أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - واصف شنون - التعليم ،وأميّة التعليم














المزيد.....

التعليم ،وأميّة التعليم


واصف شنون

الحوار المتمدن-العدد: 2948 - 2010 / 3 / 18 - 09:43
المحور: المجتمع المدني
    



كل صباح باكر ُيبكر العم محمود مزعل (أبوحسن ) الى زاويته بجوار صيدلية ( كاكا) في شارع الرشيد ببغداد ليبيع الصحف والمجلات ،وفي كل يوم يأتي يهودي عراقي اسمه ساسون لشراء صحيفة من الصحف الصادرة أنذاك في بداية اربعينيات القرن الماضي لشراء صحيفة ما بخمسة فلوس ، وطالما حسد ابو حسن القراء الذين يشترون الصحف منه ، فهو يعرف الكثير ، لكنه لايقرأها فهو لايكتب ولا يقرأ ، حتى أن قرر في يوم ما أن يطلب من زبونه الدائم ساسون أن يمنحه كل يوم جريدة (بلاش ) مجانا ً مقابل أن يعلمه مافيها من الرموز والحكايات ، وهكذا تعلم العم ابو حسن فك الخط وكتابة الرسم والحروف واستمر بقراءة الكتب والصحف التي يبيعها ،وحين شعر أنه تمكن من ذلك أجبر زوجته أم الأولاد على تعلم القراءة والكتابة ، لكنه بدأ معها بطريقة تختلف عن طريقته ، فقد اخذ بتعليمها أولا ً أرقام الباصات التي تنقل الركاب من حي دراغ في المنصور الى شارع الرشيد،ثم كيف تعتمد على نفسها في الوصول الى مكتبته بـ(لسرفطاس ) الذي يحوي الغداء اليومي، ولم يكتف ابو حسن بذلك بل علّم جميع اولاده وأجبرهم على دخول المدارس والجامعات وبتفوق ،مستخدما اسلوبا مبتكرا هو العقاب والثواب للطفل المتردد أو الكسول بين الأولاد والبنات ، توفي العم والجد ابو حسن قبل ثلاثة اعوام عن عمر ناهز 96 عاما،ولديه احفادا وابناء وبنات جميعهم متعلمون ويطمحون الى التعليم ،تقول ابنته التي تعيش الأن في اميركا ، ابني يدرس ويتعلم هنا ليصبح كما يرغب أن يكون، لكنه اختار ان يكون طبيبا ً ...!!.
******

يقول الكاتب الأميركي توماس فريدمان في مقدمة كتابه الشهير THE WORLD IS FLAT (حين كنت صغيرا ً،كان أبي يقول عليك بتناول عشائك،فهناك في الصين والهند أطفال بعمرك ليس لديهم شيئا ً يأكلونه،الأن أقول لأبنتي الصغيرة عليك بإنهاء واجبك البيتي قبل النوم،فهناك في الصين والهند من ينتظر الحصول على وظيفتك في المستقبل).
ومن خلال هذا التوضيح يلخص الكاتب الذكي توماس فريدمان عنوان كتابه،فالعالم الأن متصل تكنولوجيا ً وقد سقطت الحدود أمام إبداع البشر،وقدراتهم الفائقة في الاختراع، وباتت الوظائف متاحة للجميع بغض النظر عن المواطنة ونوع الجواز تحت مظلة تكنولوجيا العولمةأو العكس،وهذا هو التعليم الذي يستثمر الطاقة البشرية في ابداع الحضارة المشتركة التي هي مسعى بني البشر منذ فجر التاريخ،التعليم الذي ينتج علماء ً حقيقيين ،التعليم الذي ينتج ادوية واجهزة لخدمة الإنسان وصيرورته وتحسن أحواله وظروفه وبيئته ، التعليم الذي جعل العالم كلّه عبارة عن محلة واحدة وليست قرية .

*****
قبل اسابيع شاهدت فيلما ً وثائقيا ً عن أطفال عراقيين وامهاتم وهم يعملون في جرّ الحمير وتحميل الطابوق وسط الغبار والسموم والتلوث بدشاديشهم البالية القذرة ووجوهم التي غادرتها زهرة الطفولة ،و لي حرية وصف المشهد المأساوي المدهش الذي يفتقد للأدمية بتوصيفه على أنه "مشهد بربري "، الأطفال يضحكون وامهاتم كذلك ،فهم يحصلون على خمس دولارات في اليوم الواحد !!!،ثم في النهاية(الفيلم ) اكد احد الموظفين الإجتماعيين !! ان هؤلاء الأطفال هم قد اختاروا العمل في هذا المكان وتركوا مدارسهم وتعليمهم ولم يتم اجبارهم على العمل !! والحكومة لاتستطع فعل اي شيء ،وحين سمعت اسم الحكومة والاطفال ، قارنت بين أطفالي وحكومتهم الأسترالية وأولئك الأطفال الذين تفتقد حكومتهم للضمير والإنسانية ومجتمعهم خال ٍ من الرحمة والشفقة والتكافل ، هؤلاء جزء من الذخيرة المستقبلية لبلد غني في كل شيء ،فماذا سوف يكونون بعد عقد من الزمان ؟؟،كما أن لديهم أقرانا ً يتعلمون لكن أين ؟؟ في الحوزات أو التكيات الدينية ،وأيضا وبعد عقد من الزمان سنحصل على حراس صارمين فولاذيين للمتحجرات التقليدية ، لا عقل لهم سوى الحلال والحرام وهل قرص البعوضة يفسد الصلاة ؟؟وهل يجوز مصافحة الذميّ وماهي النجاسة والحيض ونوعية الوقوف والتكتف في الصلاة ...الخ هكذا اضافة الى تعذيب النفوس وحبس النساء والكراهية اللاهبة والعنصرية والتعالي الفارغ.
*****
ومن المفجع والمؤسف له ان يدعي ابناء بلد مثل العراق بشهادات علمية غير واقعية كما هو حاصل حاليا فالجميع لديهم شهادات دكتوراه وماجستير في كل شيء ، لكن الشهادات في الواقع لم تنتج شيئا واحدا مفيدا ، فحتى العلماء والمتعلمين الحقيقين تركوا مضاميرهم وحقول المعرفة الواسعة لكي يشتغلوا في السياسة ،والسياسة العراقية لاتعتمد القيم الإنسانية في التعامل فأما العنف أو التسقيط أو المحاصصات كما هاو جاري ، وهذه مصيبة كبرى ، فحين يذهب هؤلاء(الذين ضحوا بمهنيتهم العلمية من أجل الوطن ) سيرثوهم متعلمون اخرون لمنهم مزيفون ، متعلمون واقعيا ً والحقيقة هي أميون بإمتياز، فالطبيب الذي يترك الطب وعلاج الناس ،لكي يتزعم ميليشيا أو حزب أو حكومة فاسدة ، لايمكن رصفه مع المتعلمين ، فالمتعلم يحترم ويعتز بتعليمه ويتباهى به .. فإنقاذ حياة إنسان في معايير القيم الإنسانية هي أعلى قيمة من الترشيح لمجلس النواب أو مجلس محافظة او ترأس خلية مسلحة ونحن نمضغ العقد الأول من القرن الواحد والعشرين ، أليس كذلك ؟؟؟؟.



#واصف_شنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضريح أم قصر رئاسي
- رشوة الإمام الشهيد ...
- الفساد السياسي والشعر الشعبي
- من إسامه إلى أوبامه !!
- نعمة الطرش
- المحنة الغربية
- غرائب... واقعية
- وراثة العمامة والسياسة
- تمجيد الدم المراق !!
- نبضات القلوب أم وخزات الضمير
- شعوب وتقاويم وعطالة
- مايكل جاكسون..لون العالم الجديد
- هكذا هو الأمر ...
- مآساة ..طريق الشعب
- -Maliki will sacrifice for you-
- التكنولوجيا والأيادي الملوثة
- أبناء الصعاليك ..والغرب الجديد
- ثقافة نشر الغسيل :من الوشاية الى الإشاعة
- العراق الروحي
- غياب قاسم محمد ..


المزيد.....




- منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية تؤكد مسئولية المجتمع ال ...
- ارتفاع حصيلة عدد المعتقلين الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ ...
- العفو الدولية: المقابر الجماعية بغزة تستدعي ضمان الحفاظ على ...
- إسرائيل تشن حربا على وكالة الأونروا
- العفو الدولية: الكشف عن مقابر جماعية في غزة يؤكد الحاجة لمحق ...
- -سين وجيم الجنسانية-.. كتاب يثير ضجة في تونس بسبب أسئلة عن ا ...
- المقررة الأممية لحقوق الإنسان تدعو إلى فرض عقوبات على إسرائي ...
- العفو الدولية: استمرار العنصرية الممنهجة والتمييز الديني بفر ...
- عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تحتشد أمام مقر القيادة العس ...
- استئجار طائرات وتدريب مرافقين.. بريطانيا تستعد لطرد المهاجري ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - واصف شنون - التعليم ،وأميّة التعليم