|
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين
امال الحسين
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 3086 - 2010 / 8 / 6 - 08:29
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
في المعرفة و الدياليكتيك الماركسي عند لينين
في نهاية القرن 19 عاشت الفيزياء أزمة خانقة نتيجة الإكتشافات الجديدة في مجال العلوم الطبيعة المتسمة بصفة الثورة الفيزيائية التي دحضت استنتاجات الفيزياء الميكانيكية ، و أصبحت الماركسية محط انتقادات الفيزيائيين الجدد بعد انبهارهم بثورة الراديوم على الميكانيكا محاولين دحض أطروحات إنجلس حول المادية ، و ذلك بمقارنة الإكتشافات الحديثة في الفيزياء مع مضامين كتاب "ضد دوهرينغ" خاصة مقولته "لا حركة بدون مادة" و " الحركة هي شكل وجود المادة"، ساعين إلى الوصول إلى نفي المادة بقولهم ب"زوال المادة" مقابل "بقاء الطاقة" ، من أجل "التهكم على روح المادية الدياليكتيكية" كما يقول لينين (المادية و المذهب النقدي التجريبي، الفصل الخامس : الثورة الحديثة في علم الطبيعيات و المثالية الفلسفية ، ص 292). و عكس ادعاءات الفيزيائيين المعاصرين فقد أعطت الثورة الحديثة في الفيزياء لاستنتاجات إنجلس العلمية بعدا أدق و أصح لقوله : "عند كل اكتشاف يشكل عهدا حتى في ميدان تاريخ الطبيعة ... ينبغي حتما على المادية أن تغيير شكلها"(لودفينغ فيورباخ ، ص 16 من الطبعة الألمانية). مما سبق يتضح أن على الماركسية أن تغير شكلها و أن نعيد النظر في استنتاجات ماركس و إنجلس و لينين و ستالين ، لكن بأية صفة يمكن تطبيق مقولة إنجلس حول "تغيير الشكل" ذلك ما أجاب عنه لينين في قوله : "و نحن لا نلوم البتة الماخيين على إعادة النظر هذه . بل نلومهم على أسلوبهم التحريفي الصرف . و مفاده خيانة كنه المادية تحت ستار نقد شكلها".(نفس المرجع ص 293). و محاولة البورجوازية دحض مقولة إنجلس الجبارة حول المادة ليس من باب تغيير الشكل إنما من أجل تحريفها و هذا ما يجب مقاومته ، و قد قام لينين بهذا العمل بتطبيقه للدياليكتيك الماركسي على مستوى المعرفة مدافعا عن أطروحة إنجلس القائلة : "... الحركة غير ممكنة بدون المادة"(ضد دوهرينغ ، ص 50). و أوضح لينين وجود مدارس مختلفة بين الفزيائيين المعاصرين و صلة مدرسة من هذه المدارس بانبعاث المثالية الفلسفية ، و بين كنه الخلافات بين المدارس المختلفة التي تكونت بعد الطفرة النوعية في مجال العلوم الطبيعية و خاصة الفيزياء. لقد أعلن الفيزيائيون عن أزمة العلوم الفيزيائية و التي تجلت في دحض استنتاجات الفيزياء الكلاسيكية ، و اتجه انتقاد الفلاسفة نحو الفيزياء في انتقادهم للعلوم الطبيعية محاولين ضبط مكامن هذه الأزمة و جوهرها ، و قبل ذلك كان الفيزيائيون يؤمنون بالتفسير الميكانيكي للطبيعة و نمت بينهم النزعة الميكانيكية لفهم العالم الموضوعي ، و لم يختلفوا إلا في أساليب التفسير الميكانيكي و أصبح لكل عالم ميوله الخاص بعد الإختلاف الحاصل حول جوهر تفسير المادة. فيما قبل كانت الميكانيكا هي الأسلوب الأوحد الذي يمكن اتباعه للوصول إلى تحديد ميتافيزيقا المادة ، حتى أضحت تظريات الفيزياء الميكانيكية عبارة عن أنطولوجيا ، و هذه النظرة كانت ميكانيكية صرفة إذ يعتقد الوضعيون أنه يمكن الوصول إلى ميتافيزياء المادة باتباع خطوات الفيزياء الميكانيكية ، الشيء الذي يعتبر خوجا عن التجربة التي يؤمنون بها و بالتالي ما فوق التجربة ، و يرى الفيزيائيون الوضعيون أن أزمة الفيزياء مؤقتة محاولين الإعتماد على روح الفيزياء المعاصرة لفهم العالم لكن بشكل ميتافيزيقي ، بإعطاء الأولوية للروح على العقل و يقول آبل ري : " الحركة الإيمانية و اللاعقلية في السنوات الأخيرة من القرن 19 " تسعى "إلى الإعتماد على الروح العام للفيزياء المعاصرة". كتاب : نظرية الفيزياء عند الفيزيائيين المعاصرين ، باريس 1907 . إن الوضعيين يجهلون كنه المادية التي وضعها ماركس و إنجلس و التي اعتمدها لينين في دحض لنظرياتهم الخاطئة حول المادة ، و هم يعتمدون خلاصات هيوم حول المعرفة و علاقاتها بالإحساسات و يقعون في ورطة المثالية الذاتية ، مما يجعلهم يعتبرون المادية عقيدة و خارجة عن حدود التجربة بالخلط بين المادية الميكانيكية و المادية الميتافيزيقية ، الشيء الذي يجعلهم لا يستطيعون بيان الفرق بين الحقيقة المطلقة و الحقيقة النسبية التي قال عنها لينين : "يستطيع التفكير البشري بحكم طبيعته أن يعطينا و هو يعطينا الحقيقة المطلقة التي تتكون من مجمل الحقائق النسبية.و كل درجة في تطور العلم تضيف ذرات جديدة إلى مجمل الحقيقة المطلقة هذا ، و لكن حدود حقيقة كل موضوعة علمية هي حدود نسبية لأنها تتسع تارة و تضيق طورا من جراء نمو المعرفة اللاحق."نفس المرجع السابق ، ص 151ـ152 . و جوهر أزمة الفيزياء المعاصرة في نظر لينين هو أن الفيزياء الميكانيكية اعتبرت نظرياتها "معرفة فعلية للعالم المادي" ، أي أنها :"انعكاس للواقع الموضوعي" الذي أكدته نظرية "الشيء في ذاته" عند إنجلس باعتبار أفكارنا صور للمادة في أذهاننا ، و أن المادة موجودة دون إرادتنا و الأشياء التي نسخرها بفضل المعرفة أي "الشيء من أجلنا" موجودة قبل اكتشافها. أما الفيزياء المعاصرة فقد حولت نظرة الفيزيائيين إلى العالم الموضوعي و برز تيار جديد "لا يرى في النظرية سوى رموز و علامات و إشارات لأجل النشاط العلمي ، أي أنه ينكر وجود الواقع الموضوعي ، المستقل عن وعينا و الذي يعكسه وعينا"، لينين ، نفس المرجع ص 298ـ299. و هكذا يستخلص لينين أن الفيزياء الكلاسيكية قد تبنت نظرية عرفانية مادية بشكل عفوي إلا أن أزمة الفيزياء المعاصرة قد حولت هذه النظرية إلى مثالية لا عرفانية ، و هذا الإنقلاب في التفكير لدى الفيزيائيين المعاصرين نتيجة أزمة الفيزياء المعاصرة نتج عن عدم استيعابهم للدياليكتيك الماركسي ، و بالتالي سقوطهم في أخطاء علمية فادحة تجلت بالأساس في قولهم ب"المادة زالت" لجهلهم بالدياليكتيك الماركسي الذي طوره لينين على مستوى المعرفة
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,246,779,887
|
-
طبيعة الصراع بفرع تارودانت للجمعية المغربية لحقوق الإنسان
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ ج 9
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ 8
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ 7
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ 6
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ 5
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ ج4
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ ج3
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟ ج 2
-
ما معنى أن تتدحرج كرة الثلج من القمة إلى السهل ؟
-
الأمازيغية و الدولة ج 6
-
الأمازيغية و الدولة ج 5
-
الأمازيغية و الدولة ج 4
-
الأمازيغية و الدولة ج 3
-
الأمازيغية و الدولة ج 2
-
الأمازيغية و الدولة ج 1
-
الحد بين المنهج الماركسي و البورجوازي
-
أسس الحركة الطلابية الثورية المغربية
-
الحد بين القانونين الأساسيين للرأسمالية و الإشتراكية
-
الحد بين الثورتين البورجوازية و الإشتراكية
المزيد.....
-
بيان القطاع النسائي للنهج الديمقراطي – جهة البيضاء سطات- بمن
...
-
صوت الانتفاضة العدد 328
-
العدد الجديد “400” مع جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
لندن المدينة الأولى بالعالم للمليونيرات.. فماذا عن الفقراء؟
...
-
بيان “نساء الانتفاضة” بمناسبة يوم المرأة العالمي- الثامن من
...
-
تبون يعزي زعيم البوليساريو
-
المناضلة الفلسطينية والأسيرة في سجون الاحتلال الصهيوني خالدة
...
-
من وحي الاحداث 399 بعض قنوات التطبيع: الحكومة، البرلمان والا
...
-
العدد 399 من جريدة النهج الديمقراطي كاملاً
-
مُشاحنات أحزاب النظام في البرلمان: ماذا وراء جعجعة السجال حو
...
المزيد.....
-
الفلسفة الماركسية
/ غازي الصوراني
-
أزمة الرأسمالية العالمية ومهام الماركسيين
/ آلان وودز
-
الحلقة الرابعة: منظمة -إلى الأمام- الماركسية اللينينية المغر
...
/ موقع 30 عشت
-
الإنترنت والثورة
/ حسام الحملاوي
-
عن الإطار السياسي - العسكري الدولي للعالم المعاصر
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الثورة المُضادة في المَجَر عام 1956- خطاباتها وأسلحتها (3)
/ مالك ابوعليا
-
مسألة الحقيقة في الفلسفة الماركسية
/ مالك ابوعليا
-
نظريات طبيعة نظام الاتحاد السوفياتي في ضوء انهياره (نحو نفي
...
/ حسين علوان حسين
-
الرأسمالية الموبوءة والحاجة إلى نظرية ماركسية للتضخُّم - ماي
...
/ أسامة دليقان
-
كارل ماركس ( 1818 – 1883 )
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|