أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فاضل فضة - المشهد السوري - أول التفكير















المزيد.....

المشهد السوري - أول التفكير


فاضل فضة

الحوار المتمدن-العدد: 933 - 2004 / 8 / 22 - 10:01
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كتبنا في الحلقات الماضية عن الهدف من تشريح المشهد السوري عامة، وعن المشاكل التي يعاني منها المجتمع والدولة والنظام السوري. كما قدمنا لمحة التغيرات العالمية الجذرية بمحتوياتها خلال أكثر من ربع قرن مضى، كما تحدثنا عن المعارضة التقليدية السورية بدون الدخول في تفاصيل قضايا القوميات والإتنيات، والسبب في هذه الحالة هو إيماننا بوطن يحقق الخير والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع أبناءه.

وقد يتساءل البعض، ماذا يقصد الكاتب عندما يتحدّث عن دولة الدستور والقانون، وماذا يقصد بدولة المواطن، وليس دولة الشعارات. كيف يتم العيش بأمن وسلام بدون أمتيازات أو محسوبيات أو مزايا لانتماءات، كيف يتم التوازن في الحقوق والواجبات بين كافة أبناء الوطن. وكيف تعمل الألة السياسية لبناء إستقرارالدولة ومؤسساتها، كيف يتم الإستقرار السياسي والإجتماعي والإقتصادي ، كيف يمكن للمجتمع أن يسير في طريق التحرر من العشائرية والطائفية والحقوق الخاصة لبعض فئات المجتمع، أوكيف يتم التوازن لإقتصادي جغرافياً. إنها اسئلة، طبيعية لأي أنسان عادي في أي مكان من هذا العالم، لكنها مغيبة في الدولة والمجتمع السوري تحت غطاء شمولية السلطة والمصالح الخاصة، كما أنها مغيبة بسبب الإصرار على العمل السياسي بالإيديولوجيات التي اثبتت أنها لم تكن قادرة على تحقيق مجتمع التطور والسلام الإجتماعي ولم شمل جميع المواطنين حول صيغة مقنعة لهم. كونها كانت تدعي وتطالب بحقوق الجماهير (بالجملة)، وتنادي بغطاء ليس مقبولا من الكل. كما أنها لم تركز على دولة الفرد المواطن، صاحب الحقوق الطبيعية بالقانون والواجبات الطبيعية ايضاً بنفس القا نون. هذا القانون الشفاف، الذي من المفروض أن يطبق على الصغير والكبير، اليوم وغداً وكل يوم، مع كل جيل قادم. ليس لإنه يفرض بالقوة، بل لإنه اضحى قناعة حياتية وثقافية في الدولة والمجتمع.

لن ندخل في تعابير الليبرالية الحديثة، وتطورها التاريخي، وتجاوز دول القوميات بعد حروب أوروبية وعالمية متعددة. لكي لانتهم بما هو سهل لدى الجميع. لكننا سنحاول التساؤل عن الصيغة الأفضل للعيش المشترك، والمناخ السياسي والإجتماعي المطلوب في دولة أسمها الوطن العربي السوري. دولة قادرة على أرساء حق المواطن ككائن حيّ، له حقوق مثل غيره في الدستور والقانون. ودولة لاتعامل سياسييها ومفكريها ومبدعيها وأقلياتها وأتنياتها وقومياتها (القديمة والجديدة) بقوانين الفصل أو التحديد أو المنع. نعم يهمنا أن نتساءل عن دولة تعمل من اجل رفعة شعبها أبتداء من الفرد الكبير سناً أو الطفل الذي ولد من جديد. دولة ينتفي بها العنف السياسي والقسري، دولة تقبل بالإختلاف بأي صيغة. لكنها دولة تعمل لصالح مواطنيها، ومواطنيها يؤمنون بما تعمل به عبر الأليات السياسية والإقتصادية وغيرها.

لقد استحوزت على النخب السياسية والفكرية في الوطن السوري لغة الفضاء المعنوي للكلمة والخطاب بأي صيغة، ولم تستحوذ وللإسف إلى اليوم لغة النتائج، أو طرق أو اساليب جديدة لتصحيح الإخطاء عبر التجربة. كما كان ومازال مشروع الشعار السياسي اداة لخلق حالة معنوية عند المغلوبين على أمرهم ودفعهم إلى التفكير المطلق بالحلم لا بالعقل والأداء. حيث لايمكن على المستوى السياسي والأبوي (العام) مراجعة ماتم ومالم يتم. وإن كان الفعل معاكساً لأي شعار أو حتى هزيمة. وللأسف مازال المواطن لسوري العربي وغير العربي (ولو كان فرداً فقط) يشارك بهذه الصيغة العاطفية في تحليل الإمور، عن قناعة أو بدون قناعة. وكأن الأمر مقدّر، ولاحول له في تغييره. ومازالت بعض النخب تتحدث عن هذه الشعارات وكأنه، لايوجد طريق غير طرح الضبابيات المعنوية العامة، بدون الخوض وبالتفصيل المُمل (وهذا مانرغب به)، في الألية السياسية لما يمكن أن يطبق منها. وكأن حل المشاكل الأن أوفي المستقبل، سيتم عن طريق إعادة إحياء بعض هذه الشعارات، أو تبديلها، لتناسب مع زمنها وعصرها. بدون التأكد من أنها فعلا يمكن أن تطبق في مجتمعاتنا ودولتنا. إذ يكفي المطالبة بها، وترك الأمر لمصداقية مشكوك بها تاريخياً لأحزاب سياسية قد يلعب الشيطان في عقول بعضها الأنتهازي، لتحيد عن اهدافها وتتحول إلى شمولية مدمّرة.

مانريد قوله في بعض الجمل الواضحة للبعض، والغريبة على الأخر المتأدلج يقوة الفصل والقومية، أو الدين، هو أننا نبحث عن المشترك الواقعي والعملي لبناء دولة الإستقرار، عبر الحوار الجدّي، بين الجميع. متجاوزين اللعبة السياسية التقليدية في البحث عن مواقع معينة في أي شئ. ومانعنية من دولة الإستقرار، بناء الوطن السوري الذي يؤلف شعبه أتنيات وقوميات ومذاهب دينية مختلفة، كان االمحتوى عربي أم لم يكن. المهم في كل هذا إلا يصرف الجهد على قضايا لاتنتج، أو قضايا تدفع إلى الفصل من أي نوع في المجتمع والدولة. بسبب أهمية مسألة بناء دولة بعوامل الإستقرار والعيش المشترك بين الجميع.

ونذكر لمن يهمهم الأمر أننا لسنا ضد أية صيغة تولف بين الجميع، ولسنا في نفس الوقت، مع أية صيغة متشنجة لأي مفهوم فئوي قومي أو ديني أو غيره. لسنا فعلا مع أي تعميم يدعو إلى الفصل والأمتياز بالقانون، أو إلى المزايا، أو أي شئ من هذا القبيل. مهما كان الفصل والإمتياز كبيراً أو صغيراً. لأن الفصل وأي كان شكله يدعو في زمن الأزمات إلى التأثير على اصحابه وتجاوز عقلية الهدوء وتحوّل ذلك إلى عنف، إي إلى البدائية الجماعية داخل الدولة.

ألا يجب إعادة التفكير بمنهجية العمل السياسي، والبحث عن براءة الشعارات الضخمة، ألا يجب التساؤل عن حق الفرد المواطن السوري، وحق المجتمع بدون أي تمييز أو تفريق. فصلنا الدين عن الدولة أم لم نفصل، كنا قوميين أو لم نكن. كنا مواطنين سوريين، جدد، أو قدامي، اصلنا من سورية أو حصلنا على الجنسية منذ زمن قريب. ألا يجب البحث، لمن يهمّهم الأمر العمل على إيجاد هذه الصيغة الإعجوبة للإستقرار الأمثل، لا العمل من خلال الإجراءات المختصرة لترقيع ماهو منهك بالأصل.
يجب البحث لم لايرغب في الخروج من معاقله التاريخية في التفكير، ولمن اصرًّ على البقاء كأخر شيوعي في العالم، ولكل من لايريد قراءة تاريخ القومية وفوائدها وسلبياتها على دولة المواطن. يجب الخروج من زجاجة التأطير الفكري التقليدي في تاريخنا السياسي المعاصر، والبحث عن أليات عملية، واستراتيجية حقيقية للوصول إلى دولة المستقبل السورية، كانت أسرائيل على حدودنا أم لم تكن. كانت أمريكا وقواعدها في العراق أم لم تكن. يجب بناء الأساس الفكري المؤدي إلى نتائج على صعيد الواقع. لا البحث عن مخارج معنوية، خاصة لمن هم خارج السلطة.

صحيح، أن الزمن كان قاسياً على المواطن السوري خلال اربعة عقود زمنية ماضية، كما كان اقسى على المهاجرين الذين تحدثنا عنهم، وهم أكثر من مليون أنسان تقريباً. بعضهم أسمى نفسه بالمنفيين، وهذا صحيح. كما أنه صحيح أن سورية قد خرّجت من سجونها أكثر من مانديلا سياسي، لابل ضربت الرقم القياسي لعدد السنوات في السجن. لكن الأمانة التاريخية تتطلب لكل من يملك مصداقية الإنتماء إلى وطن، البحث عن الصيغ الأساسية المحورية العملية القادرة على إخراج التفكير التقليدي من حصاره الغير مستحدث بهدف تحقيق حلولا للجميع.

إن الصراعات الفئوية المؤدية إلى عنف جسدي أو فيزيائي ومادي في ألة الدولة والمجتمع، ماهي إلا تعبير عن عدم وعي وقوة فكر من نخب هذا المجتمع والدولة. وما سيطرة قوى الظلام في هذه القوة، إلاّ إثبات لغياب هذا الوعي الحضاري المتطور مع فعل الزمن، الذي ذكرنا أن بذوره مازالت متأصلة لدى الشعب السوري الطيب.
ولايمكن لأي سوري عربي أو غير عربي، أن يحلم بوطن حقيقي يرغب بالعيش الإستراتيجي الأَمِنْ به، من النخب وأهل السياسة، إلا أن يتجاوز فئويته أو امتيازاتها الظاهرة والمخبأة، ويقبل بحق الجميع، ونكرر الجميع عملياً بالعيش.

إنه التفكير الأول للأرض. البيئة التي صحّرها الزمن قليلاً، ودعوة للعقول التي تجاوزتها كبريائها وعاطفتها في إصرارها على معنوية الكرامة والمبدأ، وإن كانت الحقيقة قد تطورت بفعل التاريخ الحديث وتقلبات الزمن، وقلبت أشياءّ جوهرية في ادبياتها. هذه الأدبيات التي اصبحت في ذاكرة الزمن بحاجة إلى مداعبة فكرية معاصرة لكي تتحرر من سجونها التي أودعت بها. إنه التفكير الأول بالقبول بما لم يكن مقبولاً من قبل. التفكير في صفاء العقل الإنساني من أجل وجود إنساني حقيقي في وطن. نجح البعض في ذلك الأن أم لم ينجح، لكنه لابد أن يكون اللبنة الأولى في هيكلية مؤبدة متفاعلة مع حق الحياة في عيش إنساني في وطن من اقدم أوطان الأرض.

إنه الوطن السوري بكل بساطة الذي أنتشر قديماً في محيطة المتوسطي غرباً وشرقاً، شمالا وجنوباً.
إنه وطن المفكرين بدون إنتهازية الموقع، إنه وطن المبدعين للمستقبل إذا عملوا وصدقوا في نواياهم.

إننا ندعو المخلصين لهذه الأصالة أن تستفيق من اَنيتها، وتستخدم كل مالديهما من ملكات لكي تعمل وبلاعنف وإنسانية من أجل هذا الإنسان في هذا الوطن. هذا الوطن المترنح من كثرة الصراعات، والذي يحاول البعض اختصاره في سجن كبير، والذي عمل بعض المغامرين على أن يكون كهلاً قبل أوانه.



#فاضل_فضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المشهد السوري - المعارضة
- المشهد السوري - تحولات تاريخية عالمية وركود محلي
- المشهد السوري - المشاكل
- المشهد السوري - المقدمة
- تساؤلات سورية
- في هذا الزمن المتناثر
- حكايات واقعية من بلاد الأغتراب 2 فنزويلا
- أكبر من الحكاية
- بعض الخطاب السوري بين الإصرار والتكرار
- ماقبل الطامة الكبرى
- حكايات واقعية من بلاد الإغتراب
- بيننا وبينهم فروقات ليست طفيفة
- عندما يحاكم صدٌام حسين
- عندما يتناثر الرماد
- بين الحذاء والنعل العسكري
- ربيع الحوار السوري الذي لم يمت أنترنيتياً
- حكايات إفتراضية صغيرة
- مهاتير (محاضير) محمد في بيروت
- مصداقية
- في الحروف


المزيد.....




- أعاصير قوية تجتاح مناطق بالولايات المتحدة وتسفر عن مقتل خمسة ...
- الحرس الثوري يكشف عن مسيرة جديدة
- انفجارات في مقاطعة كييف ومدينة سومي في أوكرانيا
- عشرات القتلى والجرحى جراء قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة رفح ...
- القوات الأوكرانية تقصف جمهورية دونيتسك بـ 43 مقذوفا خلال 24 ...
- مشاهد تفطر القلوب.. فلسطيني يؤدي الصلاة بما تبقى له من قدرة ...
- عمدة كييف: الحكومة الأوكرانية لا تحارب الفساد بما فيه الكفاي ...
- عشرات الشهداء والجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة على رفح
- الجامعات الأميركية تنحاز لفلسطين.. بين الاحتجاج والتمرد والن ...
- بايدن يؤكد لنتنياهو -موقفه الواضح- بشأن اجتياح رفح المحتمل


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فاضل فضة - المشهد السوري - أول التفكير