أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - الشيطان














المزيد.....

الشيطان


ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 3082 - 2010 / 8 / 2 - 14:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هو أفصح مثال على إسقاط المعاناة الذاتية ... والتنصل من المسؤولية المصيرية ... خصوصاً بما يكتسبه هذا الرمز من تعزيز دينى يجعله بمنأى عن الشك .... ولهذا فهو كرمز يصلح تماماً لإسقاط المساوىء الذاتية و أوجه القصور الشخصية ... وتبرير انعدام تحمل المسؤولية ... والواقع أن الدارس النفسى لا يستطيع أن يتمالك نفسه من التشابه الكبير ... بين خصائص الشيطان كرمز للشر ... وبين خصائص اللاوعى الإنسانى وما يقبع فيه من رغبات و نزوات ذات طبيعة عدوانية أو جنسية وهى لا أخلاقية فى الحالتين ...
إن الشيطان هو رمز الشر و الغواية و التمرد على الأوامر الإلهية ... وهو لذلك مغضوب عليه محكوم بالطرد من الجنة ... ولكنه لقاء هذا الطرد سيظل أبدياً و سيشكل مصدر إغراء و فواية دائمين للإنسان .... وهو إلى ذلك مصدر إغراء بالتمرد و الثورة على القيود الدينية و الخلقية ... لكل من هذه الخصائص ما يقابلها فى اللاوعى الإنسانى ... المكبوت ( النزوات المفروضة لتعارضها مع المعايير ) هو باستمرار مصدر الشر و التهديد بالغواية ... تحرك المكبوت يثير الأنا الأعلى ( الضمير الخلقى ) الذى ينزل أشد العقاب بالإنسان إذا استسلم للغواية ( لإغراء إشباع النزوات المكبوتة ) ... ولذلك يطرد المكبوت من الوعى ... من الرغبة غير المقبولة إلى حيز الكبت و لكنه لا يقضى عليها ... بل تظل أبدأً متحركة ديتامية ... تتربص ساعة غفلة من المرء ورقابته الخلقية كى تبرز ... تماماً كالشيطان الذى ينسلإلى الإنسان فى ساعة غفلة فيجعله يستسلم لما لا يرضاه من انجراف فى ممارسات السوء .... وكما أن إبليس لا ينام ... ومكره و حيلته لا حد لهما ... وتلبيسه ( الصور التى يظهر بها ذات أشكال لا حصر لها ) ... وطريقة استخفائه و تنكره تسمح له أن يفلت دوماً من التنبه له ... وبالتالى فلا يأمن شره إلا الصفوة من ذوى الحظوة بالرعاية الإلهية ... كذلك هو اللاوعى تماماً ... الدوافع المكبوتة تأخذ ألف وجه و شكل ... إنها تكمن للمرء فى الأمور التى هى آخر ما يخطر بباله أن يتوقعها ... وهى تظهر فى الحلم أو اليقظة ... او الاضطراب السلوكى أو العرض المرضى ... أو الصراع العلائقى محققة مآربها ... و المكبوت هو من حيث تعريفه عدو الإنسان من الناحية الخلقية الواعية ... ووطأته شديدة على النفستتطلب كفاحاً دائماً و مضنياً بعض الأحيان ... ولذلك فإن إسقاطها على الشيطان ... من أنجح الحيل للتخفف من وطأتها و ضغطها من ناحية ... والتخلص من وزرها ( وما تثيره من شعور بالإثم ) من ناحية ثانية ...
وليس الشيطان مجرد رمز للغواية اللاواعية .... بل يلعب الدور نفسه بالنسبة للوضعية الاجتماعية للإنسان ... كل إغراء بالتمرد على المعايير القمعية يلصق بغواية الشيطان و تغريره بالإنسان ... كل تقصير فى النهوض لواجبات المصير الذاتى يلصق بتزيين شيطانى ... كل عدوان على الآخرين أو نيل منهم يحمل وزره للشيطان و إفساده الأمر بين الناس .... و بهذه الصورة ... تتحول الحياة بما فيها من أحداث إلى سلسلة مأساوية يقوم الشيطلن بإخراجها ... ويكون الإنسان مجرد ممثل فيها ... دون أن يعرف ... تحديداً ... طبيعة الدور الذى يقوم به ... وهكذا فإن الشيطان لم يقتصر دوره فى الواقع على الغواية فى المسائل الدينية ... بل أنه يتغلغل فى أعماق نسيج الذات العربية ... بحيث يعزى إليه كل ما لا يرضى عنه الإنسان أو المجتمع ... وبهذا أصبح الشيطان ستاراً خفياً وراءه كل العلل و الأسباب ... ومشجباً تعلق عليه التبريرات و المعاذير ... وأصبح مستودعاً للأخطاء و الهفوات ... كبيرها و صغيرها ... سواء على مستوى الفرد ... أو على مستوى الأمة ... وهذا ما ساعد على إضعاف آلية التحليل فى العقلية العربية ... و تنمية التعليل لبغيبى الساذج .... وسهولة مغالطة الواقع بالتغاضى عن حقائقه المادية و إرجاع كل شىء إلى الشيطان .
(( كم هى كبيرة الخدمات التى يقدمها رمز الشيطان لكل من السلطة المستغلة ... و الإنسان المقهور و المغبون .. فى العالم النامى )).



#ماريو_أنور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤرخ
- أفكار طفولية
- عادات وهمية
- وعى التطور
- معادلة الموت و الأبدية ...
- الكلوروفلوروكاربون...
- الخرافة و العقل ...
- نداء
- كوكب الأرض ...
- بديهيات متغيرة .... الجزء الثانى ....
- بديهيات متغيرة
- رحم التطور
- الخط الارتقائى
- ملخص للتطور
- الكهرباء الجوية والخرافة
- إختبارات نفسية
- الجزء الثانى - شطحات جنونية
- الخوارق
- الجزء الأول - شطحات جنونية
- الجبهة الإنسانية


المزيد.....




- ما دلالات تسمية بابا الفاتيكان الجديد -لاوُنْ- الرابع عشر؟ ا ...
- من صناديق الاقتراع إلى الفاتيكان.. البابا ليو الرابع عشر وتو ...
- ماما جابت بيبي.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد نايل سات ...
- تونس: زيارة معبد الغريبة ستقتصر على اليهود المقيمين في البل ...
- تردد قناة طيور الجنة الجديد وكيفية ضبطه لتسلية أطفالك
- لأول مرة في الدنمارك: محاكمة متهمين بتدنيس المصحف
- ما الذي ميز القداس الأول للبابا الجديد في الفاتيكان؟
- كيف تابع مسيحيو الأراضي الفلسطينية القداس الأول للبابا الجدي ...
- الفاتيكان يحدد موعد قداس تنصيب البابا لاوُن الرابع عشر رسميا ...
- غارديان: ميتا تحجب صفحة إسلامية كبرى في الهند


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - الشيطان