أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - دعاة الفضائيات والدعوة إلى التقمص وتناسخ الشخصيات














المزيد.....

دعاة الفضائيات والدعوة إلى التقمص وتناسخ الشخصيات


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3117 - 2010 / 9 / 6 - 19:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


من العقائد الدينية لدى الديانة الهندوسية عقيدة (التقمص) أو (تناسخ الأرواح)، هذه العقيدة مؤداها أن الأرواح خالدة لا تفنى ولا تبيد ولا تموت بموت الإنسان، بل يعتقد أتباع الديانة الهندوسية أن الروح بموت الإنسان ينتقل من جسده إلى جسد آخر أي إلى مولود جديد فيحل فيه ويتقمصه، فروحك قبل أن تولد كان في أجساد أخرى كثيرة قبلك وظل ينتقل من جسد إلى جسد حتى جاء إليك، وسوف ينتقل منك بعد موتك إلى جسد مولود جديد وهكذا أبد الدهر، فالروح لديهم أبدي الوجود، وهذا الانتقال للروح وتناسخه وتقمصه من جسد لآخر وفق عقائد الهندوس يتم لغاية ألا وهي أن الأرواح تتدرج في الرقي والكمال في انتقالها من جسد لآخر حتى تصل في نهاية المطاف إلى صف الروحانيات المتجردة والكائنات الملائكية فيحظى عند ذلك بالخلاص والسعادة الأبدية أو ما يسمى (النيرفانا).

وقد يسأل سائل: ما علاقة عقيدة التقمص والتناسخ هذه بدعاة الفضائيات الدينية الآن؟؟، أقول: إن دعاة الفضائيات الدينية من خلال تقديم فتاواهم وأحاديثهم التليفزيونية للناس لا يقدمون الحكم الديني المجرد أثناء إفتائهم الناس وأثناء جوابهم على أسئلتهم، إنما يقوم دعاة الدين في الإعلام الديني اليوم بتقديم الحكم الديني مرفقا به السمات والقدرات الشخصية للداعية أو المفتي أو الشيخ نفسه مع الحكم الديني، بحيث يتم إيهام المشاهد واستدراجه دون وعي منه ليتقمص شخصية الشيخ أو المفتي أو الداعية دون أدنى انتباه للفصل بين الحكم الديني المجرد وبين طغيان السمات الشخصية للداعية أو الشيخ أو المفتي على منطوق الفتوى أو الحكم الديني بحيث يصبح المشاهد غير مستطيع الفصل أو التمييز بين الحكم الديني المجرد وبين السمات الشخصية للداعية أو الشيخ أو المفتي، فيقوم المشاهد بتقمص السمات الشخصية للداعية واستنساخ شخصيته دون وعي من الداعية أو المشاهد، فتمتلئ الدنيا بنسخ مكررة من الشيوخ والدعاة كما هو مشاهد اليوم في كل مكان من بلاد المسلمين، ومن ثم يتم القضاء على التنوع والاختلاف اللذين هما إكسير الحياة وسر بقائها.

وكي أزيد الأمر إيضاحا أقول: إن دعاة الدين اليوم في الإعلام الديني يتحدثون إلى الناس ويجيبون على أسئلتهم من خلال واقع الدعاة أنفسهم لا من خلال واقع الناس الحقيقي الذي يعيشون فيه، متغافلين تماما عن تجريد الدلالة الحقيقية للحكم الديني أو النص الديني، بمعنى أن الداعية حين يقوم بإجلاء الحكم الديني للمشاهدين يقوم بإلزام المشاهد وتكليفه بكيفية وطريقة تطبيق النص الديني المجرد فيتوهم المشاهد أن طريقة تطبيق النص التي تلقاها من الداعية هي والنص سواء ولا يمكنه الفصل بينهما، فيتلقى المشاهد من الداعية ليس حكما دينيا مجردا في واقعة ما وحسب، بل يتلقى مع الحكم الديني طريقة وكيفية تطبيق الحكم، وفي هذه الحال يعتقد المشاهد ويرسخ في وعيه أن طريقة التطبيق التي ألزمه بها الداعية لا يمكن العدول عنها لأن الشيخ أوهمه عن قصد أو غير قصد أن طريقة تطبيق الحكم هذه هي والحكم سواء، ولها نفس قدسية الحكم الديني ولها نفس إلزامية الحكم الديني وأن الحكم الديني لا يصلح تطبيقه إلا بهذه الكيفية.

وما لا ينتبه له كل من الداعية أو المشاهد هو أن طرق تطبيق الأحكام تلك التي يلزم بها الدعاة الناس قد تتناسب مع المشاهدين وقد لا تتناسب معهم، لأنه ربما يكون لدى الناس طرقا أخرى تتناسب وتتلائم مع ظروفهم وواقعهم غير تلك التي ألزمهم بها الدعاة، ما يترك للمشاهدين خيارات أخرى لتنفيذ الحكم، حتى لا يصبح الناس بين خيارين أحلاهما مر، الأول: إما الالتزام بالطرق التي أخبرهم بها الدعاة وقد لا تتوافق مع واقعهم وظروفهم، والخيار الآخر ترك العمل بالحكم نهائيا، وعندئذ يقع الناس فريسة لآلام الشعور بالإثم والذنب وتأنيب الضمير لعدم امتثالهم بالحكم الديني، وبهذه الطريقة يجني الدعاة على الناس ويتركونهم في حيرة واضطراب دون أن يشعروا بجرم ما يفعلون، وبالتالي فهم لا يفيدون الناس ولا يريحونهم ولا يقدمون لهم أية حلول لمشاكلهم، بل إنهم يزيدون مشاكل الناس تعقيدا وألما وحيرة، ومن أكبر البراهين على ذلك أن السائل لو قام بالاتصال على شيخ آخر أو استمع لداعية آخر فسيجد جوابا مختلفا يحمل طريقة مختلفة لتطبيق الحكم بل ربما يجد حكما آخر ومختلفا عما سمعه من قبل، مما يزعزع مكانة الدين وأهميته في نفوس الناس، ويكفي هذا جرما وخطيئة في حق الناس.

فقد نرى مثلا شيخا يتحدث عن حرمة النظر إلى النساء وينهر الشباب ويبكتهم ويبالغ في تخويفهم من عاقبة عدم غض البصر، في حين أن الشيخ أو الداعية لا ينتبه إلى ما يجبر الشباب على عدم غض البصر وهو أن معظم الشباب عاطل عن العمل بل عاطل عن الحياة ولا يجد حتى قوت يومه والشيخ لا يأخذ هذه الأشياء بعين الاعتبار، وبالتالي فلا يرى الشباب غير مستطيع لإشباع الرغبة الجنسية بطرق مشروعة، وبالتالي فالشيخ يتعامى عن أن الشباب ينظر إلى النساء ويقعون في التحرش بهن بسبب حرمانهم، والأغرب بل ما يثير الدهشة في الوقت نفسه أن الشيخ الذي يصرخ في الشباب ويطالبهم بغض البصر متزوج بأربع نساء يتنقل بينهن كالعصفور كل حين على غصن بل يكاد يتجشأ شبعا من ممارسة الجنس، وبالتالي فالشيخ أو الداعية لا ينتبه أنه يصرخ في شباب محروم جائع فقير معدم. ومن المشروع أن يتبادر إلى ذهني الآن سؤال مشروع ألا وهو: هل لو كان الشيخ أو الداعية يعيش نفس ظروف الشباب البائس المعدم ويعاني نفس الحرمان هل كان الشيخ سيستمع لمن يصرخ فيه ويأمره بغض البصر؟.

إذاً فعلى دعاة الدين أن يفصلوا تماما بين تبيين الحكم الديني المجرد وتوضيحه للناس وبين إلزام الناس بطرق وسبل تطبيق الحكم الديني، لربما ما صلح للشيخ أو الداعية في التطبيق والالتزام لا يصلح لمن هو ليس في نفس ظروفهم وواقعهم.

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفضائيات الدينية تجعل من الإسلام دينا رجعيا
- محاولات رهبنة الإسلام على يد دعاة الفضائيات الدينية
- رجال الدين وشرعنة الطغيان والاستبداد
- أمة الادعاء والأدعياء والكذب على النفس والناس
- رمضان شهر تقوى وهدى أم شهر برامج ومسلسلات؟
- هل نعي كيف تكون استخارة الله؟
- هل تموت الأمم بموت قادتها؟
- منى الشاذلي وتبرير الخروج على القانون
- الإعلام الديني يروج المخدرات بين مشاهديه
- شهوة التدين
- دعاة الدين الكنتاكي
- انغلاق الإعلام الديني وجنايته على الدين والناس
- عبثية الإعلام الديني وغياب المنهج وتعدد المرجعيات
- الإعلام الديني وخطيئة احتكار الدين
- هل صوت المرأة عورة ؟؟
- الدين بين استقذار الجنس وازدراء المرأة
- البابا شنودة يتهم القضاء المصري باضطهاد المسيحيين
- حق الزوج على زوجته كذبة كبرى لاستعباد الزوجة
- إلزام الزوجة بخدمة زوجها عبودية ورق
- قناة الجزيرة نبي هذا الزمان


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - دعاة الفضائيات والدعوة إلى التقمص وتناسخ الشخصيات