أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بدر عبدالملك - البغدادي فارس لم ينكسر














المزيد.....

البغدادي فارس لم ينكسر


بدر عبدالملك

الحوار المتمدن-العدد: 3098 - 2010 / 8 / 18 - 08:36
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أخيراً.. ترجل الفارس عن ظهر حصانه ليقول لنا وداعا، ليقول لكل الذين صمتوا وقت المواجهة وداعا، وليقول لكل الذين تربصوا به وبكلماته ومقالاته وفكره في زمن كثر فيه السواد وكثرت الاوبئة وضعفت الارادة وانتعش التزييف للحقيقة ولكل بيئة نيرة، لن تنتصروا للابد.
صمت كاتبنا للابد مودعا قلمه وروحه للتاريخ، فوحده ينصف الناس، الذين يكتبون من اجل انتصار الحياة ضد طاغوت الموت والتدمير، التاريخ ينصف من حمل صليب الالم بين طرقات العالم ناشداً الحرية للانسان الحرية للعقل والمساواة للجميع ومن اجل الانسان. كان وحده في حلبة الصراع حينما كان المجتمع المدني صامتاً متواطئاً، خائناً مثل يهوذا ومتنكراً كبطرس ونخاسياً كما هم العشرات في بيت الامبراطور واسطبلاته. لم يكن الدكتور البغدادي مستعداً ان يغمد سيفه وقت النزاع ويتراجع وقت المنازلة، للذين حاولوا كسر نصل سيفه وبريق كلماته، رغم علمه انه في معركة اشبه بمعارك دونكشيوت والطواحين، حيث الفضيلة منتهكة والنفاق والدجل يغطي سماء المدينة.
حاول البغدادي في زمنه وزمننا إزالة المتاريس الظلامية وحده بيديه المثقلة بالسلاسل كاي فارس اغريقي رفض الاستسلام لجلاديه بعد ان سقط في معركة غير متكافئة، كما حاول مثل سبارتاكوس تدمير عالم العبودية وتبديل مواطني روما الفقراء وعبيدها الارقاء الى احرار جدد يتمتعون بحقوق جديدة وحرية جديدة، ولكنه اخفق في مسيرة نضاله الكتابية ونشر افكاره والقبول بالطعان والتخلف حتى وإن جاء من وراء الكواليس ومن اروقة الظلمة. لم يقبل ان يصمت لخصومه واعداء الظلام لشعوره وقناعته انه يبحث عن حياة سعيدة وجديدة، حضارتها وقيمها العلم والعقل والمعرفة والعمل، فمحاربة طقوس التخلف كانت معركته الدائمة وعنوان جولاته وحلبات فروسيته، كان يدرك حجم الظلمة المحيطة بفضاء مجتمعه وبيئته، ولكنه يعرف في الوقت ذاته، انه بدون المواجهة تسقط شرف الكلمة في القمامة، لدى مثقف يؤمن بدوره في اهمية التغيير.
ربما البغدادي لدى من يقرأ التاريخ بالمقلوب يتوهم انه انهزم، ولكنه يجهل ان من حرقوا الاب جوردانو برونو حيا من سجنوا توماس كامبانيلا ومن ترصدوا لجاليلو في اول حرب نجومية، هم انفسهم الذين طعنوا موتا باولو ساريي صديق جاليليو في البندقية، على يد قتلة استأجرتهم المملكة الحبريّة، كل هؤلاء المشتركين في جريمة واحدة، هم انفسهم الذين حاولوا تزوير العلم والتاريخ، ولكنهم في كل معاركهم كانوا يدركون مدى خطورة العقل في قدرته على نسف الاوهام والخزعبلات، حينما يتطلب الامر قول الحقيقة وبرهنتها. في لحظة تاريخية اضطر جاليليو الصمت على قناعاته، خاصة حينما اخذت الرياح ـ الرديئة كما يسميها النقاد في ايطاليا - تعصف حيث محاكم التفتيش الدينية بدأت تلاحق كل من يخرج عن خط العقيدة المستقيم، في ذلك الزمن قال جاليليو لقد اشتدت قناعتي بأن الارض ليست مركز الكون، وبان كوبرنيك وكيبلر على حق، غير انني لم اكتب شيئا رسميا، فيما راح لاحقا وبعد عشرين عاما من نظرية كوبرنيك اخذ يقاتل من اجل رؤيته حول الارض بأنها تدور حول الشمس وليس العكس، محاولا الاستماتة عن تجاربه العلمية ومخترعاته.
هكذا ظل البغدادي كسليل ثقافة تاريخية مقاتلة، لم تستسلم لمن يحاولون ايقاف حركة التاريخ. البغدادي ظل يكتب دون تراجع او مهادنة كبقية المثقفين الذين يحاولون الصمت تحت حجج واهية، تارة من خوف السلطان وتارة خوفا من بطانة استحكمت عقول الناس وافئدتهم. تحت اسماء وواجهات والوان رمادية دفع البغدادي ثمنا من صحته وقلقه وهمومه، حيث كان يحلم بان يكون وطنه الصغير ووطنه العربي الكبير حاضنا للتقدم والتطور مثل كل الحضارات الانسانية المعاصرة، التي صارت بفعل الواقع منارة العالم، فيما نحن في عصر الديجيتل نعيش خارج التاريخ، ومجرتنا تسبح في مساحة فارغة ومجهولة كمستقبلها المظلم، طالما صار العقل مصادرا وصارت سحب الدخان الخانقة هي التي تعلو فوق اسطح البيوت. كنت اقرأ مقالاته وموضوعاته مثل اي انسان واع واشعر بكل وضوح وسهولة، كيف يحاول البغدادي كاطلس الاسطوري حمل الكرة الارضية على كتفه، تلمست عمق معاناته وحنقه لتلك الاصابع المشوهة وهي تحاول اصطياد مفرداته، خنق فراشاته المحلقة في سماء منطقتنا، فاسكات صوت البغدادي كان معركة مهمة في اجندة من يكرهونه لفكره الليبرالي الحر، كانوا يتربصون قلمه في كل سكنة وهنة وحركة، يسعون لاصطياد الفارس وهو مثخن الجراح لكي يقودوه للسجن، فتلك كانت فرحتهم العظمى وانتزاع سيفه من يده كان حلمهم. ولكن الفارس ظل فارسا فوق حصانه، وقد كان المرض اقوى من قدرته على مواجهة جبروت الموت، بعد ان عاش زمنه مقاتلا وشجاعا من اجل مبادئه ومفرداته وقيمه، حيث لم يكن يريد لهذه الامة المتخلفة، الا الخروج من نفق الظلمة وبخور الشعوذة المختفية والظاهرة، في حياة عصرية مضطربة، غامضة ومهزومة.
ينام الفارس شجاعا في نومته الابدية، بعد ان عاش شجاعا لا يهاب من حاولوا سلبه حريته، عاش حرا ومات حرا ولكنه لم ينكسر.



#بدر_عبدالملك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب البحريني ليس ملكية خاصة
- واخجلتاه !
- مات «المشاغب العمالي» فرحاً
- عندما تخوننا التفسيرات
- العنف السياسي والأفق المسدود
- امرأة من عجينة 8 مارس
- أفغانستان والبحث عن الزمن الضائع!
- حرب مفتوحة في اليمن.. ولكن!
- هايتي بلد الغناء والألم
- أغنية الحرية في شوارع طهران!
- الجسد العربي المذبوح في عالم مضطرب
- أوربا الجديدة بين رعب الحرب وحلم السلام
- غواتيمالا على خطى تشيلي
- شجاعة الأفغانيات
- انتفاضة يونيو الإيرانية تستأنف غضبها
- يا.. محنة الإخوان في آخر الزمان!!
- تطور الصدام ومجرياته المحتملة
- سلطة تستحكمها القبائل والتخلف
- ماذا بعد انتصار المرأة الكويتية انتخابياً؟
- موت النمر التاميلي.. ولكن؟


المزيد.....




- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بدر عبدالملك - البغدادي فارس لم ينكسر