الوعي الإنتخابي في استراليا

واصف شنون

الحوار المتمدن-العدد: 3084 - 2010 / 8 / 4 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

منذ أن تم عزل السيد كيفن راد عن منصب رئيس الوزراء الأسترالي بطريقة تراجيدية في الرابع والعشرين من حزيران الماضي وتقلد جوليا كيلارد ذلك المنصب كأول امرأة استرالية والحراك السياسي الإسترالي في ذروته ،وكما وعدت المس كيلارد بأنها سوف تمنح فرصة للأستراليين كي يختاروا رئيس وزرائهم ،كون اختيارها لمنصب (الخادم الأول) في استراليا كان حزبيا وليس شعبيا ،فقد اوفت بوعدها حين اعلنت عن يوم الإنتخابات بعد حوالي شهر واحد من تزعمها للحكومة العمالية خلفا لكيفن راد ،وبات للأستراليين الحق كاملا في انتخاب المس كيلارد أو منافسها الأحراري المحافظ السيد توني ابووت .
وعلى الرغم ان ايام الحملة الأنتخابية هي قليلة وغير كافية للقوى المعارضة وهم الإئتلاف المتكون من حزبي ( الأحرار والوطني ) وكذلك حزب الخضر ، فأن تلك القوى تحقق تقدما ملموسا في اتون الصراع الإنتخابي ، فحتى البارحة ، كان حزب الخضر بزعامة السناتور بوب بروان يحقق نسبة جيدة من اصوات المستفتين والتي بلغت 12 % ،واكد السناتور بروان ان الخضر سوف يكسبون صوتا من كل عشرة اصوات استرالية ، وهذا يعد انعطافا هاما في الوعي الإنتخابي للشعب الأسترالي ، فحزب الخضر لديه برامج واجندات واضحة تدعم وتساند الفئات والعائلات الأسترالية الفقيرة اضافة الى مواقف صارمة تجاه مشاكل البيئة والهجرة والأقتصاد والسياسة الخارجية ،خاصة التواجد الأسترالي في افغانستان ، والمثير بالأمر أن الأصوات التي يخسرها حزب العمال تذهب الى حزب الخضر على الرغم ان الخضر هم اقرب الى حزب العمال من حزب الأحرار المحافظ وزعيمه اليميني المتشدد.
وعلى جانب اخر فان السيد توني ابووت زعيم المعارضة المحافظ والمتشدد في عدة قضايا جوهرية يتنافس بشكل متساو مع رئيسة الوزراء الأسترالية جوليا كيلارد على الرغم من ان السيد ابووت يعد من اكثر اعضاء حزب الأحرار صلابة في دعم الشركات الراسمالية الكبرى مثل شركات المناجم والتعدين وشركات التأمين الصحي الخاص وتاييده السابق لقوانين مواقع العمل المجحفة ومواقفه اليمينية الدينية ، فقد اثار ضده قبل ايام عدة جمعيات نسوية بسبب تأكيده وتطرقه الى ( عذرية وبكارة المرأة ومناهضته للإجهاض ) ومعارضته لتنفيذ مشروع خدمة الأنترنيت السريع ...الخ ، لكن مع كل ماسبق فان لديه حظوظ في الفوز الأنتخابي ،فهناك العديد من المراهنين والمقامرين من وضعوا اموال كبيرة في مكاتب المراهنات متأملين فوزه المحتم ، فكل دولار وضعوه سوف يعود عليهم بدولارين واربعين وخمس سنتات مقابل دولار واربعين سنتا للمس كيلارد!!.
اما المس كيلارد ،وعلى الرغم من وعودها الإنتخابية الكثيرة والتي تدعم فيها العائلات والمجتمع والتعليم والصحة والتشدد ضد قوارب اللجوء غير الشرعي ، فان التوقعات لا تأكد على انها الرابح الذهبي في هذا السباق الجوهري ،وهي اذا فازت فأن اصوات فوزها ستكون طفيفة ،مما يدعوها وحزبها وانصارهما للقلق .
والجميل المدهش في هذه الحملة الإنتخابية ان المتنافسين يتقاتلون فيما بينهم لا لغرض الحصول على منافع شخصية كبرى أو قداسة وخلود ،او مناصب ابدية وكراسي لايمسها الصدأ ، انهم يتصارعون من اجل خدمة الجميع ، انهم يتناطحون ليس لإثبات من هو الأكثر وحشية وقوة وسيطرة ، بل من هو الأقدر على خدمة الشعب والأمة الأسترالية الواسعة الأطياف والمتعددة الأثنيات والثقافات واللغات والخلفيات ،فما ان يدفع احدهم بوعد انتخابي حتى يقفز الآخر عليه بوعد أفضل منه ، وربما لايفّون بكل وعودهم ، لكنهم سوف ينفذون القسم الأكبر منها ، كما فعل قبل ذلك السيد كيفن راد .
النقطة الأخيرة التي اود ان اثيرها امام القارىء اللبيب ، ان المس جوليا كيلارد هي امرأة ملحدة ( غير مؤمنة بالأديان ) وان السيد توني ابووت رجل متدين ومتشدد في الكثير من القضايا والشؤون الدينية خاصة فيما يتصل بالنساء ، اما الأخير السناتور بوب بروان زعيم حزب الخضر ، فأنه اول استرالي ( GAY)مثلي الجنس دخل البرلمان الأسترالي عام 1996 .هذه هي شؤونهم الشخصية ،ترى هل تؤثر على قابلياتهم الأنسانية والوطنية في خدمة المجتمع والوطن الأسترالي ؟؟الجواب الأكيد لا بل الف لا .

#واصف_شنون (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل