنية ، فأية طريقة نعتمد ؟ ) .. فهل من حال أسوء من هذه الحال ؟ .. أيمكن أن يضاع السبيل لبناء ذاكرة أجيال شعب من الشعوب ، بسبب الاختلاف في استقامة أو عقد الايدي عند إقامة الصلاة ؟ إنني لا أدرك حقا ، كيف يمكن لبشر سوي الذهن ، تتملكه حسن النوايا في إظهار حبه لدينه قبل ان يظهر حبه لبلده ، وهو يقرر ويقر في آن ، أن مسيرة التاريخ يجب ان تقطع سلاسلها المتواصلة بسبب اختلاف طائفتين مذهبيتين في تفسير وقفة تعبد . ولا أدرك ، ولن ادرك ، كيف يمكن لمن يدعي توازن في التفكير ، أن يجرؤ في زمن باتت فيه أمم الارض المتمدنه ، لا تتوقف عند فصول ماضيها ، بقدر توقفها أمام حاضرها ومستقبلها ، كيف يمكن لذلك المتوازن عقلا وجسدا ، أن يجرؤ على محاكاة طائفتين مذهبيتين حين تختلفان في طريقة الصلاة ، ليقرر على أساس هذا الاختلاف ، طريقة واساليب التعليم في بلد يحمل اسما ، ويمتلك سفارات وله علم وجيوش . لا أعرف سببا منطقيا لذلك التعمد في سلوك سبيل اللامبالاة ، من قبل المنظمات التابعه للامم المتحده ، متمثلة بمنظمة اليونسكو ، حيال ما عانته مناهج العراق التعليمية وعلى امتداد تاريخ لم يكن بالقصير .. فلقد انهالت ابتداء من عملية السطو على مكتسبات الشعب العراقي بانقلاب عام 1963، معاول الهدم ، لتطال كل صروح البناء التربوي وعلى اختلاف مستوايته ، وباتجاهات اريد لها أن تخدم أهداف الحكومات المتعاقبة ورموزها وأدعياء الوطنية فيها ، ورغم ذلك لم تتحرك تلك المنظمات باتجاه تحجيم عمليات التزوير المشينه ، سواء في الكتب التعليمية ، أم في إفرازات الحقب التاريخية من آثار وتماثيل ومساحات شاسعة لابراز الموروث الحضاري الغني لشعب العراق ، منذ أقدم العصور ولحد الان . حتى ظهرت مؤخرا ، وعلى طريق ترابط حلقات سلسلة الاستهانة بمقدرات الشعب العراقي جملة وتفصيلا ، عمليات فريدة من نوعها ، تدعو الى نسف كامل ما تبقى من خزين الذاكرة العراقية ، والبدء بإفراز تشكيلة جديدة ، تتسم بكونها عبارة عن وليد هجين ، لمعتقدات لا تمت للواقع المعاش بصلة ، عدا عن كونها مجرد أوهام عافتها الشعوب المتحضره منذ زمن بعيد .. فأية حال اردى من حال يقف المعنيون بالواقع التربوي خلاله في حيرة من أمرهم ، قبل ان يقرروا بماذا يهتدون في كتابة تاريخ البلاد ، هل على أساس ما يقوله السنة في صلاتهم ، أم على ما يقوله الشيعه ؟ .. إنني لا أجد حرجا ، أمام هذه الصورة ، ذات الالون البالغة العتمه ، في أن أطالب بتفعيل المادة القانونية التي تقضي بحجز ولي الامر، حينما يبلغ من العجز في التفكير وعدم القدرة على اتخاذ القرار ، لتشمل اولئك الذين اوكلت اليهم مهمة التعامل مع الذهن التربوي العراقي ، وعزلهم وإعادة النظر في أهليتهم لتولي هذه المسؤولية البالغة الخطوره .. وإلا فإن الاجيال القادمه ، ستبقى ، ولزمن غير معلوم ، في ضياع تام وسط غابة مظلمة من مجاهيل الفكر السلفي والعقائدي ، المستند على أصول مذهبية من صنع خيال المتنفذين من رجال الدين وأعوانهم ومريديهم . وحينها سوف تتراجع وبشدة ، كافة المفاهيم المدنية المتبقية لدى شعبنا ، والتي أصبحت الان ، أكثر من أي وقت مضى ، مهددة بالاندثار حيث يصعب بعثها من جديد .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يوم في دار العداله
-
أللهم لا شماته ....
-
رغم ما يقال .. سيبقى النظام الاشتراكي هو الافضل .
-
وجهة نظر من واقع الحال
-
من قاع الحياة
-
خطاب مفتوح لمؤسسة الحوار المتمدن
-
لماذا يلاحقنا إخواننا في الكويت ، بديونهم في هذا الزمن الصعب
...
-
ألقطة سيسيليا ...
-
المرأة في بلادنا .. بين التمييز والتميز .
-
من هو المسؤول عن مأساة ( منتهى ) ؟؟ .
-
أنا والمجانين
-
واحد من مشاريع التمرد ، إسمه ستار أكاديمي
-
تشضي الشخصية العربية ، وفقدان وسيلة التخاطب .
-
ألنفط وصراخ الكفار
-
يوم في مستشفى عمومي
-
أين نحن من توقعات مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجي
...
-
ألفرات وقربان المدينه .. ( قصة قصيره )
-
مشاوير شخصيه ، في ثنايا الماضي .
-
حينما تصر الجماهير على رفض مسببات خلاصها .. أين الحل ؟ .
-
أعمارنا ليست عزيزة علينا ، وحربنا معها مستمره .
المزيد.....
-
-الشيوخ- الأمريكي يوافق على حزمة مساعدات لأوكرانيا وإسرائيل
...
-
مصرية الأصل وأصغر نائبة لرئيس البنك الدولي.. من هي نعمت شفيق
...
-
الأسد لا يفقد الأمل في التقارب مع الغرب
-
لماذا يقامر الأميركيون بكل ما لديهم في اللعبة الجيوسياسية في
...
-
وسائل الإعلام: الصين تحقق تقدما كبيرا في تطوير محركات الليزر
...
-
هل يساعد تقييد السعرات الحرارية على العيش عمرا مديدا؟
-
Xiaomi تعلن عن تلفاز ذكي بمواصفات مميزة
-
ألعاب أميركية صينية حول أوكرانيا
-
الشيوخ الأميركي يقر حزمة مساعدات لإسرائيل وأوكرانيا وتايوان
...
-
واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|