أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 4















المزيد.....


شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 4


امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)


الحوار المتمدن-العدد: 3113 - 2010 / 9 / 2 - 02:08
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


رأينا فيما سبق كيف تم الفرز السياسي بعد انشقاق حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الإستقلال في 1959 ، و تناقضاتهما التي ستبرز في الإستفتاء على دستور الحكم المطلق في 1962 الذي دعا إلى مقاطعته و المشاركة في انتخابات 1963 ، و تأثير هذا الإنشقاق على العمل النقابي بعد تأسيس نقابة الإتحاد العام للشغالين بالمغرب من طرف حزب الإستقلال في 1961 و الهيمنة عليها ، و هيمنة الإتحاد الوطني للقوات الشعبية على نقابة الإتحاد المغربي للشغل في صراع دائم بين الإتجاه البيرقراطي و الإتجاه الثوري في الحزب و النقابة ، و تأثير تناقضات القيادات البورجوازية لهذين الحزبين على الجماهير الشعبية في محاولة منهما لتشتيت و إضعاف الجماهير الشعبية و خاصة نضالات الطبقة العاملة ، دون أن ننسى كيف أسس النظام الحاكم لهذه الإنشقاقات بعد ظهير 1958 المنظم لتأسيس الأحزاب و تفريخ حزب الحركة الشعبية في 1958 ، الذي استغل البعد الأمازيغي لاستعماله أيديولوجيا و ربطه بالبوادي و حظر الحزب الشيوعي في 1960 في ظل حكومة يترأسها ؤئيس حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية بعد القضاء على انتفاضة الريف ، و عزل البوادي بعد تصفية المقاومة الوطنية الثورية و جيش التحرير التي شكلتها الطبقة العاملة و الفلاحون الفقراء ، و تأسيس جبهة الدفاع عن المؤسسات برئاسة وزير الداخلية في 1963 للمشاركة في الإنتخابات المزورة التي ستعطي لهذا الحزب الأغلبية البرلمانية ، و استطاعت الجماهير الشعبية ضرب حسابات النظام الحاكم بعد انتفاضة 23 مارس 1965 التي أرغمته على حل مؤسساته و فرض حالة الإستثناء.
و هكذا يكون تحالف الإقطاع و البورجوازية قد استكمل هيمنته على السلطة السياسية للتفرغ للإستغلال الإقتصادي ، و ذلك بشراء الضيعات التي أقامها المعمرون على أراضي الفلاحين الفقراء و الذين فضلوا بيعها خوفا من مصيرهم أمام الأحداث التي شهدها البلاد ، إلا أن النظام الحاكم سارع إلى وقف هذه العملية بسن قانون 1963 الذي يمنع على المعمرين البيع بدون ترخيص ، و أصبح النظام القائم يتحكم في أراضي الفلاحين الفقراء التي يستهدفها بتطبيق القوانين الإستعمارية : قانون غشت 1913 الذي يتضمن عدة إجراءات غامضة للاستيلاء على الأرض، قانون 01 يوليوز 1914 المحدد للأملاك العمومية، قانون يناير 1916 الخاص بالتحديد الإداري و المحافظة على الغابات... ، في الوقت الذي يريد فيه التحكم في طبقة الملاكين العقاريين الكبار كطبقة حليفة له دون أن يترك لها المجال مفتوحا للهيمنة على خيرات البلاد دون مراقبته ، في الوقت الذي ركزت فيه البورجوازية الكومبرادورية مكانتها في تراكم الأموال بالمدن عبر استغلال الضيعات التي اشترتها عند المعمرين بالبوادي ، و التي تم إقامتها على الأراضي المسقية و تعزيزها بابتداع سياسة السدود لتوفير مياه الري لها على حساب أراضي الفلاحين الفقراء ، و باستيلائها على المعامل الصناعية و الأبناك بالمدن تكون هذه الطبقة قد هيمنت على اقتصاد البلاد ، و أصبحت تهدد حتى طبقة الملاكين العقاريين الكبار الخاسرة فعلا في الصفقة بين الإستعمار المباشر و النظام القائم .
و لم يبق أمام الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين إلا مواجهة هذا المخطط الإستعماري الجديد التابع للرأسمالية الإمبريالية ، عبر التنظيم السياسي الذي يرى فيه المعبر عن طموحاته في التحرر و هو الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، لكون قياداته البورجوازية قد تخرجت من مدرسة الحركة الوطنية الثورية خلال مقاومة الإستعمار المباشر ، في الوقت الذي تجهل فيه التوجهات الحقيقية لهذا الحزب البورجوازي الذي سيعرف نكسات سياسية ، بعد القضاء على مناضليه المرتبطين بالمقاومة الوطنية الثورية و جيش التحرير في1960 و 1963 و 1964 ، و في الإنتفاضة الشعبية في 1965 و اغتيال قائده الشهيد المهدي بن بركة في أكتوبر 1965 ، و عبر انتفاضاتها العفوية خاصة انتفاضات الفلاحين الفقراء بأولاد خليفة و تسلطانت و أولا تايمة ...
و لم يبق أمام الطبقة العاملة إلا تنظيمها النقابي الإتحاد المغربي للشغل كتعبير تنظيمي للدفاع عن مطالبه و أداة لإبراز مقاومته لهذا المخطط الإستعماري الجديد ، و كانت أروع المعارك البطولية التي خاضتها الطبقة العاملة تلك التي تمت في 1961 و التي استمرت 10 أيام من طرف المنجميين بمناجم الفوسفاط ، و التي تجلت في صيانة المكاسب التي حققوها في إطار القانون التأسيسي للمنجميين إضافة إلى ما حققه العمال في القطاع العام و خاصة في الكهرباء و السكك الحديدية ، إلا أن المد البيروقراطي داخل الإتحاد المغربي للشغل و بتواطيء مع النظام القائم و للحد من المد النضالي الثوري ، عمل على تركيز ما كان يسمى ب" سياسية الخبز " لردع المناضلين النقابيين الثوريين و الفصل بين العمل السياسي و النقابي و بالتالي فصل الطبقة العاملة عن نضالات الطبقات الشعبية ، و لا غرابة أن يتم تغييب الطبقة العاملة في الإنتفاضة الشعبية في 1965 كطبقة ، و هي وليدة الصراع مع الرأسمالية الإمبريالية خلال الإستعمار المباشر شاركت في تركيز دعائم الحركة الوطنية الثورية .
و بعد القضاء على تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و عزل المدن عن البوادي لم يبق في مواجهة المخططات الإستغمارية الجديدة ، إلا الحركة الشبيبية الثورية التي تجد تعبيراتها في الحركة الطلابية و التلاميذية في إطار الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، و لم تحدث أية انتفاضة بعد 1965 إلا و كان المحرك الأساسي فيه الشبيبة انطلاقا من إضرابات 1970 و 1971 و 1972 و وصولا إلى انتفاضات 1981 و 1984 و 1990 ، و لهذا نجد أن النظام القائم بعد استنفاذه لجميع وسائل للقضاء على الحركة الطلابية الثورية بالجامعات و الثانويات ، لم يجد بدا من فرض الحظر على المنظمة الطلابية الثورية خاصة ما بين 1973 و 1978 ، هذه الفترة التي تعتبر فترة حاسمة للقضاء على قيادات الحركة الماركسية المغربية في منظمة إلى الأمام و منظمة 23 مارس ، ومواجهة كل الحركات الطلابية و التلاميذية بالقمع و الإعتقال التي لم يستطع إخمادها إلا أنه استطاع فصلها عن الحركة الجماهيرية الشعبية ، المتجلية في احتواء تعبيراتها السياسية و النقابية عبر القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، و أصبحت الجامعة منفصلة عن الواقع الإجتماعي للطبقات الشعبية بعد القطيعة بين تنظيمها الإتحاد الوطني لطلبة المغرب و التنظيمات الحزبية البورجوازية و التنظيمات النقابية التي تهيمن عليها القيادات البورجوازية الحزبية و البيروقراطية.
في ظل هذه الأوضاع عمل مجموعة من الطلبة الصحراويين الثوريين في الجامعات المغربية على تأسيس لجنة للدفاع عن حقوق الشعب الصحراوي ، و اتجهت أول الأمر إلى وزارة الداخلية قصد طرح أفكارها حول تقرير مصير الشعب الصحراوي و لم يلقوا استجابة لمساعيهم ، و غادروا المغرب في اتجاه ليبيا و الجزائر التي لقوا فيهما ترحيبا لأفكارهم حول قضية تصفية الإستعمار في الصحراء الغربية ، و أسسوا فيما بعد جبهة البوليزاريو التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية في الوقت الذي يشتغل فيه النظام الحاكم في تصفية تناقضاته الداخلية ، و المتمثلة في التناقضات بين الأجهزة العسكرية التي استغلها النظام القائم في قمع الحركة الوطنية الثورية و الإنتفاضات الشعبية ، فكان لا بد من تصفية الحسابات الداخلية لهذه الأجهزة خاصة و أنها تشكلت كطبقة خلال 15 سنة من الإستقلال الشلكي ، و تقوت بفعل جرائمها ضد الشعب المغربي في الريف و الجنوب و الإنتفاضة الشعبية في 1965 و الحركة الطلابية و التلاميذية في الجامعات و الثانويات و المعتقلات السرية و العلنية ، و اغتيالات المناضلين الثوريين خاصة الشهيدين عباس المساعدي و المهدي بن بركة و الهيمنة على وزارة الداخلية و نشر الرعب في صفوف الشعب المغربي ، في ظل هذه الأوضاع حدث انقلابان عسكريان في يوليوز 1971 و غشت 1972 و اللذان يعبران عن مدى ما وصلت له التناقضات الداخلية للنظام القائم ، و في مارس 1973 قام الجناح العسكري بالإتحاد الوطني للقوات الشعبية بعمليات انتحارية لا تستمد أسسها من الحركة الثورية المغربية ، بعد أن عمد على القيام ببعض العمليات العسكرية المحدودة في الزمن و المكان و التي لم تستطع تجاوز التناحر بين الطبقات الشعبية ، الشيء الذي زعزع أركان النظام القائم بعد هذه المحاولات الثالث و دفعه إلى فتح النقاش من جديد مع القيادات البورجوازية لحزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الذي يعمل في إطار الكتلة الوطنية مع حزب الإستقلال حول ما سيسمى فيما بعد بالسلم الإجتماعي و المسلسل الديمقراطي ، و عمل النظام القائم على المشارك في حرب أكتوبر 1973 لإيهام الجماهير الشعبية بارتباطه بالقضايا العربية و بالتالي لفة أنظار الأجهزة العسكرية بعد المحاولتين الأنقلابيتين ، و المطالبو بالصحراء الغربية بتآمر من النظام الديكتاتوري بإسبانيا و فتح جبهة الصحراء الغربية كبؤرة توتر في حربه مع جبهة البوليزارية من 1975 إلى 1981 ، التي جعلها مجالا لتصفية الأجهزة العسكرية و أداة لقمع الحركات الثورية بافتعال ما يسمى يالوحدة الوطنية.
في ظل هذه الأوضاع السياسية نشأت الحركة الماركسية اللينينية في 1970 و كان أول عمل مشترك بين المناضلين الثوريين المنشقين عن حزب التحرر و الإشتراكية و الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، الذين سيؤسسون فيما بعد منظمتي إلى الأمام و 23 مارس هو الحركة السياسية في 04 ماي 1970 ضد زيارة وزير الخارجية الإسباني لوبيز برافو للمغرب ، قصد عقد صقفة بين النظامين الديكتاتوريين بالمغرب و إسبانيا حول استغلال فوسفاط بوكراع و ساهمت في هذه الحركة بشكل كبير الحركة الطلابية ، و في هذه الفترة فتح النظام القائم بابا من أبواب القمع من جديد و هذه المرة في حق الحركة الماركسية اللينينية ، خاصة و هي في مهد تشكلها بعد إفلاس القيادات البورجوازية لحزب التحرر و الإشتراكية و حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية ، و شملت اعتقالات 1972 و 1974 قيادات منظمة إلى الأمام و قيادات الأتحاد الوطني لطلبة المغرب ، و على إثرها تم استشهاد الشهيد القائد عبد اللطيف زروال في 14 نونبر 1974 .

كانت الشبيبة التلاميذية و الطلابية المغربية سباقة إلى الإنتفاضة التي بلغت أوجها في 23 مارس 1965 بالدار البيضاء كامتداد لحركة التحرر الوطنية قبل بروز حركة 1968 بفرنسا ، التي ساهمت في بعث الحركة الطلابية المغربية بعد نكستها و إعطائها نفسا جديدا في ظل هيمنة البيروقراطية الحزبية و النقابية على الساحة السياسية و النقابية ، بعدما تعرضت المنظمة الطلابية للقمع الشرس من طرف النظام القائم خلال ثلاث سنوات من 1965 إلى 1967 من فرض حالة الإستثناء نتيجة الإنتفاضة الشعبية بالدار البيضاء ، التي شكلت انعكاسا تاريخيا للتحولات السياسية و الجماهيرية بالمغرب ، بعد القضاء على ما تبقى من مناضلي المقاومة و جيش التحرير و قمع الانتفاضة الشعبية بالريف ، و ما تلا ذلك من فرز سياسي و جماهيري نتيجة الخيانة الحزبية الإصلاحية لقضايا الجماهير الشعبية ، و تصدرت المنظمة الطلابية واجهة الأحداث ببروز معالمها الثورية بعد تسطير نهجها التقدمي ، و القضاء على الاتجاه الرجعي الذي قادته القيادة البورجوازية لحزب الاستقلال منذ تأسيسها.
و شكلت مقررات المؤتمر الرابع للإتحاد الوطني لطلبة المغرب المنعقد في غشت 1959 بآكادير تعبيرا عن بروز الخط الثوري داخل المنظمة الطلابية ، فعلى المستوى السياسي طالب المؤتمرون بطرد الخبراء الفرنسيين الذين يشرفون على تنظيم الأجهزة العسكرية و البوليسية ، و أصروا على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين و إشاعة الحريات الديمقراطية ، و أعلنوا تضامنهم مع الحزب الشيوعي المغربي المحظور مطالبين برفع الحظر عنه ، و على المستوى الإقتصادي طالبوا بسن سياسة اقتصادية ديمقراطية بسن الإصلاح الزراعي للنهوض بالفلاحة ، و قد ساهم في هذا التحول بروز الإتجاه اليساري في الساحة السياسية بعد انشقاق حزب الإتحاد الوطني للقوات الشعبية عن حزب الإستقلال ، و تمت القطيعة مع هيمنة النظام القائم على المنظمة الطلابية بخلع الرئاسة الشرفية للحسن الثاني على المنظمة في مؤتمرها السادس في يوليوز 1961 ، و بالتالي مقاطعة الدستور الاستبدادي لسنة 1962 لتستكمل الحركة الطلابية أسس خطها التقدمي و الإنتخابات التشريعية و الجماعية في 1963 ، و كان رد فعل النظام القائم هو مواجهة هذه المواقف بالقمع و الاعتقالات و المحاكمات الصورية للقيادات النقابية الطلابية.
لقد اعتبرت السنة الدراسية 61/62 سنة الحسم مع الأساليب الرجعية السائدة في المنظمة لما لها من أثر كبير في بلورة التوجه التقدمي المسطر في المؤتمر الرابع ، و ذلك عبر خوض العديد من الإضرابات للدفاع عن المطالب المادية و المعنوية للجماهير الطلابية ، و كان أروعها إضرابات التعليم الأصيل التي دامت ستة أشهر وصلت حد رفع شعارات سياسية و على رأسها المطالبة باستقلال الجزائر ، و قامت الجماهير الطلابية باحتلال سفارة فرنسا بالرباط في 11 و 12 نونبر 1961 تضامنا مع حركة التحرر الوطنية الجزائرية في نضال ضد الإمبريالية الفرنسية ، هذا الشكل النضالي تطور إلى حد إدانة المنظمة الطلابية لحرب النظام القائم على الجزائر في 1963 في فجر انتصارها على الإمبريالية الفرنسية ، و كان للتحول داخل المنظمة الطلابية أثر كبير في بروز دور الحركة الشبيبية في الانتفاضة الشعبية في 23 مارس 1965 بالدار البيضاء التي ووجهت بالحديد و النار.
و عاشت الحركة الطلابية انتكاسة خطيرة نتيجة القمع الشرس الذي طال كل الأصوات التقدمية و على رأسها مناضلي الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، المنظمة الوحيدة التي رفعت لواء الثورة بعد انسحاب الأحزاب الإصلاحية و النقابات التابعة لها من ساحة النضال الثوري ، و كان للحركة الطلابية الفرنسية سنة 1968 أثر كبير في إعادة الثقة للنهج الثوري للحركة الطلابية المغربية بعد الإضرابات التي شهدتها الجماهير الطلابية بالكليات و الثانويات و امتداداتها في الحركة العمالية خاصة بمناجم جرادة ، مما ساهم في بعث الحركة الثورية داخل المنظمة الطلابية على أسس جديدة أفرزتها أحداث فرنسا 1968 التي بلغ صداها جميع بقاع العالم ، مما بعث دينامية الحركة الثورية في صفوف الطلبة المغاربة بلغ حد التشبث بانعقاد المؤتمر الثاني عشر سنة 1968 في وقته المحدد رغم منعه ، و كانت الساحة الطلابية مجالا رحبا للنضال السياسي و الأيديولوجي لتصبح الجامعة مجالا رحبا لبلورة الخط الثوري للحركة الماركسية اللينينية المغربية ، بعد انسحاب المجموعة الأولى من المناضلين من الإتحاد الوطني للقوات الشعبية و حزب التحرر و الإشتراكية .
و عمل النظام القائم على إغلاق المعهد الوطني للسوسيولوجيا بعد النتائج الإيجابية للجنة التي شكلها لدراسة آثار أحداث فرنسا 1968 على الحركة الطلابية المغربية ، و تعرضت المنظمة الطلابية للهجوم من أجل إضعافها و إسكات صوتها الذي يعتبر ما تبقى من أصوات المواجهة في الساحة الجماهيرية بعد حل البرلمان و نشر حالة الاستثناء و إخضاع القيادات البورجوازية الحزبية و النقابية ، و برز في الساحة الطلابية فصيل "الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين" باعتباره تيارا تقدميا وحدويا داخل الجامعة عمل على صيانة المباديء التقدمية للمنظمة و الدفاع عن جماهيريتها .
لقد شكلت أحداث 1968 الفرنسية القوة المادية التي انبثقت من صفوف الطلبة و التلاميذ بفرنسا لتشمل القاعدة العريضة للجماهير و على رأسها الطبقة العاملة الفرنسية ، مما أرغم النظام الدوكولي على التراجع عن سياساته الاقتصادية و الاجتماعية الطبقية و قام بحل البرلمان و إجراء انتخابات مبكرة من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه باعتبار فرنسا دولة ديمقراطية ، مما أبرز قدرة الحركة الطلابية الثورية على قيادة النضال الثوري من أجل التغيير باعتبارها من بين القوى المادية الأساسية القادرة على نشر الفكر الثوري في أوساط الجماهير الشعبية ، في مواجهة القوى الحزبية الإصلاحية الرجعية التي تمتطي صهوة الحركة الجماهيرية في مساوماتها السياسية التي لا يستفيد منها إلا النظام القائم ، ذلك ما أكدته أحداث فرنسا العهد الدوكولي الذي تحولت فيه الأحزاب السياسية الإصلاحية إلى صمام أمان لامتصاص غضب الجماهير الشعبية ضد السياسات الطبقية للنظام الدوكولي ، أما بالنسبة للأنظمة الديكتاتورية كما هو الشأن بالمغرب فإن الأمر يختلف تماما عن الممارسة الديمقراطية التقليدية بفرنسا ، فساد القمع الشرس ضد المناضلين الثوريين للمنظمة الطلابية المغربية بعد تصفية الحركة العمالية من طرف البيروقراطية النقابية ، الشيء الذي لم يكن إلا مقدمة للسياسات الطبقية للحكم المطلق الذي ساد فيما بعد ، تم خلاله حرمان الشعب المغربي من أبسط الحقوق و على رأسها حرية الرأي و التعبير و التنظيم و بالتالي بروز سيادة القمع و الاختطاف و الاعتقال و المحاكمات الصورية و الاغتيالات .
و تشكلت منظمتي "إلى الأمام" و "23 مارس" التنظيمين الأساسيين في الحركة الماركسية اللينينية التي أفرزها الزخم النضالي الثوري لأحداث 1968 الذي انبثق من رحم الحركة الطلابية ، و كانتا السند الرئيسي للحركة الطلابية الثورية بعد نجاح المؤتمر 13 للإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، الذي لعب دورا هاما في ترسيخ مباديء المنظمة عبر إبداع أشكال تنظيمية ديمقراطية تعيد الإعتبار إلى دور الجماهير الطلابية في اتخاذ القرارات و بلورتها ، بعد أن كانت ممركزة في يد اللجنة التنفيذية التابعة للأحزاب الإصلاحية الرجعية ، و تم خلاله وضع المبايء الأساسية للمنظمة المتجلية في الإستقلالية و التقدمية و الديمقراطية و الجماهيرية ، كما تم تسطير برامج تعيد للجماهير الطلابية حيويتها من أجل حركة نضالية للدفاع عن المكتسبات المادية و المعنوية للجماهير الطلابية .
و كان رد فعل النظام القائم سريعا بعد عقد مناظرة إفران الشهيرة في 1970 من أجل احتواء الحركة الطلابية و التي باءت بالفشل بعد بروز دور الحركة الماركسية اللينينية في بلورة النضال الطلابي الثوري ، الشيء الذي دفع بالنظام القائم إلى ابتداع أساليب قمعية جديدة حيث استدعى 15 عضوا من اللجنة التنفيذية للإتحاد الوطني لطلبة المغرب للتجنيد العسكري في ماي 1970 ، و الذي واجهته الجماهير الطلابية بشن إضرابات عامة لأسابيع من أجل إلغاء التجنيد الإجباري العسكري إلى ما بعد التخرج من الجامعة ، و لم تغب النضالات الطلابية عن مواكبة الوضع السياسي رغم القمع الشرس المسلط على الحركة الطلابية ، و ذلك لما شن الطلبة بالجامعة بالرباط إضرابا في يوم 04 ماي 1970 ضد زيارة الوزير الإسباني "لوبيز برافو" للمغرب ، التي تستهدف عقد اتفاق بين النظامية الدكتاتوريين بالمغرب و إسبانيا من أجل استغلال فوسفاط بوكراع في ظل الاستعمار الإسباني للصحراء الغربية ، و تم إفشال هذا المخطط الذي يهدف إلى توريط المغرب في نزاع الصحراء بعد بروز حركة الصحراويين للمطالبة بالإستقلال.
هكذا عرفت الحركة الطلابية المغربية بعثا جديدا بعد أحداث 1968 بفرنسا و التي لها دور كبير في نشر الفكر الماركسي اللينيني بالساحة الطلابية ، بعد الإضرابات التي تجاوزت أسوار الكليات لتشمل المعامل و المناجم ، كما هو الشأن بفرنسا التي تمت مواجهتها بالقمع من طرف النظام الدوكولي ، و كان للقمع الشرس الذي عرفته الأحداث بالمغرب منذ انتفاضة 23 مارس 1965 أثر كبير في إضعاف الحركة الاحتجاجية الشعبية في 1968 إلا أنها لعبت دورا هاما في بعث الروح الثورية في الحركة الطلابية و في صفوف المثقفين ، و برز دور الماركسيين اللينينيين كاتجاه ثوري عرف انتعاشا في أوساط الطلبة مما جعل النظام القائم يوجه آلته القمعية في اتجاه القضاء على الحركة الماركسية اللينينية ، و ذلك باعتقال قيادييها و اغتيال قائدها الشهيد عبد اللطيف زروال في نونبر 1974 بعد حظر الإتحاد الوطني لطلبة المغرب في يناير 1973 ، إلا أن الحركة الطلابية و معها الحركة الماركسية اللينينية و خاصة منظمة "إلى الأمام" واجهت النظام القائم بمزيد من التنظيم السري و النضال الثوري عرفت معه الجامعات المغربية نضالات طلابية عارمة خلال السبعينات و الثمانينات من القرن 20 ، و كانت قيادات الحركة الطلابية ذات الاتجاه الماركسي اللينيني ترى في الساحة الطلابية مجالا للصراع السياسي و الأيديولوجي ضد النظام القائم ، الشيء الذي ساهم في استمرار هذه الحركة إلى يومنا هذا رغم الحظر العملي للمنظمة الطلابية و التي بحاجة إلى مزيد من التنظيم لجميع الماركسيين اللينينيين ، من أجل بلورة الشعار الماركسي اللينيني "لكل حركة جماهيرية صدى داخل الجامعة" حتى يصبح شعارا مؤطرا لنضالات الجماهير الطلابية ، و ذلك ببلورة شعار " لكل حركة نضالية طلابية صدى في أوساط الحركة العمالية المغربية".



#امال_الحسين (هاشتاغ)       Lahoucine_Amal#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 3
- شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 2
- شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 1
- حزب النهج الديمقراطي و النظرية الماخية الجديدة
- النهج الديمقراطي و نظرية الحزب الثوري 2
- النهج الديمقراطي و نظرية الحزب الثوري
- الشهيد القائد عبد اللطيف زروال و مفهوم الحزب الثوري
- منظمة إلى الأمام و إمكانية إنجاز الثورة
- طبيعة الصراع حول استغلال المياه المخصصة للأغراض الزراعية بأو ...
- ما معنى أن يكن الماركسيون اللينينيون -الماويون- المغاربة الع ...
- في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين ج 2
- في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين
- طبيعة الصراع بفرع تارودانت للجمعية المغربية لحقوق الإنسان
- ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ ج 9
- ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ 8
- ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ 7
- ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ 6
- ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ 5
- ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ ج4
- ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ ج3


المزيد.....




- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-
- تظاهرات لعائلات الأسرى الإسرائيليين أمام منزل نتنياهو الخاص ...
- جامعة كولومبيا تعلق المحاضرات والشرطة تعتقل متظاهرين في ييل ...
- كيف اتفق صقور اليسار واليمين الأميركي على رفض دعم إسرائيل؟


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - امال الحسين - شروط الحياة المادية لنشأة منظمة إلى الأمام الجزء 4