أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد خطيب - ألماركسية والحدث الانساني المعاصر















المزيد.....

ألماركسية والحدث الانساني المعاصر


فؤاد خطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1237 - 2005 / 6 / 23 - 12:37
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


الحدث الانساني في تطور دائم لن يقف عند حقبة او حد زمني معين، ولن تكون هذه الحقبة "نهاية التاريخ"، كما يفكر فلاسفة الرأسمال الجدد وكما يظن ابالسة العالم الرأسمالي القابعون خلف ثروات هائلة، جمعوها في غالبها من عرق ومن تعب الشعوب وسرقوها من افواه ملايين الجياع في مختلف بقاع العالم. الحاصل في هذا الزمن ان الاستقطاب بين شقي البشرية الغني والفقير يزداد شراسة، وان العدل الاجتماعي الذي كان امل البشرية في حقب وجودها المختلفة وفي اصقاع الارض كلها، يميل هذه المرة بحدة وقسوة لم نعرف شبيها لها في التاريخ البشري، الا في عهد الامبراطورية الرومانية التي جعلت من شعوب العالم القديم عبيدا لروما، حتى عبر هنيبال مضيق جبل طارق على رأس جيشه المشهور المحمول علىالفيلة الافريقية التي عبرت جبال الالب، ووصلت روما وهدتها وكسرت شوكتها مرة واحدة والى الابد. اختلال المعادلة ايت اشرنا اليه في البداية سيكون هذه المرة في صالح الشعوب ولا شك، وليس في صالح الثعبان الرأسمالي الذي بدأ يلف ذيله الهائل على خصر البشرية ويعصرها.
ربما تكون ملامح هذه الردة الثورية قد بدأت في امريكا اللاتينية الاقرب من وكر الثعبان الرأسمالي وربما تكون قد لمحت لهبوبها في العالم العربي بما نشاهده حاصلا في مصر... ام العروبة وروح الثورة العربية كانت ابدا ولا بد ستكون.
ربما تلك الملامح المباركة في شوارع قاهرة عبد الناصر، ستأتي بثمار الثورة التي ستعيد الى ميزان العدل هناك انتصابه بعد ان مال ومال، وربما ستعزل فئات سلطوية رجعية عميلة وطفيلية عششت في قلب مجتمعاتها وخلفتها عاجزة واهنة ومريضة وخنوعة غير قادرة عرضة لاستغلال الرأسمال الاجنبي والمحلي العميل الذي لم يرحمها بل ما زال يمتص دماءها لن يتركها الا هالكة منهوكة مسلوبة الارادة الوطنية والثقافية العربية والارادة العسكرية والسياسية، بعدما توغلت هجمات الرأسمال الاستهلاكي وبدأت الشركات العابرة للقارات تعبث في اقدس اقداسها بلا قيد او شرط.
ليس من الفنتازيا ان نتصور اليوم ماكدونالد وكوكا كولا وشيكن باغيت وايكيا وغيرها من الشركات العالمية الرأسمالية الضخمة تنتظر على حاملة طائرات امريكية على بعد اميال من خليج الخنازير الكوبي موت كاسترو باعتقاد انه آخر معقل للشيوعية العالمية التي انحسرت اليوم، بعد ان انهارت المنظومة الاشتراكية وبعد ان دخلت الصين الشعبية التجربة الرأسمالية من اوسع ابوابها في هونغ – كونغ، اذن الاستقطاب واضح لا لبس فيه والفلسفة الرأسمالية بمجملها كلها فشلت في حل مشاكل شعوبها، فما بالك بمشاكل البشرية الفقيرة التي تفاقمت في العقدين الاخيرين واصبحت في كل مكان على فوهة بركان.
* كيف ستكون الثورة هذه المرة؟
هل ستكون شيوعية يسارية اشتراكية؟ ام اصلاحية مثالية "مالتوسية"؟
هل ستكون محدودة اقليمية اثنية بعد ان اعادها للحياة الاستعمار في البلقان، وفي الشرق الاوسط ليخلق له عدوا وهميا في حربه الوهمية على "الارهاب العالمي"؟
هل ستكون دينية تسامحية فيها مزيج من البوذية والمسيحية وشيئا من اليهودية والاسلام؟
هل هذا ممكن الحصول بعد ان اوقفتنا الثورة التقنية والبيوتقنية التي تطرقنا اليها تفصيلا في مقال سابق، على قاعدة مادية صلبة وواقعية بعيدة عن روح المثالية الاهوتية التي سادت قرونا ولم تحل الى الآن مشاكل البشر؟ حتى تكون الهبة القادمة للبشرية ثورية، من المفروض بها ان تكون ثورة علىالظلم والطغيان وثورة على الثقافة الاستهلاكية الفجة التي زرعتها الرأسمالية في قلوب البشر وبنجاح وخصوصا في العقدين الاخيرين. لا بد لها ان تكون علمانية بعيدة عن هوس المثالية والميتافزيقية. لا بد لها ان تكون ثورة العدل الاجتماعي الحقيقي الوحيد القادر على حل مشاكل البشرية، المادية والروحانية واعادة التوازن للكرة الارضية التي باتت على كف عفريت، بعد ان اصبحت مخزنا كبيرا لاسلحة الدمار الشامل، وبعد ان لوثتها ما نفثته "مصانع الحضارة" التي اخلت بمناخها وتضاريسها وحولتها عنوة من كرة زرقاء لازواردية الى كرة سوداء تنفث سموما وسخاما اسود حتى السماء السابعة.
لقد كونت الفلسفة بصورة عامة في بداياتها جسرا تجريديا حاول الربط بين الانسان كوحدة بيولوجية حية وبين الطبيعة العامة من حول هذه الوحدة بما فيها من ظواهر مختلفة متغيرة وانعكاسات التجارب التي مارسها الانسان بها وعليها واثر بها وتأثر منها. هذا الربط بين الوجود الصغير والوجود الكبير بعلاقات الفعل ورد الفعل النفي بالنفي كون في القشرة الدماغية البشرية بداية الوعي وبداية التفكير المجرد من الغريزة والذي ميز الانسان عن سائر المخلوقات الحية. احد الاسباب المفروضة على طاولة البحث العلمي مثلا ان السبب في انقراض حيوانات ما قبل التاريخ – الديناصورات واخواتها هو ان هذه الحيوانات العملاقة لم تفكر ولم تبن ذاكرة جماعية. الفكر الانساني ومنذ بداياته يدور في حلقة مفرغة وفي جدل فلسفي ابدي حول اولية الروح ام المادة الوجود المادي ام الميتافيزيقي، اسطورة الخلق ام المادية الجدلية مثالية الوجود ام الوجود المثالي وغيرها من الاسئلة التي لم تلق حلا شافيا حتى اكتشاف "الجينوم البشري" الاخير. صراع المادة والروح بدأ يظهر في اروقة الاولمب في اثينا الاغريقية وفي كتابات وتعاليم فلاسفتها المشهورين وخاصة ارسطو وسقراط. حتى في ذاك الزمن بدأت تظهر بوضوح نزعات مادية في الفلسفة وخاصة في تعاليم اقليدس الذي ادعى بعناصره الاربعة المشهورة الهواء والماء والنار والتراب على انها اساس هذا العالم المحسوس.
نظرته للدنيا وان كانت بمفهومنا اليوم بسيطة وعفوية ففي جوهرها روح مادية بعكس الفلاسفة اليونانيين الآخرين. بعدهم جاء الفلاسفة الشرقيون وخصوصا العرب وعلى سبيل المثل لا الحصر نذكر ابن سينا وعمر الخيام والمعري الذين آمنوا كلية بمادية العالم وبحتمية اولوية الوجود المادي الذي كان اساس كل شيء محسوس واما الروح فهي انعكاس للجهد العقلي ومرآة له ليس لها خلود. وجودها مرهون بوجود المادة – الجسد وغيابها لا يترك اثرا الا في الذاكرة الجماعية التي خلفها المفكرون والفلاسفة واصبحت ارثا حيا ابديا لشعوبهم. جاء ابن رشد ونقل الفلسفات القديمة الى العربية وطورها وحاول تفسير مادية الوجود التي ناقضت فكرة الخلق واكدت ان الوجود غائر في الزمن وحاول ربط هذا التفسير المادي بتفسير خلائق المجتمع والناس وعلاقة الفرد بالحاكم حتى اتهم بالزندقة وحرقت كتبه على الملأ ومع حرقها نعتقد ونقف البحث الفلسفي المادي على مستوى العالم آنذاك، حتى جاء هيغل وفورباخ ووضعا اسس الفلسفة المادية المعاصرة والدياليكتيك التاريخي وكونا معا حجر الزاوية للماركسية كما نفهمها اليوم.
بعد حدوث الثورة الصناعية الاوروبية التي كان لها اثر بعيد على الفلسفة لم تعد تلك الفلسفة تعتمد على الفكر المجرد بل على التجربة الشخصية التي انعكس فيها الواقع الجديد في حياة الفرد والجماعة. جرى تغيير جذري لمفهوم الفلسفة التي حاولت فهم الواقع المادي الحاصل في المجتمع ومكانة الفرد والمجتمع من امتلاك وسائل الانتاج التي غيرت الحياة المادية والفكرية بصورة اساسية لارجع فيها.
التجارب الانسانية الكبيرة في اواخر القرنين الثامن عشر والتاسع عشر شملت تجاربنا في العلوم التطبيقية ادت الى اكتشافات هائلة وضعت الحجر الاساسي للمفهوم المادي للعالم المثبت بالتجارب العلمية. لقد اعتمد ماركس وانجلز في وضع نظريتهما العبقرية على نتائج تلك التجارب في العلوم والابحاث التي اثرت في التفكير البشري بصورة عامة وواضحة.
حسب رأينا اعتمد ماركس لوضع الفلسفة الماركسية المادية على قوانين وكشوفات علمية ثلاثة وهي:
الاول: قانون بقاء المادة وعدم فنائها بل ضرورة تحولها من صورة الى اخرى.
وضعه الفيزيائي الالماني روبرت ماير وكان له اثر مباشر في فهم اقدمية المادة وخضوعها الى قوانين ازلية ثابتة ومثبتة علميا.
الثاني: قانون البناء الخلوي الذي وضعه البيولوجي التشيكي – بوركيني والروسي – غوربيانينوف اللذان اشارا بوضوح الى ان الاجساد الحية مركبة من خلايا معقدة التركيب مرتبطة ببعضها في علاقات جدلية مع الجسد البشري تخفي في طياتها سر الحياة وسر الموت.
الثالث: نظرية داروين العبقرية حول النشوء والارتقاء وصراع الانواع التي فندت لاول مرة بجدية وعبقرية منقطعتي النظير اسطورة الخلق واثبتتا بصورة علمية تجاربية بديعة تطور الانواع والاختيار الطبيعي للمخلوقات الحية الذي امتد ملايين السنين بما تلاءم مع الفهم الديالكتيكي لهذا العالم من حولنا الذي يظهر في كل شيء.
الماركسية حتى الآن ولا شك هي الفلسفة الوحيدة في تاريخ البشرية الاكثر تطورا والتي نزلت من علياء الفلسفة في غياهب الفكر البشري الى واقع الانسان المعاش، حاولت وستحاول تغيير هذا الواقع بصورة محسوسة ومباشرة. سقوط تجربة ماركسية لم تنضج حسب رأينا المتواضع لا يعني بتاتا سقوط النظرية ولا الفكر المتطور والمتحرك والقادر على تغيير صوره وحالاته مع الحفاظ على خواصه الجوهرية، التي لا تفنى شأنها شأن المادة التي سبق وذكرنا انها لا تفنى بل تغير صورها. الحاصل في الابحاث العلمية الاخيرة وخصوصا اكتشاف "الجينوم البشري" هو دليل ساطع على صحة هذا الفكر الانساني وامكانية تطبيقه في حالة ظرف مناسب وفي حالة الفشل يمكن تكرار التجربة مرة واخرى.
الخلق العلمي الرهيب الحاصل في العشر الاخير ينعكس في صميم الماركسية ويدعوها تلقائيا لصياغة جديدة لطرق تنفيذ عصرية ملائمة، مع الحفاظ على الجوهر الاساس المادي الديالكتيكي التاريخي والاجتماعي في تطور المجتمعات البشرية.

(شفاعمرو)



#فؤاد_خطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الهجمة الإسرائيلية المؤجلة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...
- أصولها عربية.. من هي رئيسة جامعة كولومبيا بنيويورك التي وشت ...
- مصدر التهديد بحرب شاملة: سياسة إسرائيل الإجرامية وإفلاتها من ...
- الشرطة الفرنسية تستدعي نائبة يسارية على خلفية تحقيق بشأن -تم ...
- السيناتور ساندرز يحاول حجب مليارات عن إسرائيل بعد لقائه بايد ...
- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - فؤاد خطيب - ألماركسية والحدث الانساني المعاصر