أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - موقف..!!














المزيد.....

موقف..!!


طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)


الحوار المتمدن-العدد: 3087 - 2010 / 8 / 7 - 10:07
المحور: الادب والفن
    


موقف..!!

مرّت السنون..
مرّ شبابي..
مرت المدينة عبر جسدي..
سحابٌ يغطي بقعة واسعة من حياتي.. وها أنا خرجت الآن طافحاً بالإهانات..
لحست إبهامي.. فركته بثيابي.. فربما تمحى البصمات.. ربما تغيب..
هل خرجت؟! هل حقاً خرجت؟!
وإذا كنت خرجت فأين أنا الآن؟!
ترصدني الأضواء الشاردة.. وتقطعني خطا السيارات السريعة..
شتمني الرصيف.. وسخر مني إسفلت الطريق اللزج..
لمن هذه المدينة ؟! لمن كل الكلمات ؟!
أتراوغ الذاكرة ؟! أم أنها تنسى ؟!
على كل حال ليست لي.. هذه المدينة ليست لي.. ولم تكن قطّ لي..
تأخرت حتى عرفت..
أمسح دموعي العالقة بين جفنيّ وسنين بعيدة بعد الأمكنة التي تقطعني..
عمّا كنت أبحث ؟!
لا أعرف.. لكني وجدت نفسي في حماية موقف باص..
أعانق أعمدته.. تلثمني البرودة القديمة فأتوهج من جديد وتمر قوافلي الجائعة
فتراني مساقاً في سيارة رمادية لأتهجى الوجع في الدهاليز الصفراء المقيحة..
ثم أربط على جدار عربة كاللحم المسلوخ وروحي تلاحقني تائهة في أزقّة الدوار..
وقفت في أرض المحكمة أمام القاضي لا أتنفس، فقذفني بالثمانية.. أتجرعها
سنة بعد سنة وجيلاً بعد جيل..
قٌيدت فيها من قلبي على الحديد الشائك بين جدران الحنين والرطوبة السابحة
فوق بساط النباح والعيون اليابسة..
ويمر شبابي على زيارات تبتعد كلما انتظرتها..
على قسوة اجتاحتني وتركتني ضائعاً..
على شفقة أهلي لم يتركوني رغم قناعتي أنّي لا أساوي شيئاً..
على فراق خلاياي عن بعضي..
على البعد، على النسيان يمحو أمواجاً كانت تحطم صخور الذبول..
على رسالة هٌرّبت لي تقول فيها صديقتي .. عفوا حبيبتي :
"اعذرني لم أعد أحتمل انتظارك.. كما وعدتك..!"
كالصدى أرجع على متن سيارة مسيّجة بالمعادن والحراب وروائح النفط اللئيمة..
فأصحو في معسكرات جديدة على الغفلة على الصياح في كأس الأذن..
على الصوت يخيّرني.. بين الحبس أو انحباس الصوت..!
وأختار الانحباس..
اتركوا المطر لا يهطل فلن أعطش أكثر من عطشي الآن..
ألصقت بصمتي في الورق.. بصمتين اثنتين :
لا لأمثالي..
نعم لكم وحدكم..
وحبستْ بصمتي صوتي.. أراقب صمتي.. أخاف.. أتساءل :
هل خرجتُ؟!
أم خرجتُ من نفسي وبقيت عالقاً بالبصمات..
هذا شارع.. هذا مقهى.. تلك مصابيح كهربائية..
الناس يمرون.. يمشون بهدوء وكثافة..
وأنا..! أنا أين كنت؟! وهم أين كانوا؟!
كانوا في داخلي وقد خرجوا.. ومن الآن..!
الخطوط البيضاء تقطع الطريق، والبؤر المشعة تتوهّج، فيلكزني صوت الشّحار..
يلكزني في خاصرتي لأفيق.. أمسك خاصرتي..
لا.. لا لن أصحو.. لن أغادر هذا الحلم المدني..
ولماذا أصحو؟!
ليراني صاحب البدلة الخاكية ويدوّن رقمي في دفتره ؟!
لأستطلع تفاصيل المهجع ؟! كيف وأنا أحفظه فتراً فتراً..
ليمضي الوقت وأنسى أن أقول لأصحابي صباح الخير..
هذا صباح آخر يقلع في مهاجعنا الذابلة ؟!
لا لن أفيق.. ليضربني أبو البدلة الخاكية.. ليضربني ما شاء وكيفما شاء ..
يوجعني اللّكز.. ويتطاول إلى صدري.. ينخر.. ويخنقني..
فأتذكّر مرض السّل الذي أصبت به...
فتحت عينيّ المفتوحة.. وعرفت أني لست في حلم..لست في سجن أدمنني وأدماني..
لا يوجد تفقد.. لست في فراشي.. وإنّما يحتويني موقف باص..
طفلة صغيرة هجرتها الطفولة.. رائحتها كريهة.. وجهها جاف..
عيناها تمثلان الفقر في لوحة من الخبث الهجين..
قالت راجية بنفس آمر :
من مال الله عمو .. عمو الله يخليك..



#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)       Taleb_Ibrahim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا يقتل الصحفيون في كردستان العراق..؟!
- سحب الحرب الأوسطية وشحوب ساعة الصفر
- استعصاء في عدرا
- زيارة خاصة
- مقاربة بين قتل وطني ونجاة مهاجرة
- ليست طلقة وليست في الهدف
- طريق الوطن ..قد يبدأ بانتخابات..
- طرنيب وعشق
- مظلومة يا ناس
- الجريدة
- التغيّر الوردي -من الخيال السياسي-
- ذات العلامة
- نور العين
- أبو علي كاسر
- بقعة حارة
- قصاصة
- غش هديّة
- وجع
- محنية الظّهر
- ملاحقة


المزيد.....




- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...
- المؤرخة جيل كاستنر: تاريخ التخريب ممتد وقد دمّر حضارات دون ش ...
- سعود القحطاني: الشاعر الذي فارق الحياة على قمة جبل
- رحلة سياحية في بنسلفانيا للتعرف على ثقافة مجتمع -الأميش- الف ...
- من الأرقام إلى الحكايات الإنسانية.. رواية -لا بريد إلى غزة- ...
- حين تتحول البراءة إلى كابوس.. الأطفال كمصدر للرعب النفسي في ...
- مصر.. الكشف عن آثار غارقة بأعماق البحر المتوسط
- كتاب -ما وراء الأغلفة- لإبراهيم زولي.. أطلس مصغر لروح القرن ...
- مصر.. إحالة بدرية طلبة إلى -مجلس تأديب- بقرار من نقابة المهن ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طالب إبراهيم - موقف..!!