أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابتسام يوسف الطاهر - اليسار واليمين وصراع المصالح















المزيد.....

اليسار واليمين وصراع المصالح


ابتسام يوسف الطاهر

الحوار المتمدن-العدد: 946 - 2004 / 9 / 4 - 12:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تؤكد الدراسات العلمية المتخصصة بالطبيعة البشرية، على ان في كل منا نزعتا خير وشر، والحكم علينا او تحديد شخصيتنا او طبيعة سلوكنا يكون بناءا على تحديد نسبة احدهما وتغلبه علي الاخر.اذن ميزة الانسان هي محاولته وعلى مر العصور، لتشذيب عقله وروحه وسلوكه، وقد لعبت الاديان دورا كبيرا في ذلك حيث كانت كلها تركز علي محاولة زرع بذور الخير، والحد من النزعة الانانية لدى الانسان وترغيبه بمساعدة الاخر والتفكير به.ولكن ذلك لم يمنع من استفحال حالة الطمع والانانية لدي البعض، مما انتج مجتمعات قائمة على استغلال الاغلبية فظهرت المجتمعات الطبقية التي يحكمها اقلية من اغنياء ارستقراطيين، ليرزح غالبية الشعب تحت طائلة الجوع والحرمان.ويبدو ان الاحزاب السياسية حاولت ان تلعب دور الدين في كسب مريدين وخاصة بعد تراجع النزعة الايمانية بشكل ما، لكن حتي هذه اي الاحزاب، سرعان ماغلب على قياداتها النزعة الانانية وتمسكها بهدف السيطرة على مقاليد الامور والتسلط.وفي القرن العشرين استفحلت ظاهرة التحزب وتكاثرت الاحزاب انشطاريا، بحيث صار حتي للاديان احزابها وشملت حتي ابناء الطائفة الواحدة، وبعض هؤلاء تتضارب اهدافهم واديولوجيتهم لحد التناحر فيما بينهم!وتبعت هذه الظاهرة تسميات وتصنيفات عديدة اشهرها، اليسار واليمين، بل احيانا يوصف بعض اعضاء الحزب الواحد باليمينية او اليسارية وفق مفهوم الاخر لهم، ففي العراق يعتبر حزب البعث من الاحزاب اليمينية، وفي السبعينات من القرن الماضي حاول البعض ان يطلق صفة اليسارية علي صدام! ربما لتمرير مخطط الجبهة حينها.ويقال ان مصطلح اليسار واليمين شاع نسبة الي تقسيم الحضور في البرلمان الانكليزي، فالحزب او الاحزاب المعارضة تشغل المقاعد التي علي اليسار، اما الحزب الحاكم ومؤيديه علي اليمين. وربما لذلك صار يطلق علي كل من يعارض الدولة او الحكومة بـ(يساري) حتي لو كان يمينيا اكثر منها. أكثر الاحزاب التي وصفت باليسارية هي الاحزاب الشيوعية، بل صار كل ماهو يساري ، شيوعي، وبالعكس!فالمفهوم العام لليمين، هم المحافظين، المتمسكين بما هو سائد من نظم سياسية او اقتصادية او اجتماعية، والرافضين لكل تغيير قد يؤثر علي مواقعهم الاقتصادية او الاجتماعية.. وعلى عكسه اليساري، الرافض للتقاليد والحالم بالتغيير خاصة علي مستوي السلطة، والداعي كما هو مفروض ، للعدالة والمساواة. لكن في الاونة الاخيرة صارت هذه المبادئ تتغير وفق مصالح هذا الحزب او ذاك، بعد انحسار المبادئ والقيم المثالية. ففي بريطانيا وعلي سبيل المثال، في عام 1998 بعد فوز حزب العمال الذي كان يعتبر يساريا، الذي كان يرفض بيع بعض مؤسسات الدولة للقطاع الخاص، مثل (مؤسسة البريد البريطاني).. والتي كانت احدى اهدافه التي استخدمها كوسيلة لكسب الناخبين، مما شجع الكثير من المواطنين لانتخابهم. ولكن بعد تسلمهم السلطة تخلوا عن مبدأهم ذاك، فباعوا تلك المؤسسة لشركة خاصة، مما عرضهم لانتقادات عديدة، وقد ذكر لي احد المؤيدين للحزب ذاته (ان الحزب ماكان بامكانه الفوز لولا تخليه عن بعض افكاره اليسارية.. وتبنيه للافكار اليمينية اكثرمن المحافظين انفسهم).بعد نجاح الثورة البلشفية عام 1917 في روسيا، تعزز الامل لدي الشعوب الفقيرة وخاصة في الوطن العربي، بتحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية وبات الحلم بـ(الاشتراكية) وشيكا، وتأمل الناس بالازدهار الاقتصادي وتوفير الحياة الكريمة لكل الناس وسيادة المحبة واختفاء شبح الحروب، وطغي الحماس لدي الشباب لتحقيق ذلك الحلم.. مقابل ذلك ازداد خوف الاغنياء واصحاب رؤوس الاموال (اصحاب النفوذ الحقيقي بالدول الرأسمالية)، في اوربا وامريكا بشكل خاص، وتضاعف رعبهم من الاشتراكية، والاحزاب اليسارية المتبنية لها. فجندت كل طاقاتها لوأد ذلك الحلم وقطع خيط الامل ذاك.. ومن اكثر اسلحتها فتكا هو زج عناصرها المدربة بين صفوف الاحزاب اليسارية، لنخرها من الداخل، من خلال ممارستها لسلوكيات مرفوضة اخلاقيا واجتماعيا ودينيا وبشكل علني ومفضوح، مما اشاع عن تلك الاحزاب الاستهتار بالقيم والدين، وهذا تسبب في نفور عامة الشعب ورفض تلك الاحزاب وخلق فجوة واسعة بينها وبين الجماهير، وبالتالي فشلت جهودها بتحقيق هدفها او حلمها الاشتراكي.. قبل بضعة اعوام عرض التلفزيون البريطاني (BBC) فيلما وثائقيا، ضمن سلسلة الحقائق بعد عشرون عام، تضمن تحقيقا عن تضاهرات نظمها الحزب الشيوعي البريطاني وبعض من تنظيمات اليسار في بريطانيا في الستينات من القرن العشرين، كانت التضاهرات سلمية، لكن تخللتها أعمال عنف وتخريب، من هجوم علي المحلات الخاصة وعلي مؤسسات الدولة الخدمية، الي غيرها من مظاهر التدمير المتعمد.. وهذا ماأثر كثيرا على سمعة حركات اليسار والحزب الشيوعي، مما ادى الي قطيعة بينها وبين عامة الشعب، لتظهر الحقيقة ولكن ، بعد اكثر من عشرون عام، اي بعد ماوقع الفأس بالرأس كما يقولون. فمن خلال الوثائق، واللقاءات مع المعنيين، اتضح ان الحزب الحاكم واجهزة الدولة قد جندت العديد من عناصرها لينظموا بشكل صوري الي تلك المنظمات، ليقوموا بالاعمال التخريبية تلك، وقد كان بعضهم يحكي بالتفصيل عن مافعلوه معتبرا ذلك خدمة للدولة، بينما البعض الاخر، اعترف انه احس بالندم بعدها وانضم الي الحزب الشيوعي..وبطبيعة الحال لابد لتلك الممارسات ان تكون اشد وطأة في مجتمعاتنا العربية المحافظة المتمسكة بالدين والتقاليد، اضافة الي حالة التخلف التي تعاني منها على مر العصور سواء اقتصاديا او سياسيا. اذن كان ذلك احد اسباب فشل مهمة الاحزاب اليسارية، مهما تحصنت ضد الدخلاء، او الذين اساءوا لها بدون قصد، ممن اعتقدوا ان ممارسة الحرية الغير مسؤولة، هو احد اهداف الاحزاب اليسارية.اضافة الي الاخطاء التي ارتكبتها تلك المنظمات او الاحزاب، منها عدم دراسة طبيعة مجتمعاتنا من ناحية سوسيولوجية ، فتبنت الفكر الاشتراكي بشكل حماسي وعاطفي، واحيانا سطحي ، دون وعي لطبيعة المجتمع وتقاليده ، فتسرعت بالتركيز على نشر الافكار التي تتضارب مع معتقداتنا وقيمنا الدينية والاجتماعية، بالرغم من عدم اهميتها، قياسا بالمهام الاساسية التي دعت لها النظرية الاشتراكية، وهي الناحية الاقتصادية ، والتي لو تم وضع حلول ناجعة لها، تتوافق مع طبيعة مجتمعاتنا وخصوصيتها، لكان بالامكان التخفيف من وطأة المشاكل الاجتماعية والسياسية، وكان ممكن ان يتم ذلك من خلال التوعية وتوصيل الفكرة بشكل تدريجي مدروس ومبسط ليتم استيعابه من قبل عامة الناس.باعتقادي ان هذا الامر قد شجع القوي الرأسمالية لتجند الاحزاب الدينية لمحاربة اليسار، مستغلة الفجوة التي خلقت بينهم وبين عامة الشعب.. بل استغلت العجز الاقتصادي لدولنا، فاستخدمت الحكومات ذاتها لتمارس كل انواع الاستبداد والظلم بحق اعضاء الاحزاب اليسارية والحزب الشيوعي بشكل خاص، من زجهم في السجون وتعريضهم لشتي انواع التعذيب الي الاعدام بحق القادة منهم بتهم اغلبها ملفق.وفي العراق بالرغم من تعاطف الشعب العراقي بشكل عام مع القوى اليسارية، نجد انها تعرضت لانتكاسات عديدة على مر المراحل التي مر بها العراق. فبالاضافة الي ماذكرناه من اسباب، هناك سبب آخر ربما هو الاهم، وهو (عدم توحيد كلمتها)، واتساع الفجوة بين الفصائل اليسارية، فصار الحزب الشيوعي حزبان او اكثر، حتي ان حكومة البعث استغلت هذا الامر وابتدعت حزبا شيوعيا علي مقاسها، اولي مهامه، هي الطعن بالحزب الشيوعي وتشويه اعضاءه واتهامهم (بالعمالة) تلك الشماعة التي صارت في متناول كل الاطراف ليعلقوا عليها كل خيباتهم..والى هذه اللحظة، وبالرغم من المصاعب والكوارث التي يمر بها شعبنا، وبالرغم من حاجته الماسة الى لمّ الصفوف وجمعْ الكلمة للوقوف بوجه (الاستعمار)، نجد ان البعض من دعاة (اليسارية) لاهم له سوى شتم (رفاق الامس) ، وتحميلهم وزر كل المصائب التي مر بها العراق علي مدي العقود الثلاث الماضية، وكذلك ما نمر به الان!!ففي العدد الاخير من صحيفة (اتحاد الشعب) التي حصلت عليها صدفة، لم اجد علي اي من صفحاتها الخارجية، او الداخلية، اي اشارة الي متاعب الناس او المشاكل التي يتعرضون لها يوميا، ولا اشارة الى سلوك المحتل، او العناصر المخرّبة، ولا اشارة الى اي حل ما او بدائل يقترحوها، لنعتمدها لوضع حد لتلك المأساة التي يمر بها اهلنا!فلم يكن هناك سوى التشهير بالحزب الشيوعي الحالي، وببعض رفاقه، وبشكل يدعو للكراهية ويعزز الفجوة بين ابناء شعبنا، وهذا لعمري هو ماتريده كل قوى الشر المتربصة بالعراق، لتتمادى بعملية القتل والتدمير على كافة المستويات.فامريكا الي هذه اللحظة، مازالت تخاف من الفكر الاشتراكي حتى بعد انتصارها علي المعسكر الاشتراكي وتمزيق وحدة الاتحاد السوفيتي وتفتيت دول اوربا الشرقية، الامر الذي خلخل حالة التوازن السياسي والعسكري الدولي وحتى الاقتصادي. فالي وقت قريب حاولت الحكومة الامريكية تهميش دور الحزب الشيوعي العراقي في عملية التغيير الذي حصل بالعراق. ففي بداية تبنيها ودعمها للاحزاب العراقية المعارضة لنظام صدام وخاصة المتواجدة في اوربا، ركزّت على الاحزاب التي كانت تعمل مع صدام بشكل اساسي، والاحزاب الدينية وعارضت حتى حضور الحزب الشيوعي في بعض الاجتماعات التي عُقدت في واشنطن تحت اشرافها، بالرغم من ان الحزب الشيوعي كان اول واكثرالمتضررين من حكم صدام وأول المعارضين له.ولم يكن الموقف الامريكي ذاك، بسبب الجبهة (الموؤدة) بين الحزب الشيوعي وحزب البعث، بطبيعة الحال، فلم تكن سوى فخا بعثيا للحزب الشيوعي.. بل هو خوفها المزمن من اليساراولا وبسبب رفض الحزب لمبدأ الحرب على العراق ، فكان يدعو للقضاء على صدام بشكل لايزيد من مأساة الشعب العراقي، ونعرف ان امريكا لولا تدخلها لدعم صدام، لتم القضاء عليه في بداية التسعينات، خلال الانتفاضة الشعبية التي شملت كل محافظات القطر، او من خلال المحاولات التي قام بعض جنرالات الجيش العراقي بعدها!



#ابتسام_يوسف_الطاهر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الا يستحق الاعدام من خان شعبه؟
- الصمت العربي ومحنة العراق
- من وراء تفجيرات العراق?
- منطق الجريمة في تفجيرات العراق
- دروس الانتفاضة
- أغنية الموسم
- العراق وزيف الأعلام العربي
- طلعنا عليهم طلوع المنون..!!
- على الضفة الأخري
- الرهان الخاسر


المزيد.....




- مصدر يوضح لـCNN موقف إسرائيل بشأن الرد الإيراني المحتمل
- من 7 دولارات إلى قبعة موقّعة.. حرب الرسائل النصية تستعر بين ...
- بلينكن يتحدث عن تقدم في كيفية تنفيذ القرار 1701
- بيان مصري ثالث للرد على مزاعم التعاون مع الجيش الإسرائيلي.. ...
- داعية مصري يتحدث حول فريضة يعتقد أنها غائبة عن معظم المسلمين ...
- الهجوم السابع.. -المقاومة في العراق- تعلن ضرب هدف حيوي جنوب ...
- استنفار واسع بعد حريق هائل في كسب السورية (فيديو)
- لامي: ما يحدث في غزة ليس إبادة جماعية
- روسيا تطور طائرة مسيّرة حاملة للدرونات
- -حزب الله- يكشف خسائر الجيش الإسرائيلي منذ بداية -المناورة ا ...


المزيد.....

- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ابتسام يوسف الطاهر - اليسار واليمين وصراع المصالح