|
أبناء الخيار الاستراتيجي .. إلي المفاوضات
أحمد الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 3127 - 2010 / 9 / 17 - 13:11
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
د. أحمد الخميسي لن أستغرب إذا وجدت كاتبا يصف بطله في في رواية له قائلا : " كان شابا طويل القامة، مفتول العضلات ، تتسم نظرته بخيار استراتيجي للسلام " ! أو أن نسمع أن فلانة أنجبت صبيا " واسع العينين وخياره الاستراتيجي روعة " ! . يقولون إن شخصية الإنسان هي قدره . وقد دخل عنصر " السلام الاستراتيجي " في المكونات العربية وأصبح كأنه سمة طبيعية متوارثة كحجم الأنف منذ توقيع معاهدة كامب ديفيد في 1978 وبعد أن أطلقت السعودية في 1996 مبادرتها التي نصت على أن " السلام العادل والشامل خيار استراتيجي للدول العربية ". وولد وكبر جيل بعد آخر في ظل " الخيار" الذي لم يتبدل رغم التقلبات المحلية والدولية ، ولم ترفع الأزمات الاقتصادية سعر ذلك " الخيار " ولم تهبط به ، وظل باق كما هو لا يفسد ، ولا تدخله بكتيريا التغيرات ، طازج ، ومعروض دائما بغض النظر عن أي شيء . أما الأجيال التي توارثت ذلك الخيار على مدى ثلاثين عاما فإنها لم تشهد بادرة سلام واحدة من جانب إسرائيل المشتري الوحيد الذي زرعنا لأجله الخيار الاستراتيجي ! شهدنا فقط المزيد من التوسع والحروب وإبادة القرى الفلسطينية والمذابح وتجويع مليون ونصف المليون إنسان في غزة . ومع ذلك فإن شكل الخيار لا يتغير ولو علقوه في قالب ! بينما يتضح يوما بعد آخر صدق مقولة شامير حين صرح " سأجعل الفلسطينيين يفاوضون مئة عام دون أن يحصلوا على شيء" ! . ومع ذلك انطلقت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية في واشنطن وواصلت جولتها الثانية في شرم الشيخ يوم 14 الحالي برعاية أمريكية ، وهي رعاية من نوع خاص ، فبينما تحدثنا أمريكا الآن عن ضرورة إقامة دولتين في السودان ( لشعب واحد ! ) فإنها لا تفتح فمها بكلمة عن دولتين لشعبين ! وتضغط أمريكا وإسرائيل على الجانب الفلسطيني للاعتراف بأن إسرائيل " دولة يهودية " أي للاعتراف بأنه لاحقوق للفلسطينيين في وطنهم الذي التهمت المستوطنات بقاياه في الضفة ، وتكتفي خلال ذلك باغراء السلطة الفلسطينية بمساعدات مالية زهيدة . والآن بعد مرور أكثر من عام على وصول باراك أوباما للحكم في يناير 2009 ، يتبين أنه لا يفعل سوى مواصلة حروب جورج بوش على الشعب الأفغاني والعراقي والفلسطيني والسوداني والإيراني واللبناني وأينما امتدت الأطماع الأمريكية ، دون أن ينسى خلال ذلك التصريح بأنه يحترم الإسلام ! وقد بدأ الرئيس أوباما تلك الخدعة بخطابه في القاهرة في يونيو 2009 ، مستشهدا خلال حديثه بآية من القرآن الكريم " اتقوا الله وقولوا قولا سديدا " وبعبارات من نوع : " إن الحضارة مدينة للإسلام الذي حمل معه نور العلم عبر قرون عدة " ، وتذكرني عبارات باراك أوباما تلك بالمرسوم الأول الذي أصدره نابليون بونابرت حين احتل مصر وبدأه قائلا : " بسم الله الرحمن الرحيم " ثم جاء فيه : " وإنني أحترم الله ورسوله والقرآن .. وقولوا لأمتكم أن الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون " ! وقال أوباما في خطابه شيئا مشابها : " إن الإسلام كان دائما جزءا لا يتجزأ من قصة أمريكا " ! ولقد مر وقت كاف ليتبين الجميع أن السياسة الأمريكية لم تبدل شيئا من ركائزها بوصول أوباما ، بل إنها خاصة فيما يتعلق بفلسطين تزداد استجابة للشروط الإسرائيلية ، ومع ذلك فإن " أبناء الخيار الاستراتيجي " مازالوا يتطلعون للوهم في كل مكان ، بعد أن أصبح الوهم سمة وراثية ، وعما قريب قد نسمع من يقول : " فلان هذا رجل سلام استراتيجي أبا عن جد ! " ، وقد لا تمكن الظروف الدولية والمحلية الراهنة الشعب الفلسطيني من مقاومة مثمرة ، لكن ذلك لا يعني أن يفرط الشعب الفلسطيني في مقومات نضاله وقضيته ، فالظروف الراهنة ليست أبدية ، وحينما تسنح الفرصة لمقاومة مثمرة سيجد الفلسطيني نفسه أحوج ما يكون لمبادئ حركته الوطنية التي كانت بين يديه .
*** أحمد الخميسي . كاتب مصري [email protected]
#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جمال الغيطاني وأصدقاء العمر
-
هنادي طه حسين تجدد موتها
-
- صعيدي - - قصة قصيرة
-
أمير زكي وقصصه الجميلة
-
بهاء طاهر والجامعة الأمريكية .. إلي متي ينهبون الأدباء ؟
-
وزير الثقافة ومؤتمر الثقافة
-
طائر المساء .. شوقي عقل
-
رحيل الروائي محمد عبد السلام العمري
-
نيفين الجمل .. قصائد ممنوعة
-
نصف ضوء .. عزة رشاد
-
فاروق عبد القادر .. وداعا لروح التحدي !
-
المتهم - خالد - .. والقضاة عابرون
-
ماالخطر الذي تمثله الكمانجة على دولة إسرائيل ؟
-
غزة تبحر إلي العالم
-
الاستقواء بالخارج في السياسة والأدب
-
سلطان كازاخستاني .. الزعيم الأبدي
-
- واجب - قصة قصيرة
-
عن ذلك النور
-
بلدنا - قصة قصيرة
-
الطبيعة لا تجد من تراسله !
المزيد.....
-
مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق
...
-
فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم
...
-
مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره
...
-
السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية
...
-
جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
-
الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين
...
-
الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر
...
-
كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
-
الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
-
الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين
المزيد.....
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
-
الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل
...
/ بشير النجاب
المزيد.....
|