أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - طه اسماعيل محمد - صبحي عبدالحميد















المزيد.....

صبحي عبدالحميد


طه اسماعيل محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3118 - 2010 / 9 / 7 - 23:10
المحور: سيرة ذاتية
    


من سلة المهملات......
صبحي عبد الحميد
آية الجاهل أنه يرى ما يراه صحيحا بالكامل وما لدى الآخرين خطأ بالكامل، وانه لا يعلم أنه لا يعلم، وأنه لا يتعلم من دروس الزمن.
خطرت هذه الأفكار بذهني وانا أقرأ مذكرات السيد صبحي عبدالحميد المنشورة عن دار بابل للدراسات والاعلام بسوريا عام 2010. ولمن لا يعرف من هو صبحي عبدالحميد من شباب هذا العصر نقول انه –صبحي- كان احد الضباط المحترفين في تشكيل التكتلات داخل الجيش العراقي، ساهم –ما دام يستطيع ان يساهم- في معظم الانقلابات التي جرت في العراق منذ انقلاب تموز 1958 والى انقلاب تموز 1968 الذي ادى الى استلام البعث للسلطة ولجم العسكريين واعادتهم الى ثكناتهم، وقد يكون هذا هو العمل الايجابي الوحيد الذي قام به البعث طيلة فترة حكمه الذي دام خمسة وثلاثين عاماً.
ومأساة صبحي عبدالحميد – وكثيرون مثله من ضباط انقلابات ذلك الزمان- ان الايام لم تعلمه رغم أنه تجاوز السادسة والثمانين من عمره عند اعداد مذكراته قبل ان ينتقل الى جوار ربه في كانون الثاني 2010، واذا كان من حق الاجيال الجديدة على من سبقها ان تنقل لها تجربتها والدروس المستنبطة منها فانه من الواضح ان السيد صبحي عبدالحميد لم يؤدِّ هذا الحق كما يجب.
فهو ما يزال يعتقد ان كل ما تحتاجه لتصبح وزيرا للخارجية هو ان تجتاز دورة عسكرية في لندن لمدة ثمانية اشهر.
وما يزال يعتقد ان ما قام به من مساهمة في تهديم قواعد الضبط العسكري في الجيش العراقي بدخوله الى ما سمي بالضباط الاحرار في عام 1952 هو مما يفتخر به.
وما يزال يعتقد ان دور الجيش هو ان يستلموا رواتبهم وامتيازاتهم من الدولة ويقومون نظير ذلك بالتكتل للقيام بسلسلة انقلابات وانقلابات مضادة.
وما يزال يعتقد ان تدمير طائرات ودبابات الجيش العراقي خلال انقلاباتهم العسكرية هو عمل بطولي.
وما نذكره هنا هو ليس انتقادا لصبحي عبدالحميد ذاته، فالرجل انتقل بما له وما عليه بين يدي العادل الحق، ولأن هذا النمط من التفكير هو نتاج الثقافة التي كانت سائدة بين عدد كبير من عسكريي تلك الفترة والذين كانوا في غالبيتهم نظيفي اليد قاصري العقل.
فانقلاب 14 تموز 1958 لم يكن اول انقلاب للجيش العراقي الذي ترك مهمته الاساسية وهي حماية الوطن وتفرغ للانقلابات والانقلابات المضادة، لأن مهمته الاساسية تحتاج الى جهد وتدريب وعرق والوقوف امام جيوش مدربة وقوية تكون نهايتها اما الشهادة او التقاعد في افضل الحالات، في حين ان كل ما تحتاجه الانقلابات هو تحريك عدد من الدبابات امام سلطة مدنية اعتمادها الرئيسي هو على الجيش الذي قام بالانقلاب في حماية حكمها وتكون نتيجتـُها منصبا وزاريا او سفيرا في اسوء الحالات وهي اللعبة التي تعلموها فيما بعد من الجيش المصري بعد انقلاب 1952، مع انه كان من المعروف ان الجيش المصري آنذاك كان اضعف الجيوش العربية اعدادا وتدريبا، وكانت مهمته الرئيسية هي الاستعراضات والتشريفات وبالاخص حماية المحمل وهي طقوس نقل كسوة الكعبة من مصر الى الحجاز. وبالمناسبة فمعظم الانقلابات تقوم بها عادة جيوش ضعيفة الضبط العسكري وحالة الاستثناء هنا هي حالة انقلابات الجيش التركي والتي كانت انقلابات تعتمد على مادة في الدستور التركي تتيح للجيش التدخل لحماية النظام العلماني للبلاد.
ولقد ادى انقلاب 1958 الى الانهيار التدريجي للدولة العراقية التي سهر بـُناتها الاوائل فيصل الاول ونوري باشا السعيد وجعفر العسكري على جعلها درة الشرق. فالعراق قبل الانقلاب كان انضج ديمقراطيات الشرق واكثرها عدالة، وكان الاقتصاد العراقي يتطور بشكل متصاعد يوما بعد يوم، فمن بلد متخلف لا تحوي عاصمته سوى شارع واحد اعوج (الرشيد) تحول وخلال 30 سنة الى انشط اقتصاديات الشرق بعاصمة جميلة وصناعات متطورة تصدر منتجاتها من الصناعات الجلدية والنسيجية الى اسواق اوربا وتغطي صناعات السمنت والطابوق والتبوغ والزيوت السوق المحلية وتفيض، ومنتجاتها الزراعية من تمور وحبوب ولحوم تتنافس في كل اسواق المنطقة كاجود المنتجات الزراعية طراً، وجامعة بغداد كانت نموذجا للمستوى العلمي الرفيع فقد كان الطلاب العرب يفتخرون عندما يذكرون انهم خريجو جامعة بغداد، وكان خريجو كلية الطب العراقية يعملون ويكملون دراساتهم في كل اوربا دون الحاجة الى اجتياز امتحان اضافي هناك. وكانت المعارضة العراقية هي الانشط في كل دول المنطقة ولم تقل عدد صحف المعارضة يوما عن 40 صحيفة على الاقل في عموم مدن العراق، وكانت حدودنا مصانة لا تتجرأ اي من دول الجوار ان تنافسنا على نهر او ارض، وحقوقنا المائية في مياه دجلة والفرات وكارون وسيروان (ديالى) يحفظها موقف سياسي قوي يجعل دول الجوار تفكر الف مرة قبل ان تتجرأ على المساس بها. ونظام الحكم راسخ وانظمة السكك والبريد والشرطة والبلديات والكهرباء تتطور بمتوالية هندسية عاما بعد عام. ولكن جهل العسكريين ولهاثهم وراء دعايات إذاعة صوت العرب المصرية وعدم وجود ثقافة كافية لديهم، وقد لا تكون اصابع الصهيونية بعيدة ولو بشكل غير مباشر، كل هذا ادى الى هدم البنيان الجديد الذي انشأه بالعرق والدموع بـُناة العراق من الرواد الأوائل. وركب صهوة الحكم مجموعة من الضباط، قد يكونون مخلصين في حدود تفكيرهم، والغالبية العظمى منهم –والحق يقال- نزيهون في تعاملهم مع المال العام، ولكن جل ثقافتهم لم تزد عن قراءة كتب ارسين لوبين في معظم الحالات، وبعضهم كان يجمع مكتبة في منزله كجزء من الديكور. وليتهم توقفوا عند ذلك، ولكن حمى التكتلات والانقلابات والانقلابات المضادة خدرتهم وجعلتهم يدخلون العراق في دوامة من المشاكل ارهقته وجعلته لقمة سائغة لكل مغامر اثيم. ومع مرور السنوات ووضوح التجربة نراه مثلا ينتقد الفترة الوحيدة في كل تأريخ الانقلابين التي وجد العراق فيها شيئا من الاستقرار النسبي والحرية الفكرية، وهي فترة حكم المرحوم عبدالرحمن عارف الذي يتهمه بالجهل والضعف، وكأنه هو ومن معه ملكوا حكمة لقمان وجاؤا لنا بالذئب من ذيلو، كما يقول المثل المصري.
ومع ان المرحوم صبحي عبدالحميد لم يشارك مباشرة بانقلاب تموز 1958، لأنه لم يكن في العراق آنذاك، ولكنه كان من ابرز العسكريين الانقلابيين الذين ستلاحقهم لعنة التأريخ، وسيشكيهم الى بارئه كل طفل يتيم، وكل امرأة ثكلى، وكل مريض لم يجد الدواء، لقاء ما اوصلوا العراق له جراء مغامراتهم الرعناء التي لم يهدأ العراق ولم يستقر من نتائجها منذ يوم 14 تموز الاسود والى يومنا هذا.
ومن المضحك، والمبكي في نفس الوقت، انه يفتخر مثلاً لدوره في تأميم البنوك وشركات التأميم والمصانع الانتاجية، وهي المصيبة الاقتصادية الكبرى التي ما زالت تتعثر كل الخطط الاقتصادية نتيجتها، فلا توجد لدينا اية بنية اقتصادية تتيح اي نوع من التطور بهذا الإتجاه مثل بنوك ذات مستوى خدمات متطور وشركات تأمين ممكن الاعتماد عليها لنشوء اي استثمار منتج، ناهيك عن الثقة التي ضاعت تماما بأمانة واستقرارية القوانين العراقية. والمصيبة الأكبر انه لا يعلم بعد كل هذه السنين حجم المصيبة التي الحقوها بالإقتصاد العراقي.
ان الجيوش، وخاصة في دول العالم الثالث، سيف ذو حدين، ولكي نفهم ما اعنيه يكفي ان نقارن بين ما حصل في العراق والأردن. فالعراق كان يملك كل مقومات الدولة العصرية الواعدة، من نفط ومياه واراض ٍ زراعية وقوى عاملة وتأرخ عريق، اصبح الآن، بفضل ما جناه الانقلابيون دولة متخلفة في كل مرافق الحياة فلا خدمات بلدية او صحية ولا اتصالات يمكن الاعتماد عليا ونستورد كل طعامنا من الحبوب الى حبة الطماطم، نشكو من نقص في امدادات المياه وسنصبح قريبا من الدول الفقيرة مائيا، وليس لدينا شيء اسمه صناعة، والكهرباء اصبح من ذكريات الماضي، وحدودنا مفتوحة على مصراعيها امام كل من هب ودب، ونحن الآن الدولة الوحيدة من بين كل الدول العربية التي لا تملك استقلالها مع العلم اننا كنا اول بلد عربي ينال استقلاله بالكامل عام 1934. وبالمقابل كان شرق الاردن لا يملك اي من مستلزمات الدولة عندما ورطوا المرحوم الملك عبدالله الأول بها فلا موارد اقتصادية ولا مياه ولا قوى عاملة مدربة، ولكن بفضل عبقرية المرحوم الملك حسين وبفضل الجيش الأردني الذي وقف الى جانبه منضبطا عارفا لمهامه الحقيقية استطاع الاردن ان ينهض وتراه الآن واحداً من انشط دول المنطقة اقتصادا واكثرها اماناً واستقلالا وقيمة دولية وسياسية. الأمر الذي يجعله بحق جديراً باسم الجيش الباسل.



#طه_اسماعيل_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دلاور
- بودا
- صور من بغداد
- طوفان نوح
- الحب الأول
- عمو بابا ....و عبدالكريم قاسم
- الموصل
- هيباتيا


المزيد.....




- بالتعاون مع العراق.. السعودية تعلن ضبط أكثر من 25 شركة وهمية ...
- مسؤول إسرائيلي حول مقترح مصر للهدنة في غزة: نتنياهو لا يريد ...
- بلينكن: الصين هي المورد رقم واحد لقطاع الصناعات العسكرية الر ...
- ألمانيا - تعديلات مهمة في برنامج المساعدات الطلابية -بافوغ- ...
- رصد حشود الدبابات والعربات المدرعة الإسرائيلية على الحدود مع ...
- -حزب الله-: استهدفنا موقع حبوشيت الإسرائيلي ومقر ‏قيادة بثكن ...
- -لا استطيع التنفس-.. لقطات تظهر لحظة وفاة رجل من أصول إفريقي ...
- سموتريتش يهاجم نتنياهو ويصف المقترح المصري لهدنة في غزة بـ-ا ...
- طعن فتاة إسرائيلية في تل أبيب وبن غفير يتعرض لحادثة بعد زيار ...
- أطباق فلسطينية غيرتها الحرب وأمهات يبدعن في توفير الطعام


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - طه اسماعيل محمد - صبحي عبدالحميد