أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - رمضان شهر تقوى وهدى أم شهر برامج ومسلسلات؟














المزيد.....

رمضان شهر تقوى وهدى أم شهر برامج ومسلسلات؟


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3098 - 2010 / 8 / 18 - 20:44
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(183) أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) (184_ البقرة)

كانت (التقوى) هي علة فرض الصيام كما تلوناها في آيات الذكر الحكيم، والتقوى في مفهومها القرآني هي حصن ووقاية ورقابة ذاتية يقيمها المؤمن من نفسه على نفسه من دون رقابة أو رصد من أي شخص آخر سوى الله وذات المؤمن نفسه، ولأنه ليس من وسيلة أعظم وأنجع في تعليم الفرد المؤمن كيفية بناء جهاز رقابة ذاتي يسمى (التقوى) فكان تشريع الصيام هو تلك الوسيلة التي تعين المؤمن على فعل ذلك، ففي حرمان الفرد نفسه بنفسه من الطعام والشراب والرفث إلى النساء ساعات محددة من اليوم لمدة شهر كامل لا يمكن لمخلوق أن يعلم بأن ذلك الشخص صائم أم لا سوى الشخص نفسه، فحقيقة الصيام وغايته هي تربية المؤمن وتعليمه كيف يبني رقابة ذاتية من نفسه على نفسه من دون رصد أو رقابة خارجية، وليس الغاية من تشريع الصيام ما يظنه معظم الناس إيقاظ شعور الأغنياء بما يعانيه الفقراء من جوع وحرمان، كلا، لم تكن قط هي غاية الصيام، فقد حسم الله الغاية الحقيقية من الصيام بقوله: (لعلكم تتقون)، ولم يقل لعل الأغنياء يشعرون بجوع وحرمان الفقراء.

هذه هي غاية الصيام الذي كتبه الله علينا كما كتبه على الذين من قبلنا لعلنا نرقى بأنفسنا إلى مصاف الأتقياء، والتقوى ليست كما يراها ويظنها البعض ضربا من الدروشة والتدين القشري أو انعزالا وهروبا من الحياة، وكذلك ليست بغضا للحياة وتجنبا لها، إنما التقوى نظام رقابي ذاتي رباني شامل ومنهج حياة متكامل لبناء الشخصية المؤمنة بناء سويا، يجعل ذلك البناء الرباني المنظم والممنهج من الفرد المؤمن _إن هو انتبه ووعى هذا_ مركزا للكون ومحورا للحياة لنفسه ولبني جنسه وللأشياء من حوله، تتكون لبنات هذا البناء من المسئولية الفردية ومكارم الأخلاق والرقي الإنساني والحضارة والبناء والإعمار والتقدم والعلم والعدل والقسط والرحمة والجدية والنظام، ذلك لأن مفهوم التقوى الحق هو حصن ووقاية للفرد المؤمن ضد الضعف والاستكانة والمهانة والإسفاف والاستخفاف والانحطاط والسقوط والتخلف والهدم والجهل والظلم والجور والقسوة والسخرية والفوضى.

فالتقوى ليست نزوة دينية فردية، وليست شهوة دينية شخصية، وليست سوقا للسلوك والمعتقدات الدينية، ينتقي منها الفرد ما يحلو له وقتما يشاء، ويترك ما لا يحلو له وقتما لا يشاء، إنما التقوى هي منهج تربوي نفسي رباني، ونظام حياة شامل، قام بإعداده الحق سبحانه، وقام بإنزاله للناس في شهر رمضان، فقال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (185_ البقرة).

فشهر رمضان هو الشهر الذي اختاره الله لإنزال القرآن، القرآن الذي يعد منهجا تربويا إنسانيا كاملا مرسوما محددا متكاملا، بل وسراجا منيرا بينا واضحا لا لبس فيه ولا غموض ولا غشاوة، بل هدى بين واضح فارق يستطيع من خلاله الفرد المؤمن إذا التزم تعاليمه واهتدى بهديه أن يفرق بين الحق والباطل بين الطيب والخبيث بين الغث والثمين بين الهدى والضلال فقال تعالى: (أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ) فشهر القرآن هو شهر للهدى والفرقان، والمقصود بالفرقان أن يكون الإنسان بنفسه رقيب على نفسه، فالفرقان يخلق في المؤمن نظام رقابة ذاتي على ما يصدر منه وعلى ما يرد إليه، ويستطيع من خلاله أن يميز بين حقائق ومعادن الأشياء وبينها كيف يختار، لا أن يكون ألعوبة بيد الأشياء أو بيد غيره يفعلون به ما يشاءون، هذا هو الفرقان الذي جاء به القرآن الذي هو بينات من الهدى والفرقان، إذن فشهر رمضان هو شهر فرض فيه الصيام لعلة التقوى أي لعلة خلق حصن وجدار واقي للفرد المؤمن ليتخذه حصنا ووقاية لنفسه من نفسه، وحصنا ووقاية ممن حوله، ولن يتيسر ذلك الحصن وتلك الوقاية إلا بمنهج هادي بين واضح فارق، يستطيع ذلك المنهج أن يعد فردا مؤمنا تقيا حرا مسئولا، وليس الفرد المؤمن التقي كما نتخيله أنه هو الشخص الملتحي المرتدي للجلباب والعمامة والممسك بالمسبحة والذي يجلس طوال الوقت في المسجد رياء أو المكثر من تلاوة القرآن الكريم بلا وعي، كلا، ليس هذا بالمؤمن التقي، إنما المؤمن التقي هو المحصن ضد التدني والاستغلال والإسفاف والاستخفاف والسقوط والانحلال والانحطاط والتخلف والهدم والتخريب والجهل والظلم والجور والقسوة والسخرية والفوضى.

هذا هو شهر رمضان الذي كتب الله علينا فيه الصيام لخلق وتكوين أمة حية حرة مسئولة واعية من الأتقياء المحصنين ضد الغواية أو الإغواء، إلا أن الإعلام الآن حوَّل شهر رمضان من شعيرة وفريضة دينية ومن شهر لتربية النفس وتقويمها وتربية الناس وتقويمهم وزرع القيم الإنسانية الربانية في نفوسهم إلى موسم يتسابق فيه القائمون على الإعلام بكافة أنواعه إلى تسخيف وتسفيه وتسطيح وعي الناس وإخراجهم من دين الله أفواجا، هذا إن كانوا قد دخلوا فيه أصلاً.
(ستكون لنا وقفة مطولة مع ما وصل إليه الإعلام الرمضاني من انحطاط وسقوط عقب انتهاء الشهر الكريم).

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نعي كيف تكون استخارة الله؟
- هل تموت الأمم بموت قادتها؟
- منى الشاذلي وتبرير الخروج على القانون
- الإعلام الديني يروج المخدرات بين مشاهديه
- شهوة التدين
- دعاة الدين الكنتاكي
- انغلاق الإعلام الديني وجنايته على الدين والناس
- عبثية الإعلام الديني وغياب المنهج وتعدد المرجعيات
- الإعلام الديني وخطيئة احتكار الدين
- هل صوت المرأة عورة ؟؟
- الدين بين استقذار الجنس وازدراء المرأة
- البابا شنودة يتهم القضاء المصري باضطهاد المسيحيين
- حق الزوج على زوجته كذبة كبرى لاستعباد الزوجة
- إلزام الزوجة بخدمة زوجها عبودية ورق
- قناة الجزيرة نبي هذا الزمان
- الإعلام المصري والرئيس مبارك
- الإعلام المصري بين إهدار دم الأقباط وازدراء المسلمين
- الجهل السياسي لحركة حماس هو سر مأزقها
- جماعة تكفير الأنبياء
- أعلن مبايعتي لجمال مبارك رغم أنف إبراهيم عيسى، ولكن..


المزيد.....




- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...
- إيهود أولمرت: إيران -هُزمت- ولا حاجة للرد عليها
- يهود أفريقيا وإعادة تشكيل المواقف نحو إسرائيل
- إيهود باراك يعلق على الهجوم الإيراني على إسرائيل وتوقيت الرد ...
- الراهب المسيحي كعدي يكشف عن سر محبة المسيحيين لآل البيت(ع) ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - رمضان شهر تقوى وهدى أم شهر برامج ومسلسلات؟