أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشدي علي - خواطر حول الرسول















المزيد.....

خواطر حول الرسول


رشدي علي

الحوار المتمدن-العدد: 3093 - 2010 / 8 / 13 - 11:04
المحور: الادب والفن
    



هذه لمحة خاطفة عن علاقتي الشخصية بالنبي محمد.

ليس مهما ما تقوله الكتب اليوم عن النبي إنما المهم ما يحيط به قلبي عنه.

******

1-
هل حقا أن للصحراء رهبة؟ أم أن الله تجسد فيها برهبته المرعبة؟ أم الاثنان معا؟ وهل شعر نبينا بذلك؟ هل قرأ لغة الصحراء الملغزة؟ كيف خطرت له تلك الفكرة الجهنمية؟ أن يكون نبيا؟!
وتلك القصة التي تشبه أغاني اليوم: خديجة هناك صوت يكلمني! وذهبت خديجة مسرعة إلى خبير الأنبياء خالها! حكاية غرائبية بامتياز لكننا نجدها في كتب الواقع, اللعنة على الواقع! ذلك القرف الذي لا ينتهي...


2-
لم يكن نبيا بعد, وكم هي كبيرة تلك المهزلة... النبي يجب أن يولد نبيا... ويجب أن يكون قادرا على الطيران حين يستلزم الأمر, وحين يلقي خطبة الوداع تحيطه ملائكة بوجوه أطفال... وعندما يطير لا يرفرف بجناحيه مثل الطيور الصغيرة بل بهدوء ورقة...ولحظة يمسك شيئا يستحيل ألي حب وحنان...وكل من يراه يصير سعيدا ألي الأبد.. وليس له أير بل قلب كبير ينبض وينبض, وعينان كالسماء. وله أصابع طويلة وجميلة, بيضاء كالثلج.. يضعها على رأس المرتجف ليكف كل شيء عما هو عليه. لكن ذلك الشهيد قلب كل مفاهيمنا عن النبوة!!

- شهيد؟
_ الم يمت من الغيظ.

3-
في اختيارات المحور كم كنت أود أن يكون هناك اختيار عن شهداء الألم, أي أن يتألم المناضل حد الموت بلا جرح! وجدت: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية... لكنه محور باهت لا يسع نبي الرحمة في شيء. لأنه يخلو من الألم والحيرة.
شخص مثل النبي محمد, الأكثر قربا من الفقراء, ونال ما نال من اهانة وظلم, وكابد ما كابد من حروب, أتخيله في صحراء الكعبة وفي شهر تموز على الأرجح (حيث تخبل الأمور) يجري وخلفه مجانين يرمونه بأشياء مقرفة.. ولم يعرف في حياته إلا العمل وعجوز لا تظمأ عطشا. ليس ما حدث في تلك الفترة ما يختلف عليه: رجل ثائر, مخلص, شجاع, ولان العمل الجيد ينجب أعمالا جيدة, كذلك الصفات الجيدة تأتي بمثلها.. فيمكن للقائمة أن تستمر: كريم, زاهد, رحيم, الخ....

العمل: أسوأ أمر في الحياة!
العجوز: أسوأ شخص في الحياة!

4-
ما الذي كان يفعله نبينا الكريم في كهف مهجور؟ هل حقا أن للصمت رهبة؟ هل حقا كان الله يفضل جلسة هامسة على ضجيج الكعبة؟ وكم من الساعات قضى هناك, وكم من الآلام اجتاحت قلبه الحزين؟ كان اشد أنسانا على الأرض حيرة... رجل صغير وعالم شاسع, استحال إلى نبي عملاق لا تسعه الأرض!
كان بلا شك يحدق طويلا في ثقوب الجدران.لا يؤلم الجرح إلا... لو كنت نبيا لشعرت بآلامك... ولكني سأحاول!

5-
أذا آمنا بالفكرة التي تقول أن الرسول قام بتأليف القران.. فقد بات لزاما علينا أن نقر بأنه لم يكن يؤمن بالله: وهو أمر محير واشد غرابة من فكرة تأليف القران. وعليه يمكن أن نتخيل أعادة تسطير التاريخ لنجد احد اسطر مروج الذهب على هذا النحو: وطلب النبي من أصحابه أن يصلوا عشر ركعات ألا أن يفرغ من وضع خطة للغزوة القادمة. ولكن التاريخ الغير متخيل يقول أنه كان يصلي بهم؟ الآن بات لزاما علينا أن نقر بأنه منافق. وعلى هذا المنوال فالقائمة لن تنتهي, لان كل ما كان يقوم به الرجل يدل على انه مؤمن بالله.. بشرط واحد أن يكون القران منزل بوحي من الله ؟! وبهدمه يهدم (كل الرسول).
أي انه يتحول من الصفات الجميلة التي ذكرها التاريخ إلى عكسها.. هل هذا عدل؟ نغير حياة إنسان من اجل مسالة بسيطة وهي القران؟ مع توضيح أن المسلم ينتفع أكثر بسيرة النبي الواضحة من ذلك الكتاب المشوش.

6-
لم أكن مؤمنا في يوم من الأيام, لذلك أنا قلق من أن نظرتي للمؤمنين ليست إلا نظرة ذهنية. وفي الإطار ذاته وكما الآخرين أتساءل عن من يكون مؤمنا بالله ومن لا يؤمن.ورغم أنها حكاية تؤرق الأطفال أكثر من غيرهم, إلا أنها لا زالت تراودني بين الحين والآخر.. وليس أنجع من الكتابة للخلاص من هكذا أزمة.
لكن الأيمان لم يعد كسابق عهد مجرد توجه وارتباط فكري, أو مغايرة, بل صار أمرا سلوكيا, وطريقة للعيش والصراع, أي انه أكثر حدة, وهذا ما يجعل الحديث عنه أمرا في غاية الخطورة.
ذات يوم خطر لي ذات السؤال القديم: هل كان النبي محمد مؤمنا بالله؟ وهو صانع الأيمان.. على غرار طباخ السم؟ لكنه المحبوب من الجميع وسؤال كهذا يبدو سمجا. ولاقف قليلا عند محبوب من الجميع.. هل هذه ميزة استثنائية؟ و كلمة محبوب من الجميع تبدو غريبة أيضا,وهي في ذات الوقت حقيقية, في يوم من الأيام قالت لي فتاة أمريكية أن الجميع يحب مايكل جاكسن, ثم فكرت بان لا احد يكره فريد شوقي.. و تطور الأمر إلى شخص الرسول: لم أجد أحدا يكرهه, باستثناء بعض المخربين الذين لا يحبون البحر والقصص الغريبة.. مدعين انه لولاه لكنا في مصاف العالم المتحضر! وهي فكرة خالية من الصواب ناهيك عن أنها جاحدة. ليس امرأ يسيرا أن يحبك الجميع, أو بعبارة اصح لا يكرهك احد. أما عن سؤالي ففي بطن التاريخ أن شهود عيان أكدوا على انه كان يقوم الليل.. وكان يدعو الله من صميم قلبه في المعارك الحاسمة.. وكان تصرفه وحبه للآخرين وكل أفعاله ناتجة عن كونه سيذهب يوما إلى الله.. وهو أمر غاية في الغرابة: هل حقا أن وحيا من الله هبط عليه, أم انه كان مصابا بمرض يوهمه بأشياء تبدو له حقيقية؟

7-
يقول العقاد في وصف حركات الإمام علي بأنها جزء من الفارس المحارب وليست غرورا.. وما حدث للنبي يشبه ذلك تماما, أي بعد الانتصار الساحق الذي حققه في كل الميادين, آن له أن يستريح.. وهي طبيعة بشرية لطالما أكدها بنفسه (أنا رجل مثلكم احمل رسالة من الرب) والإنسان حين يقوم بعمل شاق يتطلب ما يتطلبه أي عمل شاق من حرمان إلى تعويض ما فات.. وبالنسبة للرجل يكون المأكل والجماع في مقدمة القائمة: أحببت من دنياكم النساء واللحم.. الم تكن خديجة حرمانا طويلا من النساء؟ ونحن الرجال نعلم جيدا بان النوم مع عجوز لا يشبه النوم مع فتاة بضة فتية.. بل انه يشبه الشرب من ماء مالح, فذهب مذهب كل منتصر.
كره الأغنياء.. لكن التجربة علمته أن لا نصر بدونهم ولا دولة ولا حضارة.. فجمع بين عمار وعثمان في مجلس واحد, لذلك انتصر وهزم ابن عمه.. قد يكون المرور على هذه المسالة عابرا وكأنها بديهة! هل يستطيع احد اليوم أن يجمع مشردا ومليونير في مجلس واحد؟ هناك معجزات أرضية لا يكترث بها احد!
كان مقنعا صبورا يتكلم بثقة وهدوء.. خفيف الظل, محبوب, ينال الإعجاب بسرعة, يقال انه كان يحمر أذا غضب, هذا يعني انه كان ابيض البشرة, عيناه واسعتان يملؤهما الحلم.. شعره اسود وطويل.. عنده سيف واحد لم يغيره على خلاف ابن عمه علي.. وعباءة وبغلة.. كان زاهدا ومعلما كبيرا.. عندما مات عاد كل شيء إلى ما كان عليه! وذهبت الثورة أدراج الرياح.. وداس الوحوش على حلمه وحولوه إلى ذعر وكابوس لا يشبه في شيء ذاك الثائر الشاب وهو يرتجف خوفا من هول الوحي, وحي التغير والإصرار على حياة لا ظلم فيها.. وحي الفقراء والمشردين.. عاد كل شيء إلى نصابه كالعادة! وكما يحدث في جميع الثورات حدث مع رسولنا العظيم. وكذلك في كل الثورات يحاول البعض إعادة ما قام به القادة الأوائل.. لكن مزيدا من الدماء يذهب عبثا, وهو ما حدث بالفعل.
أعود إلى البداية: يبدو لي أن الله كان له بمثابة العدل الأزلي, ( أقاتلهم حتى يقولوا لا اله ألا الله) أي حتى يغيروا دستورهم الفاسد بدستور العدل الأزلي.. لكن كلمة العدل لا تعني شيئا بالنسبة للبدوي, بل أنها غير مفهومة على الإطلاق, لأنها خالية من الرعب الذي تحمله لا اله ألا الله.. العدل فلسفة معقدة لا يستسيغها ألا المتحضر, أما البدو وتنقلهم المستمر.. حيث يأتي السيف بكل شيء... فهم هو ذلك وأوصل العدل بالسيف, كما يوصل اللقاح بالوخز!
لم يكن مؤمنا على الإطلاق, بل أن صفات الأيمان كانت تتناقض مع طريقته في الحياة.. كانت النبوة والقيادة عنده أكثر وضوحا من الأيمان: الم يكن يفضل القوة على الرحمة, الم يكن يفضل الحرب على الحوار, الم يكن يفضل العدل على التسامح؟ وهو رجل سحق التاريخ.. الأمر الذي لا يمكن لأي مؤمن في العالم أن يقوم به.
ليس سهلا أن يمسك احد بشخص مثل شخص الرسول.. تقلب تقلب الصحراء..حيث يوصف القران بمكية ومدنية.. وهي ليست ألا التغيرات التي يمر بها كل مؤلف ومفكر.. أما عن قيامه الليل فهي العملية التي تلازم أي مفكر يحاول أن ينتج صياغة لفكر مجهول.. وهل هناك أفضل من الليل للعمل الأدبي والفكري؟ كما انه فهم أن أفكاره ليست أفكارا طارئة بل أزلية.. لذلك وضعها في سياق منهجي.

*******
خواطري عن هذا الرجل لا تنتهي.. أحبه كثيرا, كل ما تذكرت نماذج المؤمنين الذين عرفتهم في صباي وأتساءل دوما كيف صنعهم؟ ذلك التواضع وحب الخير, وعمل الأشياء الجيدة, في جانب والهدوء والاطمئنان في جانب آخر (أنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).
*******
ما أحاول أن اكتبه اليوم ما هو إلا محاولة اعتذار عما بدر مني حين كنت صبيا في العشرين: أحمق وغبي حيث نعت ذلك الصرح بنعوت فجة.. أما اليوم وإنا على أبواب الأربعين, فاني أرى أن عالمنا البور لم ينتج رجلا مثل ذلك النبي الفذ. والذين يتطاولون عليه اليوم, ليسوا إلا أغبياء حمقى سيغيرون ما بأنفسهم عندما يبلغون الأربعين!



#رشدي_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- البصرة عاصمة التراب
- رملة الشاطئ
- تعالوا نقتل القمر حتى لا ينعق ثانية
- قنبلة مهجورة
- شهرزاد منسية
- من اجل تحرير العقل من التخلف


المزيد.....




- مصر.. الفنان محمد عادل إمام يعلق على قرار إعادة عرض فيلم - ...
- أولاد رزق 3.. قائمة أفلام عيد الأضحى المبارك 2024 و نجاح فيل ...
- مصر.. ما حقيقة إصابة الفنان القدير لطفي لبيب بشلل نصفي؟
- دور السينما بمصر والخليج تُعيد عرض فيلم -زهايمر- احتفالا بمي ...
- بعد فوزه بالأوسكار عن -الكتاب الأخضر-.. فاريلي يعود للكوميدي ...
- رواية -أمي وأعرفها- لأحمد طملية.. صور بليغة من سرديات المخيم ...
- إلغاء مسرحية وجدي معوض في بيروت: اتهامات بالتطبيع تقصي عملا ...
- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رشدي علي - خواطر حول الرسول