أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد شوقي أحمد - قبل الذهاب














المزيد.....

قبل الذهاب


أحمد شوقي أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 1847 - 2007 / 3 / 7 - 12:09
المحور: الادب والفن
    


كانت المدينة تجثم تحت وطأة الليل القاتل . الأضواء الصفراء الفاقعة تبعث على التشاؤم والفجيعة، رائحة دخان احتراق القمامة يتضوع في الربوع، والطريق مليئة بالحجارة .. الكثير من المطبات والحفر.. وقطط سوداء تموء بغنج فاجر، والكلاب تتجول لاهثة .. وتعوي بحقارة استلهمتها من حقارة المكان ..

اقتربت من باب غرفتي النائية الصغيرة، (ياله من باب خشبي لعين) .. شبح امرأة عريضة وممتلئة يموج في رأسي .. وبعض التمايلات كفيلة بتدفق الدم إلى مكان ما .. وانتفاخه..

لا يمكنني الحديث أكثر .. فالعرف لن يسمح لي بذلك .. دسست يدي في جيبي لأخرج المفتاح .. فتحت الباب ودخلت ..نظرت في غرفتي المشققة جدرانها، والمتسخة أركانها .. قصر الغرفة و طأطأة رأسي منعتني من المشاهدة أكثر .. اقتربت من فراشي .. استلقيت على ظهري .. وأخذت نفساً عميقاً..

تذكرت فيفي عبدو ولوسي ودينا ونبيلة عبيد وراقص عروض أسبانية يدعى فاروق حسني أصبح الآن وزيراً للثقافة في مصر .. وعاهرة ما .. تمايل أردافها ذات اليمين وذات الشمال .. وتدعك نتوءات ما وتمسح على أماكن بارزة .. وتموء كتلك القطط السوداء الفاجرة .. التفت إلى يساري .. كتبت تعميماً إلى الجدران .. وقرأت بصوت مسموع: (تلك العاهرة تمنحني .. تمنحكم .. تمنحنا شيئاً باعثاً على اللعاب .. تلك العاهرة تعطيني .. تعطيكم .. تعطينا .. شيئاً في عمق السراب .. تلك العاهرة .. تسلبني .. تسلبكم .. تسلبنا شيئاً قد يسلبني .. يسلبكم .. يسلبنا القدرة على التعامل مع زوجاتنا ذات يوم ..

فجأة .. وبدون مقدمات .. ظهر كاظم .. وفرت العاهرة.. هربت اللعينة .. بدا عليه الوجوم .. والغضب.. واكتست وجهته صفرة الموت .. توقف قليلاً، ثم بدأ بالغناء .. " أطفال بغداد الحزينة يسألون .. عن أي ذنب يقتلون .. يترنحون على زقاق الجوع .. يقتسمون خبز الموت .. ثم يودعون .."

ثم يضيف بتحد قاسي المعطيات .. " .. الله أكبر من دمار الحرب يا بغداد والزمن البغيض الظالم .. الله أكبر من سماسرة الحروب على الشعوب وكل تجار الدم .. بغداد لا تتألمي .. بغداد أنت في دمي.. "

احمر وجهي خجلاً .. وانكمشت الجدران .. بينما بدا لونها أكثر شحوباً .. ما قيمة الأشياء إن لم نعطها قيمة .. كيف سمحت لنفسي بمقابلة تلك العاهرة والتفكير بها .. ولم أفكر في قضيتي ومبدأي وقوميتي .. كيف تلهيت عن كل هذا ..

" والطفل يهمس في أسى.. أشتاق يا بغداد تمرك في فمي.. من قال أن النفط أغلى من دمي.. من قال أن النفط أغلى من دمي.."

كيف سمحت لنفسي بتجاهل كل هذه النداءات .. لا .. لن أهادن .. كفاني لعباً واستهتاراً .. آت إليك يا بغداد .. سأطلقك يا بغداد .. سأجتث كل الخنازير من داخلك .. وأطهرك من درنك يا بغداد .. هاأنذا يا بغداد آت إليك يا منبر العز .. آت .. آت ..

قمت مسرعاً .. متحمساً .. متعجلاً.. فارتطمت رأسي بالسقف .. وبعد أن صحوت من الغيبوبة.. أدركت بأنه كان يتوجب علي رفع سقف منزلي قليلاً قبل الذهاب لتحرير بغداد ..




#أحمد_شوقي_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد شوقي أحمد - قبل الذهاب