أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - شهوة التدين














المزيد.....

شهوة التدين


نهرو عبد الصبور طنطاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3069 - 2010 / 7 / 20 - 21:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الشهوة هي قوة كامنة في النفس البشرية تجعل الإنسان يلهث نحو أشياء بعينها ويوجه جل اهتمامه في الهرولة خلف الحصول عليها وتملكها، وما يدفع الإنسان للهاث خلف تلك الأشياء هو مدى ما يجده اللاهث من متعة ولذة أثناء ظفره بتلك الشهوات، وقد أخبر القرآن الكريم بأن الناس قد زينت لهم نفوسهم حب الشهوات واتباعها وترك كل شئون الحياة الأخرى من أجل الظفر بما يشتهون، وقد ذكر القرآن الكريم كذلك عددا من الأشياء التي تم تزيين حب شهواتها في نفوس الناس ومنها: النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث وغيرها من الأشياء التي لها شهوة في نفوس الناس، قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ المُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ المُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ المَآبِ) (14_ آل عمران). وقد بين القرآن الكريم في موضع آخر أن الناس في سبيل اتباعهم لشهواتهم والظفر بها والتمتع والتلذذ بها يتركون كل شيء ويضيعون كل شيء حتى أن منهم من يضيع فرائض الله من أجل اتباعه لشهواته، قال تعالى: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَياًّ) (59_ مريم).

فالشهوة لا تعني محض الرغبة في الحصول على شيء بعينه من الدنيا، إنما الشهوة هي الرغبة التي يترك المرء من أجلها خلفه كل شيء ويبيع لها كل شيء ليتبع ما تشتهي نفسه وما تدفعه إليه بقوة للحصول عليه، فطلب السلطة مثلا أو المنصب أو المال أو أي شيء آخر ليس بعيب وليس بشيء خاطئ إنما يصبح عيبا وخطئا جسيما حين يتحول ذلك الطلب إلى شهوة تجعل الإنسان يترك خلفه كل شيء ويضحي بكل شيء ويضيع قيمه ومبادئه ودينه من أجل الحصول أو الظفر بتلك الشهوة.
أما الجديد واللافت في الأمر حين يتحول الدين أو بالأحرى التدين إلى شهوة، فتلك مصيبة كبرى، وهذا ما يقوم به الإعلام الديني اليوم ويحرض الناس عليه، حيث جعل الإعلام الديني من الدين أو الالتزام بالدين مجرد شهوة يترك الإنسان لها كل شيء ويتفرغ من كل شيء ويختزل الحياة بكاملها من أجل ما يسمى بالالتزام الديني، وما يسمى بالالتزام الديني اليوم هو عبارة عن مجموعة من المواصفات والالتزامات الشكلية المظهرية الخاصة التي لابد من توافرها في الشخص حتى يصبح في عرف القائمين على الإعلام الديني شخصا متدينا أو شخصا ملتزما بالدين، ومن هذه المواصفات ومن هذه الالتزامات الالتزام بمظهر بعينه كإطلاق اللحية وحف الشارب أو جزه وارتداء أنواع خاصة من الثياب محددة اللون والشكل وذات مواصفات محددة للنساء والرجال، وكذلك الالتزام بحفظ القرآن الكريم أو بعضه دون اشتراط فهمه أو استيعاب أحكامه وتشريعاته، وحفظ عدد من أحاديث النبي محمد على الصلاة والسلام، ودراسة بعض الكتب المحددة في العقيدة والفقه والعبادات، وكذلك الالتزام بأداة الصلاة في أوقاتها وصلاة النوافل وصيام الاثنين والخميس من كل أسبوع وتلاوة أذكار الصباح والمساء وغيرها من الالتزامات التي من التزم بها وسجنَ نفسه فيها يصبح متدينا في عرف دعاة الإعلام الديني اليوم.

إن ترك الحياة وما فيها والتفرغ لمثل هذه الالتزامات والاتصاف بمثل هذه المواصفات وإضاعة كل شئون الدنيا وتركها لأجل فعل هذا يصبح التدين بهذا الشكل مجرد (شهوة) كأي شهوة أخرى من الشهوات، وليس تدينا حقيقيا، شهوة يجد فيها المتدين قمة متعته ولذته في الظفر بها والاتصاف بمواصفاتها والعمل بالتزاماتها والتقوقع خلف مظاهرها والركون والسكون إليها، فكم يتمتع ويلتذ الرجل كان أو المرأة وهو يرتدي ما يسمى بالزي الإسلامي أو يلتزم بما يسمى بالمظاهر الإسلامية، في حين أن الدين الحقيقي ليست له تلك المواصفات الشكلية المظهرية الصارمة، إنما الالتزام الحقيقي بالدين ليس سوى بناء الإنسان بناء إنسانيا أخلاقيا قيميا حقيقيا ليقيم الحق والعدل والقسط في نفسه وبين الناس وينهى عن الفساد في الأرض ويتعارف ويتعايش مع بني جنسه في وئام وسلام ويشارك في عمارة الدنيا وإعمار الأرض، هذا هو التدين الحقيقي، أما ما يدعو إليه دعاة الدين في الإعلام الديني اليوم ليس دينا حقيقيا وليس تدينا حقيقيا إنما يدعون الناس بآرائهم وفتاويهم وأفكارهم إلى مجرد شهوة تتدثر بقشور الدين يترك من أجلها الشباب والرجال والنساء كل شئون دنياهم للظفر والتمتع والتلذذ بها، ولكنها في النهاية هي محض شهوة للتدين لا تقل شهوانية عن بقية الشهوات الأخرى.

نهرو طنطاوي
كاتب وباحث في الفكر الإسلامي _ مدرس بالأزهر
مصر_ أسيوط
موبايل/ 0164355385_ 002
إيميل: [email protected]



#نهرو_عبد_الصبور_طنطاوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعاة الدين الكنتاكي
- انغلاق الإعلام الديني وجنايته على الدين والناس
- عبثية الإعلام الديني وغياب المنهج وتعدد المرجعيات
- الإعلام الديني وخطيئة احتكار الدين
- هل صوت المرأة عورة ؟؟
- الدين بين استقذار الجنس وازدراء المرأة
- البابا شنودة يتهم القضاء المصري باضطهاد المسيحيين
- حق الزوج على زوجته كذبة كبرى لاستعباد الزوجة
- إلزام الزوجة بخدمة زوجها عبودية ورق
- قناة الجزيرة نبي هذا الزمان
- الإعلام المصري والرئيس مبارك
- الإعلام المصري بين إهدار دم الأقباط وازدراء المسلمين
- الجهل السياسي لحركة حماس هو سر مأزقها
- جماعة تكفير الأنبياء
- أعلن مبايعتي لجمال مبارك رغم أنف إبراهيم عيسى، ولكن..
- هل جمع الله القرآن الكريم؟؟
- لا حرمة في مصر لمن يفكر في الاقتراب من كرسي الرئاسة
- هل أصبحت هيفاء وهبي رمز وطني مصري؟؟
- نعم إن العرب يكرهون مصر والمصريين
- هل القرآن كلام الله؟ تعليقات وردود _ الجزء الرابع والأخير


المزيد.....




- ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات وتا ...
- شاهد.. المرشد الأعلى في إيران يعلن النصر على إسرائيل
- إسرائيل ترفض فتح المسجد الإبراهيمي كاملا للمسلمين برأس السنة ...
- فنزويلا: المعارضة خططت لهجوم على معبد يهودي في كراكاس لاتهام ...
- الجيش اللبناني يعلن توقيف أحد أبرز قياديي تنظيم الدولة الإسل ...
- هيا غني مع الأطفال.. تردد قناة طيور الجنة الجديد على نايل سا ...
- ألمانيا: السوري المشتبه بتنفيذه عملية الطعن بمدينة بيليفيلد ...
- المواطنون المسيحيون يؤكدون دعمهم للقيادة وللقوات المسلحة الا ...
- مفتي القاعدة السابق: هذه الرؤى جعلت بن لادن يعتقد أنه المهدي ...
- حزب الله يُصدر بيانًا حول -النصر الإلهي- للجمهورية الإسلامية ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نهرو عبد الصبور طنطاوي - شهوة التدين