أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد خطيب - دافنشي كود - الفيلم الذي هز عرش البابوية















المزيد.....

دافنشي كود - الفيلم الذي هز عرش البابوية


فؤاد خطيب

الحوار المتمدن-العدد: 1583 - 2006 / 6 / 16 - 11:49
المحور: الادب والفن
    


لا شك ان السينما الغربية ذات التقنية العالية جدا ما زالت اداة ساحرة تملك شعبية واسعة وتتأقلم مع الحدث العالمي برمته وتتطور مع هذا الحدث بكل ابعاده السياسية والاجتماعية، عَبَرت هذه السينما منذ زمن كل الحواجز ولم تتوان عن طرح مواضيع عامة شائقة وشيقة لا تأبه للمؤسسات الدينية ولا للمؤسسات الاجتماعية في العالم الغربي. استغلت تلك السينما استغلالا تاما حرية التعبير عن الرأي وعن العقيدة الدينية، التي وفرتها تلك المجتمعات خلال القرون الماضية عبر ثوراتها الاجتماعية والسياسية وعبر الطفرات الاقتصادية التقنية التي جلبت فيما جلبته ارضا خصبة للتطور الثقافي بمجمله وخاصة صناعة السينما المتطورة.
نحن هذه المرة بصدد فيلم جديد انتجته شركة "سوني" العالمية العملاقة ولم تنتجه هوليوود، ربما تجنبا لصراع حاد مع الكنيسة الكاثوليكية بعد ان واجهت صراعا مع المؤسسة الصهيونية العالمية والصهيونيين الجدد في امريكا بعد فيلم ميل جيبسون عن "الام السيد المسيح"، وعذاباته بطريقه للصلب بعد ان خانه يهودا الاسخريوطي، وباعه بثمن بخس للرومان الذين صلبوه وعذبوه حتى الموت.اتهم ذاك الفيلم مباشرة المؤسسة الكهنوتية اليهودية آنذاك وحكمائها مباشرة بصلب المسيح وابعاده ودينه الجديد عن افق اليهودية وامتيازاتها بكونها آنذاك الديانة الموحّدة الوحيدة على الارض. اثار ذاك الفيلم قبل عرضه واثنائه وبعده جدلا لم يهدأ حتى الآن.
الفيلم الذي نحن بصدده في هذه المقالة هو فيلم "دافنشي كود" الذي زعزع عرش البابوية وما زال لتعرضه لقضية مصيرية باتت تهدد المؤسسة الكهنوتية الكاثوليكية في اصقاع الارض كلها.
قصة الفيلم باختصار شديد تدور حول النزاع التاريخي بين الكنيسة الكاثوليكية وبين جمعية "سيون" التي تعتبر "الانثى المقدسة"، هي جوهر عقيدتها السرية والتي تعتقد بشدة ان الكنيسة الكاثوليكية زيفت تاريخ المسيح البشري وحاولت عبر العصور محو كل الشواهد والادلة حول بشريته. بناء على هذه المعتقدات تقر هذه الجمعية ان السيد المسيح عليه السلام تزوج من مريم المجدلية بعد
ان خلصها من الإثم والضياع، ورزق ببنت كونت السلالة او الذرية التي ترجع الى نسبه حتى الان. هذه الجمعية السرية المعارضة للفكر الكهنوتي- اللاهوتي واسسه التي بنيت عليها الكنيسة الكاثوليكية منذ ان وجدت على الارض. هناك اعتقاد ان هذه الجمعية انوجدت في العالم المسيحي بعد
سنة 1119، عندما ارسل البابا آنذاك سبعة من فرسان الهيكل إبان الحروب الصليبية الى الارض المقدسة لاحضار سر تاريخي مسيحي هام وربما الاهم على الاطلاق.
حقيقة، خرج اولائك من فرنسا واتوا الينا والى القدس بالتحديد وعادوا الى البابا، بعد ثمانية اعوام وهم يحملون ذاك السر المسيحي الذي ما زال طلسما حتى يومنا هذا. هناك اعتقاد من قبل تلك الجمعية السرية الآنفة الذكر ان ذاك السر كان جثمان مريم المجدلية، وكأس العشاء الأخير الملآن بدم السيد المسيح بعد الصلب. بعد ان عاد اولائك الى فرنسا علا شانهم وكونوا حركة كهنوتية فروسية قادت الكثير من الحملات الصليبية الوحشية ضد الشرق العربي وفلسطين بالتحديد.
عام 1307 اعلن البابا عليهم حرب الابادة واتهمهم بالكفر وبالزندقة وبمساعدة اساطين اوروبا الكاثوليكيين، ابادهم عن بكرة ابيهم وانتهى وجودهم العاصف كما بدا وضاع سرهم ذاك واختفى. بقي محفوظا حسب رواية الفيلم في سلالات جمعية "سيون" تلك حتى يومنا هذا. من المشكوك به ان الفنان العبقري دافنشي كان عضوا بارزا في هذه الجمعية، المعروف عنه حقيقة انه كان فنانا غريب الاطوار متعدد المواهب مثيلي الجنس، رغم انه رسم الكثير من اللوحات الهامة في الفن المسيحي واهمها على الاطلاق جدارية العشاء الأخير الموجودة في ميلانو الايطالية، لكنه بقي على خلاف عقائدي مع الكنيسة. رسم اللوحات المسيحية وضمنها الكثير من الاسرار والرموز الوثنية من مصر الفرعونية ومن بابل وبلاد الاغريق البارزين في جمعية "سيون"، التي هي ابعد ما تكون عن المسيحية، والتي تدعي ازدواجية السيد المسيح البشرية والالهية، تعتقد ايضا ان حياته البشرية على الارض كانت عادية تزوج وترك وراءه نسلا الى يومنا هذا، يعيش بالخفاء خوفا من ارهاب الكنيسة التي مارسته ضدها قرونا طويلة. ما كتبناه حتى الان من وقائع تاريخية وشبه تاريخية وأخرى مشكوك في امرها اوحت للكاتب الامريكي الشاب دان براون لروايته التي تحمل نفس اسم الفيلم "دافنشي كود" التي لاقت رواجا عالميا وترجمت الى 50 لغة في اقل من عام. شركة "سوني" الشهيرة حولت هذه الرواية التي صدرت عام 2003 الى فيلم سينمائي ناجح، اثار حفيظة الكنيسة الكاثوليكية في كل انحاء العالم، لم تفلح البابوية ولا حتى الحكومات الغربية من منع عرضه ولم تنجح المعارضة الشعبية من اتباع الكنيسة ورعيتها هناك من وقف عرضه وقابل رواجا هائلا كما الرواية. ملخص الحدث السينمائي يدور في اجواء بوليسية غامضة حين يقتل المسؤول في متحف اللوفر الباريسي الشهير احد زعماء تلك الجمعية السرية "سيون" على يد راهب ارسلته الكنيسة ويترك رسالة- شيفرة- خلف لوحة الموناليزا المعروضة هناك لحفيدته "صوفي" العالمة بالرموز ويطلب منها ان تستعين بعالم امريكي مشهور بعلم الرموز الدينية- الوثنية في جامعة "هارفرد" ليساعدها على حل الشيفرة التي تركها والتي توصل ربما الى جثمان مريم المجدلية والى الكأس المقدسة التي تثبت باليقين والعلم بشرية السيد المسيح قبل الوهيته، اذا وجد الجثمان ووجدت الكأس ووجدت "صوفي" التي تؤكدها قصة الفيلم على انها آخر فرد من سلالة المسيح، كان بالامكان اثبات الحقيقة في عالم التقنية البيولوجية المتطورة المتوفرة اليوم بفحص الاحماض الوراثية الـ د.ان. ايه التي تخزن بداخلها الموروثات البشرية، بعد ان كشف العلم اليوم خريطة- الجينوم البشري، كلها ليس من الصعب علميا اثبات حقيقة وراثية- ابوية السيد المسيح وامومة مريم المجدلية اذا انوجد جثمانها لهذه الشابة الجميلة السمراء ذات الشعر الاسود التي يدعي جدها المغدور انها آخر حفيدة للسيد المسيح على الارض.
تحاول الكنيسة بكل الطرق منع هذا الامر من ان يتحقق ولا تدخر مالا ولا قتلا ولا اساليب دموية من انهاء هذه القضية بسرعة التي تهدد وبحق اسس المسيحية كلها وتدحض بالاساس مبررات وجود الكنيسة التي تقوم على الوهية المسيح وترفض بشدة حالته البشرية وزواجه من مريم المجدلية.
تدور احداث الفيلم باسلوب شيق وفني رفيع المستوى وبحركة سينمائية تقنية باهرة للغاية عندما تعود الكاميرا مرة بعد مرة وتربط احداث الفيلم مع الاحداث التاريخية بتوافق فني جذاب للغاية خلاب مبدع في صالات العرض في اللوفر وفي شوارع باريس واقبيتها صالوناتها وكنائسها قديمها وحديثها، يخال للمشاهد بأنه يرى امام عينية ويتابع احداث اكبر قصة انسانية بدقائق معدودة بما فيها من خيال ومن واقع ومن جمال وقبح ومن عذاب والم ومن اثم ومن قداسة.
ينتهي الفيلم ويبقى السر سرا محفوظا ربما للابد، ويبقى السيد المسيح شامخا ابيا معلما اكبر للبشرية كلها على مر العصور، كفى ذاك الفيلم الجميل انه اثار قضية ذات اهمية انسانية قصوى هيأته له الظروف والمناخات الحرة التي وفرتها المجتمعات المتطورة والتي لا تنفك ترغب بالمزيد ولا يكفيها حتى حل لغز الخليقة والخلق بل تبحث عن ما قبل الخلق وما بعده، تسألنا برهبة وخشوع نحن البشر كلنا الى اين المصير؟؟
ما هي الحقيقة وما هو الخيال؟؟
اين البداية واين النهاية؟؟
ما هو الازل وما هو الابد؟؟
ما هي طلاسم هذه الحياة البشرية؟؟ اين سينتهي الترحال بكوكبنا الازرق وهو ربما كان نقطة من خيال وربما لغزا من الغاز دافنشي اودعها احدى رسوماته الجميلة التي تزين متاحف وكنائس العالم.
من القضايا التي اثارها هذا الفيلم الذكي الجميل وان كنا لا نوافق على جميع ما ورد به من خواطر وافكار هي-
اولا- التزييف البشري لتاريخ السيد المسيح عليه السلام على ايدي الكنيسة الكاثوليكية، ما هي حقيقته، تلك البشرية ام تلك الألوهية؟
ثانيا- اهدار اهمية المرأة في المسيحية كما في الديانات الموحدة بعدها وقبلها، تهمش دورها في تلك الديانات بعد ان كانت الهة في الوثنية، نذكر على سبيل المثال وليس الحصر ايزيس الهة الخصوبة في مصر القديمة، بعل وعشتاروت الهة الحب والخصب عند الفنيقيين، وافروديت الهة الحب عند الاغريق القدماء.
ثالثا- اعترافا ضمنيا من الغرب المسيحي بان المسيح عليه السلام شرقي ذو ملامح شرقية سمراء ذكية اذا صدقت حقيقة "صوفي" بالفيلم، لا شك انه من هنا اطلق رحمته وسلامه للبشرية، من هنا كانت لغته وهنا حياته وصلبه ومماته وقيامته وقبره، وما هي الحروب الصليبية القديمة والجديدة الا كذبة كبرى وحروب عدوانية لا تمت لانسانية المسيح باية صلة.
وبعد نتمنى للسينما العربية الساقطة في هذه الايام التعيسة لو تتعلم القليل من هذا الفيلم، من مواضيعه وتقنيته وتترك "النوم في العسل" و"همام في امستردام"، وهذه الافلام الشبابية المعاصرة الساقطة للاسف لانها ببساطة شديدة تبتعد عن القضايا التي تعاني منها الشعوب العربية في ارذل مراحل وجودها على الاطلاق، نتمنى على اللاهويتة الاسلامية- اذا صح هنا التعبير- ان تترك الابداع للمبدعين وان لا تكفرهم على ابداعهم مهما كان، لان فيه مستقبل وخلاص هذه الامة.



#فؤاد_خطيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ألماركسية والحدث الانساني المعاصر


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فؤاد خطيب - دافنشي كود - الفيلم الذي هز عرش البابوية