أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - الرواية العراقية المعاصرة والتاريخ















المزيد.....

الرواية العراقية المعاصرة والتاريخ


سلام إبراهيم
روائي

(Salam Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 3084 - 2010 / 8 / 4 - 15:30
المحور: الادب والفن
    



أثار موضوع الزميل الروائي شاكر الأنباري المنشور في – نوافذ – ملحق جريدة المستقبل اللبنانية مؤخراً قضية أدبية حيوية تلقي الضوء على علاقة ما يكتبه الروائي العراقي وينشره الآن بما يجري في العراق تحت الاحتلال من وضع دموي التبست فيه المفاهيم والقيم، ليخلص إلى استنتاج يخصه إبداعيا كونه أي شاكر يحتاج إلى أدوات جديدة وطرائق كتابيه أخرى غير التي كتب بها كي يستطيع التعبير عما يجري الآن. وهذا بحد ذاته شيء مفرح.. إذ أن النص العراقي سيفوز بنصوص مختلفة لو أنجز "شاكر" ما ذهب إليه، وأتمنى له السلامة من القتلة والإرهابيين فهو الكاتب الشجاع الذي عاش تجربة العراق الجديد حال وقوعها.
ما أختلف به معه هو اعتبار ما يكتب وينشر من روايات عراقية يبدو وكأنه من الماضي العراقي البعيد ولا يمت بصله لما يجري اليوم في الواقع الجديد على حد تعبيره. ومحور الاختلاف يتركز على نقاط جوهرية تعني الأدب العراقي والرواية العراقية المعاصرة ممكن الإشارة إليها:
أولا:
ما يجري الآن من فظائع ليس منبتاً عن بنية المجتمع العراقي الموسومة بالعنف تاريخياً بحيث صار الضرب من تقاليدنا العائلية والمجتمعية، ولا عن السلطة الديكتاتورية التي رعته طوال أكثر من خمسين عاما وتحكمت به وجعلته منظماً خالقة جيوش من القتلة مارست القتل سراً في الأقبية والأماكن النائية، أو علناً في الساحات العامة ضمن احتفالية كما كان يجري زمن الحرب العراقية الإيرانية مع الجنود الفارين من الجبهات. وهذه الأعداد الهائلة من القتلة وجدت نفسها بغتة دون عمل ولا سلطة ومع غياب الدولة وجدت ضالتها بالقتل وأحيانا دون سبب معروف كما كتب شاكر نفسه في مقال سابق عنوانه "من يقتل من في العراق" منشور أيضا في نصوص. بمعنى آخر ما كان يجري سراً في السجون والمعتقلات راح يمارسه البعث في العلن وطريقة ربط الأيدي والتعذيب على أجساد الضحايا ما هو إلا شاهد على طرائق رجال الأمن السري زمن البعث.

ثانياً:
على عكس ما ذهب إليه " شاكر الأنباري " كون ما ينشر من نصوص روائية عراقية هذه الأيام تبدو عن عراق آخر. أجد أن الرواية العراقية المعاصرة ملتصقة جداً بالتاريخ العراقي الحديث، إذ وجد الروائي نفسه أمام مهمة تاريخية إلا وهي سرد التاريخ الاجتماعي والسياسي والنفسي فنياً بسبب انعدام المؤرخ الحيادي، فعدا " د. علي الوردي " ولمحاته الاجتماعية المتوقفة حتى سلطة البعث. حاول المؤرخ الأيدلوجي كتابة التاريخ كلٍ من زاويته. القوميون والشيوعيون. أما التيار الديني فمشروعه يلغي كلياً العراقي المعاصر ويحيله على السلف الصالح المتمثل بالرموز الدينية التي وضعت حلولا سحرية لكل شيء. لذا نجد في الرواية العراقية المعاصرة التاريخ الحقيقي للعراقيين خلال القرن الماضي بدئا منذ بواكير الرواية العراقية إلى رائد الرواية الفنية الحديثة "غائب طعمة فرمان" ثم فؤاد التكرلي وفاضل العزاوي والجيل الجديد المنشغل حتى الآن بكتابة أهوال الزمن العراقي الحديث وزمن الديكتاتور كجنان جاسم حلاوي ومحمود سعيد وسلام عبود وشاكر الأنباري وحميد العقابي وحمزة الحسن والعديد من الأسماء التي لا تحضرني هذه اللحظة. وهذا موضوع قد أعود إليه في شيء من التفصيل مستقبلا. لذا أجد من الضروري جدا أن يكتب كل روائي عراقي ما مرَّ به من تجربة تلقي الضوء على العراقي المبتلي في الزمن الذي عاشه وتؤرخ لعذاب الروح العراقية في محنتها التي تبدو كأنها أبدية تتماهى مع أساطير وادي الرافدين القديمة.

ثالثا:
في الأسبوع الأخير قرأت روايتين عراقيتين الأولى " ما بعد الحب" لهدية حسين والثانية "غايب" لبتول الخضيري. النصان مشغولان برصد الخراب البنيوي في الشخصية العراقية من خلال رصد تفاصيل الوضع البشري زمن الحصار في تسعينات القرن الماضي ومن خلال عيني المرأة العراقية الرائية لذلك الخراب التدريجي للقيم والأخلاق والتحول الجذري الذي أحال العراقي المتأرجح على حافة الموت جوعاً وخوفاً إلى كائن مجرد تتحكم الغرائز بسلوكه الأخلاقي. هذا الخراب البنيوي المرصود في النصين ليس موضوعنا، لكنه يجيب على دهشة الزميل " شاكر الأنباري" من الوضع الجديد، فوقت هذه التحولات البنيوية الكبيرة كنا بالمنفى. أي أن ما يجري من عنف يشبه الغريزة في العراق أصوله موجودة في البنية النفسية المخربة بالحروب والقمع والحصار، وهذه ثمرة من ثمرات الدكتاتورية.
رابعاً:
الكثير من التجارب الروائية العالمية كتبت من قبل روائيين منفيين عادوا إلى بلدانهم ليجدوا كل شيء مختلف. أجد على العكس من الزميل "شاكر الأنباري" أن في تجربة الكاتب العراقي الذي عاد إلى العراق فرصة لا تعوض في كتابة نصوص روائية ترصد ذلك الخراب العمودي والأفقي في المجتمع والشخصية. والتجربة العراقية فريدة وتختلف عن كل التجارب العالمية الشبيه كالتجربة الأسبانية مثلا التي لم يزل الكتاب الأسبان يكتبون عنها. إذن لدينا خلفية واضحة عن العراق والعراقي الذي غادرناه والعراق والعراقي الذي وجدناه، أما ما يجري من تجلي لنزعة العنف فلابد أن تتطور لاحقا أما إلى حرب أهلية أو مجتمع قانون. أي هذه الحالة انتقالية يصعب الكتابة عنها الآن.

خامساً:
للأسباب التي عرضنا لها المتعلقة بغياب المؤرخ الموضوعي وحلول الروائي العراقي محله بكتابة نصوص تاريخية أدى ذلك إلى سيادة التاريخ وهاجس عرض الأحداث على حساب الفن الروائي المشغول أصلا بإشكالية الوجود البشري في زمن الروائي. وما البعد التاريخي إلا بعدا من أبعاد النص وليس الغالب كما هو الحال في الرواية العراقية الصادرة خلال السنوات الأخيرة وأشير هنا إلى نصوص: جنان جاسم حلاوي في "ليل البلاد" و "دروب وغبار" وروايات سلام عبود " ذبابة القيامة" ورواياته الأخرى، ومحمود سعيد في "الموت الجميل" و "نهايات النهار" ورواياته الأخرى، وفاضل العزاوي في "آخر الملائكة" و " الأسلاف" وشاكر الأنباري في "ألواح" ورواياته الأخرى، ونجم والي في "الحرب في حي الطرب" و "مكان اسمه كميت"، "تل اللحم" وهذا يشمل الكثير من الروائيين العراقيين الذين لا مجال لحصرهم في هذا الحيز الضيق والمختصر.
وأخيراً سيكون التاريخ العراقي الحقيقي المعاصر مسجلاً بكل حياد وأمانة ليس في كتب الأحزاب والأيدلوجيات بل في النص الروائي العراقي المكتوب بكل حياد وبشجاعة وسيكون دليلا للعراقي القارئ والدارس والباحث والمؤرخ في المستقبل حالة عدم سيادة مشروع القوى الدينية بإقامة دولة دينية تغيب كل هذه النصوص وتحل محلها ثقافة سلفية غير معنية بالعالم الحديث وحقوق الإنسان في العيش بحرية وكرامة.



#سلام_إبراهيم (هاشتاغ)       Salam_Ibrahim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سلام إبراهيم عن‮ -‬الإرسي‮- ‬والعسكر ...
- الواقع حق والايديولوجيا باطل
- الروائي العراقي سلام إبراهيم: سوف أبقى أنهل من سيرتي الذاتية ...
- الحياة لحظة* رواية سلام إبراهيم.. الرواية الوثيقة..
- بنية الدائرة المغلقة: قراءة في رواية - الحياة.. لحظة - لسلام ...
- حوار مع الروائي العراقي سلام إبراهيم - الشيوعي ليس من معدن خ ...
- فصل من رواية الحياة لحظة/المتشردة الروسية/
- نقاد ومثقفون يناقشون رواية «الحياة لحظة»
- رواية الحياة لحظة تثير جدلاً سياسيا حاداً
- «الحياة لحظة» تشبه الفقاعة حاولت توثيقها قبل ان تنفجر
- سلام إبراهيم في اتحاد الأدباء..رواية (الحياة لحظة) تثير الجد ...
- إغماض العينين للؤي حمزة عباس - تجليات العنف في زمن حرب مليشي ...
- إلى: ناهدة القزمرية - بهار - أنا أكتبُ لكِ فقط
- الناقد د. صبري حافظ: صدرت روايات عربية بعضها أهم كثيراً من ا ...
- عن رواية الإرسي - د. صادق الطائي
- -الإرسي- الخارج من المحرقة*
- شعريّة الكتابة الروائية -قراءة أجناسية في رواية (الأرسي) لسل ...
- ‬-الإرسي- لسلام ابراهيم: الرواية والكناية عن التجربة ا ...
- (الإرسي)..إشكالية التجنيس، والأسئلة المعلقة!!
- رواية الإرسي.. رحلة الكينونة المعذبة ....من منظور اخر


المزيد.....




- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سلام إبراهيم - الرواية العراقية المعاصرة والتاريخ