أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد خطيب - ثورة أكتوبر،التجربة الاشتراكية، ستالين















المزيد.....

ثورة أكتوبر،التجربة الاشتراكية، ستالين


فؤاد خطيب

الحوار المتمدن-العدد: 3128 - 2010 / 9 / 18 - 11:39
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


روسيا الفيدرالية كما تعرف اليوم تعيش مرحلة ما بعد الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية العالمية. العظَمة الروسية اليوم وبكل المجالات تحققت زمن الاشتراكية. كانت عرضة للضياع في مرحلة التحول من النظام الاشتراكي الى النظام الرأسمالي التي بدأها غورباتشوف المشكوك بأمره والذي يعيش اليوم في منتجع راقٍ للعجزة في سويسرا من ريع كتبه التي وضعت أسس هدم الاشتراكية في روسيا وربما من مستحقات من جهازسي.أي. ايه.
وصول الرئيس بوتين عام 2000 للحكم والذي يشغل اليوم منصب رئيس الحكومة هناك انقذ مكتسبات الشعب الروسي من الضياع. حافظ هذا على البنية التحتية والفوقية لروسيا رغم التحديات ورغم الانقضاض المسعور على ورثة الاتحاد السوفييتي من الغرب الاستعماري الذي تحيّن هذه الفرصة ربما منذ عهد ثورة أكتوبر وحلم دوما بأسقاط هذه التجربة الفريدة من نوعها في تاريخ الانسانية. هذا اذا استثنينا كومونة باريس تلك الحركة اليسارية النقابية العمالية التي أسست نظاما اشتراكيا جماعيا أدار باريس في الفترة مابين 18/3/1871 الى 28/5/1871 أي لمدة شهرين استولى فيها العمال على المصانع في باريس وأداروها حتى قُمعت بدموية رهيبة على يد النظام السياسي في فرنسا آنذاك.
في بداية القرن العشرين كانت هناك عدة ثورات للاطاحة بالأتوقراطية الروسية. الاولى عام 1905 أو البرجوازية الديمقراطية وثورة فبراير عام 1917 وثورة أكتوبرالاشتراكية التي قادها لينين والتي نجحت بالقضاء على القيصرية وتكوين أول دولة اشتراكية ناجحة في تاريخ البشرية.
طور لينين الماركسية وأشاد باعتمادها على الديالكتيكية المادية وخصوصا في توجهها الاقتصادي الاجتماعي. الماركسية لاتزال أكثر النظريات تطورا وتقدما واكثر فكر نظري اقتصادي واجتماعي وسياسي قابل للتحقيق على أرض الواقع، ومن ثم تغيير مسار ومستقبل الشعوب ونقلها نقلة نوعية من الرأسمالية وموبقاتها السياسية الاجتماعية حيث يَستغل الانسان أخاه الانسان وحيث كون ملكية وسائل الانتاج ملكا خاصا يكرس الظلم الاجتماعي وينتقض بقسوة الحتمية التاريخية التي تقضي بمبدأ العدالة الاجتماعية التي تصبو لها البشرية ومند بداية تطورها ووعيها لظروف حياتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
كل هذا حدث بعد أن فسر ماركس في كتابه المشهور"رأس المال" ماهية القيمة الزائدة في انتاج العمل. أي قيمة العمل الحقيقية التي يقوم بها العامل منتقصة الاجر الزهيد الذي يحصل عليه والذي لا يساوي قيمة عمله الحقيقية. الفارق الكبير – أي الربح – يعود الى اصحاب العمال ومُلاك وسائل الانتاج. فهم بهذا يسرقون فعليا قوّة العمال وحصيلة انتاجهم الحقيقية التي من المفروض أن تعود على المجتمع كله وتُوزع توزيعا عادلاً لصالح هذا المجتمع. هذا الامر أدى الى تكديس رؤوس الأموال وتطوير وسائل الانتاج من اجل انتاج أوفر يدخلُ ربحا اضافيا لقلة قليلة من أصحاب العمل الذين أصبحوا أصحاب رأس المال على حساب الملايين وعرقهم وتعبهم وربما حياتهم التعيسة.
لينين اجتهد كثيرا وطوّر الماركسية التي باتت تعرف بالماركسية- اللينينية. عَدّلَ أحد الأسس الهامة التي بنت عليها الماركسية، تصورها لحتمية انتصار الثورة الاشتراكية وظروف نجاحها الزمكانية. برأينا المتواضع أن هذا من احد الأسباب النظرية - العملية التي أدت بالنهاية الى فشل الثورة في الاتحاد السوفييتي وانتكاس الاشتراكية وفض المنظومة الاشتراكية برمتها وبعد سبعة عقود من قيامها وهي مدة قصيرة جدا اذا قيست بعمر تطور التاريخ الانساني الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وسنأتي على هذا لاحقا. قرر ماركس في فكره وكتبه التي تناولت التطور الاجتماعي الاقتصادي الحاصل في أوروبا في القرن التاسع عشر وفي أوج عصر الرينيسانس هناك بما مفهومه عن حتمية وقوع او حدوث الثورة الاشتراكية بادئ ذي بدء في الدول الرأسمالية الأكثر تطورا وقصد حينها المانيا وفرنسا وبريطانيا.



*بشائر ضعيفة*هناك اليوم بشائر مع انها مازالت واهية وغير ملموسة على هذا الفكر الصائب في عالم اليوم. بدأت البوادر تظهر في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية أي الدول الاكثر تطورا في عالم اليوم. وتجلت ولو لبرهة من الزمن في أزمة العقارات الحاصلة في أمريكا وبعدها أزمة الدولار وأزمة اليورو التي احتدّت بعد أن أعلنت اليونان عضو الاتحاد الاوروبي افلاسها الاقتصادي على الملأ. وقد أدى الامر في الولايات المتحدة بتأميم بعض البنوك العقارية بشرائها بآلاف المليارات من الدولارات ودعم البقية الباقية التي كانت على شفير الهاوية بمبالغ اضافية خيالية كي لا تحدث أزمة دورية متوقعة ومحسوبة هناك ومن ثم افلاس الرأسمالية النهائي.
أي أن الدولة هناك بدأت ولو في الخفاء بتأميم هذه المصالح الرأسمالية الكبيرة التي تكون أسس هذا النظام. النظام هناك سائر حتى ينفي نفسه بنفسه اذ أن تطوره.. اذا كان هناك تطور في مرحلة ما بعد العولمة سيؤدي الى أزمات وربما تكون احداها نهاية هذا النظام الذي بات على وشك اثباث عجزه في حل مشكلاته المعقدة والتي لن تحلها الا الاشتراكية التي تنفي رأس المال وتدعو الى الملكية العامة لوسائل الانتاج وتصبو الى العدالة الاجتماعية. ولا بد لنا في هذه العجالة من أن نذكر أن العولمة رغم مساوئها وقضائها على الاقتصاديات الوطنية خصوصا للشعوب الفقيرة هي خطوة في اتجاه الحل الاشتراكي للبشرية وكذلك تفعل فعلها الثورة التقنية الرهيبة الحاصلة التي تقرب شعوب الارض و تقرب الاحوال والمصائر لتلك الشعوب، وربما ستساهم بدور فعال في حل مشاكلها بعد افلاس النظام الرأسمالي الذي لم يُعتبر ولن يُعتبر نهاية التطور الاجتماعي السياسي الاقتصادي للبشرية كما يفكر بعض مفكري الرأسمالية المعاصرين العاجزين عن حل مشاكل الرأسمالية المُعَوْلمة الراهنة.
لينين قرر بدء الثورة في روسيا، التي فعليا بعثت شرارتها الاولى بطلقة من السفينة الحربية "اورورا" التي رست في نهر النيفا في ليننغراد مقابل القصر القيصري الشتوي الذي اجتمعت فيه الحكومة الانتقالية التي عينها القصيرلانقاذ الوضع لسياسي المتدهور. بالمناسبة القصر الشتوي اياه اليوم متحف" الايرميتاج " اكبر متحف في العالم وملك الشعب الروسي.
فجر لينين الثورة في روسيا الامبراطورية المتهاوية التي كانت اضعف حلقة رأسمالية في اوروبا. كانت شبه اقطاعية كبيرة، حيث مَلكَ "الكولاك" الارض وما عليها من غلال ومن بشر ومن حيوانات. تعاملوا مع الفلاحين كعبيد بلا حقوق شخصية أو مدنية تذكر. وَفَرَ القانون القيصري لهم حق التصرف بهم حيث مَكنهم بيع الغلال مع الارض ومع الفلاحين. كان اولئك الفلاحون الغلابى مجرد وسائل انتاج لا غير يمكن بيعها وتبديلها ونقلها من مكان الى آخر. عندما اندلعت ثورة أكتوبر كانت روسيا دول اقطاعية بامتياز، متأخرة عن الركب الرأسمالي الذي بدأ يتطور في أوروبا الغربية المجاورة بسرعة بعد الانجازات الهائلة التي حققتها الثورة الصناعية هناك.
كانت مهمة الثورة شبه مستحيلة وهي تحويل مجتمع اقطاعي متخلف الى مجتمع صناعي اشتراكي بدون العبور بالمرحلة الرأسمالية حسب ما نَظَره ماركس في أدبياته العديدة. ومازالت مقولاته تلك تثبت وجودها في عالم اليوم على وقع الازمات التي بدأت تعاني منها الرأسمالية المتطورة أخيرا وبات فلاسفتها يبحثون عن كتاب " رأس المال " علهم يجدون فيه جوابا لأزماتهم المتلاحقة في نظمهم الرأسمالية التي بدأت تظهر فيها علامات بداية انحلالها. هذا الخطأ التاريخي في تطبيق الاشتراكية في غير أوانها وزمانها ومكانها كان احد الأسباب التي تراكمت عليها علل كثيرة ساهمت فكريا وعمليا في انتهاء وسقوط التجربة الاشتراكية الأولى بالتاريخ بعد سبعة عقود على قيامها وبعد أن حققت معجزات في أمور كثيرة. نعجز عن ذكرها كلها وسنحاول أن نُذكر بهذه الانجازات التاريخية الهامة على مستوى روسيا وأوروبا الشرقية والعالم. قبل ذلك علينا أن نُذكر أن تلك الثورة الجبارة التي غيرت المجتمع ونقلته نقلة نوعية غير مَسبوقة بالتاريخ اعتمدت على قوانين المادية الثلاثة نفي النفي وصراع الأضداد وتحول الكم الى كيف.
ثورة أكتوبر كانت شاملة ولم تكتف بقلب نظام الحكم كما حصل لثورة 23 يوليو في مصر مثلا أو ثورة الجزائر اوثورة اليمن الجنوبي التي قلبت أنظمة الحكم وأعلنت الاشتراكية وحاولت تحسين ظروف شعوبها دون تنوير هذه الشعوب حتى تجد دربها لوحدها في المستقبل. قلبت ثورة أكتوبر ظهر المجن للقديم السائد من قيم ومفاهيم ونقلت مجتمعاتها برمتها نقلة نوعية الى الأحسن. حطمت كل المسلّمات التي قام عليها البناءان الفوقي والتحتي ومهدت وطورت لقيام بناء آخر جديد مختلف حل محل القديم، وهذا من صميم العملية النظرية الثورية التي أسسها ماركس ومن بعده أسهم لينين في تطويرها وفهمها للحدث الثوري. أقامت الثورة اتحادا سوفييتيا عصريا وعظيما مكونا من عشرات وربما من مئات القوميات والشعوب المختلفة التى حوتها أرض روسيا التي تمتد على سدس مساحة الكرة الأرضية.
سكنتها أقوام وديانات مختلفة، الاسلام والمسيحية وحتى الوثنية في الأقاصي البعيدة. فصلت الثورة الدين عن السياسة وحجمته في دور العبادة بعيدا عن الحدث الثوري الهائل القائم. بنت الثورة دولة عصرية بسرعة.
بنت صناعة سابقت الغرب المتنور وسبقته في أشياء ومجالات كثيرة ومنها ريادة الفضاء وارسال أول قمر اصطناعي للفضاء الخارجي "سبوتنيك " عام 1953 رغم كل التحديات التي فرضتها دول الغرب التي تحولت تلقائيا الى العدو المبين لانتصار الشيوعية هناك وعلى أثرها انتصار حركات التحرر الوطنية من براثن الاستعمار في كل مكان من العالم. أرسلت الكلبة" لايكا " الى الفضاء ومن ثم أرسلت "غغارين " أول انسان الى الفضاء الخارجي. هذا مع بناء قوة رادعة عسكرية تقليدية و نووية جبارة خلال عقدين من الزمن تُنافس قوة الغرب كلها، كانت السد المنيع والحارس الامين لتكملة انجازات الثورة في مختلف مجالات الحياة. الاهم من كل هذا أسست بناء فوقيا علميا تخطى الدين والعرق والقومية. ألأمر الهام بالنسبة لنا نحن عرب الديار والعرب في كل مكان. أنظروا الحاصل في لبنان والعراق والسودان واليمن وحتى مصر فتجدون الأجوبة الكافية. نعم تخطت الثورة كل حواجز القومية والعائلية والدينية وكل تشكلات الناس التي كانت سائدة قبلها بعد أن حررت البشر وأممت وسائل الأنتاج ومكنت على الأقل الحياة المعقولة الكريمة الخالية من الظلم والاستغلال. بربكم.. كيف استطاع ستالين وهو جورجي القومية من الوصول الى دفة الحكم على رأس الدولة السوفييتية لعقود هامة قررت مصيرها بالنهاية. قويت شوكة الاتحاد السوفييتي وفرض حاله وانتصب عوده على الساحة العالمية الاقتصادية والسياسية والعسكرية في غضون عقود قليلة ومعقدة ومن خلال مواجهة الحرب المعلنة الباردة عليه من قوى الاستعمار ومن ثم الهجمة الكاسحة النازية التي وضعته موضع الوجود وعدمه. أطلق الاتحاد السوفييتي الفتي شعار " الاتحاد السوفييتي درع السلام " وناصر كل شعوب الارض المغلوبة على أمرها في حركات تحررها من الاستعمار، وتمكن له ذلك في الشرق العربي وفي مصر على وجه الخصوص وفي لاوس وفيتنام وكمبوديا وحتى الصين الشعبية في بدايتها الحديثة والجزائر وكوبا وأمريكا الجنوبية وخاصة في التشيلي ووقف بالمرصاد للاستعمار حتى تحررت منه شعوب الأرض كلها التي أصبحت دولا ذات سيادة وطنية. دعم دول عدم الانحياز حتى أصبحت قوية ثالثة بالعالم تضمنُ حق الشعوب بالتحرر في كل مكان. علينا أن لا ننسى هنا دور الدول الاشتراكية الاخرى التي ساهمت في هذا الدور الكبير في تاريخ البشرية.



*ستالين، الأكثر تأثيرا* أجرت احدى اكبر الصحف الروسية مؤخرا استفتاءً حول الشخصية الاكثر ثأثيرا على التاريخ الروسي ومنذ تواجده. حصل ستالين على المكان الاول وهذا لم يكن سبقا صحفيا أو مجرد فكاهة سياسية. ان الأحداث الكبار التي أثرت بالفعل على تاريخ الشعب الروسي كانت في عهد ستالين منذ موت لينين عام1923 حتى وفاته- أي ستالين - عام 1953. ضريحه ما زال في الكرملين مع عظماء الامة الروسية في العصر الحديث. عندما انطلقت ثورة اكتوبر اهم حدث ثوري في تاريخ البشرية كان في صفوفها ثوار عظام غيروا ببساطة تاريخ روسيا والعالم طيلة سبعة عقود ونيف. شاركت في الثورة تيارات ثورية مختلفة كلها اتحدت للقضاء على الأتوقراطية القيصرية. لكل من تلك التيارات اجتهاد اختلف فيما بعد حول قيادة الثورة وقيادة الدولة العظيمة التي أوجدتها الثورة. نكتفي هنا بذكر بعض تلك الآراء والاجتهادات وموجهيها اذ لامجال لنا في هذه المقالة من الاسهاب. الشخصية المركزية لينين مفكر الثورة ومفجرها. درس لينين الماركسية دراسة عميقة وزاد عليها من عنده الكثير من الآراء والأفكار التي لاءمت وضع وظروف الثورة في روسيا القيصرية وأفكار اخرى فسرت وأغنت الفلسفة الماركسية- اللينينية. واجهته صعوبات كبيرة بعد انتصار الثورة من أهمها الحرب الأهلية المدعومة من الدول الاستعمارية الغربية وعلى الاخص فرنسا وبريطانيا التي دامت 4 سنوات. الامر الثاني الأهم حول كيفية تحويل بلد اقطاعي زراعي متخلف الى بلد اشتراكي صناعي متطور عصري. أطلق سياسته الاقتصادية الجديدة التي عرفت بـ" النيب " والتي سمحت ببقاء الملكية الخاصة الصغيرة ولو لحين حتى لا تتوقف عملية الأنتاج كلية ومعها تتوقف عجلة الثورة عن الدوران وحتى لا يدخل الاتحاد السوفييتي الجديد متاهة العوز والفقر وعدم الاستقرار الاقتصادي على وقع عدم الاستقرارالسياسي والامني التي واجهته هذه الثورة العظيمة في سنواتها الاولى. كان هناك الثوري الفذ تروتسكي الذي كان له بالغ الثأثير داخل صفوف الجيش الأحمر مما جعل ستالين الثوري الثالث المهم بعد لينين وتروتسكي والذي تسلم السلطة بعد لينين يسارع الى مواجهته. اختلف بشدة مع تروتسكي بشأن تصدير الثورة الفتية التي لم تستقر نهائيا بعد الى العالم وبالأخص الى الدول الاوروبية الغربية الرأسمالية وكان على حق كما أثبثت ذلك وقائع التاريخ فيما بعد. كان لا بد من يد فولاذية في تلك الظروف الصعبة وخاصة بعد وفاة لينين للمحافظة على مكتسبات الثورة وادارة الدولة الفتية الكبيرة من نوع جديد التي خلقتها الثورة والتي تجمع في واقعها الديموغرافي الحاصل 102 قومية و شعب. عمل ستالين بيد من حديد للمحافظة على الوضع الجديد وصفى الكثير من الانتهازيين والفضوليين والرجعيين الذين حاربوا الثورة من داخلها. اما بالنسبة لاضطهاد الشعوب وقهرها ونفيها الى سيبيريا فهو أمر مبالغ به كثيرا. اذ ان الكثير من حيثياته صدرت من وكالات الاستخبارات الغربية التي حاربت الدولة الوليدة ولم تنفك بأبشع الصور والاشاعات حتى جاء غورباتشوف كما أسلفنا ربما من كواليسها وساهم في القضاء على الاتحاد السوفييتي ومن بعده على المنظومة الاشتراكية كلها. لا شك ان الثورة بقيادة ستالين أعدمت من استحق الأعدام ونفت من استحق النفي من الخونة والعملاء خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية التي خرج منها الاتحاد السوفييتي منتصرا كبيرا. والمارقون على الثورة خلال تلك الحرب زادوا وانضموا الى " الفيرماخت " المنتصر ببداية الحرب بكتائب عسكرية منظمة سلحها النازيون وشاركوا بالفعل مع الالمان وحاصروا لنينغراد وستالينغراد واقتربوا من احتلال موسكو. كيف تكون معاملة الخونة من هذا النوع بعد النصر المدوي للجيش الحمر؟؟. الشعوب التي كونت الاتحاد السوفييتي بقيت كلها معظمها في اطار الفيدرالية الروسية وبعضها في البلدان التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي المنهار وكونت دولا قومية. على سبيل الذكر لا الحصر اكد التاريخ والوثائق واحداث الحرب على أن فرقا عسكرية كاملة مُجهزة من الليتوانيين والاستونيين والاوكرانيين والقوقازيين والتتار والمجر والرومان وغيرهم ساعدت هتلر عسكريا للقضاء على الاتحاد السوفييتي. عظمة ستالين تجلت وقيادته الفولاذية تبلورت عندما نقل المصانع الثقيلة من خطوط الجبهة الى ما وراء جبال الاورال على بعد بضعة آلاف من الكيلوميترات واستمرار الانتاج الحربي لدعم الجبهة حيث فاق خلال سنة واحدة الانتاج الحربي السوفييتي الانتاج النازي كما ونوعا اذ أنتجت أسلحة جديدة كان لها الأثر الأكبر في تغيير مسار الحرب وخاصة سلاح " الكاتيوشا " وعظمة هذا القائد تجلت أكثرعندما حرر بلاده من براثن النازية ولم يكتف بذالك بل لاحقها الى عقر دارها وقضى عليها نهائيا وبهذا أنقذ العالم من هتلر ومن "الرايخ الثالث " النازي الذي عمل على احتلال العالم قاطبة. من الجدير التنويه هنا ولو للمقارنة البسيطة التي ربما توضح الفكرة في هذا المقال وهي أن فرنسا الدولة العظمى وصاحبة أقوى جيش في العالم حينها لم تصمد أمام الآلة العسكرية النازية الهائلة أكثر من أيام عدة. عندما استعرض هتلر جيشه في باريس أذهل العالم وارهبه. وقد صرح هتلر مرارا أن الذي يقف أمامه ويمنعه من تحقيق حلمه في احتلال العالم هو ستالين. عام 1941 هاجم هتلر الاتحاد السوفييتي بجيش جرار لم يعرفه التاريخ من قبل وربما لن يعرفه من بعد. تكون من أربعة ملايين جندي وعشرة آلاف دبابة وخمسة آلاف طائرة.الهدف كان موسكو والقضاء على ستالين والاتحاد السوفييتي. لو تسنى له ذلك لواصل الى الصين ومنها الى منشوريا وجنوب شرق آسيا كلها الى أن يلتقي بحلفائه في اليابان.
من حقنا أن نسأل الغرب بزعمائه ووسائل اعلامه الالكترونية والمكتوبة التي حتى الآن مازالت تزوّر أسباب ونتائج تلك الحرب الكبرى وتتباكى على مصائر الشعوب التي شتتها ستالين.
ماهو مصير 12 مليون هندي احمر الذين مع تأسيس الولايات المتحدة الامريكية بلعتهم الارض واختفوا هم وحضارتهم؟
ماهو مصير سكان استراليا الاصليين وكانوا بالملايين قبل ان يدخل تلك القارة العنصر الابيض ؟
ما هو مصير الشعب العربي الفلسطيني؟ ماهو مصير الشعب العربي العراقي والا فغاني ؟؟.
ألعالم آنذاك والعالم اليوم وعالم الغد لن يعترف بوجود وبمصير الا للشعوب والامم القوية التي تعرف كيف تحافظ على مصيرها وبقائها والتي تأبى أن تكون فريسة للآخرين في هذا العالم المنكوب بقوى امبريالية قوية وغاشمة لا يعرف بعد، لغة انسانية حقيقية غير لغة القوة.



#فؤاد_خطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أليسار العربي: واقع مرّ وعظمة غابرة
- المؤسسة اللاهوتية والأصولية والسياسة العالمية
- عولمة الامبريالية وحروب العقائد
- رسالة حب من سفينة العمر
- الدين لله والارض وما في داخلها لشعوبها ألبابا بنديكتوس ال 16 ...
- سرق النظام المصري الشعب المصري حقا من حقوقه : رحيل محفوظ وال ...
- دافنشي كود - الفيلم الذي هز عرش البابوية
- ألماركسية والحدث الانساني المعاصر


المزيد.....




- طريق الشعب.. الفلاح العراقي وعيده الاغر
- تراجع 2000 جنيه.. سعر الارز اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 في ...
- عيدنا بانتصار المقاومة.. ومازال الحراك الشعبي الأردني مستمرً ...
- قول في الثقافة والمثقف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 550
- بيان اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي العمالي
- نظرة مختلفة للشيوعية: حديث مع الخبير الاقتصادي الياباني سايت ...
- هكذا علقت الفصائل الفلسطينية في لبنان على مهاجمة إيران إسرائ ...
- طريق الشعب.. تحديات جمة.. والحل بالتخلي عن المحاصصة
- عز الدين أباسيدي// معركة الفلاحين -منطقة صفرو-الواثة: انقلاب ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد خطيب - ثورة أكتوبر،التجربة الاشتراكية، ستالين