أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد شوقي أحمد - مانديلا.. خرافية النصر والخسارة..!















المزيد.....

مانديلا.. خرافية النصر والخسارة..!


أحمد شوقي أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3074 - 2010 / 7 / 25 - 23:31
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


(1)
من يشبهُ مانديلا؟!
سوى الحمقى، وعديمي الإحساس!
القراءة في سيرة مانديلا، تشبه القراءة في القصص الخرافية، بل حتى "الخرافية" هذه لم تأتِ برجلٍ قضى على حياته بهذا القدر من الإيمان والرضى، وربما السعادة..!
مانديلا عاشَ حياةً حافلة وعظيمة،،، كلام عادي، لكن الكلام غير العادي أنها حياة كلها شقاء ووجع قلب وخيانات ورهانات خاسرة، لولا اللحظات الأخيرة منها – لا فرق إن كانت هذه اللحظات الأخيرة عشرينَ عاماً أو أكثر في الوقت الضائع من العمر - حينما كان الرهان الأخير في حياته و"الناجح" هيَ النقطة البيضاء التي جعلت العالم يعتبر أن حياته كلها نجحت.
ماذا يريدُ المرء؟ حياةً سعيدة؟ لم يحصل عليها مانديلا، أسرة سعيدة؟! لم يحصل عليها مانديلا، بيت، لم يحصل عليه، أمان؟! لم يحصل عليه، رحمة؟! لم يحصل عليها، سِتر؟! لم يحصل عليه، حُب بدون خيانة؟! لم يحصل عليه، شهادة جامعية؟! كادت تخرُج روحه قبل أن يحصل عليها، وحين حصل عليها لم ينتفع منها، حرية؟! لم يحصل عليها... انه رجلٌ منحوس بمعنى الكلمة، منبوذٌ وزنجيٌّ وإرهابيٌّ قديم، أصبحَ اليوم مثالاً للحريَّة، وأغنية تعزفُ على نوتاتها بأناقة كل الأيدي التي كانت تضربُ بالبندقيةِ والكرباج، تغنيها كل الأفواه التي كانت تشربُ دماء الغلابى في بلاد ما قبل رأس الرجاء الصالح..!
(2)
من أجل اخضرار عينيّ صديقي العزيز أحمد عبد الرحمن الذي اقترَح عليَّ الكتابة عن مانديلا، ألزمتُ نفسي بقراءة المزيد من سيرة كاهِن السود، ووجه أفريقيا الأكثر عالمية وألمعية، نيلسُن مانديلا، كيما أكتبَ لهُ هذا المقال، وكلما شردتُ أكثر في غَم القراءة، كلما طفح قلبي أكثر من برود هذا الآدمي، من حريته التي سادَ بها، ومن عبوديته التي سلَّم بها، وهيَ سيرة تجعلُ المرء في حيرة خانقة، فكيف لرجلٍ حرّ مثل مانديلا أن يسامح زوجته "ويني" على خيانتها الجنسية له مع محاميه! وكيف له وهو قائد المليشيا وداعية الكفاح المسلح أن يمتلك كل ذاك التسامح المفاجئ مع أعداءه، وأن يدخل في علاقة صداقة حميمة مع سجانه، وكيف له أن يسمح لنفسه أن تموت أمه "الوالدة" وهي غاضبة منه، نظير ما يفعله محبةً في أمه "الوطن"، وكيف لرجلٍ أشغلته هموم شعبه أن يدع هم أسرته جانباً، إلى الحد الذي يموتُ فيه نجله الأكبر، وكيف لرجل الخسارات أن يعيش مبتسماً قنوعاً بما وصل إليه، وحين تلازمُه حيرةٌ ولو قليلة، يرفعُ يدهُ ملوحاً في الهواء لتصرخ الآلاف هياماً وإعجاباً وتصفيقاً: نحبُك مانديلا..!
لا مانع من القول؛ أن من لم يفهم هذا الرجل لم يفهم لغة هذا العالم؛ لم يفهم إنسانيتنا؛ لم يفهم تناقضات حياتنا، أو القول أن من لم يفهم مانديلا يُعاني من ضيقِ أفق، أو أزمة في قرارة عقله، وربما نفسه.. ولأن الرجل البرجماتي لم يكن "مأزوماً" – إن جاز التعبير - فقد نجح أخيراً..!
لا أدري إن كان يمكنكم مساعدتي في إيجادِ خلاصة لهذه الفكرة؛ لكن هل يمكنُ القول أن المبادئ والقيَم والمُثل التي صنعناها كبشر واخترعناها هي حالة مثالية ومتقدمة عن مؤهلاتنا الإنسانية والروحية التي تجعلُ هذه القيمَ واقعاً على الأرض؟! ألا تتغير هذه القيم وفقاً للظروف والأمزجة والقدرات والأمكنة، هل يليق بهذا "المِثال" و"القيمة" – مانديلا – أن يكونَ لهُ قلبٌ بريموت كنترول، حينما يريد يوقظُ فيه الإحساس، وحينما يريد يطفئ فيه الجذوة، وكأن لم يكن لهُ قلب، بمعنى؛ أن مانديلا "الثوري" والإنساني، والمتحرق ألماً على واقع شعبه، هو نفسه مانديلا المتحلل من لعنة الموتِ كمدَاً على تضييع أسرته وفقد ابنه الأكبر!
..هذا من نقائص "الإنسان"..!
(3)
أوكيه.. أنت تخوض معركة شرسة ضد العنصرية، وضد البيض المتعجرفين، ضد تماثيل الشمع الأبيض التي لا تشعر بإخوتها في الإنسانية، هذا مبدأ يستحقُ العِند والتصميم والمكابرة، لكن ماذا إن كان من يغمدُ فوهة بندقيته في جيبك الأيسر هو ابنُ جلدتك، وأخوك في اللون والجوع والمهانة، ماذا لو كان من يتمنى موتك ونهايتك هو شريكك في الوجع، وصديقُ لياليكَ الصعبة، هل ترى بُداً من الاستمرار في هذه المُكابرة المُملِة باتجاه عنوانٌ فضفاض وغير أكيد يُسمى "الحريَّة"..!
..هذا من كمائل "الأسطورة".!
(4)
بعد "عشرة ألف ساعة" – لذمة الراوي – يخرجُ نيلسُن مانديلا، بعد أن غدا قضيةً وراية، تحتها ولأجلها تمورُ هجمات "رجال الله" من أشياعه على ناهبي الفحم والألماس..!
لم تكن صعبة على رجل المبادئ البرجماتي أن يفهم اضطراره قبل تسامحه لطي صفحة الماضي مع البيض، لتغدو معركته مقبولة ورابحة معاً، ومثلما كان عالمياً في إنسانيته وتسامحه كان أنانياً في مكاسبه ونجاحاته "المهولة" التي سيجنيها – أخيراً – بعد رحلة الخسارات تلك..!
نال تسامح مانديلا في حق أعداءه التقليدين، وإقدامه على ما يليق بعظمته كزعيمٍ عظيم في سعيه القوي أثناء توليه لرئاسة الدولة لتوحيد الجبهة "الجنوب أفريقية" في معركة البناء والديمقراطية والبحث عن المستقبل، ومن ثم التخلي عن بهرجة وعظمة الرئاسة "الرسمية" في مقابل اكتساب عظمة أكثر دمغاً وشرعيَّة في بلده والعالم حين أعلن رغبته في التقاعد ورفض الترشح لولاية تالية؛ "وهي رغبة بديهية تتفق مع طبيعة السن والحالة البدنية والصحية"، بيد أنه استطاع أن يجعلها آيَة في تاريخه الشغوف بالآيات الحالمِة، وبـ "مثلنَة" البديهيات في نحت "قداسة" المهاتما على وجه مانديلا العظيم!
..هذا من عبقرية السياسي!
(5)
أما بعد؛ فقبل ايام احتفل بطل الميداليات والشهادات الفخرية الأول في العالم بعيد ميلاده الثاني والتسعين، على بُعد أيامٍ قليلة من إقفال مهرجان كأس العالم الذي أقيمَ هذه المرة في بلده "جنوب أفريقيا"، "الحج مانديلا" بجسده المنهك، وسنه الطاعن، وتجاعيده الكثيرة، يستعدُ للموت بأمان ورضا عاليين، بعد أن حقق آخر أحلامه تقريباً.. كأس العالم في جنوب أفريقيا،
هنا، لم يعُد مانديلا ثلاثينَ عاماً إلى الخلف، ليتذكر؛ كيف كان عالم المصالح والعلاقات الخاصة يبارك ويغض الطرف عما يحدُثُ لهُ ولشعبه، وليبدأ بمقته أو بردحه، لكنه على عكس ذلك؛ حمل كل ثقله، ليضغط على حلفاءه/ أعداءه السابقين كي يحققوا لهُ حلمَهُ الأخير، وعاش ليشهدهُ واقعاً وإن بجسدٍ شبه مهترئ،
عاش السيد مانديلا حياةً صعبة، ومتقلبة، وظروفاً استثنائية، عركتهُ وجعلت منهُ قائداً عظيماً، خسر الكثير، لكنه لم يأبه، لأن قيمة ما اكتسبه – من وجهة نظره – أكبر بكثير، ولذلك، فسيبقى اسم مانديلا مرتبطاً بأفريقيا كلها لا بجنوبها فحسب، وكما قال يوماً الخليفة الثالث عثمان بن عفان لعُمر بن الخطاب حين خرجَ يبحث عن إبلانِ شردا في صهوِ الظهيرة المُرمِضة: "لقد ظلمتَ الذينَ يجيئون بعدَك" يجوزُ أن يُقال اليوم عن مانديلا أنهُ قد ظلم الذين جاؤوا وسيجيئون بعدَه،
سوى ذلك؛ فإن مانديلا يعلمُنا نحنُ العرب – وإن لم يشأ ذلك ولم يقُله – أن فهمنا للقيَم بتلك الطريقة الصحراوية الصارمة الشبيهة بوفاء السموأل، تجعلُ خساراتِنا لأبعَد حَد، ويعلمُنا أن قيمة ما نؤمنُ به تكمُن في قدرتنا على تحقيقه؛ اليوم.. أو بعد 67 عاماً؛ كعمر مانديلا النضالي والسياسي.
إجمالاً: مانديلا ليسَ أسطورة، وليس بشراً عادياً، ليس سياسياً، وليس زعيماً وطنياً، إنهُ حالة مركَّبة ككل الكائنات البشرية، فيها من كل ما ذكرنا وأكثر، في جهة الضد أو المع، وهذا الطبيعيّ في الأمر، لكن الجميل تحديداً أن هذا الرجل يُقرأ من كل الزوايا، وهنا عبقرية ما نسجهُ من تاريخ..!
23/7/2010م



#أحمد_شوقي_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الرئيس والوزير والدكتور.. ضاعت تعز
- هنا العراطيط
- درويش يا ألمي..!
- عيال الشغالة
- الحل في التصفية..!
- مدنيونَ من أجل القبيلة والعسكر!
- الحب المستحيل (2)
- قبل الذهاب


المزيد.....




- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...
- مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى المبارك
- مقتل فتى برصاص إسرائيلي في رام الله
- أوروبا.. جرائم غزة وإرسال أسلحة لإسرائيل
- لقطات حصرية لصهاريج تهرب النفط السوري المسروق إلى العراق بحر ...
- واشنطن.. انتقادات لقانون مساعدة أوكرانيا
- الحوثيون: استهدفنا سفينة إسرائيلية في خليج عدن وأطلقنا صواري ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - أحمد شوقي أحمد - مانديلا.. خرافية النصر والخسارة..!