أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الفقراء أعداء الثقافة















المزيد.....

الفقراء أعداء الثقافة


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3091 - 2010 / 8 / 11 - 23:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الفقراء دائما يقفون موقف الخصم من التغييرومن الثقافة ومن ربات الفنون السبعة وهم البنية التحتية للمستغلين سياسيا لهم واجتماعيا حيث تدعوهم الضرورة للإبقاء على وضعهم كما هو , وهم دائما لديهم نظرة سوداوية عن الثقافة والسياسة والعمل الثقافي , لذلك نلاحظ أن الشعوب كلما تحسنت أوضاعها الاقتصادية كلما تحسنت معها ظروفها الثقافية , وما نظرة العداء للفن إلا نظرة في الشعور الجمعي في اللاوعي عند الفقراء .

الفقراء لا يصنعون لا نهضة علمية ولا نهضة ثقافية, ولا يساهمون في التغيير أو التطوير, لذلك تسعى الحكومات العربية إلى صناعة الفقر والجوع وإلى تجويع الناس والشعوب لكي لا تتغير أنظمتها العسكرية أو المدنية.
والفقراء بطبعهم يكرهون الفنون ويعتبرونها ترفاً ومضيعة للوقت لأنهم ينفقون معظم أوقاتهم في صناعة الخبز أو في البحث المُرهق عن لقمة الخبز, لذلك تجد الفقراء شعارهم واحد وهو (يا دوب نشبع الخبز) لذلك تعمد الحكومات العربية في التسلط على المثقفين والمبدعين الحقيقيين لتوجيه أنظارهم إلى الخبز بدل أن تبقى أنظارهم متجهة إلى الثقافة والاستطلاع والاستكشافات العلمية والجيوغرافية والأديوسياسية.
والفقراء بطبعهم لا يحبون الحديث في السياسة لأنهم يعتقدون واهمين بأنها سبب فقرهم وجوعهم وفقر أبناءهم وجوعهم , والفقراء لا يستلذون بالمناظر الرومانسية والطبيعية بقدر ما يستلذون بأداء أعمالهم المرهقة وبحثهم ليلاً ونهارا عن لقمة الخبز , وبهذا يتحول الإنسان الفقير إلى طريدة يكون بها هو الفريسة ولقمة الخبز والفقر المدقع هو المُفترس.
وبالإشارة على ذلك دعوني أقارن بين البابا ليو (ليون) العاشر الذي أنفق جل ماله على الفنون وعلى رفائيليو وعلى الفن التشكيلي بمعظم تشكيلاته وعلى الفنانين وعلى المبدعين وكان البابا ليو العاشر محبا للفن متذوقا للآداب لأنه نشأ في بيت صيرفي فأبوه كان صرافاً برجوازيا لذلك كان ليو متفرغاً لحب الفن والرسومات فانتعش في عهده الفن وانتعشت الحياة الثقافية في معظم أرجاء أوروبا وكان متسامحا مع خصومه وخصوصا المثقفين , ولكن بالمقارنة مع ذلك خلفه من بعده البابا أدريان السادس(بورغو) وكان هولنديا نشأ فقيرا يرى الفنون ترفاً لذلك طرد من الكنيسة الكاثوليكية الفنانين وحين تشدقوا عليه بكلمات بذيئة هددهم بأن يرمي بهم في نهر التيبر, وكذلك طرد العاملين في سياسة الخيل (تسييس الخيول) وهم 4000سائس خيل واختصر هم على أربعة رجال فقط لا غير, ولم ينفق فرنكا أو مليما أحمر على الفنون.
كان البابا (أدريان السادس) أقرب منه للمسيحية البروتستنتية أو كما وصفها خصومها بتعبير( اليهودية المسيحية) منه إلى المسيحية الكاثوليكية, لسبب بسيط وهو أنه عاش حياته مخاصما للفن والنحت , ويق5ال بأنه خاصم الفن لأنه كان يرى بأن تلك الأموال من الواجب أن تُصرف في التصدي للخطر الإسلامي الذي كان يهدد أوروبا كلها بدل صرفه على الثقافة, ولكن خبراء علم الاجتماع قالوا بأن السبب يعود لكون البابا نشأ طفلاً فقيرا يرى في الفن شيئا ثانويا وأن لقمة خبزه أولى من لقمة فنه, لذلك عاش معاديا للفن لأنه على حسب نشأته شيئا غير ضروري.

وهو آخر بابا غير إيطالي أنتخب لكرسي البابوية عام 1522م ولم ينتخب (بابا) من أصل غير إيطالي من بعده ما عدى البابا بولس الثاني البولندي أما صاحبنا أدريان فكان من أصل هولندي.

وهذا حدث غريب في تاريخ الكنيسة وجماعة المؤمنين وهنالك أيضا حالة أخرى في الحبرية البابوية وهي أن شقيقة (أتيين) الثاني 752-757م قد ورثت الحبرية البابوية من شقيقها وهي حالة نادرة أن تترأس الحبرية البابوية امرأة في زمن قل به الاحترام للنساء وبالتالي تكون الكنيسة أول من اعترف بإمامة النساء الدينية لجماعة المؤمنين.

ووجد البابا أدريان السادس نفسه في وضع نضالي كان عليه أن يقوم بتوفير ما بدده خلفه البابا ليون(ليو) العاشر حيث أنفق ليون أموال الكنيسة على الفن الإيطالي وعصر النهضة وإن الفن الإيطالي العظيم وتأثيره حتى اليوم في نفوس عشاق الفن يعود الفضل له بالأصل إلى البابا ليو العاشر وكان اهتمامه بالفن بسبب (أمية) المؤمنين وعدم قدرتهم على قراءة الإنجيل وفهم قصة العشاء الأخير وشجرة عيد الميلاد وحنان الأم لذلك لجأ البابا ليو العاشر إلى الصور الفنية في بهو الكنيسة وحماماتها للتعبير عن قصص يسوع وتلامذته لذلك ومن هذا الباب اهتم البابا ليو بالفن , وكل الفنون في ايطاليا ونشأتها واحترام الناس لها يعود كل ذلك الفضل وجله إلى البابا ليو العاشر وكما قلنا أنه حاول شرح الإنجيل للفقراء وللأميين الذين لا يعرفون القراءة إذ شرح لهم الفن الرسم والتعبير بالخطوط وبالألوان وبالإيحاء وبالإيماء , أما خبراء علم الاجتماع فإنهم يقولون بأن السبب يعود إلى شخصية البابا ليو المترفة والغنية إذ نشأ في بيت رجل صراف غني برجوازي يقدر الفن ويحترمه لأنه كما يقولون (شبعان الخبز) ويريد شيئاً آخر بعد الخبز .
وكان البابا أدريان السادس يعارض مارتن لوثر في انتقاده للكنيسة وجماعة المؤمنين والكرادلة ولكنه حين استلم كرسي البابوية وجد كلام مارتن هانز لوثر بعضه وليس كله صحيح وإن إيطاليا والفاتيكان لعبة بيد الملوك الفرنسيين وكان عدد الكرادلة 128 كردل من بينهم 123كردل من أصل فرنسي وكانت أموال الكنيسة والضرائب التي تجبيها تذهب منها إلى إتخام البطون الفرنسية مما أوغر صدر الإنكليز والألمان وأشعل حرب المائة عام وأدى إلى ظهور الاحتجاج البروتستنتي في ألمانيا ومن الجدير ذكره أن كلمة بروتستنت معناها الاحتجاج أو المعارضة .

وقام البابا أدريان السادس بتسريح أكثر من 400 سائس للخيل في إسطبلات البابا واكتفى بأربعة منهم وألغى النفقات على الفن والثقافة وبذلك كسب عن جدارة عداء المثقفين وحين حاولوا القيام بحملة ضده هددهم بأن يلقي بهم في نهر التيبر .

لذلك حمل عليه الفنانون والمثقفون والشعراء حملة شنيعة وصفوه بأنه همجي هولندي لا يعرف قيمة الفن الكاثوليكي الإيطالي ولا يقدر اللوحات الفنية ولا الأدب ولا الشعر ولا يعرف قيمة هذا الفن لأنه من أصل وضيع وفقير , فقد كان انحداره من أصل متواضع وليس وضيع والذين وصفوه بهذه المواصفات كانوا يفتقرون إلى الاحترام .

ويقال أن البابا ليو العاشر كان أبوه صيرفيا وبرجوازي بعض الشيء لذلك كانت نشأته فيها نوع من الترف أحب مع الترف حبه للفن والأدب إضافة لكونه شاعرا .

أما البابا أدريان السادس فقد كان من أصل عائلي فقير لذلك كان متقشفا دفعه تقشفه لأن يكره الفن والترف بكل أشكاله .

ولا يقل البابا أدريان إصلاحا اليوم عن إصلاح المحاربين الجدد للفساد الإداري فقد قام بإصلاحات كبيرة وجذرية وكان مؤمنا متقشفا مما أدى بالذين من حوله بأن يكرهوه أكثر من كرههم لحركة الاحتجاج البروتستنتي من خارج الفاتيكان .

ويقال أنه مات بالسم حيث دس له السم في طعامه بعد ثمانية سنوات من حبريته على كرسي البابوية فمات عام 1528مقتولا بالسم , وهذا ليس أكيدا .

وصاح أدريان حين رأى لوحات مايكل أنجلو ( هذا ليس معبدا هذا مكان للعرى ) وقام بطلاء المنحوتات والرسومات بالجير الأبيض وهرب الفنانون من إيطاليا وألغى رواتب كثيرة , وأطلق عليه خصومه لقب أدريان البربري لأنه كره الفن الإيطالي , ومن الجدير ذكره أنه أنتخب بابا للتكفير عن خطايا الكنيسة التي كانت تهددها البروتستنتية فأراد الكرادلة أن تعود الكنيسة لسمعتها الجميلة القديمة بعد أن أصبحت في الحضيض .

وكانت وجهة نظر البابا أدريان أنه من الواجب أن تنفق هذه الأموال على الحملات الصليبية لمواجهة خطر المد الإسلامي بدل صرفها على الفن والترف واللهو ومحظياتة الكرادلة ورفائيليو .

صحيح أن البابا أدريان كره رفائيليو ومايكل أنجلو ولوحاته في الحمامات وجدران الكنيسة ولكنه كان متواضعا مؤمنا صالحا عادلا وهو لا يقل في سيرته الذاتية عن سيرة عمر بن عبد العزيز الملقب بالخليفة الخامس الذي ألغى الرواتب ومصاريف أقرباء الخليفة وسرح كثيرا من الخدم والحشم فكسب بذلك عداء الناس والمترفين له ومات بالسم وهذا لا يقل إيمانا وعظمة عن أدريان السادس الذي كان اسمه بورغو الإيطالي .

وكان ليون العاشر شأنه في حبه للفن والأدب كشأن المأمون والرشيد أما بورغو أدريان السادس فقد كان على خلاف ذلك مثله عمر بن الخطاب وابن عبد العزيز

الفن عملة صعبة لا يستطيع أن يتداولها الفقراء , والثقافة والسياسة عُملة صعبة أيضاً أو أنها العملة الأكثر صعوبة.

ما أقوله قاعدة عامة لها شواذها فهنالك حالات شاذة من الفقراء الذين مارسوا الثقافة وأحبوها , ولكن الغالبية العظمى من الفقراء أو ما يقرب من 90% لا يحبون الثقافة



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على حافة الهاوية
- أولادي يسألونني عن وفاء سلطان
- لستُ غنياً لأشتري صناعه عربيه
- إحدى أهم مشاكل الإسلام
- هل تثق كمواطن عربي بجهاز المخابرات؟
- وين زُلم أيام زمان !
- اخترنا لكم : عصمت سيف الدولة /مختصر تاريخ البشرية
- مؤسسات الحكم حسب الترتيب
- عندنا جهاز كشف الكذب
- أين التحديث؟
- اللغة الميتة
- اللغة العربية لغة إقليمية
- هذا ولدي وأنا أبوه وذاك حماري
- الطاعة العمياء
- الجريمة الكبرى
- عيد ميلاد ابنتي برديس
- الهدية بلية
- الشجرة المريضة
- إعلاناً هاما
- بيعوا حميركوا


المزيد.....




- أوروبا ومخاطر المواجهة المباشرة مع روسيا
- ماذا نعرف عن المحور الذي يسعى -لتدمير إسرائيل-؟
- من الساحل الشرقي وحتى الغربي موجة الاحتجاجات في الجامعات الأ ...
- إصلاح البنية التحتية في ألمانيا .. من يتحمل التكلفة؟
- -السنوار في شوارع غزة-.. عائلات الرهائن الإسرائيليين تهاجم ح ...
- شولتس يوضح الخط الأحمر الذي لا يريد -الناتو- تجاوزه في الصرا ...
- إسرائيليون يعثرون على حطام صاروخ إيراني في النقب (صورة)
- جوارب إلكترونية -تنهي- عذاب تقرحات القدم لدى مرضى السكري
- جنرال بولندي يقدر نقص العسكريين في القوات الأوكرانية بـ 200 ...
- رئيسة المفوضية الأوروبية: انتصار روسيا سيكتب تاريخا جديدا لل ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جهاد علاونه - الفقراء أعداء الثقافة