أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طه اسماعيل محمد - الموصل















المزيد.....

الموصل


طه اسماعيل محمد

الحوار المتمدن-العدد: 3058 - 2010 / 7 / 9 - 17:05
المحور: الادب والفن
    


من سلة المهملات......
الموصل
يكتبها: طه اسماعيل محمد
[email protected]
بين يدي كتاب ممتع عنوانه (خبايا القاهرة) صدر عام 2008 عن دار الشروق لمؤلف مغمور (أحمد محفوظ) يبدو أنه كتبه عام 1958 ولم تسنح له إمكانية لنشره في حينه، وتوفى دون أن تتاح له فرصة رؤية كتابه مطبوعاً أو يعرف له هو شخصياً من أثر، مع أن المؤلف كما يبدو من مواضيع الكتاب قد عايش القاهرة في أواخر القرن التاسع عشر وتجاوز النصف الأول من القرن العشرين بعدة سنوات.والكتاب، كما يظهر من عنوانه، يتحدث عن ليالي القاهرة وخفاياها في بداية القرن العشرين ويظهر غزارة في معلومات المؤلف وتعمقه في حواري وشوارع ومحلات القاهرة بإسلوب رشيق جذاب يشير الى براعة المؤلف وسوء حظه في آن واحد.
ويتجول الكاتب ببراعة في ليالي القاهرة وملاهيها ومقاهيها وباراتها وكابريهاتها ونواديها وفنادقها. ويتكلم عن مغنيها وممثليها، ويدخل بهدوء الى حياتها الإجتماعية واخلاقها وعاداتها ومعايشها واطعمتها ومواصلاتها وظرفائها، وحتى شحاذيها.
وعندما يتحدث عن مغني القاهرة في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، يذكر أن شعب القاهرة ظل في أغلب عهوده يلهو بفنون مرتجلة من مواويل وأغاني (أصلها فارسي أو تركي) وطبل وزمر، وأنه كان فناً متغير الأشكال بتغير الأذواق والعصور واختلافها بين الحرية والكبت. ولم يعرف من الغناء اصولاً مرعية قط قبل عبده الحمولي ومحمد عثمان اللذين وضعا اسس الغناء العربي المصري الحديث، وسار على دربهما سيد درويش والقصبجي وزكريا أحمد ومحمد عبدالوهاب غيرهم من اساطين الغناء العربي الذين ما زلنا نترنح على الحانهم طرباً، وينقل المؤلف عن أحمد نسيم –الشاعر- وكان صديق عبده الحامولي وملازمه، بأنه حضر الى القاهرة أحد فناني الموصل، وكان في مقام الأستاذ من عبده الحامولي، وظل يحضر كل حفل يغني فيه، فلم يستطيع المغني المصري الا ان يرجوه ان يريحه من حضور حفلاته لانه قد اتعبه واضناه لانه لا يستطيع الا ان يتوخى كل ضروب الاجادة من توقيع وأداء ما دام الاستاذ الموصلي موجودا لأنه يفهم الفن صحيحاً مستقيماً، وهذا يقتضي الحامولي جهداً لا طاقة له به. ويبدو من هذا ان انتقال الموسيقى والغناء المصريين الى الصيغة والشكل الحاليين المشبعة بعبق الألحان الشرقية ذات الجذور العباسية قد انتقل الى مصر حديثاً على يد الموصليين مع نهايات القرن التاسع عشر.
وتمتد براعة الموصليين بالموسيقى –وبكل فروع الثقافة بشكل عام- منذ بدايات الحضارة الانسانية الموثقة، فآثار آشور تدل على اهتمام عال بالموسيقى حيث اشارت مدونه وجدت في آثار آشور إلى استعمال الأغنية في الحروب وهي عبارة عن رسالة مكتوبة على لوح من الطين بالخط المسماري تشير إلى إن الملك الآشوري شمشي أدد الأول (الذي حكم قبل أكثر من 3700 سنة من الآن) قد بعث بها إلى احد عماله في الأقاليم يطلب فيها تجنيد ثلاثة مغنين ومنهم المغني المشهور آنذاك (سين – ايقيشان) وإرسالهم مع الحملة العسكرية. كما أن مكتبة آشور بانيبال (وهي أقدم مكتبة في التأريخ) تدل على أصالة الثقافة الموصلية القديمة.
ولأنك إذا أردت أن تعرف مدى رقي شعب من الشعوب فأستمع الى موسيقاه، فمن الضروري أن نطلع على بعض الصور التي تدل على مدى تعمق فن الموسيقى في ضمير الثقافة الموصلية.
فإبراهيم الموصلي، وهو أشهر موسيقي في زمانه ولد بالكوفة عام 724م وحاول أهله تعليمه في الكُتَاب، الا أن هذا الشكل من التعليم لم يرق له لولعه المبكر بالموسيقى فحاربه أهله، فأين ذهب؟ ذهب الى الموصل ليتعلم الموسيقى على اصولها وليبدع وليصبح من أبرع موسيقيي زمانه ويقال أنه لحن لوحده 900 لحناً جديداً، وقد وصل في رقي مستواه وعلو مكانته أن الخليفة المأمون صلى شخصياً عليه عند وفاته عام 804م.
ولم يقل مستوى إسحاق الموصلي عن مستوى والده إبراهيم، فقد تعلم الموسيقى على يد أحد تلاميذ أبيه وبرع في الغناء والموسيقى وسمي بابن النديم الموصلي، وكناه الرشيد بأبي صفوان وقال الخليفة الواثق عنه (ما غناني اسحاق قط الا ظننت إنه زيد لي في ملكي).
ولو إتجهنا صوب الأندلس لوجدنا أن من نقل الموسيقى اليها -كفن له أصوله- هو زرياب الموصلي (تلميذ إسحاق الموصلي) الذي انتقل اليها بعد أن غنى واطرب هارون الرشيد الذي اعجب به أشد الإعجاب، واشتهر في الأندلس بإسم زرياب القرطبي وأسس أول معهد متخصص بقواعد وأساليب الموسيقي والغناء هو (دار المدنيات للغناء والموسيقى)، وأخترع الموشحات الأندلسية وكان أن أضاف الوتر الخامس للعود منذ أن كان ببغداد.
ونتدرج في التأريخ فنصل الى شاب بصير مصاب بالجدري هو الملا عثمان الموصلي، الذي يعتبر بحق عملاق موسيقيي الشرق خلال القرنين التاسع عشر والعشرين. فرغم فقره المدقع استطاع أن يكون من اعلام قراء القرآن الكريم بتلاواتها العشر، ومنشدي المدائح النبوية وقارئي المقامات وأبرع ملحني وموسيقيي عصره. كفله محمود العمري (لاحظ دور رجالات الموصل) فامتاز على جميع معاصريه فناً وصوتاً.أسس المدرسة المولوية للإنشاد الديني التي كانت مدرسة موسيقية متطورة خاصة وانها كانت بعبق موصلي، والمعروف ان ما يميز المدرسة الموصلية هو انفتاحها وحرية التصرف التي تتيحها لقارئي المقام. ويكفي أن نقول أن لحن (طلعت يا محلى نورها شمس الشموسة) التي اشتهر بها سيد درويش هي من الحان الملا عثمان الموصلي.
وعند تأسيس الجيش العراقي تمت الإستعانة بنائب الضابط المتقاعد الإنكليزي (فيلد) لتأسيس أول جوق عسكري، فسافر الى الموصل للإستفادة من تراثها، حيث كانت فرق الكشافة فيها زاخرة بالطاقات الموسيقية، كما كان عدد من الموصلين اعضاء في الفرقة الموسيقية العسكرية العثمانية، فكان هؤلاء هم اللبنة الأولى لأول جوق موسيقي عسكري عراقي.
وهكذا من سين- ايقيشان والى منير بشير- ظلت الموصل نافورة للموسيقى الشرقية، ومدرسة للتطور والحداثة، وما كان ذلك ليكون لولا جو الإنفتاح واحترام الآخر الذي عاشته هذه المدينة العراقية الجميلة في تأريخها الجميل.



#طه_اسماعيل_محمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هيباتيا


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طه اسماعيل محمد - الموصل