أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ثائر دوري - بين نورما خوري و أحمد الجلبي















المزيد.....

بين نورما خوري و أحمد الجلبي


ثائر دوري

الحوار المتمدن-العدد: 932 - 2004 / 8 / 21 - 08:56
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


القصة بسيطة كاتبة أردنية الأصل اسمها نورما خوري لجأت إلى استراليا و حصلت هناك على لجوء سياسي أو إنساني ، بدعوى أن حياتها مهددة في بلدها الأردن بسبب جريمة شرف . ثم ألفت كتاباً عن هذا الموضوع لقي هذا الكتاب رواجاً غريباً فقد باعت منه ربع مليون نسخة في شهر ، أقل أو أكثر قليلاً . ثم فجأة اكتشفت سلطات الهجرة و القراء و دار النشر التي نشرت الكتاب في استراليا و الغرب أنها تعرضت لعملية نصب ، فهذه اللاجئة السياسية المفترضة تبين أنها مواطنة أمريكية من أصل أردني فهي تعيش في الولايات المتحدة منذ كان عمرها ثلاث سنوات .
ماذا يعني هذا ؟
يعني أن قصتها مختلقة و أن كل ما روته عن تعرضها لخطر القتل بسبب جرائم الشرف غير صحيح ، و هو تلفيق بتلفيق .
(( تورد نورما خوري في روايتها تفاصيل صداقتها مع امرأة مسلمة تدعى داليا كانت شريكتها في صالون لتصفيف الشعر لكلا الجنسين بالعاصمة الأردنية عمان.
وتروي نورما كيف وقعت داليا في حب أحد زبائنها وهو جندي مسيحي كاثوليكي يدعى مايكل. وعندما علمت عائلة داليا بقصة الحب, ثار غضبها وقام والدها بطعنها حتى الموت, مما دفع بنورما إلى الفرار من الأردن, طبقا لروايتها.
وقد حازت نورما خوري صاحبة هذه القصة التي اعتبرت حقيقية ومروعة عن الحب والانتقام في الأردن، على جائزة الكتابة الواقعية في أستراليا. ونشرت الرواية دار راندوم للنشر في 15 بلدا، وبيع منها حتى الآن نحو 200 ألف نسخة في أستراليا))
يمكن تبسيط هذه القصة إلى قصة احتيال عادية . قصة نصب من القصص التي تحدث عشرات آلاف المرات كل يوم . لكن حتى لو اعتبرنا الأمر مجرد قضية نصب و شخصية نصابة لا بأس من التذكير إن النصاب هو من يلعب على عواطف الشخص المقابل . فكما يعبر المثل الشعبي عن ذلك بالقول (( إن النصابين بخير بوجود الطماعين)) أي أن النصاب يحتاج إلى شخص آخر متفاعل معه و مستجيب له . لهذا السبب يمتاز النصابون بخبرة هائلة بالنفس البشرية و خفاياها تجعلهم قادرين من النظرة الأولى على معرفة الأزمة التي يعاني منها الطرف الآخر و ما هو الشيء الذي يؤثر به . فإذا كان هاجسه مالي دخلوا إليه من هذا الباب . و إذا كان الطرف الآخر ، موضوع النصب ، فتاة تخشى أن يفوتها قطار الزواج لعب النصاب على هذا الوتر و هكذا دواليك ...............
بمعنى انه إذا وجد شخص سوي بدون أزمات فإن النصاب لا مكان له ، و بالعكس عندما تتكاثر الأزمات و الأوهام يتكاثر النصابون .
و هكذا فإن عملية النصب تحتاج إلى طرفين : النصاب ، والشخص المأزوم أو غير السوي و بدون هذه المعادلة لا يمكن أن يتم الأمر أبداً . لكن المجتمع لأسباب كثيرة اعتاد إلقاء اللوم على الطرف الأول من المعادلة ، النصاب ، و على تبرئة الطرف الثاني . و في حالات استثنائية تكون الروح الرياضية للطرف الآخر ، ضحية النصب ، عالية فيعترف أنه مذنب أيضاً لأنه اقتنع بهذا الهراء أو السراب مع أن العاقل لا يصدقه .
و قصة نورما خوري حكاية نصب نموذجية . شخصية ذكية تبحث عن المال و الشهرة . عاشت في الغرب و خبرت هواجسه و عرفت كيف ينظر إلى الشرق فأسمعته ما يود سماعه عن الشرق . رسمت للغربيين الصورة التي يتخيلونها عن الشرق و عن المرأة الشرقية المضطهدة و عن الجنس القاتل في ذلك الشرق ، و موضوع اضطهاد المرأة و الحريم و الجواري و القيان في الشرق موضوع محبب للفكر الإستشراقي و قد نسج حوله ما لا يحصى من الخرافات و المبالغات . لهذا السبب باعت نورما خوري بفترة وجيزة ربع مليون نسخة ، و نالت ، لاحظ ، جائزة الكتابة الواقعية ، فيما لو أنها كتبت عن الشرق الواقعي ، الشرق الذي يتعرض للعدوان و يقاوم حتى بأظافره ، أو عن هذه البنى الاجتماعية ، التي رغم كل عيوبها و رغم كل ملاحظاتنا عليها قادرة على صد العدوان الغربي بشكل لا طاقة لبنى اجتماعية أخرى بتحمله . هذه البنى الاجتماعية التي ما زالت رغم كل الصعوبات و التحديات ترتقي يوماً بعد يوم بشكل يثير إعجاب أي مراقب محايد . فعلى سبيل المثال رغم الاحتلال و رغم القتل و التدمير و الحصار و حالة الحرب المعلنة منذ مائة عام على شعبنا العربي الفلسطيني ، رغم كل ذلك فالأسرة الفلسطينية علمت أبنائها أفضل العلوم و بشكل لا يختلف بل ربما يفوق أية أسرة غربية . و بالمقارنة لو وضعت أسرة فرنسية أو أسرة أمريكية بنفس الظروف هل كانت ستبقى مجرد بقاء على قيد الحياة ؟! لو أن نورما خوري كتبت عن هذا الشرق الواقعي هل كانت ستبيع عشر نسخ من كتابها..........!!
من الملوم في هذه الحالة نورما النصابة أم المجتمع الغربي المليء بخيالات الإستشراق ، و الذي يبدو أنه غير مستعد في الوقت الراهن لأن ينظر إلى الشرق الواقعي ؟ لأنه لو فعل ذلك فسيعترف بأن الشرق على قدم المساواة إنسانياً مع الغرب ، بينما النظرة الاستشراقية تجعله ينظر إليه كآخر متخلف لا يستحق الحياة ، و في أحسن الحالات يستحق أن يوضع في المتاحف كشيء مدهش نستمتع برؤيته لنؤكد تفوق حضارتنا ، التي تحترم حق الحياة و تقدس الجسد فلا تقتل المرأة لأنها مارست حقها الطبيعي بامتلاك جسدها و التصرف به كما تريد ....!!!
نورما خوري أسمعت الغربيين ما يودون سماعه عن الشرق و رسمت لهم الصورة التي يتخيلونها ، و عندما اكتشفوا أنها كذبت عليهم لاموها دون أن يحاكموا الصورة و الأفكار التي يحملونها عن الشرق بل ذهبوا يبحثون عن نصاب آخر يعزز لهم هذه الأوهام .
نورما تستحق اللوم لأنها نصابة لكن من يتذكر أن النصاب يحتاج إلى أحمق أو مغفل أو طماع كي يكتمل عمله . في هذا السياق من يتذكر الآن قضية أحمد الجلبي التي تشبه تفاصيل قضية نورما خوري لكن على مستوى أخطر . فهو أسمع صقور البيت الأبيض و البنتاغون ما يرغبون بسماعه عن العراق فحدثهم عن أسلحة الدمار الشامل ، و عن مظلومية بعض الطوائف ، و عن الزهور التي سيستقبلهم بها الشعب العراقي . و نال على ذلك الكلام الكثير من المال و الأضواء و الإعلام و عندما تبين أن ذلك خرافة لا علاقة لها بالواقع بتاتاً . اتهموه بالكذب و النصب لكنهم نسوا أنهم هم من أراد أن يسمع هذا الكلام و ما كان على أحمد الجلبي ، أو غيره ، إلا أن يسمعهم ما يرغبون بسماعه .
نورما خوري و أحمد الجلبي هما صدى لما يفكر به الغرب . هما المونولوج الغربي الداخلي . لكن الغرب غير مستعد للإعتراف بأن خيالاته و أوهامه عن الشرق غير مطابقة للواقع لذا سيكون هناك كثير من النصابين في المستقبل .



#ثائر_دوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأمريكاني المفلس و الدفاتر السعودية العتيقة
- عن مصر و الألم يعتصر قلوبنا : حكاية الأسد و مروضيه
- أسرى سايكس بيكو
- القط ذو الرأس الكبير في المصيدة
- الديمقراطية على الطريقة الفنزويلية
- أزمة المسرح العربي 3من 3 العلبة الإيطالية : من مارون نقاش إل ...
- أزمة المسرح العربي 2من 3
- أزمة المسرح العربي 1من 3
- القلق الذي يحيط بنا
- غرينكا دخلت التاريخ و مغر الديب تنتظر
- صور تصنع التاريخ و أوهام تصنع الصور
- العملاء هم الأسرع اشتعالاً
- عن العروبة
- التصدعات التي خلقتها المقاومة في جسد الاحتلال الأمريكي للعرا ...
- الوضع العام
- بعد مرور سنة على الغزو أهداف و دوافع هذا الغزو
- حماقات علمية و أخرى سياسية
- دروس عملية تبادل الأسرى
- عبد الرحمن منيف يكتب روايته الأخيرة
- معنى أن تكون معارضاً


المزيد.....




- صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة ...
- مقتل صحفيين فلسطينيين خلال تغطيتهما المواجهات في خان يونس
- إسرائيل تعتبر محادثات صفقة الرهائن -الفرصة الأخيرة- قبل الغز ...
- مقتل نجمة التيك توك العراقية -أم فهد- بالرصاص في بغداد
- قصف روسي أوكراني متبادل على مواقع للطاقة يوقع إصابات مؤثرة
- الشرطة الألمانية تفض بالقوة اعتصاما لمتضامنين مع سكان غزة
- ما الاستثمارات التي يريد طلاب أميركا من جامعاتهم سحبها؟
- بعثة أممية تدين الهجوم الدموي على حقل غاز بكردستان العراق
- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - ثائر دوري - بين نورما خوري و أحمد الجلبي