أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - رسائل حب














المزيد.....

رسائل حب


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 3111 - 2010 / 8 / 31 - 04:16
المحور: الادب والفن
    


تشكل الرسائل الحميمة والخاصة جدا مهجة الإنسان وخلاصة التجربة هذه رسالة لرفيقة عمري وعذابي ومهجتي وجنوني ناهدة القزمرية التي صارت محجة مهجتي وحجة كلامي بالرسائل ومهجة اللمس والحياة


- 1 -

حبي نهودة

أجلسُ في العتمة.
في الطارمةِ.
الساعةُ الآن الثانية والنصف صباحاً
الصمتُ.. عواء كلاب.. صوت محرك سيارة تخافت.
فكرتُ في الكتابةِ لكِ على الورقِ
ذلك يمنحني حرية أكبر وأسترخاء
أفضل من الجلوس على شاشة الكمبيوتر
دخلت غرفة حبنا. تناولت الدفتر والقلم، و,, طق سقطت في عتمة قبر. تسللتُ معتمداً على حدسي بالمكان. عدتُ إلى كرسيي في الطارمة
وبدات أكتب لك في العتمة.
الليلة ثمة ريح تهز النخلة، وشجرة النارنج التي زرعها أبي.
أجلس الآن جوارها. تحت نخلة جارنا السيد – محسن عبد الحسين الوسخ - الشاهقة. فوقي نجوم باهتة، وطيفك يجوب حولي، في نفسي، في هبة الريح، وأصوات الليل، وعتمة الورق. أجوب بك هاجسا هو كل عمري.
في العتمة مترسباً متسائلاً:
- هل ما كنت أكتب من رسائل غرام وقصص لنساء مستحيلات في المنفى الملعون كان لك؟!. هذا مابت مقتنعاً به تماماً.. لم تكن تلك الكلمات المتشابهة مكتوبة إلا لطيفك القديم محجة مخيلتي وقشة خلاصي في مخاض الجبل وبحر المنفى!.
وانا أكتب لك وأنت بعيدة الآن
وفي الظلمة بت متيقنا أنني كنت أكتب إلى روحك.. إلى طيفك أستنجد به من وحدتي..
أنتِ أنثاي الوحيدة.. امرأتي المستحيلة التي أقدّرها.. وأجّلها.. وأعّزها.. وأقّدسها.. أغضبُ منها.. أغارُ عليها.. أغيضها.. أبوسها
يا عشتاري العراقية
لم أصف في أي مشهد كتبته غير جسدك وروحك الغضة في تلك الليلة التي جعلتك في نفسي خالدة
يا محبوبتي
أكتب لك الآن على ضوء سماء بيت طفولتي الباهتة في الحي العصري .. سماء لا قمر فيها على دفترٍ مدرسي.. على أمل أن أكتبه لاحقا في رسالة الكترونية.
يا روحي نهوده
أشمك الآن.. أشمّكِ
حبيبتي
أخوض الآن في مذكرات إيزبيبل ألليندي – حصيلة الأيام – في مفصل منها تحكي عن بنت زوجها مدمنة المخدرات.. التي تموت باكراً وتترك طفلة معوقة. ترصد في النص عذاب زوجها مع إبنته المدمنة.. وحبه المطلق العاجز المستسلم بعد أن أعيته السبل حتى موتها في الشارع.
ففكرت عميقا بأبنائنا.. فكرت وحمدت الكون والسماء وهذه الظلمة.. فكرت بحبيبتنا دعيها قربك.. لندعها قربنا لصقنا.. لا تغادر حناننا.. وصلوحي كذلك رغم الخلافات الثقافية والمعايير المتناقضة. أما المدرسة والأشياء الأخرى، فيسجدون الطريق ولا بدَّ
دعيهم لنا نلمس بهم حبنا وروحنا. صحيح أنني كتبت لك في رسالة سابقة أنني أشعر متذمراً من بعض الأشياء، لكن من ناحية أعمق الآن أجد أننا أسهمنا بهذا الشكل أو ذاك بوضع أبنائنا الحالي.
دعيهم قربنا.. دعيهم ولنتمتع بتفاصيل الحياة معهم وحتى بخلافاتهم.. في الأكل والشرب والشجار وشجون الحديث والخوف والعناق وكل شيء.
حينما أعود سوف أتمتع بعمق وصفاء معك يا حبي.. معك ومعهما، لم يبق من العمر الكثير.. ونحن جهدنا بكل جسدينا وروحنا من أجلهم، ولكن جوهر العلاقة، جوهر الأمر هو فوزنا بشدّة حبهم لنا.
تعلقهم
وشّدة تعلقنا بهم
يا روحي نهودة
روحنا بأبنائنا
هم ثمرة حبنا.. الذي لم يخفت أبداً، رغم الغيرة والشك والخصام والظروف الصعبة والأيام.
يا أمي الصغيرة والكبيرة
مرتان وصلت بك ذروة السعادة
مرتان
الأولى حينما أمسكت وتلمست جسدك أول مرة على فراش جوار سياج سطح دار حبنا الذي أكتب لك منه الآن. ففجر لدي نصا جميلاً موجود الآن في مخطوطة كتاباتي الأولى الموجود لدينا.
والثانية حينما سهرت مع غفوتك في أسبوع العسل متأكداً من أنني بصحبة عشتاري العراقية الخارجة من بطون الكتب والتاريخ والأساطير والتراب بلحمها ودمها والمساة الآن – ناهدة القزمرية –
ومن ذلك التاريخ حرزتي بجسدك وروحك كل أنثى.. كل أناث الأرض منذ بدء الخليقة، وصار عشقنا مجنوناً روحاً وجسداً
الغيرة العمياء لديك ولدي بنفس القدر والقوة المدمرة.
هذا ما أستخلصته الآن من درّ التجربة
لدي.. ولديك
( لذا كان من المفترض بنا مراعاة شعور بعضنا البعض. نراعي هذا الشعور المدمر من شدة الحب والغيرة، فكان من المفترض أن لانسمح لنفسينا أن تكونا حرتين في التعامل مع الجنسيين بداعي التحرر والتقدمية.
كان من المفترض التعامل بطريقة نراعي فيها غيرتنا العمياء وحبنا).
من أين لنا يا حبي هذه الخبرة التي أستخلصتها الآن وكنت أفكر بها منذ شهرين حال فراقك وعودتك إلى الدنمارك
من أين يا حبي لنا تلك الخبرة؟!.
لكننا لم نفقد بعضٍ. ما زلنا مجنونين، حتى أنني أفضيت لك بأقصى غيرتي التي جننتكِ، وأنت كذلك حينما أتصلت فرط غيرتك بقصة الدرويش شبيب. كنتُ مريضاً جداً على وشك الإختناق والموت قبل خمسة أيام.
يا روحي يا نهودتي
دعينا من كل شيء
دعينا
ولنكن صامتين مثل نبع تدفق للتو على أرض سهلة. أتدفق بك كلمات الآن على ضوءِ سماءٍ باهتةٍ.
أكتب لك منتشياً بكل قصتنا، بكل ما فيها، بمآسيها، وأفراحها، وأحزانها، وجنونها، و أشواقها
و...و..
أكتب لك
منشياً بنا
بك
بالعتمة وسهري
منتشياً بعدم رؤية ما أكتبه جوار نارنجة أبي
متلمساً طعم أول عناق
وأخر عناق
يا حبي
سلامك فقط وإلى الأبد

21-4-2010
حي العصري – الديوانية - العراق



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا معنى للتفاصيل والغمر
- ماذا والجنة
- شاعر عراقي شاب متمرد أسمه – مالك عبدون –
- مع الأكراد والقردة فوق الجبل..!!
- الحياة...لحظة - د.سعود هلال الحربي
- الرواية العراقية المعاصرة والتاريخ
- سلام إبراهيم عن‮ -‬الإرسي‮- ‬والعسكر ...
- الواقع حق والايديولوجيا باطل
- الروائي العراقي سلام إبراهيم: سوف أبقى أنهل من سيرتي الذاتية ...
- الحياة لحظة* رواية سلام إبراهيم.. الرواية الوثيقة..
- بنية الدائرة المغلقة: قراءة في رواية - الحياة.. لحظة - لسلام ...
- حوار مع الروائي العراقي سلام إبراهيم - الشيوعي ليس من معدن خ ...
- فصل من رواية الحياة لحظة/المتشردة الروسية/
- نقاد ومثقفون يناقشون رواية «الحياة لحظة»
- رواية الحياة لحظة تثير جدلاً سياسيا حاداً
- «الحياة لحظة» تشبه الفقاعة حاولت توثيقها قبل ان تنفجر
- سلام إبراهيم في اتحاد الأدباء..رواية (الحياة لحظة) تثير الجد ...
- إغماض العينين للؤي حمزة عباس - تجليات العنف في زمن حرب مليشي ...
- إلى: ناهدة القزمرية - بهار - أنا أكتبُ لكِ فقط
- الناقد د. صبري حافظ: صدرت روايات عربية بعضها أهم كثيراً من ا ...


المزيد.....




- -بائع الكتب في غزة-.. رواية جديدة تصدر في غزة
- البابا يؤكد أن السينما توجد -الرجاء وسط مآسي العنف والحروب- ...
- -الممثل-.. جوائز نقابة ممثلي الشاشة SAG تُطلق اسمًا جديدًا و ...
- كيف حوّل زهران ممداني التعدد اللغوي إلى فعل سياسي فاز بنيويو ...
- تأهل 45 فيلما من 99 دولة لمهرجان فجر السينمائي الدولي
- دمى -لابوبو- تثير ضجة.. وسوني بيكتشرز تستعد لتحويلها إلى فيل ...
- بعد افتتاح المتحف الكبير.. هل تستعيد مصر آثارها بالخارج؟
- مصر.. إصابة الفنان أحمد سعد في ظهرة ومنطقة الفقرات بحادث سير ...
- أول تعليق لترامب على اعتذار BBC بشأن تعديل خطابه في الفيلم ا ...
- من الوحش إلى البطل.. كيف غير فيلم -المفترس: الأراضي القاحلة- ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - رسائل حب